* المرض يسبب طفحاً جلدياً يشبه الفراشة
* الجهاز المناعي يهاجم أعضاء جسم المريض
* أعراض خطيرة حال إهمال العلاج
* المرض يصيب تسع نساء مقابل رجل واحد
* 40 حالة لكل 100 ألف نسمة خليجياً
* 5 ملايين مصاب حول العالم
* جنان سعيد: أبحث عن وظيفة تناسب مرضي
* مريم البحراني: أعاني الذئبة الحمراء في الكلى
هدى حسين
قال استشاري الأمراض الباطنية والتهاب المفاصل والروماتيزم د. عبدالخالق العريبي إن مرض الذئبة الحمراء أحد الأمراض الروماتيزمية التي تصيب المناعة الذاتية.
وأضاف د.العريبي لـ"الوطن""لا توجد إحصاءات دقيقة للمرض في البحرين لكن الدراسات في دول الخليج تظهر وجود من 30 - 40 حالة مصابة بالذئبة الحمراء لكل مئة ألف نسمة، بمعدل 20 حالة جديدة من كل مئة ألف نسمة تشخص كل عام، وأعتقد بأن هذه الأرقام أقل بكثير من الأرقام الحقيقية في البحرين حالياً، لأن أعداد الحالات الجديدة التي تشخص كل عام كبير جداً، الأمر الذي يستدعي إجراء دراسة حديثة عن انتشار المرض في المملكة. وعالمياً يوجد أكثر من 5 ملايين شخص في جميع أنحاء العالم مصابين بالمرض بمعدل يتراوح بين 50 - 100 حالة من كل مائة ألف نسمة، منهم نحو مليونين في الولايات المتحدة وحدها، حيث يتم تشخيص ١٦ ألف حالة جديدة كل عام".
وأعلن د.العريبي إصدار كتيب جديد من سلسلة كتيبات أمراض الروماتيزم بعنوان "الذئبة الحمراء"، في اليوم العالمي للروماتيزم الموافق ١٢ أكتوبر.
وأوضح أن المرض "هو طفح يشبه أجنحة الفراشة وهذه تسمية وجدتها تؤثر إيجابياً على نفسية المريض وتقبله له دون خوف. وهو مرض يصيب تسع نساء مقابل رجل واحد من كل عشرة أشخاص مصابين بالمرض. وينتشر مرض الذئبة بمعدل ثلاث مرات أكثر في النساء ذوات البشرة الملونة. وتشير الأبحاث إلى أن المرض يصيب امرأة واحدة من أصل 537 امرأة شابة من أصول إفريقية"، مشيراً إلى أن أكثر الأعراض شيوعاً هي "الإعياء والتعب الشديد والحمى وآلام المفاصل والعضلات والطفح الجلدي خصوصاً على شكل فراشة على الوجه".
أقاوم بالعمل
يعاني مرضى الذئبة الحمراء من آثار جسدية ونفسية قد تحول حياتهم إلى معاناة طويلة، واجهها بعضهم بشجاعة كبيرة، ما يتطلب إعداد البيئة المناسبة التي تساعدهم في التغلب على "الذئبة".
جنان سعيد خليل بحرينية تبلغ من العمر 32 سنة، أصيبت بمرض الذئبة الحمراء في عمر الثامنة عشرة. تقول جنان "منذ ذلك اليوم عزمت على جعل هذا المرض المنعطف الأكثر تأثيراً وإيجابية في حياتي، فعملت بوقت جزئي كي أكمل دراستي الجامعية آنذاك والحمد لله حصلت على شهادة البكالوريوس في الحقوق. عملت بعدها محامية تحت التدريب من أجل الحصول على رخصة المحاماة. و بعد عامين عملت مستشارة قانونية لدى شركة عقارات وانتهى عملي مع إغلاق الشركة .رجائي الآن هو رجاء امرأة جاهدت وبذلت قصارى جهدها للحصول على سلاح تتقوى به ضد المرض، شهادتي وخبراتي العملية التي تتجاوز سبع سنين، ورجائي مساعدتي في الحصول على وظيفة مكتبية كما يوصي أطبائي أتقوى بها على وضعي النفسي قبل الصحي. امنحوني الفرصة بأن أعمل كي اشعر أن ما حل بي شيء من الماضي."
ذئبة في كليتي
وفي تجربة أخرى تقول مريم البحراني "أعاني مرض الذئبة الحمراء في الكلى، بما معناه أن المرض يلعب لعبته داخل جسمي، وقد تظهر بعض الأحيان أعراض خارجية لتبين نشاط المرض ومنها علامة الفراشة في الوجه وألم العضلات، والأهم من ذلك كله أن العدو اللدود في هذا المرض أشعة الشمس فهي تعمل على تنشيط الذئبة. وكما تعرفون فإن البحرين مناخها حار ودرجة الرطوبة عالية تؤثر على أجسامنا المصابة بهذه العلة، نحتاج إلى توفير بيئة عمل مناسبة لنا تساعدنا على توفير الصحة، حيث إني أحمل شهادة البكالوريوس في التاريخ -علم اجتماع، وأناشد وزارة العمل ووزارة التربية توفير فرص عمل مناسبة لنا في مدارس تتيح لنا العمل بحرية بعيداً عن الشمس".
مرض غير معد
يقول د.عبدالخالق العريبي إن مرض الذئبة "أحد الأمراض الروماتيزمية للمناعة الذاتية الجهازية التي تحدث عندما يهاجم الجهاز المناعي أنسجة وأعضاء جسم المريض، لذلك يمكن أن يؤثر هذا المرض على عدد من أجهزة الجسم كالمفاصل والجلد والكلى وخلايا الدم والدماغ والقلب والرئتين... الخ وسبب تسمية المرض بالذئبة الحمراء هو الترجمة الحرفية للمسمى اللاتيني للمرض (lupus) أي الذئب، نسبة لأكثر العلامات المميزة للمرض وهو ظهور طفح في الوجه على الوجنتين يشبه إلى حد كبير ما يظهر على وجه الذئب، إلا أني وغيري من استشاريي الروماتيزم نفضل تسمية المرض بالفراشة الحمراء لأن هذا الطفح أيضا يشبه أجنحة الفراشة. وهو ليس مرضا معدياً على الإطلاق".
