حسن الستري
لم يكن التصريح الذي أطلقه رئيس مجلس الشورى علي الصالح الأسبوع الماضي خلال جلسة المجلس بأن أكثر الرغبات المقدمة من مجلس النواب هي من اختصاصات المجالس البلدية، إذ إن هذا الموضوع قديم ويعود إلى الفصل التشريعي الأول، ولطالما شكا عدد من الأعضاء البلديين من "تعدي النواب على اختصاصاتهم البلدية"، من اقتراح بناء مدرسة ومستشفى وشق طريق وتخصيص مرتفعات وبناء وحدات سكنية ومواقف للسيارات وغيرها.
ويعتبر الأعضاء البلديون تلك الأمور اختصاصاً أصيلاً للمجالس البلدية، ولا يحق للعضو البرلماني التدخل في هذه الأمور، إلا في مقام التشريع والرقابة.
تصريح الصالح، جاء فيه: "أكثر رغبات النواب، بل أجزم أن 90% إن لم تكن أكثر من اختصاصات المجالس البلدية.. إذا كنا نريد تقوية المجالس البلدية والاستقلال بقرارها، يجب احترام اختصاصها، خصوصاً أن الإكثار من الرغبات على حساب اختصاص المجلس النيابي التشريعية، التشريع كان في آخر الأولويات".
وبالفصل التشريعي الأول، وتحديداً في مارس 2013، علّق النائب السابق حمد المهندي على تصريحات لعدد من أعضاء المجالس البلدية، أبدوا فيها استغرابهم من قيام مجلس النواب بدراسة ومناقشة وإقرار بعض المشروعات الخدمية.
واعتبر -كما يقول المهندي- أعضاء المجلس البلدي قيام مجلس النواب بأداء واجبه بمطالبة الحكومة في الإسراع بتنفيذ المشروعات وتخصيص الموازنات اللازمة لها، وقيامه باقتراح مشروعات حيوية تتعلق بمعيشة المواطنين أو صحتهم ومطالبته بتخصيص الموازنات اللازمة لإنشاء هذه المشروعات، تدخلاً في اختصاصات المجالس البلدية.
وأوضح المهندي أن جميع الاقتراحات المعروضة على مجلس النواب أو التي تم إقرارها والموافقة عليها وتحويلها إلى الحكومة، هي في الواقع من لب اختصاص مجلس النواب وهي تدخل ضمن المصالح العامة التي أناط الدستور مجلس النواب رعايتها والقيام بها كما جاء في نص المادة 89 من الدستور.
وفي تصريح سابق لـ"الوطن"، أكد نائب رئيس مجلس بلدي العاصمة السابق محمد منصور أن القانون أوضح اختصاصات النواب والأعضاء البلديين، ويتوجب على كل طرف الالتزام باختصاصاته، بيد أن الحاصل هو أن بعض النواب ليس عندهم حراك على المستوى البرلماني، من تشريع ورقابة، فيلجؤون للأشياء الخدمية لسد النقص من جهة، ولأنها تبدو كإنجازات لدى الناس أكثر من الجوانب البرلمانية من جهة أخرى.
وقال: "أحياناً لا يوجد بين البلدي والنائب توافق، فكل يريد أن يظهر نفسه، فيحصل التداخل لصالح البرلماني باعتبار صلاحياته الدستورية أقوى من العضو البلدي، واحياناً يكون هناك نوع من التفاهم والانسجام، فيظهران في الصورة كليهما ويحسب الإنجاز لكليهما، وهذا الانسجام يجعل تداخل الاختصاصات طبيعياً".
ورأى أحد البلديين السابقين أن النواب يتعدون على صلاحيات البلديين بحجة أن لديهم لجنتين للخدمات والمرافق، تخولهما المطالبة بالأمور الخدمية، وأوضح أن الأمر غير صحيح، فالقانون ينص على 24 اختصاص تقريباً للمجالس البلدية، من ضمنهم 14 اختصاصاً أصيلاً خاصاً بها، أهمها بناء المدارس والمستشفيات والطرق والمراكز الاجتماعية وفرض الرسوم البلدية والإعلانات ومنح الزوايا، واختصاص النيابي التشريع والرقابة".
وذكر أن "النواب يقترحون المقترحات الخدمية، ويحيلها المجلس النيابي للجنة المختصة، التي تطلب رأي المجلس البلدي المعني، ونحن بدورنا لنجاملهم ولا نشعرهم بأن هذا الأمر ليس من اختصاصهم، وكثيرا ما يقترحون أشياء أقرها المجلس البلدي واعتمد لها الموازنة لينسبوها لهم، وهم بصراحة، عندهم قصور في التشريع والرقابة، فيسدونه بالتعدي على اختصاصات المجالس البلدية، وهذا الأمر ظاهرة غير صحية، يجب التصدي لها لكي لا يتحول المجلس النيابي إلى مجلس خدمي بدل أن يكون تشريعياً ورقابياً، فالمفترض أن يكون النائب معاوناً للبلدي، بمساءلة الوزراء المعنيين وسن التشريعات اللازمة".
