وضع استراتيجية تتحكم في مستويات الدين العام وتحقق الاستفادة من وفورات الميزانية
رئيس التحرير:
توقع رئيس مجلس الشورى علي الصالح، إعادة تشكيل اللجنة الحكومية البرلمانية لإعادة توجيه الدعم الحكومي المباشر دور الانعقاد المقبل، لافتاً إلى أن الغاية من اللجنة هي توجيه الدعم لمستحقيه بالدرجة الأولى، ومساعدة الأسر من ذوي الدخل المحدود لاحجب الدعم الحكومي عن شريحة من المواطنين.
وقال في حوار مع "الوطن" "سيُناقش المجلس الدور المقبل عدداً من مشروعات القوانين المحالة له من مثل قانون المحاماة وقانون الصحافة"، لافتاً إلى أن قانون الصحافة الجديد حال إقراره سيلغي القانون المعمول به ولن يكون بمثابة تعديل عليه.
ولفت الصالح إلى أن المنظومة التشريعية في البحرين تتميز بقدرتها على مواكبة التطورات والمتغيرات التي قد تطرأ بين الحين والآخر وأن جائحة كورونا كانت خير دليل على مرونة هذه التشريعات.
وأوضح، أن مجلس الشورى دائماً ما يحرص على الاهتمام بموضوع الدين العام واستقراره، كما يسعى إلى دراسة العوامل المؤثرة في الدين العام دراسة مستفيضة تنعكس إيجاباً على آليات التعاطي مع الدين العام وإيجاد الحلول التي تساهم في تقليله والحد منه".
ورفض اتهام مجلس الشورى بالعمل بعيداً عن واقع المواطن، مؤكداً أنها نظرة غير صحيحة وأن المجلس يعمل لمصلحة المواطن ويمثل الشعب ويدرس التشريعات المحالة إليه بكل مهنية وشفافية بما يخدم مصلحة الوطن والمواطن.
وفيما يلي نص الحوار:
*كيف تقيمون أداء الأعضاء خلال الدور الثالث مقارنة بأداء الدور السابق؟
- منذ بدء عمل السلطة التشريعية في العام 2002، ونحن نرى تنامي الخبرات والتجارب لدى أعضاء المجلس، وهذا ما وجدناه من خلال الجهود الكبيرة في ممارسة العمل التشريعي وتقديم الاقتراحات بقوانين ومناقشة المراسيم ومشروعات القوانين، والسعي المخلص لإنجازها بعد بحثها ودراستها بصورة موضوعية وشمولية.
وشخصياً، من خلال رئاستي لمجلس الشورى على مدار السنوات الماضية، رأيت الالتزام والحرص الكبير من أعضاء المجلس على تقديم الأداء التشريعي الرصين، وممارسة الأدوار والمهام التي حددها الدستور لأعضاء المجلس، وبالتالي أرى بأن أداء الأعضاء متميز وذو قيمة عالية وتأثير واضح على عمل المجلس.
*إلى أي حد وصل مستوى التعاون مع الحكومة خاصة مع تشكيل اللجنة المشتركة بين السلطتين؟
- يعتبر التعاون والتنسيق بين المجلس والحكومة السمة الأبرز على مدار مسيرة عمل المجلس، وهو المسار الصحيح لحصد النجاح والإنجاز في العملية التشريعية، ولذلك فإن العلاقة بين المجلس والحكومة منفتحة على الموضوعات كافة، وهذا يأتي نتاج التوجيهات السامية من لدن حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه، والمتابعة والاهتمام المباشر من لدن سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله.
ويتجلى التكامل في العمل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ويتجسد من خلال اللقاءات المشتركة، والاجتماعات الثنائية، فضلاً عن حضور الوزراء والمسؤولين وممثلي الجهات الحكومية في اجتماعات اللجان، وكذلك الجلسة العامة للمجلس.
ومن جهتنا، نثمن هذا الحرص من جانب الحكومة على حضور جلسات المجلس واجتماعات اللجان وتجاوبهم مع أسئلة وملاحظات الأعضاء خلال المناقشات، وحتى خلال جائحة كورونا، كان هناك تواصل مستمر بين الجانبين من خلال الاجتماعات التي تمت عبر أنظمة الاتصال المرئي، لترسيخ مبدأ التشاور، وتبادل الآراء ووجهات النظر حول الموضوعات المختلفة.
*كيف تقيمون مستوى التنسيق والتعاون بين الشورى والنواب خاصة مع وجود بعض التصريحات بين الحين والآخر من أعضاء بالمجلسين تتضمن ملاحظات على أداء كل مجلس؟
- مجلسا الشورى والنواب هما جناحا السلطة التشريعية، ولا يمكن أن تحقق السلطة التشريعية أي تقدم أو تطور أو إنجاز دون التعاون والتنسيق المشترك بينهما، وهذا ما نراه متحققاً بين المجلسين من خلال الانسجام في العملية التشريعية.
وفيما يتعلق بالتصريحات التي قد تتضمن بعض الملاحظات حول القرارات التي تتخذ بشأن أي تشريع، فإن هذا يعكس أجواء الديمقراطية والشفافية، كما يعكس التكامل بين المجلسين وفق الصلاحيات التي حددها الدستور، من حيث دور كل مجلس في مناقشة ودراسة التشريعات والقوانين واتخاذ القرار الذي يراه مناسباً بما يحقق المصلحة الوطنية، حيث جاء أخذ مملكة البحرين بنظام المجلسين ليكون ضماناً أكيداً لحسن سير العمل البرلماني، ومنع الخطأ والتسرع في التشريع، لأنه إذا أخطأ أحد المجلسين أو انقاد للعاطفة أو التأثير الوقتي تلافى المجلس الآخر خطأ الأول عند عرض الأمر عليه.
*بعد مرور هذه المدة الطويلة على الجائحة هل أثبتت الجائحة الحاجة لتعديل بعض التشريعات لتكون أكثر مرونة؟
-تتميز المنظومة التشريعية في مملكة البحرين بقدرتها على مواكبة التطورات والمتغيرات التي قد تطرأ بين الحين والآخر، ولنا في جائحة كورونا التي عصفت بالعالم كله دون استثناء خير دليل وبرهان، وهو ما يجعل القوانين أكثر ملائمة في ظل الظروف المتغيرة حيث يضع القانون الذي تصدره السلطة التشريعية القواعد العامة، وتترك التفاصيل لتنظمها اللائحة التنفيذية والتي تصدر بقرار من السلطة التنفيذية.