ويضيف د.العريبي "الذئبة الحمراء لا يشبه مرض السرطان ولا يمت للأورام بصلة. والشائعات حول المرض تخلق جواً من التشاؤم وتزيد توتر المرضى، وتؤدي إلى الجهل بالمرض والخوف منه أكثر".
التأثير على الحمل
ويؤكد د.العريبي أن مرض الذئبة الحمراء يؤثر على الحمل. ويقول "النساء المصابات بالمرض تعانين خطراً متزايداً للإجهاض المتكرر، وارتفاع ضغط الدم (تسمم الحمل)، والولادة المبكرة، خصوصاً لو كان مرضهن نشيطاً قبل الحمل أو أثنائه، لذلك من الأفضل تأخير الحمل لمريضات الفراشة الحمراء حتى السيطرة على المرض (يصبح خاملاً) لمدة ستة أشهر على الأقل قبل الحمل لتقليل المضاعفات".
ويضيف "لم يعد الحمل مستحيلاً على المريضات. ففرصة الحمل الناجح ممتازة إذا تم التخطيط بشكل صحيح خصوصاً عندما تكون الأعراض خاملة. ورغم أن العديد من حالات الحمل لمريضات الذئبة ليس لها أي مضاعفات، فإن جميع حالات الحمل للمريضات تعتبر "عالية الخطورة" مما يستدعي مراقبتها جيداً والتعاون بين أطباء النساء وأطباء الروماتيزم ليمر الحمل بأمان. فأدوية الهيدروكسي كلوروكي (plaqunil) ، والآزوثيوبرين (Imuran)، والكورتزون بنسب صغيرة آمنة نسبياً خلال الحمل ولا ينبغي إيقافها. أما أدوية الميكوفينولات (CellCept) والميثوتريكسيت (methotrexate) فيجب ايقافها قبل فترة الحمل لأنها قد تسبب مشاكل للجنين وسلامة الحمل ."
أربع فراشات
وعن أنواع مرض الذئبة الحمراء، يقول د.العريبي: "للمرض أربعة أنواع مختلفة أولها الذئبة الحمامية الجهازية وهي أكثر الأشكال شيوعاً، وهذا ما يعنيه معظم الناس عندما يشيرون إلى مرض الذئبة الحمراء. والنوع الثاني الذئبة الحمامية الجلدية، وهذا النوع يقتصر على الجلد فقط حيث يمكن أن يسبب العديد من أنواع الطفح الجلدي. والنوع الثالث الذئبة الحمامية الناجمة عن بعض الأدوية، ويمكن أن تزول تماماً بعد إيقاف هذه الأدوية. والنوع الرابع الذئبة الوليدية، وهي أحد أشكال الذئبة الحمراء التي تصيب المواليد الجدد من النساء المصابات بالذئبة الحمراء أو متلازمة شچرن نتيجة عبور أجسام مضادة عبر المشيمة من الأم إلى الجنين خلال الحمل، ما يسبب ظهور طفح جلدي على الطفل أو خلل في كهرباء القلب لا سمح الله ."
وفي ما يتعلق بأسباب الإصابة بالمرض، يقول د.العريبي "يحدث الذئبة الحمراء نتيجة خلل مناعي، إذ يهاجم الجهاز المناعي لجسم المريض الأنسجة السليمة لجسمه، ولذلك يطلق عليه "مرض مناعي ذاتي"، أما لماذا يحدث هذا الخلل المناعي، فمازال السبب مجهولاً، وهناك أسباب محتملة عبارة عن مزيج من أسباب وراثية وبيئية. و يبدو أن هناك أشخاصا لديهم استعداد وراثي للمرض قد يصابون به عندما يتعرضون لتلك العوامل البيئة التي يمكن أن تسهم في الخلل المناعي للجسم. وتشمل تلك العوامل التعرض لأشعة الشمس المباشرة ما قد يسبب تهيجاً في الجلد، ويؤدي إلى استجابة داخلية لدى الأشخاص المعرضين للإصابة، كما أن التعرض إلى الالتهابات البكتيرية والفيروسية يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بالمرض لدى بعض الأشخاص، أيضا بعض الأدوية يمكن أن تسبب مرض الذئبة كأنواع معينة من أدوية ضغط الدم والأدوية المضادة للصرع".
ويلفت د.العريبي إلى أن هناك عوامل تزيد من خطر الإصابة بالمرض، وتشمل الجنس فالذئبة أكثر شيوعاً في النساء، حيث انه يصيب تسع نساء مقابل رجل واحد من كل عشرة أشخاص مصابين بالمرض، كذلك العمر فرغم أن المرض يصيب الأشخاص من جميع الأعمار، فإنه غالباً ما يصيب الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و45 عاماً. وهناك عامل العرق إذ ينتشر المرض بمعدل ثلاث مرات أكثر في النساء ذوات البشرة الملونة، كالأمريكيات من أصل أفريقي، واللاتينيات، والآسيويات، والأمريكيات الأصليات، وسكان جزر المحيط الهادئ الآخرين، أكثر من النساء الأخريات، وتشير الأبحاث إلى أن مرض الذئبة يصيب امرأة واحدة من أصل 537 امرأة شابة من أصول إفريقية، إضافة إلى أن إصابة أحد أفراد الأسرة من الدرجة الأولى يمكن أن يزيد احتمالية المرض لدى بقية أفراد الأسرة كالأخوات مثلاً.
مضاعفات خطيرة
وعن أعراض المرض يقول د.العريبي إن "الأعراض واسعة ومختلفة جداً من شخص لآخر من حيث الشكل أو الشدة أو التنوع أو التوقيت، فقد تظهر علامات المرض فجأة أو تتطور ببطء، وقد تكون خفيفة أو شديدة، وقد تكون مؤقتة أو دائمة، وقد تسوء لفترة من الوقت ثم تتحسن أو تختفي تماماً لبعض الوقت ثم تعاود الظهور. وقد يؤثر الالتهاب الناجم عن مرض الذئبة الحمراء على مناطق كثيرة من الجسم، ما يؤدي لظهور أعراض واسعة ومتعددة حسب مكان الإصابة. بحيث يغطي الخدين وجسر الأنف أو الطفح الجلدي في أي مكان آخر من الجسم، والندبات والآثار الجلدية التي تظهر أو تتفاقم عند التعرض للشمس (حساسية ضوئية)، وظاهرة رينود وهي تحول أصابع اليدين أو القدمين إلى اللون الأبيض أو الأزرق ثم الأحمر عند التعرض للبرد أو أثناء فترات التوتر، وضيق في التنفس أو ألم في منطقة الصدر عند إصابة الرئتين أو القلب، وجفاف العيون عند مصاحبتها لمرض شچرن ، والصداع والارتباك وضعف الذاكرة ."
