أكد الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة "المرضى يعرفون أفضل" د.محمد العبيدلي، والذي ترعرع في لبنان خلال سنين الحرب الأهلية، أن هناك تحديات يواجهها اللاجئون في بيروت، مبدياً في الوقت نفسه تفهمه للفظائع التي واجهتهم قبل وصولهم.

وفي هذا الصدد، يقول: "كانت عائلتي غادرت بيروت على متن أحد القوارب بينما كانت المدينة تتعرض للقصف. ووصلنا في سلام إلى قبرص، ثم بعدها إلى المملكة المتحدة. وكانت أمي تحمل سجلاتي الطبية، وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة لي كمريض يعاني من مرض نادر. إنني أتفهم بعضاً من الفظائع التي واجهها هؤلاء اللاجئون قبل مجيئهم إلى اليونان".

وتابع: "هذا هو السبب في أنه من الأهمية بمكان بالنسبة لي أن تساهم الشركة في جهود مؤسسة Kitrinos Healthcare.. إنها مؤسسة رائعة وتقدم خدمة لمرضاها في مثل هذه الظروف الصعبة. إنه لشرف حقيقي أن ندعمهم ونعمل معهم".

وعندما تم التواصل مع شركة السجلات الطبية التي يقع مقرها المملكة المتحدة، وهي شركة Patients Know Best أو "المرضى يعرفون أفضل"، من قِبل إحدى الجمعيات الخيرية العاملة في مجال الرعاية الصحية للمساعدة في إعداد نظام إلكتروني للسجلات الصحية للاجئين النازحين في اليونان، كان من الواضح على الفور ما يعنيه هذا لجميع المعنيين.

وقال: "عندما يكون كل ما لديك هو فرصة البقاء على قيد الحياة، فما الذي يمكن أن يكون أكثر أهمية؟ فبالنسبة للاجئين العالقين في الحرب الدائرة في ليبيا وأفغانستان وسوريا، أجبر هؤلاء على الفرار من ديارهم دون أن يحملوا معهم أي شيء سوى ذكريات أمس أفضل"

وأضاف: "بالنسبة لمعظمهم، كانت الملابس التي يحملونها على ظهورهم هي كل ما يملكونه في الحياة عندما وصلوا إلى مخيم موريا.. وفي لسبوس باليونان، يُعد هذا المخيم أكبر مخيّم للاجئين في أوروبا، حيث تم إعداده ليستوعب 3000 لاجئ ولكنه يضم حاليًا نحو 18000 نسمة".

يذكر أن مخيم موريا يكاد ينفجر رغم أنه يعد "ملاذاً آمناً"، فعندما يكون الغذاء والمأوى سلعاً ثمينة، فإن الحصول على الرعاية الصحية يصبح وقتها أمنية بعيدة المنال.

ومع ذلك، فهناك بعض الأمل، فمؤسسة Kitrinos Healthcar هي مؤسسة خيرية تأسست تحت توجيه د. سيانا شافي، وهي طبيبة ممارسة عامة بدأت العمل كمتطوعة في مخيمات اللاجئين اليونانية في أكتوبر 2015.

وتقدم هذه المجموعة من المتطوعين الدوليين سواء من داخل الحقل الطبي أو خارجه الرعاية الصحية في عيادة مؤقتة متواضعة الإمكانيات في مخيم موريا الذي علِق فيه آلاف الأشخاص حالياً.

وبفضل كرم الأفراد والمتطوعين، تمكنوا من الحصول على بعض المعدات والأجهزة التي تستدعيها الحاجة الشديدة في المخيم، بما في ذلك مجموعة معدات إنعاش في حالات الطوارئ، وجهاز لتخطيط القلب وجهاز محمول للموجات فوق الصوتية.

وقال: "من الواضح أن أفراد الطاقم الطبي، كرّسوا أنفسهم لرعاية مرضاهم وراحتهم. إلا أنهم في ظل عدم القدرة على الاطلاع على سجلات المرضى الصحية، فإنهم يلجئون للاعتماد على الروايات الشخصية للمرضى عن تاريخهم الطبي".

ويبدو هنا أن المرضى "يعرفون أفضل" حقاً. ومن حالفهم الحظ بامتلاك سجلات طبية ورقية، كانوا يحرصون على الحفاظ عليها بحياتهم، إدراكاً منهم بأهميتها من أجل الحصول على المساعدة الطبية التي يحتاجونها.

