قال رئيس تحرير "الوطن" وصاحب دار "تدوين" الكاتب يوسف البنخليل إن الكتب الصوتية باتت اليوم ظاهرة في عصر القراءة الرقمية، فأصبح جمهورها يزداد بفضل التطبيقات الإلكترونية وانتشار الهواتف الذكية، وستساعد هذه الظاهرة الكتاب على انتشار إنتاجهم الأدبي والفكري.

وبرزت الكتب الصوتية كإضافة نوعية في مجال الاطلاع واستطاعت أن تستقطب اهتماماً كبيراً من محبي القراءة وتشكل منافساً للكتاب الورقي التقليدي الذي واجه تحدياً في مرحلة سابقة مع الكتب الإلكترونية.

وفي مهرجان الأيام الثقافي للكتاب الذي اختتم نهاية الأسبوع الماضي، تم تدشين عدد من الكتب الصوتية في جناح تطبيق "الراوي" الذي انطلق من البحرين.

ووصف البنخليل تحويل الكتب المطبوعة إلى كتب صوتية بأنه تجربة مختلفة لأي كاتب، لأنها تنقل النص من القراءة إلى الاستماع، مؤكداً حرصه على تحويل رواية "بحر أخضر ولؤلؤ أحمر" إلى كتاب صوتي يتيح وصوله إلى شريحة أكبر من الجمهور للاستمتاع بتفاصيلها السردية، حيث إن "الكتاب الصوتي يتميز بانتشاره الواسع ويضيف للنص روحاً مختلفة خاصة إن كان الكتاب يتضمن قصة أو رواية".

وأكد البنخليل حرصه على أن يكون رواة راوية بحر أخضر ولؤلؤ أحمر بحرينيين لأن الرواية بحرينية مستوحاة من قصة حقيقية شهدت أحداثها البحرين والسعودية وقطر، مشيراً إلى أن القائمين على تطبيق الراوي استطاعوا إنتاج الكتاب بشكل رائع من خلال جهد متواصل استمر 4 شهور وبمشاركة 22 راوياً لتحويل الرواية إلى كتاب صوتي.

وأضاف البنخليل أن "إنتاج الكتاب الصوتي يعطي روحاً مختلفة تجعل المستمع يشعر بأن الأحداث حقيقية تمر أمام عينيه، بفضل المؤثرات الصوتية والموسيقية المستخدمة".

فيما قال الروائي د.عقيل الموسوي إن الكتاب الصوتي سيكون أسهل للتناول من الكتاب الرقمي والكتاب الورقي خاصة أنه يساير وتيرة حياة الجيل الجديد، موضحاً أن الأذن لا تضرها الحركة، فيمكن الاستمتاع بالصوت في أي مكان، في السيارة أو أثناء مزاولة الرياضة أو حتى قبل النوم.

وعبر عن دهشته عندما سمع كيف تحدث بطل روايته "اريامهر نامه: سيرة نور الآريين" لأول مرة بحيوية ويصف مشاعره بنبرة مليئة بالأحاسيس، ما زاده فخراً بالنص الذي كتبه، مشيداً بالمجموعة الذين يتميزون بإجادتهم اللغة العربية الفصحى وطريقة إلقائهم التي أحيت أبطال الرواية عبر تنوع نبرات الصوت من مشهد لآخر.

وأضاف الموسوي أن هذه تجربته الأولى مع الكتاب الصوتي، مشيراً إلى ما واجهه من تحديات منها توفير عدد كبير من الرواة بسبب كثرة الشخصيات في الرواية، وتغيير بعض صياغة الفصول بما يتناسب ونمط الرواية الصوتية. ونوه بأن التجربة جعلته يأخذ بعين الاعتبار ضرورة إضافة مساحة أكبر للحوارات في أعماله القادمة لتضيف جمالية للرواية الصوتية.

وأكد المؤلف الكويتي وصاحب دار نشر "نوفا" عبدالوهاب الرفاعي أن فكرة الكتب الصوتية نادرة في الوطن العربي وفي الخليج العربي خاصة، لذلك رغب في أن يخوض تجربة الكتب الصوتية ليقيس مدى نجاحها، مشيراً إلى أنه خاض سابقاً تجربة الكتب الرقمية، حيث حول عدداً من كتبه ورواياته إلى كتب رقمية لكنها لم تجد الإقبال المتوقع.

