سماهر سيف اليزل
لا يختلف اثنان على أن جائحة كورونا تعتبر من النوازل التي تغير فيها النظر إلى كثير من أبواب الفقه الإسلامي.
ومن ذلك صلاة العيد وعن كيفية صلاة العيد في ظل الإجراءات المتخذة للحد من انتشار فيروس كورونا يقول عضو الهيئة الإدارية بمعهد جامع عيسى للدراسات الإسلامية موسى الطارق المسألة تحتاج إلى تأصيل شرعي في البداية، ثم النظر في الحكم والحالة التي عليها الناس اليوم.
أولاً: ماحكم صلاة العيد:
ورد في الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي بأن صلاة العيد « يتردد حكمها بين آراء ثلاثة: كونها فرض كفاية، أو واجباً، أو سنة.
الرأي الأول: أن حكم صلاة العيد فرض كفاية، فقال الحنابلة في ظاهر المذهب: صلاة العيد فرض كفاية، إذا قام بها من يكفي سقطت عن الباقين، أي كصلاة الجنازة، لقوله تعالى: (فصل لربك وانحر) وكان النبي صلى الله عليه وسلم، والخلفاء بعده يداومون عليها، ولأنها من أعلام الدين الظاهرة، فكانت واجبة كالجهاد، ولم تجب عيناً على كل مسلم، لحديث الأعرابي فعن طلحة بن عبيد الله : أن أعرابياً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثائر الرأس ، فقال : يا رسول الله ، أخبرني ماذا فرض الله علي من الصلاة ؟ فقال : (الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئا): الحديث يقتضي نفي وجوب صلاة، سوى الصلوات الخمس، وإنما وجب العيد بفعل النبي صلّى الله عليه وسلم، ومن صلى معه.
فإن تركها أهل بلد يبلغون أربعين بلا عذر، قاتلهم الإمام كترك الأذان؛ لأنها من شعائر الإسلام الظاهرة، وفي تركها تهاون بالدين.
الرأي الثاني: أن حكم صلاة العيد واجبة، قال الحنفية في الأصح: تجب صلاة العيدين على من تجب عليه الجمعة بشرائطها المتقدمة سوى الخطبة، فإنها سنة بعدها، ودليلهم على الوجوب: مواظبة النبي صلّى الله عليه وسلم عليها.
الرأي الثالث: أن حكم صلاة العيد سنة مؤكدة،وقال المالكية والشافعية هي سنة مؤكدة، لمن تجب عليه الجمعة، ولا تندب عند المالكية لصبي وامرأة وعبد ومسافر لم ينو إقامة تقطع حكم السفر،وتشرع عند الشافعية للمنفرد كالجماعة، فلا تتوقف على شروط الجمعة من اعتبار الجماعة والعدد وغيرهما، ودليلهم على سنيتها: قوله صلّى الله عليه وسلم للأعرابي السائل عن الصلاة: «خمس صلوات كتبهن الله تعالى على عباده، قال له: هل علي غيرها؟ قال: لا، إلا أن تطَّوع» وكونها مؤكدة: لمواظبته صلّى الله عليه وسلم عليها.
وإذا ما فاتته صلاة العيد كيف يقضيها يبين الطارقي للفقهاء رأيان الأول:أنها لا تقضى، وهو رأي الحنفية والمالكية (من فاتته صلاة العيد مع الإمام، لم يقضها؛ لفوات وقتها، والنوافل لا تقضى، ولا تجوز للمنفرد وإنما تصلى جماعة).
أما الرأي الثاني فإنها تقضى، وهو رأي الشافعية والحنابلة، فإن من فاتته صلاة العيد مع الإمام، سنَّ له قضاؤها على صفتها، لفعل أنس بن مالك رضي الله عنه فقد روى البيهقي بإسناده عن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كان أنس إذا فاتته صلاة العيد مع الإمام، جمع أهله فصلى بهم مثل صلاة الإمام في العيد»ولأنه قضاء صلاة، فكان على صفتها كسائر الصلوات.