ولا يخفى على أحد أن مملكة البحرين كانت سباقة في اتخاذ التدابير التشريعية لتعديل بعض القوانين لتكون أكثر مرونة ومواكبة لتلك المتغيرات، فقد صدرت القوانين التي عدلت من خلالها بعض النصوص لإكسابها المرونة الكافية في التنفيذ لاستمرار الحياة العامة دون أدنى انتقاص من الحقوق أو الحريات، منها على سبيل المثال لا الحصر قانون رقم (7) لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية، الصادر بالمرسوم بقانون رقم (46) لسنة 2002، الذي أجاز للنيابة العامة إذا تعذر حضور شاهد أو متهم أن تلجأ إلى استعمال وسائل التقنية والنقل الأثيري في سماع أقواله أو استجوابه عن بعد، وعرض ومشاهدة هذه الإجراءات لمقتضيات التحقيق، مع مراعاة الضمانات المقرر في القانون.
*كيف أثرت جائحة كورونا على أداء المجلس والأعضاء؟ خاصة فيما يتعلق بالمشاركات الخارجية؟
- لا يمكن إنكار تأثّر كل دول العالم والمؤسسات بسبب انتشار جائحة كورونا، ولكننا في المجلس اتخذنا عدداً من الخطوات التي سبقت فترة الجائحة، من خلال التحول الرقمي في الكثير من الإجراءات، وهذا ما أسهم في انتقالنا بصورة سريعة وسهلة لعقد جلسات المجلس واجتماعات اللجان والاجتماعات الأخرى عبر أنظمة الاتصال المرئي عن بُعد، ولابد من الإشارة إلى أنّ جلسة مجلس الشورى التي عقدت في 11 أبريل 2020 عن بُعد تعتبر أول جلسة تعقد بشكل افتراضي في تاريخ السلطة التشريعية، وقبل أن نعقدها تأكدنا من مدى قانونية انعقاد الجلسات بهذه الطريقة، وبما يتسق مع الدستور واللائحة الداخلية للمجلس.
وأستطيع القول إننا نجحنا في مواصلة العمل التشريعي، وتأدية الواجب الوطني التشريعي، وفي الوقت نفسه التزمنا بالإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية التي حددها الفريق الوطني الطبي للتصدي للجائحة. وبالتالي فإن المجلس لم يتأثر سلباً من الجائحة، بل على العكس شكلت لنا الجائحة فرصة لتعزيز الاستفادة من التقنيات الحديثة، وتوظيفها بصورة تجعل العمل التشريعي مستمراً وملبياً لتطلعات وطموحات القيادة الحكيمة وشعب البحرين.
أما بخصوص المشاركات الخارجية، فإن أعضاء المجلس كان لهم الحضور الفاعل والإيجابي في مختلف المؤتمرات والاجتماعات التي عُقدت عبر تقنيات الاتصال المرئي سواءً على المستوى الخليجي أو العربي أو الدولي. وفي كثيرٍ من الاجتماعات التي ناقشت تحديات الجائحة وسبل تجاوزها، خصوصاً فيما يتعلق بالصحة والتعليم والاقتصاد، وكان المجلس حريصاً على المشاركة فيها وتقديم وجهات النظر واستعراض تجربة مملكة البحرين الناجحة خلال هذه المرحلة.
وخلال دور الانعقاد الماضي شارك أعضاء المجلس في نحو 50 اجتماعاً عن بُعد، وحتى بعد انتهاء دور الانعقاد استمر الأعضاء في الحضور والتفاعل مع الاجتماعات، خصوصاً التي يعقدها الاتحاد البرلماني الدولي، والجمعية البرلمانية الآسيوية، واللجان البرلمانية الخليجية المشتركة، وغيرها من الجهات.
*ما أهم ما ينتظر المجلس من مواضيع ومشاريع قوانين في الدور المقبل؟
- سيقوم مجلس الشورى في دور الانعقاد المقبل بدراسة عدد من مشروعات القوانين التي في أصلها اقتراحات بقوانين قدمها أعضاء المجلس وتمت إحالتها إلى الحكومة، وكذلك من المتوقع أن يُناقش المجلس أيضاً عدد من مشروعات القوانين التي سيتم إحالتها من قبل مجلس النواب مثل قانون المحاماة وقانون الصحافة وغيرهم.
يمرر المجلس أحياناً مشاريع قوانين رغم وجود ملاحظات من الأعضاء، ويتم الاتفاق على تقديم مقترحات قانون لتعديلها ألا ترون أن ذلك قد يضر بالتشريعات خاصة وأن مقترحات القانون قد ترفض ويبقى التشريع الأصلي بعواره؟
- نحن في المجلس نضع نصب أعيننا أن تكون التشريعات متكاملة وقائمة على أسس ومضامين غنية ومتماسكة، تلبي الأهداف الرئيسة المرجوة منها، ولا نتعمد نهائياً الاستعجال والسرعة في اتخاذ القرارات بالشكل الذي يضر بالتشريع نفسه أو يجعله قاصراً.
وتكمن الفكرة هنا في أن المصلحة العليا تحتم علينا أحياناً اتخاذ القرار أو الاستعجال فيه نظراً لمتطلبات ظرف طارئ، أو حاجة إحدى المصالح لتشريع يُنظمها، وهي غير قابلة للتأخير، أو أن بعض الملاحظات والتعديلات غير جوهرية ولا تؤثر على فحوى الموضوع المنظور.
وأود التأكيد على أن كل الملاحظات والمرئيات التي يطرحها أعضاء المجلس لدى مناقشة الموضوعات هي محل تقدير وإشادة، ونأخذها بعين الاعتبار لأنها نتاج الخبرات التراكمية والاختصاصات التي تتمتع بها تشكيلة المجلس.
ومجلس الشورى يهتم بدراسة وبحث مختلف الموضوعات من خلال لجانه النوعية الدائمة، ويطلع على مرئيات وملاحظات الأعضاء ومختلف الجهات المعنية الرسمية والأهلية، ونسعى من ذلك للوصول في نهاية المطاف إلى رأي سليم يمكننا من اتخاذ القرارات المناسبة بشأنها. والذي يدعونا للفخر حقيقةً، أن تنوع وجهات النظر وملاحظات الأعضاء بشأن أي موضوع هي في الواقع إثراء لعملية النقاش والتشريع نفسه، وبطبيعة الحال لابد من وجود تشريعات لا تحظى بموافقة كل الأعضاء، ويتم التصويت عليها مع وجود ملاحظات ووجهات نظر إزائها، إلا أن التصويت يتم بموافقة أغلبية أعضاء المجلس، والأدوات الدستورية تمنح الأعضاء كامل الصلاحية في تقديم اقتراحات بقوانين يرونها ضرورة وذات أهمية لتطوير أي قانون نافذ، أو استحداث قوانين أخرى تعتبر إضافة لمنظومة التشريعات الوطنية.
