أطلقت وزارة الخارجية ورشة عمل بعنوان: (الدبلوماسية الحقوقية في تعزيز وتطوير حقوق الإنسان)، الثلاثاء، عبر البث الالكتروني المرئي، تحت رعاية كريمة من سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، نائب رئيس مجلس الوزراء، والذي كلف الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني، وزير الخارجية، بافتتاح الورشة نيابة عن سموه، والتي استمرت لمدة 5 ساعات، واشتملت على 5 جلسات، وبمشاركة اللورد طارق أحمد، وزير شؤون حقوق الإنسان بوزارة الخارجية والكومنولث والتنمية بالمملكة المتحدة، وعبدالله بن فيصل بن جبر الدوسري، مساعد وزير الخارجية، وستيفن جيلن، نائب مساعد وزير الخارجية المسؤول عن شؤون الشرق الأدنى وشؤون العمل الدولية والأمن وحقوق الإنسان في مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل بوزارة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، وستيفانو بيتيناتو، المنسق المقيم للأمم المتحدة لدى مملكة البحرين، ورويدا الحاج، الممثلة الإقليمية لمكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وعدد من أعضاء مجلسي الشورى والنواب، وعدد من رؤساء السفارات والبعثات الدبلوماسية المعتمدة لدى مملكة البحرين، والخبراء والمستشارين، ورجال الصحافة والاعلام، حيث بلغ عدد الحضور263 شخصًا، وتمت مناقشة 19 ورقة عمل، وبلغ عدد التوصيات 38 توصية.
وفي الجلسة الافتتاحية للورشة، ألقى الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني، وزير الخارجية، كلمة أعرب فيها عن بالغ الشكر والامتنان الى سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، نائب رئيس مجلس الوزراء، على تفضله برعاية هذه الورشة المهمة، وتكليفه بافتتاحها نيابة عن سموه، معبرًا عن بالغ تقديره لما تلقاه وزارة الخارجية من سموه من دعم ورعاية واهتمام، وما ذلك بغريب على سموه فهو عميد ومؤسس الدبلوماسية البحرينية التي قادها بحكمة معهودة وعزيمة وإرادة قوية على مدى أربعة وثلاثين عامًا حافلة بالنجاح والتقدم والرقي لتعزيز مكانة هذا الوطن الغالي في المجتمع الدولي.
وقال وزير الخارجية إن الدور المناط بوزارة الخارجية والمسؤوليات الموكلة إليها لا تقتصر فقط على حماية سيادة واستقلال ومصالح المملكة ومكانتها الإقليمية والدولية، وتوثيق وتطوير علاقات التعاون مع مختلف دول العالم، وبذل الجهود لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة، وإنما يتعداها إلى ما هو أشمل من ذلك، وهو تعزيز ركائز استراتيجية المملكة في تحقيق دولة العدالة والمساواة والقانون، ونشر ثقافة التسامح والتعايش وقبول الآخر وترسيخ قيم السلام والمحبة والتآخي بين الأمم، وهي قيم ترسخت عبر السنين في هذا المجتمع العريق الذي تميز بالطيبة والأصالة والتآلف والتآخي، مشيرًا سعادته إلى أن مسؤولية الدبلوماسية البحرينية هي نشر هذه القيم وإبرازها للآخرين وتصحيح نظرتهم وتصويب مفاهيمهم الخاطئة، وتسخير جهودها في العمل مع الجهات المعنية وذات العلاقة والشركاء المحليين والدوليين، لضمان الممارسة العملية السليمة وتطبيق التشريعات القانونية اللازمة للتقيد بقيم المجتمع البحريني، وممارستها في الإطار الحقوقي المتعارف عليه دوليًا.
وأوضح وزير الخارجية أن الدبلوماسية الحقوقية بمفهومها الشامل ينبغي أن تستند إلى ثلاث ركائز أساسية، محلية وإقليمية ودولية، فعلى الصعيد المحلي ينبغي أن تتكاتف مساعي كافة الجهات المعنية للعمل على حماية واحترام حقوق جميع المواطنين والمقيمين على أرض الوطن، والدفاع عن مصالحهم ومكتسباتهم، أما على الصعيد الإقليمي، فينبغي مواصلة الجهود لتعزيز التعاون المشترك والعمل مع الدول والمنظمات الإقليمية وصولًا إلى احترام حقوق كافة شعوب المنطقة، أما على الصعيد الدولي، فإن من الواجب أن تسخر الجهود لتفعيل عمل المنظمات الحقوقية الدولية وجهودها الدبلوماسية لجعل العالم أفضل لجميع البشر بشتى أعراقهم ودياناتهم ومعتقداتهم.
وقال إن مملكة البحرين تمكنت من تنفيذ العديد من المبادرات الرائدة والمشروعات المتميزة في مجال حماية حقوق الإنسان، بفضل النهج الإصلاحي الشامل لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، والجهود الدؤوبة المتواصلة للحكومة الموقرة، برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، رئيس مجلس الوزراء، وبدعم ومساندة من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس الوزراء، حفظهما الله، الأمر الذي وفر بيئة مطمئنة حافظة لحقوق الإنسان وفي مقدمتها حق العيش بسلام، ومكن جميع المواطنين والمقيمين كذلك من الانخراط بفاعلية وإيجابية في المسيرة التنموية الشاملة للمملكة، وفق مبادئ العدل والمساواة دون تفرقة أو تمييز في العرق أو الجنس أو الطائفة.