ويضيف في ظل تفشي فيروس كورونا اليوم وفي ظل تعليق صلاة الجماعة، يبقى هل تصلى صلاة العيد في المنازل كما تصلى الصلوات الخمس؟ أم لا؟
الجواب: من يرى أنها تعتبر من الصلوات التي تجب لها جماعة فلا يجيز إقامتها في المنازل لتعذر اجتماع الجماعة الكافية.
ومن يرى من الفقهاء جواز قضاء صلاة العيد فإنه يجيز للناس أداء صلاة العيد في المنازل كمن فاتته الصلاة كما كان يفعل أنس بن مالك رضي الله عنه. وهذا ما أفتى به فضيلة الشيخ: عبد الرحمن بن ناصر البراك حين سئل عن إقامة صلاة العيد في الأوضاع الراهنة في المنازل فكان مما قاله: إنَّ صلاةَ العيد إذا تعذَّرت إقامتُها لمانعٍ، كما في هذه الأيام، فحكمُها هو حكمُ مَن فاتته صلاةَ العيد، ويُصلِّيها على صفتها، وهو الصَّحيح، أي: يُصلِّيها ركعتين، ويُكبِّر التَّكبيرات الزَّوائد، ويجهرُ فيها بالقراءة ولا يخطب، كما هو الشَّأن في كلِّ عبادة مقضيَّة، أنَّها تؤدَّى على صفتها، وتُصلَّى فرادى وجماعة، ويدلُّ لذلك فعلُ أنسٍ بن مالك رضي الله عنه أنَّه إذا فاتته صلاةُ العيد جمعَ أهله وبنيه، ثم قامَ عبدُ الله بن أبي عتبة مولاه فصلَّى بهم ركعتين، يكبرُ فيهما، كصلاة أهل المصر وتكبيرهم
وأمَّا القول بأنَّ صلاة العيد لا تُقضى، فإنَّه لا يرد هنا؛ فإنَّ صلاة العيد في حالنا الآن لم تصلَّ أصلًا، فلم يحصل أداء الفرض، لكن تُقاس صلاة العيد في هذه الحال على حال مَن فاتته، كما تقدَّم، والله أعلم.
لا يختلف اثنان على أن جائحة كورونا تعتبر من النوازل التي تغير فيها النظر إلى كثير من أبواب الفقه الإسلامي.
ومن ذلك صلاة العيد وعن كيفية صلاة العيد في ظل الإجراءات المتخذة للحد من انتشار فيروس كورونا يقول عضو الهيئة الإدارية بمعهد جامع عيسى للدراسات الإسلامية موسى الطارق المسألة تحتاج إلى تأصيل شرعي في البداية، ثم النظر في الحكم والحالة التي عليها الناس اليوم.
أولاً: ماحكم صلاة العيد:
ورد في الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي بأن صلاة العيد « يتردد حكمها بين آراء ثلاثة: كونها فرض كفاية، أو واجباً، أو سنة.
الرأي الأول: أن حكم صلاة العيد فرض كفاية، فقال الحنابلة في ظاهر المذهب: صلاة العيد فرض كفاية، إذا قام بها من يكفي سقطت عن الباقين، أي كصلاة الجنازة، لقوله تعالى: (فصل لربك وانحر) وكان النبي صلى الله عليه وسلم، والخلفاء بعده يداومون عليها، ولأنها من أعلام الدين الظاهرة، فكانت واجبة كالجهاد، ولم تجب عيناً على كل مسلم، لحديث الأعرابي فعن طلحة بن عبيد الله : أن أعرابياً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثائر الرأس ، فقال : يا رسول الله ، أخبرني ماذا فرض الله علي من الصلاة ؟ فقال : (الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئا): الحديث يقتضي نفي وجوب صلاة، سوى الصلوات الخمس، وإنما وجب العيد بفعل النبي صلّى الله عليه وسلم، ومن صلى معه.
فإن تركها أهل بلد يبلغون أربعين بلا عذر، قاتلهم الإمام كترك الأذان؛ لأنها من شعائر الإسلام الظاهرة، وفي تركها تهاون بالدين.
