مروة غلام
بين الملايين الذي شاركوا في إحياء جنازة الرئيس المصري السابق جمال عبدالناصر، استطاع الرائد في مجال التصوير السينمائي المصور البحريني خليفة شاهين أن يسجل فيديو مصوراً لجنازة عبدالناصر مازال يعرض في قاعة الصوتيات والمرئيات في متحف الرئيس المصري السابق حتى اليوم.
وبعد مرور عشرات السنين على وفاة عبدالناصر التقى شاهين عائلة الزعيم المصري، وأهداها خلال الزيارة أهم اللحظات الفارقة في تاريخ مصر. حيث التقى مع جمال خالد جمال عبدالناصر، حفيد الزعيم للحديث عن أبزر الأحداث الخاصة حول العلاقات بين القاهرة والمنامة في عهد جده "ناصر"، وزيارته للبحرين العام 1955.
"الوطن" أجرت حواراً مع خليفة شاهين للحديث عن فيديو الجنازة.
متى بدأت تجربتك في التصوير؟
بدأت العمل مصوراً منذ العام 1957 في شركة نفط البحرين (بابكو) في قسم التصوير السينمائي الذي كان يديره فريق من الإنجليز، وقد كنت المصور والمخرج في قسم الافلام. وبعد مرور 6 أشهر سافرت في بعثة لإنجلترا لدراسة التصوير الفوتوغرافي والسينمائي والإخراج، وأنهيت دراستي العام 1964 وبدأت في صناعة أفلام تسجيلية من خلال وحدة الأفلام البحرينية. أنتجت 68 شريطاً إضافة إلى 20 فيلماً وثائقياً.
كيف شاركت في جنازة الرئيس المصري السابق؟
كنت ضمن الوفد البحريني المشارك في الجنازة، الذي ترأسه أمير البلاد المغفور له الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، وكان في استقباله الرئيس الراحل أنور السادات. وتحركنا مباشرة إلى مجلس قيادة الثورة عبر نهر النيل، لأن الطرق كانت مغلقة بالبشر، وحرصت على توثيق كل أحداث الجنازة منذ انطلاقها من مجلس قيادة الثورة إلى مسجد جمال عبدالناصر، مروراً بـ"كوبري" النيل.
تمركزت فوق قاعدة تمثال الأسد الموجود بالزاوية الشمالية الغربية، وكان الزحام شديداً جداً، وصلت إلى ذلك المكان بصعوبة بالغة، وكان معي المساعد الخاص.
ما أهم لحظة رأيتها خلال الجنازة؟
عند خروج الجثمان من مجلس قيادة الثورة حتى وصوله إلى جسر قصر النيل، سمعت ما لم أسمع مثله في حياتي، رأيت الشعب المصري يهتف بصوت واحد "الله يرحم جمال .. الله يرحم جمال".
هل رصدت أي وجوه لرؤساء دول في الجنازة؟
حضر الجنازة عدد كبير من رؤساء الدول، حيث رأيت أمير الكويت والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، والرئيس السوداني آنذاك جعفر النميري، الذي ألقى كلمة في هذا اليوم عن جهود الرئيس الراحل وأثنى على استقبال الرئيس السادات له. كان الحزن يعلو وجوه الجميع، فالكل كان يشعر بأن الأمة العربية فقدت زعيماً لن يتكرر.
كم كان عمرك حين صورت فيلم جنازة الرئيس المصري الراحل؟
كنت شاباً في ذلك الوقت، في أوائل الثلاثينات من عمري، وكان شريط الجنازة انعرض في البحرين في 180 عرض لمدة شهر.
لماذا قررت تسليم شريط الجنازة لعائلة عبدالناصر بعد مرور هذه السنوات؟
كان تسليم شريط الجنازة لأسرة الرئيس جمال عبدالناصر حلماً بالنسبة لي، كنت أرغب في رؤية الزعيم في وجوه أبنائه وأحفاده، وأعتبر مافعلته تكريماً لمسيرة هذا الرئيس الأسطوري، وجاء رد الفعل إيجابياً من أفراد العائلة. جمال كان زعيماً يؤمن بالقيم الإنسانية، فهو تاج على رؤوس كل العرب، ورفع رأس كل إنسان عربي وليس المصريين فقط، خاصة وأن شريط الجنازة قد تم عرضه في أكثر من 180 عرض مختلف لمدة شهر.
كيف كان اللقاء مع أسرة عبدالناصر؟
لقائي بهم كان بمثابة شيء كبير أنجزته في حياتي وكأني قابلت الرئيس الراحل نفسه وأعطيته أعمالي هدية له. عندما رأيت أبناءه أمامي تخيلت أني أصافح الرئيس نفسه، وأهديه هذه الأعمال. بالفعل حققت الأمل الذي تمنيته طوال هذه الفترة.
ما الأحداث التي صورتها بخلاف جنازة عبدالناصر؟
رافقت صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد في سنة 1973 حينما كان ولياً للعهد في زيارة لمصر بعد الحرب وتحديداً محافظة بورسعيد، برفقة رئيس الأركان المصري الفريق سعدالدين الشاذلي، وصورت آثار الحرب.
هل تمنيت تصوير حدث تاريخي معين؟
كنت أتمنى تصوير لحظة استرداد المصريين سيناء، ولحظة عبور خط بارليف وانتصار الجيش المصري على إسرائيل، لكن بعد العام 1974 توفقت عن مرافقة الزعماء إلى الخارج لأن تلفزيون البحرين تم تدشينه وبدأت العمل في ذلك الوقت.