*هل هناك توجه لتشكيل لجان مشتركة بين المجلسين تدرس التشريعات للحد من التباين في وجهات النظر تفادياً لإحالتها للمجلس الوطني؟
- كما أشرت سابقاً، فإن هناك مستوى عالٍ من التعاون القائم بين مجلس الشورى ومجلس النواب، ويحظى تعزيز أطر وآليات التعاون باهتمام ومتابعة متواصلة من جانب فوزية بنت عبدالله زينل رئيسة مجلس النواب، بحيث يقوم العمل المشترك على توحيد الجهود وإحداث التطور الإيجابي بين المجلسين لأداء الدور المناط بالسلطة التشريعية، وتوفير الدعم للحكومة من أجل الوفاء بالتزاماتها، وتلبية تطلعات وطموحات المواطنين.
أما فيما يتعلق بتشكيل لجان مشتركة، أرى أن مشروع ميثاق العمل الوطني يقدم في هذا المقام أفضل إجابة، وهو ما ورد في الفصل الخامس منه، بأن تتكون السلطة التشريعية من مجلسين، يكون أحدهما منتخباً حراً مباشراً من الشعب، على أن يكون الآخر معيناً ويضم أصحاب الخبرة والاختصاص، وبذلك تتحقق عملية الجمع بين الخبرة والاختصاص من جهة، والتعبير عن توجهات الناخبين من جهة أخرى.
*بعد تسلم السلطة التشريعية قانون الصحافة الجديد هل تتوقعون الانتهاء من مناقشته الدور المقبل، خاصة وأن أعضاء مجلس الشورى كانت لهم تعديلات على القانون الساري؟ وبالتالي هل سيتم التعامل مع القانون المحال كتعديل؟
- بادئ الأمر نود أن نعرب عن عظيم فخرنا واعتزازنا بما يوليه حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه من اهتمام ورعاية كريمة للصحافة البحرينية بشكل عام وللصحفيين بشكل خاص باعتبارهم شركاء في النهضة الشاملة.
كما نود الإشادة بالمتابعة الحثيثة والدؤوبة من لدن سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله ورعاه لمشروع قانون تنظيم الصحافة الجديد، وهو ما يعكس ما تتمتع به مملكة البحرين من مناخ ديمقراطي يعمل على تعزيز ودعم الحريات في سبيل تمكين الصحافة من أداء رسالتها في ظل النهج المنفتح للمسيرة التنموية الشاملة لمملكة البحرين، لاسيما وأن الصحافة الحرة والمستقلة إنما هي عنصر أساسي في كل مجتمع ديمقراطي.
وبعد إحالة قانون الصحافة الجديد إلى السلطة التشريعية، فقد بات لزاماً علينا العمل جنباً إلى جنب مع مجلس النواب خلال دور الانعقاد القادم من أجل ترجمة توجيهات وتطلعات صاحب الجلالة ملك البلاد حفظه الله ورعاه على أرض الواقع، والعمل بالمهنية المعتادة من قبل أعضاء كلا المجلسين وبالسرعة المطلوبة لإنجاز هذا القانون المهم.
ولا شك بأن ما تقدم به مجلس الشورى خلال فصول تشريعية سابقة من تعديلات على المرسوم بقانون رقم (47) لسنة 2002 بشأن تنظيم الصحافة والطباعة والنشر إنما كانت منبثقة من إيمانه الراسخ بأهمية مواكبة قانون الصحافة النافذ للتطور الدستوري والتشريعي والسياسي في البلاد، وليقينه بأن حرية الصحافة واستقلالها إنما هي أساس الديمقراطية ومحور التطور وسند الثقافة وقوامها في أي مجتمع ديمقراطي.
أما فيما يتعلق بمدى اعتبار القانون الجديد بمثابة تعديل للقانون النافذ، فهو أمر غير وارد، ذلك أن القانون الجديد يُلغي صراحةً المرسوم بقانون رقم (47) لسنة 2002م بشأن تنظيم الصحافة والطباعة والنشر (القانون الساري)، الأمر الذي يجعل من القانون الجديد قانوناً قائماً بذاته.
*يلاحظ تزايد اقتراحات القانون التي تسحب من قبل مقدميها، ففي الدور الثالث تم سحب 4 مقترحات وفي الدور الثاني 3 مقترحات بما يفسر هذا التصاعد في سحب المقترحات؟
- الاقتراحات بقوانين التي تُقدم تخضع بطبيعة الحال إلى الدراسة والبحث المستفيض لدى اللجان المختصة في المجلس، ويتم الاستئناس خلال ذلك بمرئيات مختلف الجهات المعنية، فضلاً عن الاستماع لوجهات نظر السادة الأعضاء مقدمي الاقتراح، وأثناء المناقشة العامة في الجلسة تُطرح أيضاً الكثير من الأفكار والملاحظات، ثم تتكون خلاصة قيّمة تدعم فحوى الموضوع، وهو ما يدفع مقدمي الاقتراح إلى سحبه في بعض الأحيان للمزيد من الدراسة والتطوير، أو تقديم أسئلة للجهات المعنية، أو طلب مرئيات جهات أخرى، وقد شهدنا واقعاً العديد من الاقتراحات بقوانين التي سُحبت ثم عادت بمحتوى ومضامين متميزة، وأخذت موقعها من التطبيق.
*وجه جلالة الملك خلال افتتاح دور الانعقاد لإعطاء الأولوية القصوى للتعافي السريع للاقتصاد الوطني بالتعاون مع القطاع الخاص، فماهي التشريعات التي أقرها المجلس في هذا الخصوص؟
- بداية أعرب عن بالغ الامتنان والتقدير للمقام السامي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، الذي أثبت بمشاعره الأبوية واهتمامه ورعايته الكريمتين حرصه على توحيد الجهود الوطنية لمواجهة تداعيات الجائحة، وتسخير كافة الإمكانيات للحافظ على صحة وسلامة المواطنين والمقيمين، والوصول بمملكة البحرين لبر الأمان بإذن الله تعالى، وعلى رأسها إصدار جلالته لتوجيهاته السامية لإطلاق مبادرات الحزم المالية والاقتصادية لدعم المواطنين والقطاعات المتأثرة بقيمة 4.3 مليار دينار. وهو ما ترجمه عملياً صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، من خلال إصدار القرارات الشجاعة والمفصلية، ووضع صحة الجميع والمصلحة العليا للاقتصاد الوطني كأولوية ضمن المساعي المبذولة لتجاوز هذه المرحلة.