وقد أشار وزير الخارجية إلى أن وزارة الخارجية وانطلاقًا من مسؤوليتها السياسية، حريصة جدًا على أن تنطلق دبلوماسيتها الحقوقية من استلهام رؤى وتوجيهات جلالة الملك المفدى، لترسيخ دور دولة المؤسسات والقانون وفق ثوابت وطنية قانونية رئيسية تجسدت في ميثاق العمل الوطني ودستور المملكة وكافة القوانين المرعية، والعمل على تعزيز مبادئ وقيم حقوق الإنسان في المجتمع، والسعي لممارسة مسؤولياتها وواجباتها في دعم التنمية المستدامة وتحقيق الأمن والسلم لمملكة البحرين ومواطنيها الكرام وكافة المقيمين فيها، وللمنطقة وشعوبها جميعًا، لأن استقرار وازدهار بلادنا هو جزء من استقرار وأمن وازدهار المنطقة عمومًا.
وأكد اللورد طارق أحمد، وزير شؤون حقوق الإنسان بوزارة الخارجية والكومنولث والتنمية بالمملكة المتحدة، على أهمية تعزيز حقوق الإنسان والتركيز على الدبلوماسية الحقوقية، منوهًا بأن المملكة المتحدة تعمل على دعم حقوق الإنسان والدفاع عنها وتحقيق العدالة والاهتمام بكرامة الإنسان في جميع أنحاء العالم، بالإضافة إلى تعزيز حرية الأديان وحرية التعبير والاهتمام بالمواساة بين الجنسين، وتعزيز التعليم ومحاربة الفقر والجهل، وبذل الجهود لحماية حرية الصحافة، معربًا عن تطلعه إلى تعزيز علاقات التعاون مع مملكة البحرين في شتى المجالات.
وأشاد اللورد طارق أحمد بجهود مملكة البحرين في تعزيز مجال حقوق الإنسان باعتبارها نموذجًا للتعايش، وما حققته من نجاح وإصلاح في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص، حيث تعد مملكة البحرين هي الدولة الوحيدة في المنطقة العربية التي حققت كرسي خاص في الأمم المتحدة في هذا الشأن، مؤكدًا حرص المملكة المتحدة على التنسيق من أجل الالتزام في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، معربًا عن شكره وتقديره لوزارة الخارجية على إعدادها هذه الورشة من أجل وضع خطة وطنية لحقوق الإنسان.
وعن الخطة الوطنية لحقوق الإنسان والمعايير الدولية، قدم عبدالله بن فيصل بن جبر الدوسري، مساعد وزير الخارجية، خلال الجلسة الأولى، عرضًا استهل فيه باقتباس من كلمة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المفدى، أن "السياسة الخارجية البحرينية قد أرست لنفسها "نموذجاً خاصاً" باستنادها لمبادئ وقيم تنبع من مخزون ثقافتنا الإنسانية، وبثرائها المرتبط بالشخصية البحرينية المعروفة بتواصلها المتحضر مع العالم بثقافاته وحضاراته المتنوعة، فسجلت بذلك نجاحاً دبلوماسياً، نعتز بصيته ونفخر بإنجازاته"، منوهاً بأن احترام حقوق الإنسان وحرياته السياسية والمدنية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وصون كرامته يشكل ركيزة أساسية في ترسيخ دولة القانون والعدالة والتعايش السلمي بين جميع مكونات المجتمع البحريني في ظل النهج الإصلاحي والحضاري والتنموي لحضرة صاحب الجلالة ملك البلاد المفدى.
بعدها أشار مساعد وزير الخارجية إلى أن وزارة الخارجية تقوم بدور أساسي في تنفيذ السياسة الخارجية في مجال حقوق الإنسان وذلك بالتنسيق والتكامل مع الجهات المعنية بما في ذلك المنظمات غير الحكومية الوطنية وأصحاب المصلحة، وأنشأت اللجنة التنسيقية العليا المعنية بحقوق الإنسان وفقًا للقرار رقم (50) لسنة 2012، بعضوية مختلف الجهات الرسمية المعنية بحقوق الإنسان، وتسهم الوزارة كذلك في تنفيذ استراتيجية عمل الوزارة لتنفيذ الأولويات التي تناولها برنامج عمل الحكومة للسنوات 2019-2022 في مجال حقوق الإنسان، حيث تهدف الاستراتيجية إلى تنفيذ المبادرة الثالثة من برنامج عمل الحكومة "تعزيز النظام الديمقراطي وحقوق الإنسان" وما يرتبط بها من المبادرة الثانية من البرنامج الخاصة بـ "تعزيز العلاقات الخارجية".
وفي الختام، قدم مساعد وزير الخارجية توصيات أكد فيها على دور الدبلوماسية الحقوقية في تعزيز وتطوير حقوق الإنسان على كافة المستويات الوطنية والدولية، وأن الدبلوماسية الحقوقية تلعب دوراً هاماً ومحورياً في تبادل الخبرات وبناء القدرات ونقل المعلومات بشأن كافة جوانب ومنطلقات حقوق الإنسان، وأهمية التعاون الدولي والدبلوماسية الحقوقية الى جانب الدبلوماسية السياسية والعلاقات الدولية في تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية والسلام الدولي، كما أكد على حرص مملكة البحرين على اعداد الخطة الوطنية لحقوق الإنسان بالتعاون والتنسيق مع كافة الشركاء وأصحاب المصلحة، ,أن نجاح خطة العمل الوطنية يعتمد إلى حد كبير على الوعي العام والدعم المتواصل، وأهمية التخطيط الشفاف والمشاركة الشاملة، إلى جانب أهمية وضوح الخطة والاهداف الرئيسية والفرعية والبرامج والأنشطة المتعلقة بها، وتحديد الأولويات الواقعية والتخطيط العملي، ووضع مؤشرات قياس الأداء، ووضع معايير وآليات للرصد والتقييم.