وأضاف "من أهم الصعوبات والتحديات التي تواجه الكتب الصوتية كلفتها في الإنتاج لذلك الشركات التي تنتج مثل هذا النوع لا تتعاقد إلا مع الكتاب والمؤلفين الذين لهم مكانتهم في السوق"، موضحاً أن إنتاج الكتب الصوتية يحتاج إلى مبالغ كبيرة لحجز استوديو وممثلين لتأدية أدوار شخصيات الكتاب إضافة إلى مهندسي الصوت وغيرهم".

وقال د.محمد الشعبان، أحد الرواة في تطبيق الراوي، إنه رغم انخراطه في مجال الإعلام والتعليق الصوتي الإخباري، فإن تجربته مع تطبيق الراوي كانت الأولى من نوعها، حيث كانت التجربة مثمرة وأضافت له الكثير.

وأكد حرص جميع الرواة على إعطاء الرواية حقها من خلال إبراز صوت الراوي والشخصيات بالطريقة المثلى، حتى يتسنى للمستمع أن يعيش الأجواء المكانية التي أراد الكاتب إبرازها.

وقال الراوي حسن الساعاتي إن من الأسباب التي دفعته إلى تقديم الكتب الصوتية أنه مجال واعد في العالم العربي وهو شبيه بوظيفته الإعلامية كونه مذيعاً في إذاعة البحرين، وهي فرصة لإثراء مخزونه المعرفي بالقراءة، مشيراً إلى أن تجربته في هذا المجال ساهمت بصقل موهبته في الأداء وإشباع شغفه المستمر في الأداء الصوتي.

وأشار إلى أن "بعض الكتب الصوتية تحتاج إلى راو واحد يؤدي جميع الأصوات بالأسلوب الحكواتي الذي اعتدناه من جداتنا وأمهاتنا عند سرد القصص والحزاوي، وهناك نوع آخر يحتمل وجود أكثر من راوي لأداء الشخصيات".

في حين قالت الشريك المؤسس في تطبيق الراوي هالة سليمان إن "شركة "الراوي ميديا" تأسست في ديسمبر 2016، ومنذ تدشين تطبيق الراوي في نوفمبر 2017 وحتى اليوم، استطاعت الشركة أن تحول أكثر من 551 كتاباً ورقياً إلى كتب صوتية وكان التركيز على تحويل الكتب الورقية من المؤلفات المحلية والخليجية والعربية، إضافة إلى الكتب الأجنبية المترجمة إلى العربية، مشيرة إلى أن عملية تحويل كتاب ورقي إلى كتاب صوتي عملية دقيقة تخضع لكثير من الإجراءات الإدارية والقانونية والفنية، كما أنها تحتاج إلى تمويل دائم ومستمر.

وأشارت إلى إن تطبيق الراوي منصة إعلام اجتماعي وسوق عمل رقمي لقطاع النشر يشترك فيه عدة مساهمين، حيث وصل عدد الرواة المسجلين في التطبيق حوالي 400 راو من الخليج والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبلغ عدد الناشرين والمؤلفين 250 ناشراً ومؤلفاً، فيما وصل عدد الاستوديوهات المتعاونة إلى حوالي 10 استوديوهات.

وأوضحت أن عملية تحويل كتاب ورقي إلى كتاب صوتي تبدأ بعقد اتفاقية مع صاحب الملكية الفكرية سواء كان الكاتب أم الناشر، ويلي ذلك اختيار الراوي المناسب لمادة الكتاب الذي تتبعه عملية تسجيل الكتاب في الاستوديو تحت إشراف فنيين للتأكد من دقة التسجيل الصوتي مع وجود أحد اللغويين لمتابعة صحة عملية القراءة التي قد تستغرق ساعات طويلة وفي بعض الأحيان تمتد فترة تسجيل بعض الكتب إلى أيام وأسابيع، حسب حجم وعدد صفحات ونوعية الكتاب وطريقة سرده أو روايته.