واستجابة لتوجيهات جلالة الملك المفدى، أقر المجلس المرسومين بقانونين رقم (20) و(30) لسنة 2020 بشأن التأمين ضد التعطل، واللذان يهدفان إلى تعزيز قدرة الشركات الأكثر تضـرراً من تداعيات فيروس كورونا المستجد على مواجهة الآثار السلبية جرّاء تأثر الأعمال بالوضع الاقتصادي العالمي والمحلي نتيجة تفشي فيروس كورونا، وذلك من خلال سداد نسبة من أجور العمال البحرينيين المؤَمَّـن عليهم بموجب قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالمرسوم بقانون رقم (24) لسنة 1976، بحد أقصى مقداره (50٪) من الأجر المؤَمَّـن بموجبه
ومجلس الشورى يحرص على تفعيل دور السلطة التشريعية في دعم ما تقوم به الحكومة لتجاوز الجائحة وآثارها، وتوفير الغطاء التشريعي الذي يمكن الدولة من الوفاء بالتزاماتها واستمرار مسيرتها التنموية، وذلك من خلال بحث المراسيم، ودعم رواتب القطاع الخاص، وتعزيز قدرة الشركات الأكثر تضَـرُّراً من تداعيات فيروس كورونا، وغيرها من الإجراءات.
*البعض يرى أن هناك فجوة بين طرح مجلس الشورى وواقع المواطن، فالمجلس لا يلتفت إلى متطلبات المواطن بالقدر الذي يهمه تمرير المشاريع الحكومية؟
- هذه النظرة غير واقعية، ولا أساس لها من الصحة، فالعمل التشريعي يتسم بالوضوح والشفافية والموضوعية، وكل جلساتنا علنية بإمكان الجميع من خلالها متابعة سير مناقشة أي تشريع، وعضو الشورى يمثل الشعب وفقًا لنص الدستور، وكل عضو من أعضاء المجلس ملتزم باليمين الدستورية التي أداها لعضويته في المجلس، بما يتضمن الذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله.
ونحن في السلطة التشريعية عملنا الأساسي صوغ القوانين التي تعد القاعدة الأساسية لتعزيز مصلحة الوطن والمواطنين، وكل تشريع يناقشه المجلس، يسبقه بحث ودراسة واجتماعات متعددة تعقدها اللجان مع الجهات المعنية، وبعد ذلك يُناقش في الجلسات العامة للمجلس ويتم أخذ الرأي فيه بالتصويت.
ومن يراقب عمل مجلس الشورى خلال أدوار الانعقاد الماضية، يجد أن هناك الكثير من التشريعات والاقتراحات التي قدمها أعضاء المجلس، وكانت تصب في مصلحة المواطنين، ومنها على سبيل المثال: قانون الأسرة، إنشاء هيئة تعنى بالأمن الغذائي، اقتراح حماية المستهلك والمخزون الإستراتيجي للسلع، اقتراح الخلايا الجذعية وغيرها.
*دائماً ما يكرر أعضاء المجلس التحذير من ارتفاع الدين العام، وهو ما نبه عليه تقرير ديوان الرقابة، وسبق وأن تم إقرار مشروع في هذا الخصوص، فهل نحن نحتاج إلى تشريع أو إلى إعادة نظر في آليات العمل؟
- مجلس الشورى دائماً ما يحرص على الاهتمام بموضوع الدين العام واستقراره في مستويات معينة، كما يسعى إلى دراسة العوامل المؤثرة في الدين العام دراسة مستفيضة تنعكس إيجاباً على آليات التعاطي مع الدين العام وإيجاد الحلول التي تساهم في تقليله والحد منه.
ونحن نثمن الدور الذي تقوم به الحكومة في اتخاذ الإجراءات التي تساهم في خفض الدين العام واستقراره من أجل ضمان الحفاظ على مستويات آمنة للدين العام، والتي تجلت بوضوح من خلال الإقفال نصف السنوي للوزرات والجهات في تحسين النشاط الاقتصادي الحكومية، حيث كشف تقرير وزارة المالية عن انخفاض المصروفات العامة بنسبة 4%، وارتفاع الإيرادات الفعلية المحصلة بنسبة 23%، مما أدى إلى انخفاض العجز بنسبة 35% مقارنة بنفس الفترة في العام الماضي، وهذا ما يثبت أن مملكة البحرين استطاعت أن تواصل إنجازاتها للمحافظة على تصنيف ائتماني مستقر.
كما أود الإشارة إلى أننا في مجلس الشورى نحرص على الوصول إلى توافقات مشتركة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، من أجل ترسيخ التعاون والتنسيق وفق رؤية وأهداف مشتركة بين السلطتين في كل ما يتعلق بالميزانية العامة للدولة، وذلك من خلال تقليل المصروفات وتنويع مصادر الدخل وكذلك تقليل العجز والذي سيؤثر إيجاباً على خفض الدين العام، وتحقيق التوازن المالي المطلوب بما يلبي التطلعات والأهداف المنشودة لمواصلة الدفع بعجلة التنمية الاقتصادية إلى الأمام. يجب التنبيه إلى أن مجلس الشورى مع وضع استراتيجية للتحكم في نمو مستويات الدين العام، والاستفادة من أي وفورات متحققة في الميزانية لخفض فوائد الدين العام، وبالتالي فإن هذه الإستراتيجية سوف يكون لها دور بارز في استمرار مساعي السلطتين التشريعية والتنفيذية من أجل خفض معدلات الدين العام.
*متى تتوقعون عودة اللجنة الحكومية البرلمانية لإعادة توجيه الدعم المباشر لدراسة هذا الملف؟ أم أن تداعيات الجائحة ستؤجل مناقشة هذا الملف؟
- أتوقع أن الدور المقبل سيشهد إعادة تشكيل للجنة المذكورة، وينبغي هنا الإشارة إلى أن الغاية منها ليس تقليل الدعم أو حجبه عن أي شريحة من المواطنين، بل الغاية هي توجيه الدعم لمستحقيه بالدرجة الأولى، ومساعدة الأسر من ذوي الدخل المحدود قدر الإمكان وتركيز الاهتمام بهم لتحقيق الغاية الأساسية من الدعم، وفي اعتقادي أن الترتيبات لتشكيل اللجنة هي من اختصاص الحكومة بالدرجة الأولى باعتبارها هي من تقوم بتنفيذ برامج الدعم، ولديها كافة البيانات حول الشرائح المستفيدة، وما يمكن أن يحققه التعديل بما لا يضر بالمواطن.
*ماهي آخر مستجدات بناء مقر المجلس الوطني؟
- عقدنا بالفعل أكثر من لقاء مع وزير الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني عصام خلف، حول إعداد المخطط التفصيلي للمشروع وفقاً لما تم التوصل إليه من وجهات نظر في اللقاءات المشتركة بين المجلسين والوزارة، وجاري العمل فيه وفق المخططات الزمنية للمشروع.