وأعرب ستيفن جيلن، نائب مساعد وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية المسؤول عن شؤون الشرق الأدنى وشؤون العمل الدولية والأمن وحقوق الإنسان في مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل، عن شكره وتقديره لمملكة البحرين على توقيع إعلان تأييد السلام مع دولة إسرائيل، مشيدًا بجهود مملكة البحرين في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص وما تقدمه من التزام واهتمام لتعزيز وتطوير مجال حقوق الإنسان، مثمنًا جهود مملكة البحرين ووزارة الخارجية في عقد المشاورات لإعداد الخطة الوطنية لحقوق الإنسان بهدف تعزيز وحماية حقوق الإنسان، منوهًا بأن مملكة البحرين تعد مثالاً جيدًا في مجال تعزيز وتطوير حقوق الإنسان بسبب التزامها بالتسامح والتعددية.
وأشار إلى أن وزارة خارجية الولايات المتحدة الامريكية تهتم بتعزيز وتطوير حقوق الانسان في كل الدول، منوهًا بأنه منذ عام 1977 والولايات المتحدة الأمريكية تصدر تقارير سنوية حول حقوق الإنسان، وإن هذه التقارير تعد مصدرًا هامًا للمعرفة لكل دولة من أجل اتخاذ القرارات في مجال حقوق الانسان، مضيفًا بأنه يتم أيضًا إصدار تقرير خاص بحقوق الانسان يتم نشره لتحليل المعلومات والبيانات ذات الصلة بحقوق الإنسان كل عام في كافة دول العالم والذي تعتبره الولايات المتحدة الأمريكية جزء من الحوار مع هذه الدول لتعزيز وحماية حقوق الإنسان والقضاء على انتهاكات هذه الحقوق. وقال سعادته إن هذا الحوار، والذي يشارك فيه ممثلون من المجتمع المدني وخبراء من الحكومة ومجموعات حقوق الإنسان، قد يكون صعباً أحيانًا، ولكنه ضروري في عملية التقييم العادل للمجالات التي يجب العمل فيها وللسماح للتقارير بمعالجة القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان.
وأعرب ستيفانو بيتيناتو، المنسق المقيم للأمم المتحدة لدى مملكة البحرين، عن اعتزازه الكبير بمشاركته في هذه الورشة الهامة والثرية، متوجهًا بالشكر الجزيل لوزارة الخارجية على تنظيمها لهذه الورش من أجل إعداد خطة العمل الوطنية لحقوق الإنسان، وهذا مايدل على أهمية موضوع حقوق الإنسان والتزام مملكة البحرين بهذه الحقوق. وركز سعادته على الدور التأسيسي للشراكة الفعالة في مجال حقوق الإنسان بين مملكة البحرين والأمم المتحدة، حيث أن هذه الشراكة منذ ٤٩ عامًا، موضحًا سعادته الآلية التي تستخدمها الأمم المتحدة من أجل العمل المشترك بين الدول وربط المبادئ مع الأعمال على أرض الواقع بين القوانين والسياسات المحلية والعالمية والجمع بين الكلمة والعمل وحماية وتعزيز حقوق الإنسان، مبينًا أن لدى الأمم المتحدة ما يسمى بالمراجعات الدورية لحقوق الإنسان ومشروع قانون حقوق الإنسان، وإعلان حقوق الإنسان، ويأتي هذا كله من أجل تعزيز وتطوير حقوق الإنسان، مشيرًا إلى أن المجتمع لديه اليوم تحديات كثيرة في مجال حقوق الإنسان، فإن زيادة الوعي مهم وضروري جدًا في هذا المجال.
وأكد ستيفانو بيتيناتو دعم منظمة الأمم المتحدة للخطة الوطنية لحقوق الإنسان في مملكة البحرين، مشيدًا بالتزام المملكة بحقوق الإنسان وحمايتها، والذي يعكسه تقديم مملكة البحرين لثلاثة تقارير وطنية في إطار الاستعراض الدوري الشامل أمام مجلس حقوق الإنسان، مشيرًا إلى أهمية العمل سويًا بين الدول والمنظمات من أجل الربط بين القوانين والسياسات المحلية والدولية للوصول إلى عالم أكثر حماية لحقوق الإنسان.
كما أعربت رويدا الحاج، الممثلة الإقليمية لمكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عن عميق شكرها لمنظمي هذه الورشة الهامة حول دبلوماسية حقوق الإنسان في تعزيز وتنمية حقوق الإنسان، وعن تهنئتها لحكومة مملكة البحرين على الشروع في هذه العملية الهامة، ووضع خطة عمل وطنية لحقوق الإنسان، مشيرة إلى ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945، الذي يطلب من جميع الدول الأعضاء الاعتراف بحقوق الإنسان واتخاذ إجراءات لصالحها، حيث تنص المادة 55 من الميثاق على ما يلي: "من أجل خلق ظروف الاستقرار والرفاهية الضرورية للعلاقات السلمية والودية بين الأمم على أساس احترام مبدأ المساواة في الحقوق وتقرير المصير للشعوب ، يتعين على الأمم أن تعزز الاحترام والمراعاة العالميين لحقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين."
