قالت الرئيسة الأسبق للجمعية البحرينية لمرضى التصلب المتعدد نهلة أبوالفتوح إن مرض التصلب المتعدد هو مرض عصبي مزمن يصيب الجهاز العصبي المركزي، ويتمثل في المخ والحبل الشوكي، يسبب تلفاً في الغشاء المحيط بالخلايا العصبية، والذي يدعى "المايلين" مما يؤدي إلى تصلب في الخلايا وبالتالي بطء أو توقف سير الرسائل العصبية المتنقلة بين الدماغ وأعضاء الجسم، ويصيب الفئة العمرية ما بين (20-50 سنة)، وقد يصيب النساء أكثر من الرجال ولكن في السنوات الأخيرة بدأت الإصابة تظهر في فئة عمرية أصغر.

وأوضحت أبوالفتوح لـ "الوطن" أن أعراض التصلب المتعدد تعتمد على المنطقة المتأثرة من الجهاز العصبي، وتشمل هذه الأعراض الشعور بوخز أو تنميل في الأطراف، اختلال التوازن، ضعف في العضلات، تشوش الرؤية أو الازدواجية أوعدم تمييز الألوان، كما قد تتأثر الذاكرة ويشعر المريض بضعف وإرهاق شديدين، وتكون أغلب الأعراض مؤقتة ويمكن علاجها، ويكون التشخيص عن طريق دراسة أعراض المريض، ووقت حدوثها وكيفيتها ومراجعة تاريخه المرضي ثم الفحوصات السريرية ومن ثم تحاليل الدم وأشعة الرنين المغناطيسي لتأكيد التشخيص.

أسباب الإصابة

وبينت أبوالفتوح أنه لم يتم التعرف على أسباب الإصابة حتى وقتنا الحالي، ولكن هناك بعض العوامل التي تزيد من فرص الإصابة بالمرض، كما إن هناك عوامل بيئية ذات علاقة كبيرة بحدوث المرض مثل نقص فيتامين (د)، والتدخين، والتعرض للإصابة بأنواع معينة من الفيروسات، وبالرغم من كل ذلك، فما زال هناك أمل بوجود علاجات تساعد على التحكم في الأعراض، وإيقاف تطور المرض، حيث تستخدم مجموعة "الكورتيزون" لتقليل ومعالجة أعراض الانتكاسة لمدة من 3 إلى 5 أيام أما العلاجات الدائمة فدورها إيقاف تطور المرض.

وأشارت إلى البحرين وفرت جميع الأدوية الخاصة بالتصلب المتعدد، حيث تنوعت العلاجات بين حقن وأقراص، كما أنها وفرت حقن وريدية كل ستة أشهر، وأخرى تعطى مرة واحدة في السنة، حيث تعتبر المملكة أول دول خليجية بدأت في إنشاء مركز متخصص للتصلب المتعدد وسيضم المركز قسماً للتشخيص والتأهيل كما يحتوي على مختبر للتحاليل وقسم الأشعة والعلاج الطبيعي.

الطلبة والموظفين

وقالت إن وزارة التربية والتعليم في البحرين قدمت دعماً كبيراً لمرضى التصلب المتعدد من الطلبة حيث اهتمت بهم وراعت ظروفهم الصحية وقدمت لهم استثناءات في حالة الغياب وحدوث الانتكاسات، كما تعاونت معهم في تحديد المناهج الدراسية والامتحانات، أما الموظفين من إداريين ومعلمين مازال بعضهم يعاني من عدم تعاون الإدارات معهم، وأحياناً لا يتناسب نظام الإجازات المرضية مع ظروفهم الصحية.

وعن الإجازات المرضية أوضحت أبوالفتوح أن مصاب التصلب المتعدد الموظف لا يحصل على إجازة مرضية كافية عند حدوث الانتكاسة، حيث يكتفي المستشفى بتزويده بتقرير طبي يعدد فيه أيام أخذ الجرعات الدوائية وهي إما ثلاثة أو خمسة أيام فقط، في حين أن المصاب يحتاج بعد أخذه جرعات الدواء عدة أيام قد تصل إلى أسبوع أو أسبوعين، حتى يتمكن من استعادة صحته.

