تزداد مظاهر التسول في شوارع البحرين حتى بات كثيرون يصنفونها ظاهرة. في العاصمة يلفت المرء كثيرة عدد المتسولين في شوارع بعينها، خاصة قرب المجمعات التجارية، كما رصد مواطنون انتشار المتسولين في شارع 77 (شارع جد علي).
نواب أكدوا لـ"الوطن" انتشار "الظاهرة" في العاصمة. وفي سبل معالجتها طالبوا بـ"التصدي" لها ناسبينها إلى الآسيويين، فيما كرر بعضهم الجملة المشهورة إنها "تعكس صورة غير حضارية عن البحرين".
وقال النائب عمار البناي إن "الدائرة الرابعة في العاصمة أصبحت مستهدفة من قبل المتسولين، وخاصة من الجاليات الآسيوية لما تمتاز به المنطقة من أماكن سياحية يرتادها كثير من السواح وضيوف البحرين من الدول الشقيقة".
وأضاف البناي "المقصود بالمتسول هو كل شخص وجد في الطريق العام أو الأماكن أو المحال العامة أو الخاصة يستجدي صدقة أو إحساناً من الغير إن كان صحيح البنية أو غير قادر على العمل".
ولفت البناي إلى أن "ظاهرة المتسولين من العمالة الوافدة منتشرة عند إشارات المرور وأبواب المجمعات التجارية والأسواق ومواقف السيارات بشكل ملحوظ حتى باتت بعض المواقف عند المطاعم حكراً لهم إما أن تدفع المال أو تتعرض سيارتك للخدش".
وأكد البناي دور وزارة الداخلية بتطبيق مواد القانون رقم 5 لسنة 2007 بشأن مكافحة التسول والتشرد، وبالتحديد المادة السابعة والرابعة لوجوب العقوبة بالسجن والإبعاد لكل أجنبي أخذ من التسول مصدر رزق له.
وعن طرق مواجهة الظاهرة، قال البناي إن "توفير فرص العمل للجميع سيسهم في ذلك، فتوفير فرص عمل للمتسولين من قبل الحكومة أو القطاع الخاص أو تعليمهم حرفة معينة تجلب لهم المال سيكفيهم عن التسول، إضافة إلى فرض عقوبات على كل والد مسيء لأبنائه بالاستفادة منهم في الشوارع، ومعاقبة أي ولي أمر يسمح لابنه أو ابنته أن تصبح عرضة للمخاطر من خلال التسول".
وأوضح البناي أهمية عدم الاكتفاء بالتعليم الإجباري في المرحلة الابتدائية وفرضه للمرحلة الثانوية، لأن انتشار التعليم سيقوي المجتمع العلمي والثقافي، فمن النادر وجود إنسان متعلم يقبل على نفسه اللجوء للتسول".
"مافيات" التسول
النائب ممدوح الصالح قال إن "ظاهرة التسول تمارس اليوم من قبل "مافيات" تشوه صورة مملكة البحرين"، لافتاً إلى أن "التسول لم يكن يوماً من ممارسات الفقراء والمحتاجين في البحرين".
وأضاف الصالح "لا أحد يتخيل عزة النفس والتعفف لدى الفقراء والمحتاجين، لكن اليوم ممارسو التسول أصبحوا يستخدمون الأطفال، وفي الفترة السابقة تم اكتشاف العديد من المتسولين في إحدى المجمعات التجارية في الرفاع، وحالات أخرى أحيلت للنيابة".
وأوضح الصالح أن "الظاهرة غريبة على المجتمع البحريني. في البحرين المحتاج لا يسير في الشوارع والطرقات، فالصناديق الخيرية تتوفر في مختلف المناطق، والدولة تساعد في ذلك من خلال العلاوت التي تمنحها، مثل علاوة لحوم، وعلاوة غلاء، وعلاوة سكن وغيرها من الأمور التي تساعد الدولة فيها المواطنين".
وشدد الصالح على دور وزارة الداخلية والجهات المعنية في التصدي للظاهرة من خلال تطبيق الإجراءات اللازمة، لما تسببه من انطباع سلبي عن البحرين.
أشكال جديدة
وقال النائب عادل العسومي "الفترة الأخيرة شهدت توسعاً في ظاهرة المتسولين ودخلت فيها أشكال أخرى، مثل شركات النظافة حيث أصبح عامل النظافة يهمل عمله، ويتمركز في الأماكن التي توجد فيها إشارات ضوئية. وهناك سيدات بدأن دخول الأحياء السكنية".