مؤخراً، رفع رئيس مجلس بلدي المنطقة الشمالية أحمد الكوهجي رسالة شكوى إلى رئيسة مجلس النواب فوزية زينل، بعدما أوضحه من تدخلات بعض النواب بالشمالية في العمل الخدمي، والذي هو من صلب عمل المجالس البلدية، وذلك خلال الأشهر الماضية ومنذ انطلاق دور الانعقاد السابق.
بالمقابل، يرفض النواب، كلام البلديين، واستندوا في ذلك إلى فتوى قانونية أطلقها المستشار السابق لمجلس النواب عمرو بركات في الفصل التشريعي الأول، أفتى فيها بجواز اقتراح النواب الأمور الخدمية، كما استندوا أيضاً على عدم رفض الحكومة للمقترحات الخدمية بذريعة أنها ليست من اختصاصات المجلس النيابي.
وأكدوا أن أي اقتراح برغبة، يحول للجنة المختصة التي بدورها تعطي رأيها فيها، وتستشير المستشارين القانونيين في المجلس، ولا تمرر إلا بعد التأكد من سلامتها القانونية والدستورية، متسائلين: "هل الأعضاء البلديون أفهم في القانون من المستشارين القانونيين في مجلس النواب، وهل هم أفهم من مستشاري الحكومة التي لم ترد مقترحاً خدمياً واحداً للنواب بحجة عدم الاختصاص، كما أن الاقتراحات الخدمية عرف موجود في البرلمانات العربية كالأردن والكويت".
الجدل القديم والمتجدد، أعاد للأذهان تصريحاً سابقاً للمحامية رباب العريض، أكدت أن تأدية دور خدماتي للناس جزء من عمل النائب، تتمثل في الاقتراحات برغبة، ورأت أنه يجب على البلديين الاستعانة بالنواب لتنفيذ توصياتهم ومقترحاتهم.
وتساءلت: "من الذي يمكن أن يحرك توصيات المجلس البلدي غير النائب؟"، منوهة أن الاقتراحات برغبة أكثرها خدماتي، ومن حق النائب أن يحافظ على وجوده كنائب بين أهل منطقته بالاقتراحات الخدمية.
خلاصة الأمر، أن الجدل قانوني بالدرجة الأولى، ويجب تعديل اللائحة الداخلية لمجلس النواب أو اللجوء إلى هيئة التشريع والرأي القانوني لتفسير قانون البلديات أو اللائحة الداخلية لمجلس النواب.
لم يكن التصريح الذي أطلقه رئيس مجلس الشورى علي الصالح الأسبوع الماضي خلال جلسة المجلس بأن أكثر الرغبات المقدمة من مجلس النواب هي من اختصاصات المجالس البلدية، إذ إن هذا الموضوع قديم ويعود إلى الفصل التشريعي الأول، ولطالما شكا عدد من الأعضاء البلديين من "تعدي النواب على اختصاصاتهم البلدية"، من اقتراح بناء مدرسة ومستشفى وشق طريق وتخصيص مرتفعات وبناء وحدات سكنية ومواقف للسيارات وغيرها.
ويعتبر الأعضاء البلديون تلك الأمور اختصاصاً أصيلاً للمجالس البلدية، ولا يحق للعضو البرلماني التدخل في هذه الأمور، إلا في مقام التشريع والرقابة.
تصريح الصالح، جاء فيه: "أكثر رغبات النواب، بل أجزم أن 90% إن لم تكن أكثر من اختصاصات المجالس البلدية.. إذا كنا نريد تقوية المجالس البلدية والاستقلال بقرارها، يجب احترام اختصاصها، خصوصاً أن الإكثار من الرغبات على حساب اختصاص المجلس النيابي التشريعية، التشريع كان في آخر الأولويات".
وبالفصل التشريعي الأول، وتحديداً في مارس 2013، علّق النائب السابق حمد المهندي على تصريحات لعدد من أعضاء المجالس البلدية، أبدوا فيها استغرابهم من قيام مجلس النواب بدراسة ومناقشة وإقرار بعض المشروعات الخدمية.
واعتبر -كما يقول المهندي- أعضاء المجلس البلدي قيام مجلس النواب بأداء واجبه بمطالبة الحكومة في الإسراع بتنفيذ المشروعات وتخصيص الموازنات اللازمة لها، وقيامه باقتراح مشروعات حيوية تتعلق بمعيشة المواطنين أو صحتهم ومطالبته بتخصيص الموازنات اللازمة لإنشاء هذه المشروعات، تدخلاً في اختصاصات المجالس البلدية.
وأوضح المهندي أن جميع الاقتراحات المعروضة على مجلس النواب أو التي تم إقرارها والموافقة عليها وتحويلها إلى الحكومة، هي في الواقع من لب اختصاص مجلس النواب وهي تدخل ضمن المصالح العامة التي أناط الدستور مجلس النواب رعايتها والقيام بها كما جاء في نص المادة 89 من الدستور.
