فاطمة يتيم

أكد خبراء أسريون وشرعيون وحقوقيون أن الأسر البحرينية بمعظمها يسودها التكامل في الأدوار بين الزوج والزوجة في تحمل كافة الأعباء والمسؤوليات الأسرية، موضحين أن العلاقة الزوجية داخل الأسرة البحرينية تعتبر نموذجاً يحتذى على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي.

ولفتوا إلى أن هذا التكامل والانسجام يعكس تحضر المجتمع البحريني حاضراً وماضياً عندما كانت المرأة تتحمل مسؤولية الأسرة كاملة فيما كان الرجل في رحلة غوص تمتد لأشهر طويلة.

وقالوا لـ"الوطن"، إن هذا التكامل والتنسيق بين الزوج والزوجة داخل الأسرة البحرينية لا يعني بحال من الأحوال "تبادل أدوار" بينهم، وإن كان هناك حالات يتجاوز فيها الزوج على المرأة أو العكس فهي حالات فردية وليست ظاهرة في مجتمع بحريني منسجم تمثل الأسرة المتماسكة لبنته الأساسية.

"تبادل الأدوار" مصطلح خطير متطرف

وقالت الخبيرة النفسية والاجتماعية والتربوية د.بنة بوزبون، إن الحرية المسؤولة التي تتحلى بها المرأة البحرينية ساهمت على الدوام في رفعة شأنها وشأن أسرتها ووطنها.

وأضافت أن النجاحات المتراكمة التي تحققها المرأة في مختلف المجالات تعكس النظرة الثاقبة لصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، وصاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة جلالة الملك المفدى رئيسة المجلس الأعلى للمرأة، في أهمية تهيئة الأرضية المناسبة لمواصلة نهوض المرأة البحرينية وإزالة العقبات أمامها وتعزيز جدارتها في تحمل مسؤولياتها الأسرية أولاً وقبل كل شيء، ثم مسؤولياتها العملية والمهنية وغيرها.

وقالت بوزبون: "أنا أعمل في مجال اختصاصاتي التربوية والأسرية في البحرين وعلى مستوى دول الخليج العربي، وأؤكد أن التوافق والانسجام داخل الأسرة البحرينية وبين الزوج والزوجة ومراعاة وتفهُّم كلُ منهما لاحتياجات ومسؤوليات الآخر إنما يعتبر نموذجاً يحتذى خليجياً".

وأعربت عن استغرابها واستنكارها لاستخدام مصطلح "تبادل الأدوار" بين الزوج والزوجة داخل الأسرة البحرينية، قائلة: "حتى في حال رأينا رجلاً يقوم بمهام زوجته في تربية الأطفال أو امرأة تقوم بمهام زوجها في الإنفاق على المنزل، علينا ألا نستخدم هذا كمؤشر على تفكك الأسر البحرينية، فهذا الأمر ليس ظاهرة أولاً، ثم أنه لا ضير في ذلك طالما أن الأسرة متفاهمة ومتماسكة".

ووصفت مصطلح "تبادل الأدوار" بأنه مصطلح خطير متطرف يشير إلى العصور المظلمة، محذرة من استخدامه لأنه لا يتماشى مع تطور البحرين والأسرة البحرينية، ولأن المجتمع البحريني لم ينظر في أي مرحلة من مراحل تطوره إلى عمل المرأة ونهضتها على أنه فعل ذكوري، وإنما تخرج المرأة البحرينية إلى مجتمعها وإلى عملها بكامل أنوثتها وكرامتها وإنسانيتها وتحضرها.

وقالت: "إذا كان ما يسمى زوراً وبهتاناً بـ"تبادل الأدوار" داخل الأسرة البحرينية ناجماً عن خروج المرأة للعمل وإنفاقها الكل أو الجزء من راتبها على الأسرة، فهذا الأمر ليس وليد الساعة، كما أنه يمثل ظاهرة حضارية، فالمرأة البحرينية لم تخرج للعمل بقصد الدخل المادي فقط، وإنما أسهمت على مدى تاريخ البحرين إلى جوار أخيها الرجل في النهضة التعليمية والثقافية والحضارية والعمرانية التي نتغنى بها".

وتابعت: "إن هذا لا يعني بحال من الأحوال أن الرجل البحريني فقد مكانته كرجل، بل كان كأب وأخ وزوج وابن ومدير وزميل في العمل داعما ومساندا لتعليم المرأة وعملها وتحملها كامل مسؤولياتها".