وأكدت رويدا الحاج أن دور الدبلوماسية في النهوض بحقوق الإنسان أمر مهم ومتعدد الجوانب، حيث تقوم وزارات الخارجية والسلك الدبلوماسي بدور حاسم في تسهيل التنسيق والتعاون بين المبادرات الدبلوماسية لآليات حقوق الإنسان الثنائية والإقليمية والمتعددة الأطراف، مشيرة إلى التحديات الكبيرة في هذا المجال، وضرورة تعزيز الجهود والتعاون لتعزيز حقوق الإنسان، مؤكدة أن الدبلوماسية عنصر فعال لنهج أكثر شمولية لحماية حقوق الإنسان، متمنية كل التوفيق للمملكة في وضع خطة عملها الوطنية لحقوق الإنسان.
وعبر الشيخ عبدالله بن راشد آل خليفة، سفير مملكة البحرين لدى الولايات المتحدة الأمريكية، عن اعتزازه بالمشاركة في سلسلة الورش التي تقيمها وزارة الخارجية الموقرة من أجل إعداد خطة وطنية استراتيجية لحقوق الإنسان لمملكة البحرين، بهدف تعزيز مكانة المملكة بين الدول بمجال حقوق الإنسان وإبراز دورها الرائد في هذا المجال، تماشيًا مع رؤية وتوجيهات حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، الذي جعل صون كرامة المواطن أحد ركائز النهج الإصلاحي لجلالته، مؤكدًا إن حقوق الإنسان وحرياته الأساسية المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فكرة عالمية تحرص جميع الحكومات في دول العالم على الالتزام بها وتطبيقها، وتلعب دورًا هامًا في تحديد ملامح سياستها الخارجية مع الدول الأخرى، موضحًا أن الولايات المتحدة الأمريكية أحد أبرز الدول التي أدمجت حقوق الإنسان في سياستها الخارجية من خلال ما يمكن وصفه بالدبلوماسية الحقوقية.
كما استعرض الشيخ عبدالله بن راشد آل خليفة الأسباب التي جعلت الولايات المتحدة الأمريكية تولي اهتمامًا خاصًا بنشر وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان ضمن قراراتها الثنائية أو متعددة الأطراف، وانعكاسات تلك القرارات على أداء واجباتها في سفارة مملكة البحرين في واشنطن، ومنها أن الولايات المتحدة الأمريكية تعتز بمبادئها التأسيسية الواردة في دستورها وعلى رأسها العدل والمساواة وضمان ممارسة الحريات الدينية والمدنية والسياسية وغيرها، مشيرًا معاليه إلى الجهود الحثيثة التي تقوم بها سفارة مملكة البحرين في واشنطن في مجال حقوق الإنسان، فهي تولي اهتمامًا بالغًا بحقوق الإنسان منذ سنوات عديدة، وتسعى لإبراز الإنجازات والمبادرات الرائدة لمملكة البحرين في مجال حقوق الإنسان، وتسليط الضوء على قيم التسامح والتعايش والتعددية التي تتميز بها مملكة البحرين، والتفاعل الإيجابي مع كافة الأطراف الأمريكية المهتمة بموضوع حقوق الإنسان، والحرص على مواصلة العمل لنقل صورة صحيحة عن واقع حقوق الإنسان في مملكة البحرين.
وتحدث الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، وكيل وزارة الخارجية للشؤون الدولية رئيس مجلس الأمناء في مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية ودراسات الطاقة،عن أهداف التنمية المستدامة في تعزيز وتطوير حقوق الإنسان، وأشار سعادته بأن أهداف التنمية المستدامة من بعد اعتمادها في سبتمبر ٢٠١٥م، مهدت الطريق لـ١٥ عامًا من تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وذلك من بعد قيام دول العالم كافة بالسعي نحو تحقيق أهداف الألفية والتي تبين عدم شموليتها، والتي جعلت دول عديدة ومن ضمنها مملكة البحرين للمشاركة في المشاورات التي أدت إلى تبني أهداف التنمية المستدامة، مبيناً سعادته أن هذه الأهداف التي تم اعتمادها من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، مهدت الطريق لوضع خطة عالمية شاملة لتحقيق وتعزيز أهداف التنمية المستدامة، حيث أن هذه الأهداف الـ ١٧ تساهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة في تحقيق وتعزيز حقوق الإنسان.
واستعرض الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة مجموعة من الآليات الوطنية والمرئيات حول العمل على تحقيق َتنفيذ أهداف التنمية المستدامة في مملكة البحرين، من ضمنها إنشاء لجنة وطنية للمعلومات والسكان برئاسة سعادة وزير شؤون مجلس الوزراء، وتشمل هذه اللجنة في عضويتها ممثلين من كافة قطاعات ووزارات الدولة المعنية بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة، تقوم بإدماج تنفيذ أهداف التنمية المستدامة ببرنامج عمل الحكومة وغيرها من المهام، مشيرًا سعادته إلى التقرير الوطني الطوعي الأول لمملكة البحرين حول التقدم المحرز في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، والذي تم تقديمه في عام 2018 في المنتدى السياسي الرفيع المستوى للمجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة في نيويورك.