وأوضح العسومي أن "الظاهرة تعكس صورة سلبية عن البحرين، فغالبية من يمارسون هذا الفعل من الأجانب وليس البحرينيين"، لافتاً إلى أن "الشعب البحريني عاطفي ويتعاطف مع هذه الفئات حيث يمنحها المال مما أسهم في حصولها على دخل ممتاز واستمرارها في ممارسة العمل".
وأكد العسومي "أهمية التصدي لهذه الظاهرة التي تعكس وجهاً غير حضاري للبحرين".
وبين العسومي أن التصدي للظاهرة يتم من خلال زيادة عدد الدوريات للقبض على المتسولين، وأضاف "يجب التشديد على الشركات بمراقبة من يعملون لديها، من خلال اتفاقية مع الحكومة لتكون الشركة ملتزمة بعدم ممارسة موظفيها لأعمال التسول".
إطار منظم للصدقات
رئيس لجنة الخدمات والمرافق العامة في مجلس أمانة العاصمة د.عبدالواحد النكال أكد انتشار الظاهرة في العديد من مناطق البحرين، وخصوصاً قرب المجمعات التجارية والإشارات الضوئية، مثل شارع 77 كونه شارعاً حيوياً وتجارياً.
وقال النكال "من المؤسف أن تنتشر هذه الظاهرة في الوقت الذي تشهد البحرين زيادة في عدد الجمعيات الخيرية وما يقدمه عدد من المؤسسات الحكومية والخاصة من دعم للأسر المحتاجة والأرامل والمطلقات ولذوي الهمم والفئات الأخرى من المجتمع البحريني".
وأكد النكال عدم وقوفه ضد الصدقات التي قال إنها تأتي في مقدمة الأعمال الخيرية للمواطن والمقيم في المجتمع البحريني، لكنه يرى أن "تقديم الصدقات يمكن أن يكون في إطار منظم يمنح للجمعيات والمؤسسات الخيرية التي تكون أكثر معرفة بالمحتاجين".
وقال النكال "رغم أن القانون البحريني شرع قانوناً لمكافحة التسول، فإن ذلك لم يمنع وجود الظاهرة التي تعد دخيلة على المجتمع البحريني"، مؤكداً أن "المواطن البحريني لديه من العزة والكرامة ما يمنعه من ممارسة هذه الظاهرة حتى إن كان محتاجاً، حيث نجد أن الأسر البحرينية المحتاجة أسر متعففة".
وأشار النكال إلى أوجه متعددة لظاهرة التسول منها "الوجه الاجتماعي الذي يقع على عاتق المؤسسات الثقافية والاجتماعية في رفع مستوى الوعي لدى المجتمع باتباع النهج الرسمي في طرق أبواب المؤسسات الحكومية للحصول على المساعدة والدعم اللازم. والوجه الأمني لمكافحة الظاهرة وهو أمر مهم وتختص به الجهات الأمنية التي أتاح لها القانون اتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه المتسولين وتوجيههم نحو المسار القانوني للحصول على الدعم والمساعدة، قبل اتخاذ أي عقوبات أو غرامات".
الحبس والغرامة
ومن الناحية القانونية، قال المستشار القانوني شاكر جلال إن قانون رقم 7 للعام 2007 لمكافحة التسول والتشرد، تضمن العقوبة على جريمة التسول في المادة السابعة التي نصت على "يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة، وبغرامة لا تقل عن خمسين ديناراً، ولا تجاوز مئة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من عاد إلى ممارسة التسول أو التشرد بعد شموله بالرعاية الاجتماعية المنصوص عليها في المادة 4 من هذا القانون وكان صحيح البنية أو لديه مصدر للرزق فإذا كان المتسول أو المتشرد غير صحيح البنية، أو ليس لديه مصدر للرزق، تكون العقوبة الحبس مدة لا تجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن عشرين ديناراً ولا تتجاوز خمسين ديناراً أو بإحدى هاتين العقوبتين. وفي جميع الأحوال، إذا كان المتسول أو المتشرد أجنبياً، كان للمحكمة - فضلاً عن العقوبة المشار إليها - أن تأمر بإبعاده من البلاد".