وفي تصريح سابق لـ"الوطن"، أكد نائب رئيس مجلس بلدي العاصمة السابق محمد منصور أن القانون أوضح اختصاصات النواب والأعضاء البلديين، ويتوجب على كل طرف الالتزام باختصاصاته، بيد أن الحاصل هو أن بعض النواب ليس عندهم حراك على المستوى البرلماني، من تشريع ورقابة، فيلجؤون للأشياء الخدمية لسد النقص من جهة، ولأنها تبدو كإنجازات لدى الناس أكثر من الجوانب البرلمانية من جهة أخرى.
وقال: "أحياناً لا يوجد بين البلدي والنائب توافق، فكل يريد أن يظهر نفسه، فيحصل التداخل لصالح البرلماني باعتبار صلاحياته الدستورية أقوى من العضو البلدي، واحياناً يكون هناك نوع من التفاهم والانسجام، فيظهران في الصورة كليهما ويحسب الإنجاز لكليهما، وهذا الانسجام يجعل تداخل الاختصاصات طبيعياً".
ورأى أحد البلديين السابقين أن النواب يتعدون على صلاحيات البلديين بحجة أن لديهم لجنتين للخدمات والمرافق، تخولهما المطالبة بالأمور الخدمية، وأوضح أن الأمر غير صحيح، فالقانون ينص على 24 اختصاص تقريباً للمجالس البلدية، من ضمنهم 14 اختصاصاً أصيلاً خاصاً بها، أهمها بناء المدارس والمستشفيات والطرق والمراكز الاجتماعية وفرض الرسوم البلدية والإعلانات ومنح الزوايا، واختصاص النيابي التشريع والرقابة".
وذكر أن "النواب يقترحون المقترحات الخدمية، ويحيلها المجلس النيابي للجنة المختصة، التي تطلب رأي المجلس البلدي المعني، ونحن بدورنا لنجاملهم ولا نشعرهم بأن هذا الأمر ليس من اختصاصهم، وكثيرا ما يقترحون أشياء أقرها المجلس البلدي واعتمد لها الموازنة لينسبوها لهم، وهم بصراحة، عندهم قصور في التشريع والرقابة، فيسدونه بالتعدي على اختصاصات المجالس البلدية، وهذا الأمر ظاهرة غير صحية، يجب التصدي لها لكي لا يتحول المجلس النيابي إلى مجلس خدمي بدل أن يكون تشريعياً ورقابياً، فالمفترض أن يكون النائب معاوناً للبلدي، بمساءلة الوزراء المعنيين وسن التشريعات اللازمة".
مؤخراً، رفع رئيس مجلس بلدي المنطقة الشمالية أحمد الكوهجي رسالة شكوى إلى رئيسة مجلس النواب فوزية زينل، بعدما أوضحه من تدخلات بعض النواب بالشمالية في العمل الخدمي، والذي هو من صلب عمل المجالس البلدية، وذلك خلال الأشهر الماضية ومنذ انطلاق دور الانعقاد السابق.
بالمقابل، يرفض النواب، كلام البلديين، واستندوا في ذلك إلى فتوى قانونية أطلقها المستشار السابق لمجلس النواب عمرو بركات في الفصل التشريعي الأول، أفتى فيها بجواز اقتراح النواب الأمور الخدمية، كما استندوا أيضاً على عدم رفض الحكومة للمقترحات الخدمية بذريعة أنها ليست من اختصاصات المجلس النيابي.
وأكدوا أن أي اقتراح برغبة، يحول للجنة المختصة التي بدورها تعطي رأيها فيها، وتستشير المستشارين القانونيين في المجلس، ولا تمرر إلا بعد التأكد من سلامتها القانونية والدستورية، متسائلين: "هل الأعضاء البلديون أفهم في القانون من المستشارين القانونيين في مجلس النواب، وهل هم أفهم من مستشاري الحكومة التي لم ترد مقترحاً خدمياً واحداً للنواب بحجة عدم الاختصاص، كما أن الاقتراحات الخدمية عرف موجود في البرلمانات العربية كالأردن والكويت".
الجدل القديم والمتجدد، أعاد للأذهان تصريحاً سابقاً للمحامية رباب العريض، أكدت أن تأدية دور خدماتي للناس جزء من عمل النائب، تتمثل في الاقتراحات برغبة، ورأت أنه يجب على البلديين الاستعانة بالنواب لتنفيذ توصياتهم ومقترحاتهم.
وتساءلت: "من الذي يمكن أن يحرك توصيات المجلس البلدي غير النائب؟"، منوهة أن الاقتراحات برغبة أكثرها خدماتي، ومن حق النائب أن يحافظ على وجوده كنائب بين أهل منطقته بالاقتراحات الخدمية.
خلاصة الأمر، أن الجدل قانوني بالدرجة الأولى، ويجب تعديل اللائحة الداخلية لمجلس النواب أو اللجوء إلى هيئة التشريع والرأي القانوني لتفسير قانون البلديات أو اللائحة الداخلية لمجلس النواب.