رئيس التحرير:
توقع رئيس مجلس الشورى علي الصالح، إعادة تشكيل اللجنة الحكومية البرلمانية لإعادة توجيه الدعم الحكومي المباشر دور الانعقاد المقبل، لافتاً إلى أن الغاية من اللجنة هي توجيه الدعم لمستحقيه بالدرجة الأولى، ومساعدة الأسر من ذوي الدخل المحدود لاحجب الدعم الحكومي عن شريحة من المواطنين.
وقال في حوار مع "الوطن" "سيُناقش المجلس الدور المقبل عدداً من مشروعات القوانين المحالة له من مثل قانون المحاماة وقانون الصحافة"، لافتاً إلى أن قانون الصحافة الجديد حال إقراره سيلغي القانون المعمول به ولن يكون بمثابة تعديل عليه.
ولفت الصالح إلى أن المنظومة التشريعية في البحرين تتميز بقدرتها على مواكبة التطورات والمتغيرات التي قد تطرأ بين الحين والآخر وأن جائحة كورونا كانت خير دليل على مرونة هذه التشريعات.
وأوضح، أن مجلس الشورى دائماً ما يحرص على الاهتمام بموضوع الدين العام واستقراره، كما يسعى إلى دراسة العوامل المؤثرة في الدين العام دراسة مستفيضة تنعكس إيجاباً على آليات التعاطي مع الدين العام وإيجاد الحلول التي تساهم في تقليله والحد منه".
ورفض اتهام مجلس الشورى بالعمل بعيداً عن واقع المواطن، مؤكداً أنها نظرة غير صحيحة وأن المجلس يعمل لمصلحة المواطن ويمثل الشعب ويدرس التشريعات المحالة إليه بكل مهنية وشفافية بما يخدم مصلحة الوطن والمواطن.
وفيما يلي نص الحوار:
*كيف تقيمون أداء الأعضاء خلال الدور الثالث مقارنة بأداء الدور السابق؟
- منذ بدء عمل السلطة التشريعية في العام 2002، ونحن نرى تنامي الخبرات والتجارب لدى أعضاء المجلس، وهذا ما وجدناه من خلال الجهود الكبيرة في ممارسة العمل التشريعي وتقديم الاقتراحات بقوانين ومناقشة المراسيم ومشروعات القوانين، والسعي المخلص لإنجازها بعد بحثها ودراستها بصورة موضوعية وشمولية.
وشخصياً، من خلال رئاستي لمجلس الشورى على مدار السنوات الماضية، رأيت الالتزام والحرص الكبير من أعضاء المجلس على تقديم الأداء التشريعي الرصين، وممارسة الأدوار والمهام التي حددها الدستور لأعضاء المجلس، وبالتالي أرى بأن أداء الأعضاء متميز وذو قيمة عالية وتأثير واضح على عمل المجلس.
*إلى أي حد وصل مستوى التعاون مع الحكومة خاصة مع تشكيل اللجنة المشتركة بين السلطتين؟
- يعتبر التعاون والتنسيق بين المجلس والحكومة السمة الأبرز على مدار مسيرة عمل المجلس، وهو المسار الصحيح لحصد النجاح والإنجاز في العملية التشريعية، ولذلك فإن العلاقة بين المجلس والحكومة منفتحة على الموضوعات كافة، وهذا يأتي نتاج التوجيهات السامية من لدن حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه، والمتابعة والاهتمام المباشر من لدن سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله.
ويتجلى التكامل في العمل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ويتجسد من خلال اللقاءات المشتركة، والاجتماعات الثنائية، فضلاً عن حضور الوزراء والمسؤولين وممثلي الجهات الحكومية في اجتماعات اللجان، وكذلك الجلسة العامة للمجلس.
ومن جهتنا، نثمن هذا الحرص من جانب الحكومة على حضور جلسات المجلس واجتماعات اللجان وتجاوبهم مع أسئلة وملاحظات الأعضاء خلال المناقشات، وحتى خلال جائحة كورونا، كان هناك تواصل مستمر بين الجانبين من خلال الاجتماعات التي تمت عبر أنظمة الاتصال المرئي، لترسيخ مبدأ التشاور، وتبادل الآراء ووجهات النظر حول الموضوعات المختلفة.
*كيف تقيمون مستوى التنسيق والتعاون بين الشورى والنواب خاصة مع وجود بعض التصريحات بين الحين والآخر من أعضاء بالمجلسين تتضمن ملاحظات على أداء كل مجلس؟
- مجلسا الشورى والنواب هما جناحا السلطة التشريعية، ولا يمكن أن تحقق السلطة التشريعية أي تقدم أو تطور أو إنجاز دون التعاون والتنسيق المشترك بينهما، وهذا ما نراه متحققاً بين المجلسين من خلال الانسجام في العملية التشريعية.
وفيما يتعلق بالتصريحات التي قد تتضمن بعض الملاحظات حول القرارات التي تتخذ بشأن أي تشريع، فإن هذا يعكس أجواء الديمقراطية والشفافية، كما يعكس التكامل بين المجلسين وفق الصلاحيات التي حددها الدستور، من حيث دور كل مجلس في مناقشة ودراسة التشريعات والقوانين واتخاذ القرار الذي يراه مناسباً بما يحقق المصلحة الوطنية، حيث جاء أخذ مملكة البحرين بنظام المجلسين ليكون ضماناً أكيداً لحسن سير العمل البرلماني، ومنع الخطأ والتسرع في التشريع، لأنه إذا أخطأ أحد المجلسين أو انقاد للعاطفة أو التأثير الوقتي تلافى المجلس الآخر خطأ الأول عند عرض الأمر عليه.
*بعد مرور هذه المدة الطويلة على الجائحة هل أثبتت الجائحة الحاجة لتعديل بعض التشريعات لتكون أكثر مرونة؟
-تتميز المنظومة التشريعية في مملكة البحرين بقدرتها على مواكبة التطورات والمتغيرات التي قد تطرأ بين الحين والآخر، ولنا في جائحة كورونا التي عصفت بالعالم كله دون استثناء خير دليل وبرهان، وهو ما يجعل القوانين أكثر ملائمة في ظل الظروف المتغيرة حيث يضع القانون الذي تصدره السلطة التشريعية القواعد العامة، وتترك التفاصيل لتنظمها اللائحة التنفيذية والتي تصدر بقرار من السلطة التنفيذية.