الرأي الثاني: أن حكم صلاة العيد واجبة، قال الحنفية في الأصح: تجب صلاة العيدين على من تجب عليه الجمعة بشرائطها المتقدمة سوى الخطبة، فإنها سنة بعدها، ودليلهم على الوجوب: مواظبة النبي صلّى الله عليه وسلم عليها.
الرأي الثالث: أن حكم صلاة العيد سنة مؤكدة،وقال المالكية والشافعية هي سنة مؤكدة، لمن تجب عليه الجمعة، ولا تندب عند المالكية لصبي وامرأة وعبد ومسافر لم ينو إقامة تقطع حكم السفر،وتشرع عند الشافعية للمنفرد كالجماعة، فلا تتوقف على شروط الجمعة من اعتبار الجماعة والعدد وغيرهما، ودليلهم على سنيتها: قوله صلّى الله عليه وسلم للأعرابي السائل عن الصلاة: «خمس صلوات كتبهن الله تعالى على عباده، قال له: هل علي غيرها؟ قال: لا، إلا أن تطَّوع» وكونها مؤكدة: لمواظبته صلّى الله عليه وسلم عليها.
وإذا ما فاتته صلاة العيد كيف يقضيها يبين الطارقي للفقهاء رأيان الأول:أنها لا تقضى، وهو رأي الحنفية والمالكية (من فاتته صلاة العيد مع الإمام، لم يقضها؛ لفوات وقتها، والنوافل لا تقضى، ولا تجوز للمنفرد وإنما تصلى جماعة).
أما الرأي الثاني فإنها تقضى، وهو رأي الشافعية والحنابلة، فإن من فاتته صلاة العيد مع الإمام، سنَّ له قضاؤها على صفتها، لفعل أنس بن مالك رضي الله عنه فقد روى البيهقي بإسناده عن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كان أنس إذا فاتته صلاة العيد مع الإمام، جمع أهله فصلى بهم مثل صلاة الإمام في العيد»ولأنه قضاء صلاة، فكان على صفتها كسائر الصلوات.
ويضيف في ظل تفشي فيروس كورونا اليوم وفي ظل تعليق صلاة الجماعة، يبقى هل تصلى صلاة العيد في المنازل كما تصلى الصلوات الخمس؟ أم لا؟
الجواب: من يرى أنها تعتبر من الصلوات التي تجب لها جماعة فلا يجيز إقامتها في المنازل لتعذر اجتماع الجماعة الكافية.
ومن يرى من الفقهاء جواز قضاء صلاة العيد فإنه يجيز للناس أداء صلاة العيد في المنازل كمن فاتته الصلاة كما كان يفعل أنس بن مالك رضي الله عنه. وهذا ما أفتى به فضيلة الشيخ: عبد الرحمن بن ناصر البراك حين سئل عن إقامة صلاة العيد في الأوضاع الراهنة في المنازل فكان مما قاله: إنَّ صلاةَ العيد إذا تعذَّرت إقامتُها لمانعٍ، كما في هذه الأيام، فحكمُها هو حكمُ مَن فاتته صلاةَ العيد، ويُصلِّيها على صفتها، وهو الصَّحيح، أي: يُصلِّيها ركعتين، ويُكبِّر التَّكبيرات الزَّوائد، ويجهرُ فيها بالقراءة ولا يخطب، كما هو الشَّأن في كلِّ عبادة مقضيَّة، أنَّها تؤدَّى على صفتها، وتُصلَّى فرادى وجماعة، ويدلُّ لذلك فعلُ أنسٍ بن مالك رضي الله عنه أنَّه إذا فاتته صلاةُ العيد جمعَ أهله وبنيه، ثم قامَ عبدُ الله بن أبي عتبة مولاه فصلَّى بهم ركعتين، يكبرُ فيهما، كصلاة أهل المصر وتكبيرهم
وأمَّا القول بأنَّ صلاة العيد لا تُقضى، فإنَّه لا يرد هنا؛ فإنَّ صلاة العيد في حالنا الآن لم تصلَّ أصلًا، فلم يحصل أداء الفرض، لكن تُقاس صلاة العيد في هذه الحال على حال مَن فاتته، كما تقدَّم، والله أعلم.