جعفر الديري
خصصت مجلة كلمات في عددها رقم 21 صيف وخريف 2004، ملفا حول (الرواية البحرينية تتكون)، شارك فيه كل من الروائي والناقد الراحل عبدالله خليفة، الناقد العراقي صبري مسلم، الباحثة العراقية وجدان الصايغ، والباحث عبدالجليل حسن.
وعرض عبدالله خليفة بالتحليل والنقد لعدد من الروايات البحرينية، موضحا أن قراءة هذه الروايات المنفردة من حيث ملامح الموضوعات المطروحة وصولا للشكل ومن ثم الدلالات، يعطي صورة داخلية لمشكلات الشكل بالدرجة الأولى، حيث لا يزال هذا الشكل يتسم إما بتسجيلية كبيرة وأما بشكلانية مفرطة، وهذان الملمحان يعكسان بداية العملية التجريبية الروائية حيث حتى الآن لم يتم ضبط الشكل بصورة كبيرة في التجربة الروائية بالمنطقة بشكل عام.
وأكد أن الرواية في البحرين سبقت مثيلاتها في منطقة الخليج والجزيرة العربية بتوغلها في ظروف بلدها بصورة مبكرة، وفي تحليلها الفني لواقعها، وهو أمر بدأ بقصة قصيرة استمرت على مدى عدة عقود ثم انعطفت لمجال الرواية، حيث الاتساع الأكبر لعمليات التحليل المعمق للواقع والوعي والإرث.
فيما وجد صبري مسلم، في النسيج الأسطوري الذي انتظم رواية (القلق السري) لفوزية رشيد، المدخل الأمثل للنفاذ إلى عالم هذه الرواية التي هي رواية أفكار ومواقف بالتأكيد، مبينا أن أجواء الأساطير والحكايات والمعتقدات الراسخة والإرث الثقافي والفكري عن المرأة خفف كثيرا من سطوة الأفكار الحادة ووطأة المناقشات ذات الطابع الثقافي التي وردت عبر حوار شخصيات الرواية. وهي على وجه العموم مما يحتملها السياق الروائي، ويأتي عالم الأسطورة كي يجذر الأفكار ويؤصل المواقف التي ترتبط بأفكار الرواية عامة ومواقفها ويمنحها حسا شاملا وعالمية يطمح إليها النص إذ ينطلق من بيئة مثقلة بالتفاصيل.
وفي تناولها لموضوع المتن الشعري في رواية (الينابيع) لعبدالله خليفة، قالت وجدان الصايغ ان المخيال السردي للروائي عبدالله خليفة قد صاغ في رواية الينابيع شذرات شعرية يمكن تسميتها تجاوزا بقصيدة السرد – التي هي البنية الشعرية المهربة في حقائب الرواية – وهي قصيدة مرنة مرونة الفن الروائي تسهم بشكل أو بآخر في تصعيد الإيقاع السردي، فهي قد تكون شذرة شعرية يتكئ عليها المجال السردي فنشهد وعبر التكثيف الشعري للخطاب الروائي ملامح الشخصيات وحركة نموها وتفاعلها مع الحدث والفضاء الزمكاني ونسمع احتدام الحوار... وقد اتسع جسد هذه القصيدة ليشمل البنية الروائية برمتها لنكون والحالة هذه إزاء قصيدة مشفرة تنآى بالمتن السردي عن التقريرية والخرائط الإيحائية الجاهزة. إنها باختصار خاصية صياغية تقف على تقنية انخطاف اللغة السردية وصيرورتها متنا شعريا باذخ الدلالة.
كذلك أوضح عبدالجليل حسن أن رواية الأقلف لعبدالله خليفة، رواية واقعية تنطلق في تكوينها من قطعة مكانية مرسومة جغرافيا، وفي إطار زمني محدد. تحكي واقعا يفرز مرارة الإنسان العربي، قد تركت كل حفنة من تراب وطنه بصمات الحرمان في نفسه.