وفي ما يتعلق بمضاعفات الذئبة الحمراء، يوضح د.العريبي أنها كثيرة خصوصاً في حالات تأخر التشخيص والعلاج، أو إهمال المريض للعلاج أو الإصابة الشديدة بالمرض. ويعدد د.العريبي المضاعفات بالقول"الفشل الكلوي وهو أحد الأسباب الرئيسية للوفاة بين المصابين بالذئبة، خلل في وظائف المخ والجهاز العصبي المركزي يؤدي إلى الصداع الشديد والدوار وتغيرات السلوك ومشكلات في الرؤية والإصابة بالجلطات أو الصرع وخلل في الذاكرة وصعوبة في التعبير عن الأفكار، مشاكل في الدم والأوعية الدموية بما في ذلك فقر الدم وزيادة خطر حدوث نزيف أو تجلط الدم، إصابات الرئتين كالتهاب بطانة الصدر (ذات الجنب)، ما يجعل التنفس صعباً ومؤلماً، وحدوث نزيف في الرئتين أو جلطات أو حدوث التهابات رئوية شديدة ومتكررة، خلل في وظائف القلب نتيجة التهاب عضلة القلب أو الشرايين أو غشاء القلب (التهاب التامور)، ما قد يؤدي إلى حدوث جلطات قلبية مفاجئة."
التشخيص المبكر
وعن طرق تشخيص المرض، يقول د.العريبي "يصعب في كثير من الأحيان تشخيص الذئبة الحمراء مبكراً لعدة أسباب منها أن علامات وأعراض المرض قد تختلف اختلافاً كبيراً من شخص لآخر، أو قد تتداخل مع أعراض عدد من الأمراض الأخرى من حيث الشكل والاستجابة المؤقتة لبعض العلاجات، إضافة إلى أنه لا يوجد اختبار دم واحد يمكنه يقيناً تشخيص مرض الذئبة، لذلك يحتاج تشخيص المرض إلى مزيج من العلامات والأعراض والتاريخ المرضي للمريض، والفحص الإكلينيكي السريري، والاختبارات المخبرية للدم والبول والخزعة النسيجية، واختبارات التصوير الإشعاعي المختلفة. وتشمل اختبارات الدم والبول فحص الدم الشامل، ومعدل الترسيب، ومعدل البروتين التفاعلي، واختبارات الدم لتقييم مدى أداء الكليتين والكبد، واختبار الأجسام المضادة للنواة(ANA) التي ينتجها الجهاز المناعي، وعوامل الروماتيزم الأخرى كعامل الروماتويد وغيره، وفي حال ثبتت إيجابية اختبار ANA ، فقد ينصح الطبيب باختبار الأجسام المضادة الأكثر تحديدًا كاختبار anti-dsDNA وغيره" .
ويضيف د.العريبي "إذا اشتبه الطبيب في أن مرض الذئبة أثر على رئتي المريض أو قلبه، فمن الأفضل عمل أشعة سينية للصدر، وأشعة تلفزيونية للقلب. أما لو أشارت تحاليل الدم أو البول إلى إصابة الكلى، فمن الضروري أخذ عينة صغيرة (خزعة) من أنسجة الكلى بواسطة إبرة رقيقة تحت الأشعة التلفزيونية لتحديد مدى ونوع التأثير على الكلى واختيار العلاج المناسب لذلك. ويعتبر التشخيص المبكر أفضل الطرق لتفادي تفاقم المرض ومنع حدوث المضاعفات، كما أنه يسهل العلاج بأقل الأدوية. ورغم أن غالبية الحالات كانت تحول لطبيب الروماتيزم متأخرة نسبياً فإنه مع التطور الطبي وزيادة الوعي لدى المرضى هناك حالات عدة تم تشخيصها في وقت مبكر جداً. ويعتمد علاج المرض على علاماته وأعراضه ونوعه وشدته من حيث أنه محدود في الجلد فقط أو موجود في الدم أو أثر على أحد الأجهزة الحيوية في الجسم كالكلى أو الرئتين، كما أنه يجب شرح الأدوية ومناقشتها مع المريض قبل تناولها لمعرفة المغزى من العلاج .
أمل بدواء جديد
وعن العلاج يقول د.العريبي "هناك عدد من العلاجات المستخدمة في السيطرة على مرض الذئبة الحمراء، لكن أكثر الأدوية شيوعاً الأدوية المضادة للالتهابات غير الستيرويدية والستيرويدية وهي تستخدم في غالبية الحالات لمدة محدودة لعلاج الألم والتورم والحمى المصاحبة للمرض. كذلك الأدوية المعدلة للمرض التي تسيطر على الخلل في الجهاز المناعي. وتعتبر أساس العلاج ومنها الأدوية المضادة للملاريا . والأدوية البيولوجية المعدلة للمرض كعقار بيليموماب الذي يتم إعطاؤه عن طريق الوريد . أما عقار الريتوكسيماب فقد يكون مفيداً في حالات محددة من الذئبة المقاومة للعلاجات التقليديةو .هناك دراسات في مراحلها النهائية لعقار آخر (Stelara ) يعطى تحت الجلد وسيكون له دور فاعل في بعض حالات الذئبة الحمراء. ولا ينبغي للمريض تناول أي من هذه الأدوية دون استشارة طبيب الروماتيزم والمتابعة الدورية للسيطرة على أي آثار جانبية" .