وأضافت: "نحن لا نستطيع إلزام الزوجين بمهام محددة لكل منهما، فهناك فروق فردية وتفاوت بين أسرة وأخرى، ومجتمع وآخر، وهذا الأمر طبيعي طالما أن هناك انسجاماً وتوافقاً، وتحول مؤسسة الزواج إلى شراكة بين اثنين يرتضي كل منهما أدوار ومسؤوليات محددة، لكنه يتحول إلى أمر غير طبيعي ومصدر خطر عندما يسفر عن منازعات وتفكك أسري".

وأكدت أن الأدوار داخل الأسرة البحرينية متوازنة، مشيرة إلى أن صعوبة الحياة تتطلب من الرجل والمرأة بذل جهود مضاعفة من أجل الإنفاق على الأسرة وضمان مستوى حياة كريمة للأبناء، مع تقدير كل طرف لما يقدمه الطرف الآخر من تضحية.

البُعد عن التهويل والإثارة

من جانبه، أكد الشيخ إبراهيم الحادي إمام وخطيب جامع سبيكة الأنصاري، أهمية ابتعاد الإعلام ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي عن تهويل الأمور بقصد الإثارة، مستنكراً المبالغة في الحديث عن التفكك الأسري الناجم عن تبادل الأدوار بين الزوجين داخل الأسرة البحرينية.

وأشار إلى أن الشريعة الإسلامية السمحاء وضعت نظاماً أسرياً دقيقاً أعطت فيه القوامة للرجل لأنه هو الطرف المعني بتحمل المسؤوليات الأسرية الكبرى، بما في ذلك الإنفاق على الأسرة.

وقال: "الرجل مكلف شرعاً بالإنفاق على أسرته، وليس له أن يأخذ من مال زوجته أو راتبها إلا عن طيب نفسها، أو بشرط مسبق، شرط استخدام هذا المال للإنفاق على الأسرة وليس على ملذاته الشخصية".

وأضاف أن "أدوار المرأة واضحة في الإسلام، حيث جرى تكليفها بأعظم دور، وهو تربية الأبناء التربية الصالحة وتنشئتهم في بيئة سليمة والحفاظ على تماسك الأسرة بمشاركة الرجل، وبما يسهم في بناء جيل صالح ينهض بمسؤولية بناء الأمة ككل، وهذا شرف عظيم ما بعده شرف تقوم به المرأة البحرينية عامة".

وتابع: "إن المجتمع البحريني مجتمع شرقي مسلم بمعظمه، يدرك فيه الرجل أنه من الظلم والعيب أن يتكل على راتب زوجته، وتدرك فيه المرأة أن مشاركتها الإنفاق على أسرتها إنما هي سمة إنسانية وحضارية منها وليس مِنَّةً على أحد، وهذا ما يضمن تكامل الأدوار بين الزوج والزوجة".

التشريعات البحرينية تضمن تماسك الأسرة

من جهته أكد المحامي والحقوقي فريد غازي، أن البحرين تحظى بمنظومة تشريعات أسرية متطورة تضمن تماسك الأسرة وبناء علاقة سليمة بين مختلف أفرادها، مشيراً إلى أنه حتى عقد الزواج بات مرناً بحيث يمكن لأي من الطرفين أن يشرط فيه ما يريد، كأن تكمل الفتاة تعليمها أو عدم الممانعة بعملها أو حرية التصرف براتبها.

ولفت غازي إلى أنه "حتى بيت الإسكان يمكن للمرأة أن تشترط تثبيت جزء من ملكيته باسمها في حال ساهمت في دفع أقساط قرضه"، موضحاً: "نحن هنا لا نتحدث عن تبادل أدوار، وإنما عن حفظ حقوق الزوج أو الزوجة بإقرار ورضى الطرف الآخر".

واعتبر أن ما يمكن تسميته بـ"ثقافة المشاركة في الحياة الأسرية" أصبحت ثقافة عالمية وليست بحرينية فقط، قائلاً: "نجد الزوجة تبادر عن طيب خاطر ومن منطلق محبتها وحرصها على الارتقاء بمستوى أسرتها أن تتحمل بعض الأعباء المادية كفاتورة الكهرباء، ورسوم مدارس الأطفال، وهذه ظاهرة طبيعية لا يعتبرها المجتمع البحريني المنفتح على العديد من الثقافات سبباً في بروز ظاهرة تبادل الأدوار، بل في إطار ما يسمى بالحياة التشاركية".