ولا يخفى على أحد أن مملكة البحرين كانت سباقة في اتخاذ التدابير التشريعية لتعديل بعض القوانين لتكون أكثر مرونة ومواكبة لتلك المتغيرات، فقد صدرت القوانين التي عدلت من خلالها بعض النصوص لإكسابها المرونة الكافية في التنفيذ لاستمرار الحياة العامة دون أدنى انتقاص من الحقوق أو الحريات، منها على سبيل المثال لا الحصر قانون رقم (7) لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية، الصادر بالمرسوم بقانون رقم (46) لسنة 2002، الذي أجاز للنيابة العامة إذا تعذر حضور شاهد أو متهم أن تلجأ إلى استعمال وسائل التقنية والنقل الأثيري في سماع أقواله أو استجوابه عن بعد، وعرض ومشاهدة هذه الإجراءات لمقتضيات التحقيق، مع مراعاة الضمانات المقرر في القانون.
*كيف أثرت جائحة كورونا على أداء المجلس والأعضاء؟ خاصة فيما يتعلق بالمشاركات الخارجية؟
- لا يمكن إنكار تأثّر كل دول العالم والمؤسسات بسبب انتشار جائحة كورونا، ولكننا في المجلس اتخذنا عدداً من الخطوات التي سبقت فترة الجائحة، من خلال التحول الرقمي في الكثير من الإجراءات، وهذا ما أسهم في انتقالنا بصورة سريعة وسهلة لعقد جلسات المجلس واجتماعات اللجان والاجتماعات الأخرى عبر أنظمة الاتصال المرئي عن بُعد، ولابد من الإشارة إلى أنّ جلسة مجلس الشورى التي عقدت في 11 أبريل 2020 عن بُعد تعتبر أول جلسة تعقد بشكل افتراضي في تاريخ السلطة التشريعية، وقبل أن نعقدها تأكدنا من مدى قانونية انعقاد الجلسات بهذه الطريقة، وبما يتسق مع الدستور واللائحة الداخلية للمجلس.
وأستطيع القول إننا نجحنا في مواصلة العمل التشريعي، وتأدية الواجب الوطني التشريعي، وفي الوقت نفسه التزمنا بالإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية التي حددها الفريق الوطني الطبي للتصدي للجائحة. وبالتالي فإن المجلس لم يتأثر سلباً من الجائحة، بل على العكس شكلت لنا الجائحة فرصة لتعزيز الاستفادة من التقنيات الحديثة، وتوظيفها بصورة تجعل العمل التشريعي مستمراً وملبياً لتطلعات وطموحات القيادة الحكيمة وشعب البحرين.
أما بخصوص المشاركات الخارجية، فإن أعضاء المجلس كان لهم الحضور الفاعل والإيجابي في مختلف المؤتمرات والاجتماعات التي عُقدت عبر تقنيات الاتصال المرئي سواءً على المستوى الخليجي أو العربي أو الدولي. وفي كثيرٍ من الاجتماعات التي ناقشت تحديات الجائحة وسبل تجاوزها، خصوصاً فيما يتعلق بالصحة والتعليم والاقتصاد، وكان المجلس حريصاً على المشاركة فيها وتقديم وجهات النظر واستعراض تجربة مملكة البحرين الناجحة خلال هذه المرحلة.
وخلال دور الانعقاد الماضي شارك أعضاء المجلس في نحو 50 اجتماعاً عن بُعد، وحتى بعد انتهاء دور الانعقاد استمر الأعضاء في الحضور والتفاعل مع الاجتماعات، خصوصاً التي يعقدها الاتحاد البرلماني الدولي، والجمعية البرلمانية الآسيوية، واللجان البرلمانية الخليجية المشتركة، وغيرها من الجهات.
*ما أهم ما ينتظر المجلس من مواضيع ومشاريع قوانين في الدور المقبل؟
- سيقوم مجلس الشورى في دور الانعقاد المقبل بدراسة عدد من مشروعات القوانين التي في أصلها اقتراحات بقوانين قدمها أعضاء المجلس وتمت إحالتها إلى الحكومة، وكذلك من المتوقع أن يُناقش المجلس أيضاً عدد من مشروعات القوانين التي سيتم إحالتها من قبل مجلس النواب مثل قانون المحاماة وقانون الصحافة وغيرهم.
يمرر المجلس أحياناً مشاريع قوانين رغم وجود ملاحظات من الأعضاء، ويتم الاتفاق على تقديم مقترحات قانون لتعديلها ألا ترون أن ذلك قد يضر بالتشريعات خاصة وأن مقترحات القانون قد ترفض ويبقى التشريع الأصلي بعواره؟
- نحن في المجلس نضع نصب أعيننا أن تكون التشريعات متكاملة وقائمة على أسس ومضامين غنية ومتماسكة، تلبي الأهداف الرئيسة المرجوة منها، ولا نتعمد نهائياً الاستعجال والسرعة في اتخاذ القرارات بالشكل الذي يضر بالتشريع نفسه أو يجعله قاصراً.
وتكمن الفكرة هنا في أن المصلحة العليا تحتم علينا أحياناً اتخاذ القرار أو الاستعجال فيه نظراً لمتطلبات ظرف طارئ، أو حاجة إحدى المصالح لتشريع يُنظمها، وهي غير قابلة للتأخير، أو أن بعض الملاحظات والتعديلات غير جوهرية ولا تؤثر على فحوى الموضوع المنظور.
وأود التأكيد على أن كل الملاحظات والمرئيات التي يطرحها أعضاء المجلس لدى مناقشة الموضوعات هي محل تقدير وإشادة، ونأخذها بعين الاعتبار لأنها نتاج الخبرات التراكمية والاختصاصات التي تتمتع بها تشكيلة المجلس.
ومجلس الشورى يهتم بدراسة وبحث مختلف الموضوعات من خلال لجانه النوعية الدائمة، ويطلع على مرئيات وملاحظات الأعضاء ومختلف الجهات المعنية الرسمية والأهلية، ونسعى من ذلك للوصول في نهاية المطاف إلى رأي سليم يمكننا من اتخاذ القرارات المناسبة بشأنها. والذي يدعونا للفخر حقيقةً، أن تنوع وجهات النظر وملاحظات الأعضاء بشأن أي موضوع هي في الواقع إثراء لعملية النقاش والتشريع نفسه، وبطبيعة الحال لابد من وجود تشريعات لا تحظى بموافقة كل الأعضاء، ويتم التصويت عليها مع وجود ملاحظات ووجهات نظر إزائها، إلا أن التصويت يتم بموافقة أغلبية أعضاء المجلس، والأدوات الدستورية تمنح الأعضاء كامل الصلاحية في تقديم اقتراحات بقوانين يرونها ضرورة وذات أهمية لتطوير أي قانون نافذ، أو استحداث قوانين أخرى تعتبر إضافة لمنظومة التشريعات الوطنية.