تجنب المرض ممكن
لا توجد طريقة لمنع حدوث المرض، لكن يمكن تجنبه، كما يوضح د.العريبي بالقول "يمكن تجنب العوامل التي تؤدي إلى ظهور الأعراض، فمثلاً يمكن للمريض الحد من الوقت الذي يتعرض فيه إلى ضوء الشمس المباشر، والاستخدام الدائم للواقي من أشعة الشمس، لأنها سبب مباشر لنشاط المرض، ورغم أهمية فيتامين "د" لمرضى الذئبة الحمراء، فإن المرض ليس سبباً مباشراً لنقص الفيتامين في الجسم. ووجد أن المرضى الذين يعانون من نقص في مستوى الفيتامين "د" يكونون أكثر عرضة لنشاط الذئبة الحمراء وأقل استقراراً من أولئك المرضى الذين لديهم مستويات طبيعية من الفيتامين" .
ويضيف "بالنسبة للقاحات، فمن المهم لمرضى الذئبة الحمراء استشارة طبيب الروماتيزم قبل تلقي التطعيمات من أي نوع. هناك بعض التطعيمات الآمنة لهم وآخرى غير آمنة .لذلك ينصح المرضى بأخذ اللقاحات غير النشطة (الميتة) مثل لقاحات الإنفلونزا، والمكورات الرئوية لتجنب الإصابة بالعدوى. كما يجب مراعاة عدم تعاطي اللقاحات النشطة (الحية) مثل لقاح الحمى الصفراء، ولقاحات جدري الماء والقوباء المنطقية، واللقاح ضد الحصبة، والنكاف والحصبة الألمانية، لأنها تحتوي على كمية صغيرة من الفيروس، ما يؤدي إلى نشاط المرض وتفاقمه ."
تأثير الغذاء
وعن علاقة المرض بالغذاء يقول د.العريبي "لا يوجد نظام غذائي خاص لمرضى الذئبة، لكن بشكل عام، يجب أن يكون غذاء المريض متوازناً ومتنوعاً بحيث يحتوي الفواكه والخضروات الطازجة والحبوب الكاملة وكميات معتدلة من اللحوم والدواجن والأسماك. ولا بد من مراجعة الطبيب قبل أخذ أي مكملات أو أعشاب طبيعية قد تتفاعل مع الأدوية المستخدمة لعلاج مرض الذئبة. وينبغي عدم استخدام الأعشاب أو المكملات الغذائية لتحل محل الأدوية الموصوفة من قبل الطبيب. وهناك العديد من الاستفسارات في هذا الإطار، فمثلا لم تثبت أهمية التوقف عن تناول اللحوم الحمراء، فهذا أمر غير مثبت ولا يوجد دليل علمي على ذلك. لكن يحبذ تجنب اللحوم الحمراء إذا كان مريض الذئبة الحمراء يعاني إصابة في الكلى، أو مستويات عالية من الكولسترول أو الدهون الثلاثية. كما لا يوجد دليل علمي محكم على أن الغلوتين مضر أو مفيد في مرض الذئبة، لكن يحبذ تجنب الغلوتين إذا صاحب ذلك اضطرابات هضمية سببها مرض السيليك، حيث يكون النظام الغذائي الخالي من الغلوتين أمراً بالغ الأهمية. ولا بأس بالنظام الغذائي النباتي، لكن يجب تناول الفيتامينات المتعددة التي تحتوي على فيتامين "ب 12"، حيث لا يمكن الحصول على هذا الفيتامين إلا من خلال المنتجات الحيوانية لتجنب فقر الدم وتلف الأعصاب. ولأن المنتجات النباتية غير كافية كمصدر وحيد للبروتين، فمن من المهم خلط مصادر البروتين حتى تحصل على بروتينات كاملة، مثل الأرز والفاصوليا أو الذرة والقمح".
ويضيف د.العريبي "يعتبر النشاط البدني والرياضي مفيداً لمرضى الذئبة الحمراء، فمعظم المصابين يمكنهم المشاركة في بعض أشكال هذا النشاط. ويمكن للتمارين الرياضية أن تقوي أجزاء الجسم التي قد تتأثر بالذئبة كالقلب والرئتين والعظام والمفاصل، وتساعد في الحد من الالتهابات عن طريق تنظيم بعض المواد الكيميائية المشاركة في عملية الالتهاب، كما تساعد في التحكم في زيادة الوزن وإبقائه مثالياً، والتعامل مع ضغوط الحياة وتحسين الحالة المزاجية، ويمكن أن تمنح المريض الدعم المعنوي والاجتماعي المطلوبين .أما نوع الأنشطة المحببة لمرضى الذئبة فهي تختلف من شخص إلى آخر حسب قدرته مثل المشي والسباحة وركوب الدراجات الهوائية والتمارين الرياضية منخفضة التأثير وأنواع معينة من اليوغا، وينبغي الموازنة بين النشاط البدني والراحة. فإذا كان المريض من الذين يجهدون بسهولة عند ممارسة الرياضة فمن الأفضل أخذ قسط من الراحة بين التمارين" .
الثقات الأربع
وينصح د.العريبي مرضى الذئبة الحمراء بالتمسك بـ"الثقات الأربع فهي مفتاح النجاح في السيطرة على المرض وتقزيمه". ويوضح "ينبغي على مريض الذئبة الحمراء أن يثق بالله فهو الشافي والمعافي أولاً وأخيراً، والثقة بنفسه بعد أن ابتلاه الله بمرض يمحصه ويجعله واثقاً من قدرته على التغلب عليه، وثقته بطبيبه المعالج من حيث التقيد بنصائحه ومصارحته في العلاج، وأخيراً ثقته بمن حوله وخصوصاً عائلته ومجتمعه بأنهم يشعرون به ويقفون معه ويتمنون له الشفاء دائماً ولن يتركوه يواجه التحدي وحده، وتجاهل المحبطات سواء كانوا أشخاصاً أو معلومات مغلوطة أو متطفلين على الحقل الطبي كما في بعض وسائل التواصل الاجتماعي ممن ينشرون الجهل بقصد أو بغيره. وأقول للمريض تفاءل وابتسم للحياة مهما كانت قاسية، وعش حياتك دون أن تعيش الخوف من المرض أو تسول لك نفسك أن تترك علاجك أو تهمل صحتك، فصحتك غالية على محبيك .