تجدر الإشارة إلى أن هذه الورشة تأتي ضمن سلسلة ورش العمل المعنية بإعداد الخطة الوطنية لحقوق الإنسان في مملكة البحرين والتي تنظمها وزارة الخارجية خلال الفترة من أغسطس حتى نوفمبر ٢٠٢٠م ، حيث انعقدت ٤ ورش سابقة حول "دور السلطة التشريعية في حماية وتعزيز حقوق الإنسان وإعداد خطة العمل الوطنية لحقوق الإنسان" ، و"دور الإعلام والصحافة وخطة العمل الوطنية لحقوق الإنسان" ، و"سيادة القانون وصون الحقوق في إدارة نظام العدالة" ، و"دور المؤسسات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني في تعزيز وتطوير حقوق الإنسان"، وتهدف هذه الورشة الحالية إلى إجراء التشاور وتبادل الأفكار والخبرات مع أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي، بما فيهم السفراء والخبراء والمستشارين.
وفي الجلسة الافتتاحية للورشة، ألقى الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني، وزير الخارجية، كلمة أعرب فيها عن بالغ الشكر والامتنان الى سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، نائب رئيس مجلس الوزراء، على تفضله برعاية هذه الورشة المهمة، وتكليفه بافتتاحها نيابة عن سموه، معبرًا عن بالغ تقديره لما تلقاه وزارة الخارجية من سموه من دعم ورعاية واهتمام، وما ذلك بغريب على سموه فهو عميد ومؤسس الدبلوماسية البحرينية التي قادها بحكمة معهودة وعزيمة وإرادة قوية على مدى أربعة وثلاثين عامًا حافلة بالنجاح والتقدم والرقي لتعزيز مكانة هذا الوطن الغالي في المجتمع الدولي.
وقال وزير الخارجية إن الدور المناط بوزارة الخارجية والمسؤوليات الموكلة إليها لا تقتصر فقط على حماية سيادة واستقلال ومصالح المملكة ومكانتها الإقليمية والدولية، وتوثيق وتطوير علاقات التعاون مع مختلف دول العالم، وبذل الجهود لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة، وإنما يتعداها إلى ما هو أشمل من ذلك، وهو تعزيز ركائز استراتيجية المملكة في تحقيق دولة العدالة والمساواة والقانون، ونشر ثقافة التسامح والتعايش وقبول الآخر وترسيخ قيم السلام والمحبة والتآخي بين الأمم، وهي قيم ترسخت عبر السنين في هذا المجتمع العريق الذي تميز بالطيبة والأصالة والتآلف والتآخي، مشيرًا سعادته إلى أن مسؤولية الدبلوماسية البحرينية هي نشر هذه القيم وإبرازها للآخرين وتصحيح نظرتهم وتصويب مفاهيمهم الخاطئة، وتسخير جهودها في العمل مع الجهات المعنية وذات العلاقة والشركاء المحليين والدوليين، لضمان الممارسة العملية السليمة وتطبيق التشريعات القانونية اللازمة للتقيد بقيم المجتمع البحريني، وممارستها في الإطار الحقوقي المتعارف عليه دوليًا.
وأوضح وزير الخارجية أن الدبلوماسية الحقوقية بمفهومها الشامل ينبغي أن تستند إلى ثلاث ركائز أساسية، محلية وإقليمية ودولية، فعلى الصعيد المحلي ينبغي أن تتكاتف مساعي كافة الجهات المعنية للعمل على حماية واحترام حقوق جميع المواطنين والمقيمين على أرض الوطن، والدفاع عن مصالحهم ومكتسباتهم، أما على الصعيد الإقليمي، فينبغي مواصلة الجهود لتعزيز التعاون المشترك والعمل مع الدول والمنظمات الإقليمية وصولًا إلى احترام حقوق كافة شعوب المنطقة، أما على الصعيد الدولي، فإن من الواجب أن تسخر الجهود لتفعيل عمل المنظمات الحقوقية الدولية وجهودها الدبلوماسية لجعل العالم أفضل لجميع البشر بشتى أعراقهم ودياناتهم ومعتقداتهم.
وقال إن مملكة البحرين تمكنت من تنفيذ العديد من المبادرات الرائدة والمشروعات المتميزة في مجال حماية حقوق الإنسان، بفضل النهج الإصلاحي الشامل لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، والجهود الدؤوبة المتواصلة للحكومة الموقرة، برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، رئيس مجلس الوزراء، وبدعم ومساندة من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس الوزراء، حفظهما الله، الأمر الذي وفر بيئة مطمئنة حافظة لحقوق الإنسان وفي مقدمتها حق العيش بسلام، ومكن جميع المواطنين والمقيمين كذلك من الانخراط بفاعلية وإيجابية في المسيرة التنموية الشاملة للمملكة، وفق مبادئ العدل والمساواة دون تفرقة أو تمييز في العرق أو الجنس أو الطائفة.
وقد أشار وزير الخارجية إلى أن وزارة الخارجية وانطلاقًا من مسؤوليتها السياسية، حريصة جدًا على أن تنطلق دبلوماسيتها الحقوقية من استلهام رؤى وتوجيهات جلالة الملك المفدى، لترسيخ دور دولة المؤسسات والقانون وفق ثوابت وطنية قانونية رئيسية تجسدت في ميثاق العمل الوطني ودستور المملكة وكافة القوانين المرعية، والعمل على تعزيز مبادئ وقيم حقوق الإنسان في المجتمع، والسعي لممارسة مسؤولياتها وواجباتها في دعم التنمية المستدامة وتحقيق الأمن والسلم لمملكة البحرين ومواطنيها الكرام وكافة المقيمين فيها، وللمنطقة وشعوبها جميعًا، لأن استقرار وازدهار بلادنا هو جزء من استقرار وأمن وازدهار المنطقة عمومًا.