وفي ظل عدم توافر أكثر من نظام يقتصر على الأساسيات فقط أنشأه الفريق بنفسه، كان فريق Kitrinos Healthcare مدرك تماماً لعيوب ومخاطر ذلك، خاصة فيما يتعلق بإدارة النظام وحماية بيانات المرضى، والتي يتعين حمايتها في ظل طبيعة الظروف التي يعيشها اللاجئون.

وتقول د.سيانا: "كنا نبحث عن دعم لإنشاء نظام إلكتروني للسجلات الصحية في هذه الأوضاع الإنسانية، وهذا عندما وجدت شركة "المرضى يعرفون أفضل PKB".

وأردفت: "كنت يومياً أرى أوجه القصور والمخاطر الناجمة عن عدم توافر بيانات المرضى أو عن عدم التعامل معها بشكل غير صحيح.. نحن نعمل انطلاقاً من مخيم لتوفير الرعاية الصحية ونجمع طوال الوقت بيانات مهمة (والتي تُترك أحيانًا على قصاصات من الورق) ونعاني للعثور على طريقة فعالة في مشاركة هذه البيانات".

وهناك أيضاً حواجز وتحديات لغوية نتيجة لتفاوت المصطلحات - وكلاهما أمر يمكن توقعه بشكل معقول مع اللاجئين الذين ينتمون لأكثر من 12 جنسية وفريق من المتطوعين من جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، ومع وجود منصة معترف بها دولياً بسبب معاييرها في الإدارة ومتاحة بـ20 لغة مختلفة، فإن بعض المشكلات كان من السهل نسبيًا التغلب عليها.

وتابعت سيانا: "تأثرت للغاية وأبهرني الكرم والسخاء الذي أظهرته شركة "المرضى يعرفون أفضل"، فقد عرضوا التبرع بمنصة مصممة خصيصاً لهذا الأمر وأنشؤوا سريعاً موقعنا الإلكتروني التجريبي. وفي فترة وجيزة للغاية، كنا مستعدين للبث المباشر!".

وبالنسبة للاجئين النازحين الذين لا يتعين عليهم فقط بناء حياتهم مرة أخرى ولكن أيضاً بناء سجلاتهم الصحية أيضًا، "تُعتبر منصّة PKB هي أعظم هدية يمكنك منحها لهؤلاء الناس"، وفق ما أفادت به الدكتورة سيانا.

وأضافت: "نضطلع بدور رائد لجعل السجلات الصحية في حوزة المرضى ومملوكة لهم في الأوضاع الإنسانية. هذا الأمر سيجعل الحياة أسهل للجميع، حيث ستكون البيانات دقيقة وتستخدم بشكل تفاعلي أكثر".

وزادت بالقول: "لن نضطر إلى التعامل مع المعلومات مرتين أو كتابة ملاحظات ورقية نضطر بعدها لإدخالها يدوياً مرة أخرى على نظام الكمبيوتر الخاص بنا. وفوق كل شيء سيكون لدى هؤلاء اللاجئين سجل آمن ومُنظم لاصطحابه معهم إلى وجهتهم التالية لتسهيل حصولهم على رعاية أكثر أمانًا وأكثر تواؤما مع الحالة الطبية الخاصة بكل منهم".

وسيتمكن اللاجئون في مخيم موريا قريباً من الوصول والاطلاع الآمن على سجلاتهم الصحية الشخصية التي تم إنشاؤها حديثاً لدى "المرضى يعرفون أفضل". وستتضمن هذه السجلات التفاصيل الخاصة بالحالات الصحية ونتائج الفحوصات والأدوية والمعلومات المتعلقة بتخطيط الرعاية الصحية المستقبلية والعلاجات وبما يوفر رعاية توائم هؤلاء المرضى مرة أخرى.

وتقع هذه المبادرة في قلب القيم التي تتبناها "المرضى يعرفون أفضل" وفي قلب رسالتها كمؤسسة اجتماعية وكمؤسسة من الفئة (ب).

ومن خلال جميع أعمالنا، نسعى جاهدين لضمان تمتع كل فرد، وبغض النظر عن ظروفه الشخصية، بالقدرة على الاطلاع على سجلاته الصحية الشخصية، والتحكم فيمن يمكنه الاطلاع على هذه السجلات واستخدامها لإدارة حالته الصحية ورعايته بشكل أفضل، بغض النظر عن مكان وجوده.