* الجهاز المناعي يهاجم أعضاء جسم المريض
* أعراض خطيرة حال إهمال العلاج
* المرض يصيب تسع نساء مقابل رجل واحد
* 40 حالة لكل 100 ألف نسمة خليجياً
* 5 ملايين مصاب حول العالم
* جنان سعيد: أبحث عن وظيفة تناسب مرضي
* مريم البحراني: أعاني الذئبة الحمراء في الكلى
هدى حسين
قال استشاري الأمراض الباطنية والتهاب المفاصل والروماتيزم د. عبدالخالق العريبي إن مرض الذئبة الحمراء أحد الأمراض الروماتيزمية التي تصيب المناعة الذاتية.
وأضاف د.العريبي لـ"الوطن""لا توجد إحصاءات دقيقة للمرض في البحرين لكن الدراسات في دول الخليج تظهر وجود من 30 - 40 حالة مصابة بالذئبة الحمراء لكل مئة ألف نسمة، بمعدل 20 حالة جديدة من كل مئة ألف نسمة تشخص كل عام، وأعتقد بأن هذه الأرقام أقل بكثير من الأرقام الحقيقية في البحرين حالياً، لأن أعداد الحالات الجديدة التي تشخص كل عام كبير جداً، الأمر الذي يستدعي إجراء دراسة حديثة عن انتشار المرض في المملكة. وعالمياً يوجد أكثر من 5 ملايين شخص في جميع أنحاء العالم مصابين بالمرض بمعدل يتراوح بين 50 - 100 حالة من كل مائة ألف نسمة، منهم نحو مليونين في الولايات المتحدة وحدها، حيث يتم تشخيص ١٦ ألف حالة جديدة كل عام".
وأعلن د.العريبي إصدار كتيب جديد من سلسلة كتيبات أمراض الروماتيزم بعنوان "الذئبة الحمراء"، في اليوم العالمي للروماتيزم الموافق ١٢ أكتوبر.
وأوضح أن المرض "هو طفح يشبه أجنحة الفراشة وهذه تسمية وجدتها تؤثر إيجابياً على نفسية المريض وتقبله له دون خوف. وهو مرض يصيب تسع نساء مقابل رجل واحد من كل عشرة أشخاص مصابين بالمرض. وينتشر مرض الذئبة بمعدل ثلاث مرات أكثر في النساء ذوات البشرة الملونة. وتشير الأبحاث إلى أن المرض يصيب امرأة واحدة من أصل 537 امرأة شابة من أصول إفريقية"، مشيراً إلى أن أكثر الأعراض شيوعاً هي "الإعياء والتعب الشديد والحمى وآلام المفاصل والعضلات والطفح الجلدي خصوصاً على شكل فراشة على الوجه".
أقاوم بالعمل
يعاني مرضى الذئبة الحمراء من آثار جسدية ونفسية قد تحول حياتهم إلى معاناة طويلة، واجهها بعضهم بشجاعة كبيرة، ما يتطلب إعداد البيئة المناسبة التي تساعدهم في التغلب على "الذئبة".
جنان سعيد خليل بحرينية تبلغ من العمر 32 سنة، أصيبت بمرض الذئبة الحمراء في عمر الثامنة عشرة. تقول جنان "منذ ذلك اليوم عزمت على جعل هذا المرض المنعطف الأكثر تأثيراً وإيجابية في حياتي، فعملت بوقت جزئي كي أكمل دراستي الجامعية آنذاك والحمد لله حصلت على شهادة البكالوريوس في الحقوق. عملت بعدها محامية تحت التدريب من أجل الحصول على رخصة المحاماة. و بعد عامين عملت مستشارة قانونية لدى شركة عقارات وانتهى عملي مع إغلاق الشركة .رجائي الآن هو رجاء امرأة جاهدت وبذلت قصارى جهدها للحصول على سلاح تتقوى به ضد المرض، شهادتي وخبراتي العملية التي تتجاوز سبع سنين، ورجائي مساعدتي في الحصول على وظيفة مكتبية كما يوصي أطبائي أتقوى بها على وضعي النفسي قبل الصحي. امنحوني الفرصة بأن أعمل كي اشعر أن ما حل بي شيء من الماضي."
ذئبة في كليتي
وفي تجربة أخرى تقول مريم البحراني "أعاني مرض الذئبة الحمراء في الكلى، بما معناه أن المرض يلعب لعبته داخل جسمي، وقد تظهر بعض الأحيان أعراض خارجية لتبين نشاط المرض ومنها علامة الفراشة في الوجه وألم العضلات، والأهم من ذلك كله أن العدو اللدود في هذا المرض أشعة الشمس فهي تعمل على تنشيط الذئبة. وكما تعرفون فإن البحرين مناخها حار ودرجة الرطوبة عالية تؤثر على أجسامنا المصابة بهذه العلة، نحتاج إلى توفير بيئة عمل مناسبة لنا تساعدنا على توفير الصحة، حيث إني أحمل شهادة البكالوريوس في التاريخ -علم اجتماع، وأناشد وزارة العمل ووزارة التربية توفير فرص عمل مناسبة لنا في مدارس تتيح لنا العمل بحرية بعيداً عن الشمس".
مرض غير معد
يقول د.عبدالخالق العريبي إن مرض الذئبة "أحد الأمراض الروماتيزمية للمناعة الذاتية الجهازية التي تحدث عندما يهاجم الجهاز المناعي أنسجة وأعضاء جسم المريض، لذلك يمكن أن يؤثر هذا المرض على عدد من أجهزة الجسم كالمفاصل والجلد والكلى وخلايا الدم والدماغ والقلب والرئتين... الخ وسبب تسمية المرض بالذئبة الحمراء هو الترجمة الحرفية للمسمى اللاتيني للمرض (lupus) أي الذئب، نسبة لأكثر العلامات المميزة للمرض وهو ظهور طفح في الوجه على الوجنتين يشبه إلى حد كبير ما يظهر على وجه الذئب، إلا أني وغيري من استشاريي الروماتيزم نفضل تسمية المرض بالفراشة الحمراء لأن هذا الطفح أيضا يشبه أجنحة الفراشة. وهو ليس مرضا معدياً على الإطلاق".