وأكد اللورد طارق أحمد، وزير شؤون حقوق الإنسان بوزارة الخارجية والكومنولث والتنمية بالمملكة المتحدة، على أهمية تعزيز حقوق الإنسان والتركيز على الدبلوماسية الحقوقية، منوهًا بأن المملكة المتحدة تعمل على دعم حقوق الإنسان والدفاع عنها وتحقيق العدالة والاهتمام بكرامة الإنسان في جميع أنحاء العالم، بالإضافة إلى تعزيز حرية الأديان وحرية التعبير والاهتمام بالمواساة بين الجنسين، وتعزيز التعليم ومحاربة الفقر والجهل، وبذل الجهود لحماية حرية الصحافة، معربًا عن تطلعه إلى تعزيز علاقات التعاون مع مملكة البحرين في شتى المجالات.
وأشاد اللورد طارق أحمد بجهود مملكة البحرين في تعزيز مجال حقوق الإنسان باعتبارها نموذجًا للتعايش، وما حققته من نجاح وإصلاح في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص، حيث تعد مملكة البحرين هي الدولة الوحيدة في المنطقة العربية التي حققت كرسي خاص في الأمم المتحدة في هذا الشأن، مؤكدًا حرص المملكة المتحدة على التنسيق من أجل الالتزام في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، معربًا عن شكره وتقديره لوزارة الخارجية على إعدادها هذه الورشة من أجل وضع خطة وطنية لحقوق الإنسان.
وعن الخطة الوطنية لحقوق الإنسان والمعايير الدولية، قدم عبدالله بن فيصل بن جبر الدوسري، مساعد وزير الخارجية، خلال الجلسة الأولى، عرضًا استهل فيه باقتباس من كلمة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المفدى، أن "السياسة الخارجية البحرينية قد أرست لنفسها "نموذجاً خاصاً" باستنادها لمبادئ وقيم تنبع من مخزون ثقافتنا الإنسانية، وبثرائها المرتبط بالشخصية البحرينية المعروفة بتواصلها المتحضر مع العالم بثقافاته وحضاراته المتنوعة، فسجلت بذلك نجاحاً دبلوماسياً، نعتز بصيته ونفخر بإنجازاته"، منوهاً بأن احترام حقوق الإنسان وحرياته السياسية والمدنية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وصون كرامته يشكل ركيزة أساسية في ترسيخ دولة القانون والعدالة والتعايش السلمي بين جميع مكونات المجتمع البحريني في ظل النهج الإصلاحي والحضاري والتنموي لحضرة صاحب الجلالة ملك البلاد المفدى.
بعدها أشار مساعد وزير الخارجية إلى أن وزارة الخارجية تقوم بدور أساسي في تنفيذ السياسة الخارجية في مجال حقوق الإنسان وذلك بالتنسيق والتكامل مع الجهات المعنية بما في ذلك المنظمات غير الحكومية الوطنية وأصحاب المصلحة، وأنشأت اللجنة التنسيقية العليا المعنية بحقوق الإنسان وفقًا للقرار رقم (50) لسنة 2012، بعضوية مختلف الجهات الرسمية المعنية بحقوق الإنسان، وتسهم الوزارة كذلك في تنفيذ استراتيجية عمل الوزارة لتنفيذ الأولويات التي تناولها برنامج عمل الحكومة للسنوات 2019-2022 في مجال حقوق الإنسان، حيث تهدف الاستراتيجية إلى تنفيذ المبادرة الثالثة من برنامج عمل الحكومة "تعزيز النظام الديمقراطي وحقوق الإنسان" وما يرتبط بها من المبادرة الثانية من البرنامج الخاصة بـ "تعزيز العلاقات الخارجية".
وفي الختام، قدم مساعد وزير الخارجية توصيات أكد فيها على دور الدبلوماسية الحقوقية في تعزيز وتطوير حقوق الإنسان على كافة المستويات الوطنية والدولية، وأن الدبلوماسية الحقوقية تلعب دوراً هاماً ومحورياً في تبادل الخبرات وبناء القدرات ونقل المعلومات بشأن كافة جوانب ومنطلقات حقوق الإنسان، وأهمية التعاون الدولي والدبلوماسية الحقوقية الى جانب الدبلوماسية السياسية والعلاقات الدولية في تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية والسلام الدولي، كما أكد على حرص مملكة البحرين على اعداد الخطة الوطنية لحقوق الإنسان بالتعاون والتنسيق مع كافة الشركاء وأصحاب المصلحة، ,أن نجاح خطة العمل الوطنية يعتمد إلى حد كبير على الوعي العام والدعم المتواصل، وأهمية التخطيط الشفاف والمشاركة الشاملة، إلى جانب أهمية وضوح الخطة والاهداف الرئيسية والفرعية والبرامج والأنشطة المتعلقة بها، وتحديد الأولويات الواقعية والتخطيط العملي، ووضع مؤشرات قياس الأداء، ووضع معايير وآليات للرصد والتقييم.