وأكدت أن فحص "فيتامين د" مهم جداً لمصابي التصلب المتعدد لأن نقصه يؤدي إلى صعوبة في المشي وفقدان التوازن، والإرهاق المزمن، ولكن كثيرين من المرضى يجهلون سبب هذه الأعراض التي يصابون بها لعدم وجود فحص دوري للتأكد من نسبة الفيتامين في الدم.

أشارت إلى عدم كفاية الأدوية فما زالت مشكلة عدم توفر كميات مناسبة من بعض الأدوية تواجه مصابي التصلب المتعدد، خصوصاً أن الأدوية يتم توفيرها من قبل وزارة الصحة فقط، ولا يمكن الحصول عليها من الصيدليات العامة، وغياب الأدوية يؤثر سلبياً على صحة المرضى ويعرضهم لانتكاسات.

وحول جائحة "كورونا" قالت أبو الفتوح إن الجائحة زادت من معاناة مرضى التصلب المتعدد، حيث يتعسف عدد من المدراء بالجهات الحكومية، ويقررون عودة الموظف المريض وهذا يشكل مخالفة لقرارات وتوجيهات ديوان الخدمة المدنية، خاصة التوجيهات رقم (4) لسنة 2020 بشأن تطبيق سياسة العمل من المنزل على موظفي الجهات الحكومية، وقد شملت الموظفين الذين يعانون من أمراض مزمنة، والتي أدرج مجلس الوزراء في فبراير 2020 مرض التصلب المتعدد من الأمراض المزمنة.

توصيات

وحول أهم المطالبات لمرضى التصلب اللويحي قالت أبو الفتوح هناك توصيات نتمنى تطبيقها على ارض الواقع ومنها:

1. أهمية وضع خريطة طريق توضح آلية تعامل الجهات الحكومية مع مرضى التصلب المتعدد باعتباره مرض مزمن، بناء على موافقة مجلس الوزراء - الصادر في الثالث من فبراير 2020 -على أدرج مرض التصلب العصبي المتعدد (MS) ضمن فئات الأمراض المزمنة.

2. العمل على إصدار بطاقة تعريفية لكل مريض بالتصلب المتعدد، تبين أن حاملها مصاب بالتصلب المتعدد، ويحتاج للعناية والاهتمام في حال فقدانه للتوازن أو صعوبة في الرؤية، كما يمكن الاستفادة منها في عدد من الأماكن كتسبب التغيير في التوقيع في المصرف، أو لمساعدته في المطار لتسهيل وصوله إلى الطائرة.

3. التسهيل في إجراءات إصدار بطاقة ذوي الإعاقة لمرضى التصلب المتعدد الذين قد تصل بهم أعراض المرض إلى مراحل يعتبرون فيها من ذوي الإعاقة، كالعجز عن المشي مثلاً، حيث يمكن الاستفادة منها في الحصول على مواقف السيارات المخصصة لذوي الإعاقة.

4. العمل على تسهيل إجراءات التقاعد لأسباب صحية للمرضى المصابين بالتصلب المتعدد.

5. تقديم النصيحة لمرضى التصلب المتعدد، وأهمية التعايش مع المرض، وتجنب الضغوط النفسية، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وتجنب الحرارة الشديدة، وتناول غذاء متوازن وصحي.

6. أهمية قيام الجهات المعنية في البحرين بالاستفادة من تجارب الدول الأخرى في سن قرارات تدعم مرضى التصلب المتعدد.

وأكدت أبو الفتوح أن مريض التصلب المتعدد هو شخص ناجح يتحدى الحياة بصلابة وعزم، اكتشف الإصابة وتقبلها ثم توكل على الله واختار طريقاً آمناً للنجاة والنجاح في الحياة وليست كل أيامنا جميلة دائماً، ولكننا نستطيع أن نختار لحظاتها ونبحث عما يفرحنا ويحقق لنا السعادة والسكون والهدوء النفسي فإن رحلة التصلب المتعدد هي رحلة التحدي والانتصار نسير فيها بهدوء ونتحدى كل موقف نواجهه نتمسك بالأمل ونكمل المسيرة.