ويضيف د.العريبي "الذئبة الحمراء لا يشبه مرض السرطان ولا يمت للأورام بصلة. والشائعات حول المرض تخلق جواً من التشاؤم وتزيد توتر المرضى، وتؤدي إلى الجهل بالمرض والخوف منه أكثر".
التأثير على الحمل
ويؤكد د.العريبي أن مرض الذئبة الحمراء يؤثر على الحمل. ويقول "النساء المصابات بالمرض تعانين خطراً متزايداً للإجهاض المتكرر، وارتفاع ضغط الدم (تسمم الحمل)، والولادة المبكرة، خصوصاً لو كان مرضهن نشيطاً قبل الحمل أو أثنائه، لذلك من الأفضل تأخير الحمل لمريضات الفراشة الحمراء حتى السيطرة على المرض (يصبح خاملاً) لمدة ستة أشهر على الأقل قبل الحمل لتقليل المضاعفات".
ويضيف "لم يعد الحمل مستحيلاً على المريضات. ففرصة الحمل الناجح ممتازة إذا تم التخطيط بشكل صحيح خصوصاً عندما تكون الأعراض خاملة. ورغم أن العديد من حالات الحمل لمريضات الذئبة ليس لها أي مضاعفات، فإن جميع حالات الحمل للمريضات تعتبر "عالية الخطورة" مما يستدعي مراقبتها جيداً والتعاون بين أطباء النساء وأطباء الروماتيزم ليمر الحمل بأمان. فأدوية الهيدروكسي كلوروكي (plaqunil) ، والآزوثيوبرين (Imuran)، والكورتزون بنسب صغيرة آمنة نسبياً خلال الحمل ولا ينبغي إيقافها. أما أدوية الميكوفينولات (CellCept) والميثوتريكسيت (methotrexate) فيجب ايقافها قبل فترة الحمل لأنها قد تسبب مشاكل للجنين وسلامة الحمل ."
أربع فراشات
وعن أنواع مرض الذئبة الحمراء، يقول د.العريبي: "للمرض أربعة أنواع مختلفة أولها الذئبة الحمامية الجهازية وهي أكثر الأشكال شيوعاً، وهذا ما يعنيه معظم الناس عندما يشيرون إلى مرض الذئبة الحمراء. والنوع الثاني الذئبة الحمامية الجلدية، وهذا النوع يقتصر على الجلد فقط حيث يمكن أن يسبب العديد من أنواع الطفح الجلدي. والنوع الثالث الذئبة الحمامية الناجمة عن بعض الأدوية، ويمكن أن تزول تماماً بعد إيقاف هذه الأدوية. والنوع الرابع الذئبة الوليدية، وهي أحد أشكال الذئبة الحمراء التي تصيب المواليد الجدد من النساء المصابات بالذئبة الحمراء أو متلازمة شچرن نتيجة عبور أجسام مضادة عبر المشيمة من الأم إلى الجنين خلال الحمل، ما يسبب ظهور طفح جلدي على الطفل أو خلل في كهرباء القلب لا سمح الله ."
وفي ما يتعلق بأسباب الإصابة بالمرض، يقول د.العريبي "يحدث الذئبة الحمراء نتيجة خلل مناعي، إذ يهاجم الجهاز المناعي لجسم المريض الأنسجة السليمة لجسمه، ولذلك يطلق عليه "مرض مناعي ذاتي"، أما لماذا يحدث هذا الخلل المناعي، فمازال السبب مجهولاً، وهناك أسباب محتملة عبارة عن مزيج من أسباب وراثية وبيئية. و يبدو أن هناك أشخاصا لديهم استعداد وراثي للمرض قد يصابون به عندما يتعرضون لتلك العوامل البيئة التي يمكن أن تسهم في الخلل المناعي للجسم. وتشمل تلك العوامل التعرض لأشعة الشمس المباشرة ما قد يسبب تهيجاً في الجلد، ويؤدي إلى استجابة داخلية لدى الأشخاص المعرضين للإصابة، كما أن التعرض إلى الالتهابات البكتيرية والفيروسية يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بالمرض لدى بعض الأشخاص، أيضا بعض الأدوية يمكن أن تسبب مرض الذئبة كأنواع معينة من أدوية ضغط الدم والأدوية المضادة للصرع".
ويلفت د.العريبي إلى أن هناك عوامل تزيد من خطر الإصابة بالمرض، وتشمل الجنس فالذئبة أكثر شيوعاً في النساء، حيث انه يصيب تسع نساء مقابل رجل واحد من كل عشرة أشخاص مصابين بالمرض، كذلك العمر فرغم أن المرض يصيب الأشخاص من جميع الأعمار، فإنه غالباً ما يصيب الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و45 عاماً. وهناك عامل العرق إذ ينتشر المرض بمعدل ثلاث مرات أكثر في النساء ذوات البشرة الملونة، كالأمريكيات من أصل أفريقي، واللاتينيات، والآسيويات، والأمريكيات الأصليات، وسكان جزر المحيط الهادئ الآخرين، أكثر من النساء الأخريات، وتشير الأبحاث إلى أن مرض الذئبة يصيب امرأة واحدة من أصل 537 امرأة شابة من أصول إفريقية، إضافة إلى أن إصابة أحد أفراد الأسرة من الدرجة الأولى يمكن أن يزيد احتمالية المرض لدى بقية أفراد الأسرة كالأخوات مثلاً.
مضاعفات خطيرة
وعن أعراض المرض يقول د.العريبي إن "الأعراض واسعة ومختلفة جداً من شخص لآخر من حيث الشكل أو الشدة أو التنوع أو التوقيت، فقد تظهر علامات المرض فجأة أو تتطور ببطء، وقد تكون خفيفة أو شديدة، وقد تكون مؤقتة أو دائمة، وقد تسوء لفترة من الوقت ثم تتحسن أو تختفي تماماً لبعض الوقت ثم تعاود الظهور. وقد يؤثر الالتهاب الناجم عن مرض الذئبة الحمراء على مناطق كثيرة من الجسم، ما يؤدي لظهور أعراض واسعة ومتعددة حسب مكان الإصابة. بحيث يغطي الخدين وجسر الأنف أو الطفح الجلدي في أي مكان آخر من الجسم، والندبات والآثار الجلدية التي تظهر أو تتفاقم عند التعرض للشمس (حساسية ضوئية)، وظاهرة رينود وهي تحول أصابع اليدين أو القدمين إلى اللون الأبيض أو الأزرق ثم الأحمر عند التعرض للبرد أو أثناء فترات التوتر، وضيق في التنفس أو ألم في منطقة الصدر عند إصابة الرئتين أو القلب، وجفاف العيون عند مصاحبتها لمرض شچرن ، والصداع والارتباك وضعف الذاكرة ."