وأعرب ستيفن جيلن، نائب مساعد وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية المسؤول عن شؤون الشرق الأدنى وشؤون العمل الدولية والأمن وحقوق الإنسان في مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل، عن شكره وتقديره لمملكة البحرين على توقيع إعلان تأييد السلام مع دولة إسرائيل، مشيدًا بجهود مملكة البحرين في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص وما تقدمه من التزام واهتمام لتعزيز وتطوير مجال حقوق الإنسان، مثمنًا جهود مملكة البحرين ووزارة الخارجية في عقد المشاورات لإعداد الخطة الوطنية لحقوق الإنسان بهدف تعزيز وحماية حقوق الإنسان، منوهًا بأن مملكة البحرين تعد مثالاً جيدًا في مجال تعزيز وتطوير حقوق الإنسان بسبب التزامها بالتسامح والتعددية.
وأشار إلى أن وزارة خارجية الولايات المتحدة الامريكية تهتم بتعزيز وتطوير حقوق الانسان في كل الدول، منوهًا بأنه منذ عام 1977 والولايات المتحدة الأمريكية تصدر تقارير سنوية حول حقوق الإنسان، وإن هذه التقارير تعد مصدرًا هامًا للمعرفة لكل دولة من أجل اتخاذ القرارات في مجال حقوق الانسان، مضيفًا بأنه يتم أيضًا إصدار تقرير خاص بحقوق الانسان يتم نشره لتحليل المعلومات والبيانات ذات الصلة بحقوق الإنسان كل عام في كافة دول العالم والذي تعتبره الولايات المتحدة الأمريكية جزء من الحوار مع هذه الدول لتعزيز وحماية حقوق الإنسان والقضاء على انتهاكات هذه الحقوق. وقال سعادته إن هذا الحوار، والذي يشارك فيه ممثلون من المجتمع المدني وخبراء من الحكومة ومجموعات حقوق الإنسان، قد يكون صعباً أحيانًا، ولكنه ضروري في عملية التقييم العادل للمجالات التي يجب العمل فيها وللسماح للتقارير بمعالجة القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان.
وأعرب ستيفانو بيتيناتو، المنسق المقيم للأمم المتحدة لدى مملكة البحرين، عن اعتزازه الكبير بمشاركته في هذه الورشة الهامة والثرية، متوجهًا بالشكر الجزيل لوزارة الخارجية على تنظيمها لهذه الورش من أجل إعداد خطة العمل الوطنية لحقوق الإنسان، وهذا مايدل على أهمية موضوع حقوق الإنسان والتزام مملكة البحرين بهذه الحقوق. وركز سعادته على الدور التأسيسي للشراكة الفعالة في مجال حقوق الإنسان بين مملكة البحرين والأمم المتحدة، حيث أن هذه الشراكة منذ ٤٩ عامًا، موضحًا سعادته الآلية التي تستخدمها الأمم المتحدة من أجل العمل المشترك بين الدول وربط المبادئ مع الأعمال على أرض الواقع بين القوانين والسياسات المحلية والعالمية والجمع بين الكلمة والعمل وحماية وتعزيز حقوق الإنسان، مبينًا أن لدى الأمم المتحدة ما يسمى بالمراجعات الدورية لحقوق الإنسان ومشروع قانون حقوق الإنسان، وإعلان حقوق الإنسان، ويأتي هذا كله من أجل تعزيز وتطوير حقوق الإنسان، مشيرًا إلى أن المجتمع لديه اليوم تحديات كثيرة في مجال حقوق الإنسان، فإن زيادة الوعي مهم وضروري جدًا في هذا المجال.
وأكد ستيفانو بيتيناتو دعم منظمة الأمم المتحدة للخطة الوطنية لحقوق الإنسان في مملكة البحرين، مشيدًا بالتزام المملكة بحقوق الإنسان وحمايتها، والذي يعكسه تقديم مملكة البحرين لثلاثة تقارير وطنية في إطار الاستعراض الدوري الشامل أمام مجلس حقوق الإنسان، مشيرًا إلى أهمية العمل سويًا بين الدول والمنظمات من أجل الربط بين القوانين والسياسات المحلية والدولية للوصول إلى عالم أكثر حماية لحقوق الإنسان.
كما أعربت رويدا الحاج، الممثلة الإقليمية لمكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عن عميق شكرها لمنظمي هذه الورشة الهامة حول دبلوماسية حقوق الإنسان في تعزيز وتنمية حقوق الإنسان، وعن تهنئتها لحكومة مملكة البحرين على الشروع في هذه العملية الهامة، ووضع خطة عمل وطنية لحقوق الإنسان، مشيرة إلى ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945، الذي يطلب من جميع الدول الأعضاء الاعتراف بحقوق الإنسان واتخاذ إجراءات لصالحها، حيث تنص المادة 55 من الميثاق على ما يلي: "من أجل خلق ظروف الاستقرار والرفاهية الضرورية للعلاقات السلمية والودية بين الأمم على أساس احترام مبدأ المساواة في الحقوق وتقرير المصير للشعوب ، يتعين على الأمم أن تعزز الاحترام والمراعاة العالميين لحقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين."
وأكدت رويدا الحاج أن دور الدبلوماسية في النهوض بحقوق الإنسان أمر مهم ومتعدد الجوانب، حيث تقوم وزارات الخارجية والسلك الدبلوماسي بدور حاسم في تسهيل التنسيق والتعاون بين المبادرات الدبلوماسية لآليات حقوق الإنسان الثنائية والإقليمية والمتعددة الأطراف، مشيرة إلى التحديات الكبيرة في هذا المجال، وضرورة تعزيز الجهود والتعاون لتعزيز حقوق الإنسان، مؤكدة أن الدبلوماسية عنصر فعال لنهج أكثر شمولية لحماية حقوق الإنسان، متمنية كل التوفيق للمملكة في وضع خطة عملها الوطنية لحقوق الإنسان.