*هل هناك توجه لتشكيل لجان مشتركة بين المجلسين تدرس التشريعات للحد من التباين في وجهات النظر تفادياً لإحالتها للمجلس الوطني؟
- كما أشرت سابقاً، فإن هناك مستوى عالٍ من التعاون القائم بين مجلس الشورى ومجلس النواب، ويحظى تعزيز أطر وآليات التعاون باهتمام ومتابعة متواصلة من جانب فوزية بنت عبدالله زينل رئيسة مجلس النواب، بحيث يقوم العمل المشترك على توحيد الجهود وإحداث التطور الإيجابي بين المجلسين لأداء الدور المناط بالسلطة التشريعية، وتوفير الدعم للحكومة من أجل الوفاء بالتزاماتها، وتلبية تطلعات وطموحات المواطنين.
أما فيما يتعلق بتشكيل لجان مشتركة، أرى أن مشروع ميثاق العمل الوطني يقدم في هذا المقام أفضل إجابة، وهو ما ورد في الفصل الخامس منه، بأن تتكون السلطة التشريعية من مجلسين، يكون أحدهما منتخباً حراً مباشراً من الشعب، على أن يكون الآخر معيناً ويضم أصحاب الخبرة والاختصاص، وبذلك تتحقق عملية الجمع بين الخبرة والاختصاص من جهة، والتعبير عن توجهات الناخبين من جهة أخرى.
*بعد تسلم السلطة التشريعية قانون الصحافة الجديد هل تتوقعون الانتهاء من مناقشته الدور المقبل، خاصة وأن أعضاء مجلس الشورى كانت لهم تعديلات على القانون الساري؟ وبالتالي هل سيتم التعامل مع القانون المحال كتعديل؟
- بادئ الأمر نود أن نعرب عن عظيم فخرنا واعتزازنا بما يوليه حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه من اهتمام ورعاية كريمة للصحافة البحرينية بشكل عام وللصحفيين بشكل خاص باعتبارهم شركاء في النهضة الشاملة.
كما نود الإشادة بالمتابعة الحثيثة والدؤوبة من لدن سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله ورعاه لمشروع قانون تنظيم الصحافة الجديد، وهو ما يعكس ما تتمتع به مملكة البحرين من مناخ ديمقراطي يعمل على تعزيز ودعم الحريات في سبيل تمكين الصحافة من أداء رسالتها في ظل النهج المنفتح للمسيرة التنموية الشاملة لمملكة البحرين، لاسيما وأن الصحافة الحرة والمستقلة إنما هي عنصر أساسي في كل مجتمع ديمقراطي.
وبعد إحالة قانون الصحافة الجديد إلى السلطة التشريعية، فقد بات لزاماً علينا العمل جنباً إلى جنب مع مجلس النواب خلال دور الانعقاد القادم من أجل ترجمة توجيهات وتطلعات صاحب الجلالة ملك البلاد حفظه الله ورعاه على أرض الواقع، والعمل بالمهنية المعتادة من قبل أعضاء كلا المجلسين وبالسرعة المطلوبة لإنجاز هذا القانون المهم.
ولا شك بأن ما تقدم به مجلس الشورى خلال فصول تشريعية سابقة من تعديلات على المرسوم بقانون رقم (47) لسنة 2002 بشأن تنظيم الصحافة والطباعة والنشر إنما كانت منبثقة من إيمانه الراسخ بأهمية مواكبة قانون الصحافة النافذ للتطور الدستوري والتشريعي والسياسي في البلاد، وليقينه بأن حرية الصحافة واستقلالها إنما هي أساس الديمقراطية ومحور التطور وسند الثقافة وقوامها في أي مجتمع ديمقراطي.
أما فيما يتعلق بمدى اعتبار القانون الجديد بمثابة تعديل للقانون النافذ، فهو أمر غير وارد، ذلك أن القانون الجديد يُلغي صراحةً المرسوم بقانون رقم (47) لسنة 2002م بشأن تنظيم الصحافة والطباعة والنشر (القانون الساري)، الأمر الذي يجعل من القانون الجديد قانوناً قائماً بذاته.
*يلاحظ تزايد اقتراحات القانون التي تسحب من قبل مقدميها، ففي الدور الثالث تم سحب 4 مقترحات وفي الدور الثاني 3 مقترحات بما يفسر هذا التصاعد في سحب المقترحات؟
- الاقتراحات بقوانين التي تُقدم تخضع بطبيعة الحال إلى الدراسة والبحث المستفيض لدى اللجان المختصة في المجلس، ويتم الاستئناس خلال ذلك بمرئيات مختلف الجهات المعنية، فضلاً عن الاستماع لوجهات نظر السادة الأعضاء مقدمي الاقتراح، وأثناء المناقشة العامة في الجلسة تُطرح أيضاً الكثير من الأفكار والملاحظات، ثم تتكون خلاصة قيّمة تدعم فحوى الموضوع، وهو ما يدفع مقدمي الاقتراح إلى سحبه في بعض الأحيان للمزيد من الدراسة والتطوير، أو تقديم أسئلة للجهات المعنية، أو طلب مرئيات جهات أخرى، وقد شهدنا واقعاً العديد من الاقتراحات بقوانين التي سُحبت ثم عادت بمحتوى ومضامين متميزة، وأخذت موقعها من التطبيق.
*وجه جلالة الملك خلال افتتاح دور الانعقاد لإعطاء الأولوية القصوى للتعافي السريع للاقتصاد الوطني بالتعاون مع القطاع الخاص، فماهي التشريعات التي أقرها المجلس في هذا الخصوص؟
- بداية أعرب عن بالغ الامتنان والتقدير للمقام السامي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، الذي أثبت بمشاعره الأبوية واهتمامه ورعايته الكريمتين حرصه على توحيد الجهود الوطنية لمواجهة تداعيات الجائحة، وتسخير كافة الإمكانيات للحافظ على صحة وسلامة المواطنين والمقيمين، والوصول بمملكة البحرين لبر الأمان بإذن الله تعالى، وعلى رأسها إصدار جلالته لتوجيهاته السامية لإطلاق مبادرات الحزم المالية والاقتصادية لدعم المواطنين والقطاعات المتأثرة بقيمة 4.3 مليار دينار. وهو ما ترجمه عملياً صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، من خلال إصدار القرارات الشجاعة والمفصلية، ووضع صحة الجميع والمصلحة العليا للاقتصاد الوطني كأولوية ضمن المساعي المبذولة لتجاوز هذه المرحلة.