وفي ما يتعلق بمضاعفات الذئبة الحمراء، يوضح د.العريبي أنها كثيرة خصوصاً في حالات تأخر التشخيص والعلاج، أو إهمال المريض للعلاج أو الإصابة الشديدة بالمرض. ويعدد د.العريبي المضاعفات بالقول"الفشل الكلوي وهو أحد الأسباب الرئيسية للوفاة بين المصابين بالذئبة، خلل في وظائف المخ والجهاز العصبي المركزي يؤدي إلى الصداع الشديد والدوار وتغيرات السلوك ومشكلات في الرؤية والإصابة بالجلطات أو الصرع وخلل في الذاكرة وصعوبة في التعبير عن الأفكار، مشاكل في الدم والأوعية الدموية بما في ذلك فقر الدم وزيادة خطر حدوث نزيف أو تجلط الدم، إصابات الرئتين كالتهاب بطانة الصدر (ذات الجنب)، ما يجعل التنفس صعباً ومؤلماً، وحدوث نزيف في الرئتين أو جلطات أو حدوث التهابات رئوية شديدة ومتكررة، خلل في وظائف القلب نتيجة التهاب عضلة القلب أو الشرايين أو غشاء القلب (التهاب التامور)، ما قد يؤدي إلى حدوث جلطات قلبية مفاجئة."
التشخيص المبكر
وعن طرق تشخيص المرض، يقول د.العريبي "يصعب في كثير من الأحيان تشخيص الذئبة الحمراء مبكراً لعدة أسباب منها أن علامات وأعراض المرض قد تختلف اختلافاً كبيراً من شخص لآخر، أو قد تتداخل مع أعراض عدد من الأمراض الأخرى من حيث الشكل والاستجابة المؤقتة لبعض العلاجات، إضافة إلى أنه لا يوجد اختبار دم واحد يمكنه يقيناً تشخيص مرض الذئبة، لذلك يحتاج تشخيص المرض إلى مزيج من العلامات والأعراض والتاريخ المرضي للمريض، والفحص الإكلينيكي السريري، والاختبارات المخبرية للدم والبول والخزعة النسيجية، واختبارات التصوير الإشعاعي المختلفة. وتشمل اختبارات الدم والبول فحص الدم الشامل، ومعدل الترسيب، ومعدل البروتين التفاعلي، واختبارات الدم لتقييم مدى أداء الكليتين والكبد، واختبار الأجسام المضادة للنواة(ANA) التي ينتجها الجهاز المناعي، وعوامل الروماتيزم الأخرى كعامل الروماتويد وغيره، وفي حال ثبتت إيجابية اختبار ANA ، فقد ينصح الطبيب باختبار الأجسام المضادة الأكثر تحديدًا كاختبار anti-dsDNA وغيره" .
ويضيف د.العريبي "إذا اشتبه الطبيب في أن مرض الذئبة أثر على رئتي المريض أو قلبه، فمن الأفضل عمل أشعة سينية للصدر، وأشعة تلفزيونية للقلب. أما لو أشارت تحاليل الدم أو البول إلى إصابة الكلى، فمن الضروري أخذ عينة صغيرة (خزعة) من أنسجة الكلى بواسطة إبرة رقيقة تحت الأشعة التلفزيونية لتحديد مدى ونوع التأثير على الكلى واختيار العلاج المناسب لذلك. ويعتبر التشخيص المبكر أفضل الطرق لتفادي تفاقم المرض ومنع حدوث المضاعفات، كما أنه يسهل العلاج بأقل الأدوية. ورغم أن غالبية الحالات كانت تحول لطبيب الروماتيزم متأخرة نسبياً فإنه مع التطور الطبي وزيادة الوعي لدى المرضى هناك حالات عدة تم تشخيصها في وقت مبكر جداً. ويعتمد علاج المرض على علاماته وأعراضه ونوعه وشدته من حيث أنه محدود في الجلد فقط أو موجود في الدم أو أثر على أحد الأجهزة الحيوية في الجسم كالكلى أو الرئتين، كما أنه يجب شرح الأدوية ومناقشتها مع المريض قبل تناولها لمعرفة المغزى من العلاج .
أمل بدواء جديد
وعن العلاج يقول د.العريبي "هناك عدد من العلاجات المستخدمة في السيطرة على مرض الذئبة الحمراء، لكن أكثر الأدوية شيوعاً الأدوية المضادة للالتهابات غير الستيرويدية والستيرويدية وهي تستخدم في غالبية الحالات لمدة محدودة لعلاج الألم والتورم والحمى المصاحبة للمرض. كذلك الأدوية المعدلة للمرض التي تسيطر على الخلل في الجهاز المناعي. وتعتبر أساس العلاج ومنها الأدوية المضادة للملاريا . والأدوية البيولوجية المعدلة للمرض كعقار بيليموماب الذي يتم إعطاؤه عن طريق الوريد . أما عقار الريتوكسيماب فقد يكون مفيداً في حالات محددة من الذئبة المقاومة للعلاجات التقليديةو .هناك دراسات في مراحلها النهائية لعقار آخر (Stelara ) يعطى تحت الجلد وسيكون له دور فاعل في بعض حالات الذئبة الحمراء. ولا ينبغي للمريض تناول أي من هذه الأدوية دون استشارة طبيب الروماتيزم والمتابعة الدورية للسيطرة على أي آثار جانبية" .