وعبر الشيخ عبدالله بن راشد آل خليفة، سفير مملكة البحرين لدى الولايات المتحدة الأمريكية، عن اعتزازه بالمشاركة في سلسلة الورش التي تقيمها وزارة الخارجية الموقرة من أجل إعداد خطة وطنية استراتيجية لحقوق الإنسان لمملكة البحرين، بهدف تعزيز مكانة المملكة بين الدول بمجال حقوق الإنسان وإبراز دورها الرائد في هذا المجال، تماشيًا مع رؤية وتوجيهات حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، الذي جعل صون كرامة المواطن أحد ركائز النهج الإصلاحي لجلالته، مؤكدًا إن حقوق الإنسان وحرياته الأساسية المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فكرة عالمية تحرص جميع الحكومات في دول العالم على الالتزام بها وتطبيقها، وتلعب دورًا هامًا في تحديد ملامح سياستها الخارجية مع الدول الأخرى، موضحًا أن الولايات المتحدة الأمريكية أحد أبرز الدول التي أدمجت حقوق الإنسان في سياستها الخارجية من خلال ما يمكن وصفه بالدبلوماسية الحقوقية.
كما استعرض الشيخ عبدالله بن راشد آل خليفة الأسباب التي جعلت الولايات المتحدة الأمريكية تولي اهتمامًا خاصًا بنشر وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان ضمن قراراتها الثنائية أو متعددة الأطراف، وانعكاسات تلك القرارات على أداء واجباتها في سفارة مملكة البحرين في واشنطن، ومنها أن الولايات المتحدة الأمريكية تعتز بمبادئها التأسيسية الواردة في دستورها وعلى رأسها العدل والمساواة وضمان ممارسة الحريات الدينية والمدنية والسياسية وغيرها، مشيرًا معاليه إلى الجهود الحثيثة التي تقوم بها سفارة مملكة البحرين في واشنطن في مجال حقوق الإنسان، فهي تولي اهتمامًا بالغًا بحقوق الإنسان منذ سنوات عديدة، وتسعى لإبراز الإنجازات والمبادرات الرائدة لمملكة البحرين في مجال حقوق الإنسان، وتسليط الضوء على قيم التسامح والتعايش والتعددية التي تتميز بها مملكة البحرين، والتفاعل الإيجابي مع كافة الأطراف الأمريكية المهتمة بموضوع حقوق الإنسان، والحرص على مواصلة العمل لنقل صورة صحيحة عن واقع حقوق الإنسان في مملكة البحرين.
وتحدث الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، وكيل وزارة الخارجية للشؤون الدولية رئيس مجلس الأمناء في مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية ودراسات الطاقة،عن أهداف التنمية المستدامة في تعزيز وتطوير حقوق الإنسان، وأشار سعادته بأن أهداف التنمية المستدامة من بعد اعتمادها في سبتمبر ٢٠١٥م، مهدت الطريق لـ١٥ عامًا من تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وذلك من بعد قيام دول العالم كافة بالسعي نحو تحقيق أهداف الألفية والتي تبين عدم شموليتها، والتي جعلت دول عديدة ومن ضمنها مملكة البحرين للمشاركة في المشاورات التي أدت إلى تبني أهداف التنمية المستدامة، مبيناً سعادته أن هذه الأهداف التي تم اعتمادها من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، مهدت الطريق لوضع خطة عالمية شاملة لتحقيق وتعزيز أهداف التنمية المستدامة، حيث أن هذه الأهداف الـ ١٧ تساهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة في تحقيق وتعزيز حقوق الإنسان.
واستعرض الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة مجموعة من الآليات الوطنية والمرئيات حول العمل على تحقيق َتنفيذ أهداف التنمية المستدامة في مملكة البحرين، من ضمنها إنشاء لجنة وطنية للمعلومات والسكان برئاسة سعادة وزير شؤون مجلس الوزراء، وتشمل هذه اللجنة في عضويتها ممثلين من كافة قطاعات ووزارات الدولة المعنية بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة، تقوم بإدماج تنفيذ أهداف التنمية المستدامة ببرنامج عمل الحكومة وغيرها من المهام، مشيرًا سعادته إلى التقرير الوطني الطوعي الأول لمملكة البحرين حول التقدم المحرز في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، والذي تم تقديمه في عام 2018 في المنتدى السياسي الرفيع المستوى للمجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة في نيويورك.
تجدر الإشارة إلى أن هذه الورشة تأتي ضمن سلسلة ورش العمل المعنية بإعداد الخطة الوطنية لحقوق الإنسان في مملكة البحرين والتي تنظمها وزارة الخارجية خلال الفترة من أغسطس حتى نوفمبر ٢٠٢٠م ، حيث انعقدت ٤ ورش سابقة حول "دور السلطة التشريعية في حماية وتعزيز حقوق الإنسان وإعداد خطة العمل الوطنية لحقوق الإنسان" ، و"دور الإعلام والصحافة وخطة العمل الوطنية لحقوق الإنسان" ، و"سيادة القانون وصون الحقوق في إدارة نظام العدالة" ، و"دور المؤسسات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني في تعزيز وتطوير حقوق الإنسان"، وتهدف هذه الورشة الحالية إلى إجراء التشاور وتبادل الأفكار والخبرات مع أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي، بما فيهم السفراء والخبراء والمستشارين.