واستجابة لتوجيهات جلالة الملك المفدى، أقر المجلس المرسومين بقانونين رقم (20) و(30) لسنة 2020 بشأن التأمين ضد التعطل، واللذان يهدفان إلى تعزيز قدرة الشركات الأكثر تضـرراً من تداعيات فيروس كورونا المستجد على مواجهة الآثار السلبية جرّاء تأثر الأعمال بالوضع الاقتصادي العالمي والمحلي نتيجة تفشي فيروس كورونا، وذلك من خلال سداد نسبة من أجور العمال البحرينيين المؤَمَّـن عليهم بموجب قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالمرسوم بقانون رقم (24) لسنة 1976، بحد أقصى مقداره (50٪) من الأجر المؤَمَّـن بموجبه
ومجلس الشورى يحرص على تفعيل دور السلطة التشريعية في دعم ما تقوم به الحكومة لتجاوز الجائحة وآثارها، وتوفير الغطاء التشريعي الذي يمكن الدولة من الوفاء بالتزاماتها واستمرار مسيرتها التنموية، وذلك من خلال بحث المراسيم، ودعم رواتب القطاع الخاص، وتعزيز قدرة الشركات الأكثر تضَـرُّراً من تداعيات فيروس كورونا، وغيرها من الإجراءات.
*البعض يرى أن هناك فجوة بين طرح مجلس الشورى وواقع المواطن، فالمجلس لا يلتفت إلى متطلبات المواطن بالقدر الذي يهمه تمرير المشاريع الحكومية؟
- هذه النظرة غير واقعية، ولا أساس لها من الصحة، فالعمل التشريعي يتسم بالوضوح والشفافية والموضوعية، وكل جلساتنا علنية بإمكان الجميع من خلالها متابعة سير مناقشة أي تشريع، وعضو الشورى يمثل الشعب وفقًا لنص الدستور، وكل عضو من أعضاء المجلس ملتزم باليمين الدستورية التي أداها لعضويته في المجلس، بما يتضمن الذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله.
ونحن في السلطة التشريعية عملنا الأساسي صوغ القوانين التي تعد القاعدة الأساسية لتعزيز مصلحة الوطن والمواطنين، وكل تشريع يناقشه المجلس، يسبقه بحث ودراسة واجتماعات متعددة تعقدها اللجان مع الجهات المعنية، وبعد ذلك يُناقش في الجلسات العامة للمجلس ويتم أخذ الرأي فيه بالتصويت.
ومن يراقب عمل مجلس الشورى خلال أدوار الانعقاد الماضية، يجد أن هناك الكثير من التشريعات والاقتراحات التي قدمها أعضاء المجلس، وكانت تصب في مصلحة المواطنين، ومنها على سبيل المثال: قانون الأسرة، إنشاء هيئة تعنى بالأمن الغذائي، اقتراح حماية المستهلك والمخزون الإستراتيجي للسلع، اقتراح الخلايا الجذعية وغيرها.
*دائماً ما يكرر أعضاء المجلس التحذير من ارتفاع الدين العام، وهو ما نبه عليه تقرير ديوان الرقابة، وسبق وأن تم إقرار مشروع في هذا الخصوص، فهل نحن نحتاج إلى تشريع أو إلى إعادة نظر في آليات العمل؟
- مجلس الشورى دائماً ما يحرص على الاهتمام بموضوع الدين العام واستقراره في مستويات معينة، كما يسعى إلى دراسة العوامل المؤثرة في الدين العام دراسة مستفيضة تنعكس إيجاباً على آليات التعاطي مع الدين العام وإيجاد الحلول التي تساهم في تقليله والحد منه.
ونحن نثمن الدور الذي تقوم به الحكومة في اتخاذ الإجراءات التي تساهم في خفض الدين العام واستقراره من أجل ضمان الحفاظ على مستويات آمنة للدين العام، والتي تجلت بوضوح من خلال الإقفال نصف السنوي للوزرات والجهات في تحسين النشاط الاقتصادي الحكومية، حيث كشف تقرير وزارة المالية عن انخفاض المصروفات العامة بنسبة 4%، وارتفاع الإيرادات الفعلية المحصلة بنسبة 23%، مما أدى إلى انخفاض العجز بنسبة 35% مقارنة بنفس الفترة في العام الماضي، وهذا ما يثبت أن مملكة البحرين استطاعت أن تواصل إنجازاتها للمحافظة على تصنيف ائتماني مستقر.
كما أود الإشارة إلى أننا في مجلس الشورى نحرص على الوصول إلى توافقات مشتركة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، من أجل ترسيخ التعاون والتنسيق وفق رؤية وأهداف مشتركة بين السلطتين في كل ما يتعلق بالميزانية العامة للدولة، وذلك من خلال تقليل المصروفات وتنويع مصادر الدخل وكذلك تقليل العجز والذي سيؤثر إيجاباً على خفض الدين العام، وتحقيق التوازن المالي المطلوب بما يلبي التطلعات والأهداف المنشودة لمواصلة الدفع بعجلة التنمية الاقتصادية إلى الأمام. يجب التنبيه إلى أن مجلس الشورى مع وضع استراتيجية للتحكم في نمو مستويات الدين العام، والاستفادة من أي وفورات متحققة في الميزانية لخفض فوائد الدين العام، وبالتالي فإن هذه الإستراتيجية سوف يكون لها دور بارز في استمرار مساعي السلطتين التشريعية والتنفيذية من أجل خفض معدلات الدين العام.
*متى تتوقعون عودة اللجنة الحكومية البرلمانية لإعادة توجيه الدعم المباشر لدراسة هذا الملف؟ أم أن تداعيات الجائحة ستؤجل مناقشة هذا الملف؟
- أتوقع أن الدور المقبل سيشهد إعادة تشكيل للجنة المذكورة، وينبغي هنا الإشارة إلى أن الغاية منها ليس تقليل الدعم أو حجبه عن أي شريحة من المواطنين، بل الغاية هي توجيه الدعم لمستحقيه بالدرجة الأولى، ومساعدة الأسر من ذوي الدخل المحدود قدر الإمكان وتركيز الاهتمام بهم لتحقيق الغاية الأساسية من الدعم، وفي اعتقادي أن الترتيبات لتشكيل اللجنة هي من اختصاص الحكومة بالدرجة الأولى باعتبارها هي من تقوم بتنفيذ برامج الدعم، ولديها كافة البيانات حول الشرائح المستفيدة، وما يمكن أن يحققه التعديل بما لا يضر بالمواطن.
*ماهي آخر مستجدات بناء مقر المجلس الوطني؟
- عقدنا بالفعل أكثر من لقاء مع وزير الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني عصام خلف، حول إعداد المخطط التفصيلي للمشروع وفقاً لما تم التوصل إليه من وجهات نظر في اللقاءات المشتركة بين المجلسين والوزارة، وجاري العمل فيه وفق المخططات الزمنية للمشروع.