تجنب المرض ممكن
لا توجد طريقة لمنع حدوث المرض، لكن يمكن تجنبه، كما يوضح د.العريبي بالقول "يمكن تجنب العوامل التي تؤدي إلى ظهور الأعراض، فمثلاً يمكن للمريض الحد من الوقت الذي يتعرض فيه إلى ضوء الشمس المباشر، والاستخدام الدائم للواقي من أشعة الشمس، لأنها سبب مباشر لنشاط المرض، ورغم أهمية فيتامين "د" لمرضى الذئبة الحمراء، فإن المرض ليس سبباً مباشراً لنقص الفيتامين في الجسم. ووجد أن المرضى الذين يعانون من نقص في مستوى الفيتامين "د" يكونون أكثر عرضة لنشاط الذئبة الحمراء وأقل استقراراً من أولئك المرضى الذين لديهم مستويات طبيعية من الفيتامين" .
ويضيف "بالنسبة للقاحات، فمن المهم لمرضى الذئبة الحمراء استشارة طبيب الروماتيزم قبل تلقي التطعيمات من أي نوع. هناك بعض التطعيمات الآمنة لهم وآخرى غير آمنة .لذلك ينصح المرضى بأخذ اللقاحات غير النشطة (الميتة) مثل لقاحات الإنفلونزا، والمكورات الرئوية لتجنب الإصابة بالعدوى. كما يجب مراعاة عدم تعاطي اللقاحات النشطة (الحية) مثل لقاح الحمى الصفراء، ولقاحات جدري الماء والقوباء المنطقية، واللقاح ضد الحصبة، والنكاف والحصبة الألمانية، لأنها تحتوي على كمية صغيرة من الفيروس، ما يؤدي إلى نشاط المرض وتفاقمه ."
تأثير الغذاء
وعن علاقة المرض بالغذاء يقول د.العريبي "لا يوجد نظام غذائي خاص لمرضى الذئبة، لكن بشكل عام، يجب أن يكون غذاء المريض متوازناً ومتنوعاً بحيث يحتوي الفواكه والخضروات الطازجة والحبوب الكاملة وكميات معتدلة من اللحوم والدواجن والأسماك. ولا بد من مراجعة الطبيب قبل أخذ أي مكملات أو أعشاب طبيعية قد تتفاعل مع الأدوية المستخدمة لعلاج مرض الذئبة. وينبغي عدم استخدام الأعشاب أو المكملات الغذائية لتحل محل الأدوية الموصوفة من قبل الطبيب. وهناك العديد من الاستفسارات في هذا الإطار، فمثلا لم تثبت أهمية التوقف عن تناول اللحوم الحمراء، فهذا أمر غير مثبت ولا يوجد دليل علمي على ذلك. لكن يحبذ تجنب اللحوم الحمراء إذا كان مريض الذئبة الحمراء يعاني إصابة في الكلى، أو مستويات عالية من الكولسترول أو الدهون الثلاثية. كما لا يوجد دليل علمي محكم على أن الغلوتين مضر أو مفيد في مرض الذئبة، لكن يحبذ تجنب الغلوتين إذا صاحب ذلك اضطرابات هضمية سببها مرض السيليك، حيث يكون النظام الغذائي الخالي من الغلوتين أمراً بالغ الأهمية. ولا بأس بالنظام الغذائي النباتي، لكن يجب تناول الفيتامينات المتعددة التي تحتوي على فيتامين "ب 12"، حيث لا يمكن الحصول على هذا الفيتامين إلا من خلال المنتجات الحيوانية لتجنب فقر الدم وتلف الأعصاب. ولأن المنتجات النباتية غير كافية كمصدر وحيد للبروتين، فمن من المهم خلط مصادر البروتين حتى تحصل على بروتينات كاملة، مثل الأرز والفاصوليا أو الذرة والقمح".
ويضيف د.العريبي "يعتبر النشاط البدني والرياضي مفيداً لمرضى الذئبة الحمراء، فمعظم المصابين يمكنهم المشاركة في بعض أشكال هذا النشاط. ويمكن للتمارين الرياضية أن تقوي أجزاء الجسم التي قد تتأثر بالذئبة كالقلب والرئتين والعظام والمفاصل، وتساعد في الحد من الالتهابات عن طريق تنظيم بعض المواد الكيميائية المشاركة في عملية الالتهاب، كما تساعد في التحكم في زيادة الوزن وإبقائه مثالياً، والتعامل مع ضغوط الحياة وتحسين الحالة المزاجية، ويمكن أن تمنح المريض الدعم المعنوي والاجتماعي المطلوبين .أما نوع الأنشطة المحببة لمرضى الذئبة فهي تختلف من شخص إلى آخر حسب قدرته مثل المشي والسباحة وركوب الدراجات الهوائية والتمارين الرياضية منخفضة التأثير وأنواع معينة من اليوغا، وينبغي الموازنة بين النشاط البدني والراحة. فإذا كان المريض من الذين يجهدون بسهولة عند ممارسة الرياضة فمن الأفضل أخذ قسط من الراحة بين التمارين" .
الثقات الأربع
وينصح د.العريبي مرضى الذئبة الحمراء بالتمسك بـ"الثقات الأربع فهي مفتاح النجاح في السيطرة على المرض وتقزيمه". ويوضح "ينبغي على مريض الذئبة الحمراء أن يثق بالله فهو الشافي والمعافي أولاً وأخيراً، والثقة بنفسه بعد أن ابتلاه الله بمرض يمحصه ويجعله واثقاً من قدرته على التغلب عليه، وثقته بطبيبه المعالج من حيث التقيد بنصائحه ومصارحته في العلاج، وأخيراً ثقته بمن حوله وخصوصاً عائلته ومجتمعه بأنهم يشعرون به ويقفون معه ويتمنون له الشفاء دائماً ولن يتركوه يواجه التحدي وحده، وتجاهل المحبطات سواء كانوا أشخاصاً أو معلومات مغلوطة أو متطفلين على الحقل الطبي كما في بعض وسائل التواصل الاجتماعي ممن ينشرون الجهل بقصد أو بغيره. وأقول للمريض تفاءل وابتسم للحياة مهما كانت قاسية، وعش حياتك دون أن تعيش الخوف من المرض أو تسول لك نفسك أن تترك علاجك أو تهمل صحتك، فصحتك غالية على محبيك .