يشكل "التطبيب عن بعد" إحدى أبرز المجالات الطبية الصاعدة ضمن قطاع الرعاية الصحية في المملكة والتي لمع نجمها بتأثير الجائحة مؤخراً، وهو ما يعكس ما تتميز به البحرين من جاذبية تنافسية على صعيد القطاع الصحي وبيئة الأعمال التي ساهمت في كسب ثقة المستثمرين إلى جانب توافر الوعي والقابلية في المرونة والتكيف مع مختلف الخيارات لدى متلقي الخدمات والعملاء في المملكة.
وبرزت جهود الهيئات الحكومية والوزارات في البحرين بما في ذلك وزارة الصحة والهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية "نهرا" على صعيد دعم وتشجيع مؤسسات ومرافق الرعاية الصحية على تقديم خدمات التطبيب عن بُعد، والتي تتضمن الخدمات السريرية (الإكلينيكية)، إلى جانب الاستشارات وتقديم الوصفات الطبية عبر الإنترنت.
وقد ساهمت جميع تلك الجهود بدورها في تهيئة السبيل للبحرين لتكون بيئة مثالية لتقديم هذه الخدمات والحصول على اهتمام المستثمرين في هذا المجال الطبي الصاعد في المملكة.
وكان البحث الذي أجراه مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة "دراسات" قد رصد موجة من الارتفاع الكبير في الطلب على خدمات التطبيب عن بعد، والذي كان لتداعيات الجائحة دوراً كبيراً في زيادته، وبالتالي تحقيق نوع من التحول النوعي في الرعاية الطبية والخدمات الصحية، وهو ما أفرزته عوامل متنوعة ترتبط بالضرورة الطبية والحاجة الملحة إلى هذا النوع من الخدمات، وتحسن خصوصية البيانات الشخصية حول القضايا الحساسة تقليدياً مثل الصحة النفسية والعقلية.
بحث دراسات حول خدمات التطبيب عن بعد..
وذكر بحث "دراسات" أن خدمات التطبيب عن بعد للرعاية غير العاجلة وخدمات توصيل الأدوية قد باتت الأكثر طلباً بالمقارنة مع زيارات العيادة خلال المرحلة الأولى من الجائحة إلى جانب حصول خدمات الرعاية الطبية عن بعد على تقدير عالي من قبل العديد من المتخصصين في الرعاية الصحية والمرضى والمستخدمين النهائيين، والذين أعربوا عن رغبتهم في اعتماد مثل هذا النوع من الخدمات من قبل المستشفيات مستقبلاً.
وتطرق بحث "دراسات" إلى العديد من المزايا التي حققها التحول إلى التطبيب عن بعد، والتي يأتي من بينها الحفاظ على استمرارية الرعاية الصحية للحالات المزمنة وطويلة الأجل والعلاجات المخطط لها مسبقًا للمرضى، إلى جانب زيادة العدد اليومي للمرضى الذين يتلقون رعاية عاجلة في المستشفى، وجدولة مواعيد مناسبة وفعالة للمرضى، وتقليل الوقت الذي يتم قضاؤه في متابعة الرعاية، وخفض الحاجة للانتقال إلى مرافق الرعاية الصحية وتعزيز سلامة الطاقم الطبي والمرضى.
كما يمكن القول إن التطبيب عن بعد ستكون له آثار إيجابية على فعالية إدارة الرعاية الصحية في المستشفيات، والتعاون بين مقدمي خدمات الرعاية الصحية، وشركات التأمين والصيدليات.
وقد برزت في مجال التطبيب العديد عن بعد عدد من المنصات والتطبيقات الالكترونية والشركات التي تنوعت خدماتها لتشمل المملكة ودول المنطقة وحظيت باهتمام ودعم صندوق العمل "تمكين" والهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية "نهرا" ومجلس التنمية الاقتصادية.
أبرز المنصات التي تقدم خدمات التطبيب عن بعد في المملكة..
ومن بين أبرز المنصات والتطبيقات التي تقدم خدمات التطبيب عن بعد تأتي "كيورا" الذي يتيح نظام عيادات الكترونية شبه متكامل يوفر ثلاث خدمات رئيسية تشمل خدمة الاستشارات الطبية المتخصصة عن بعد من قبل أكثر من 800 طبيب في أكثر من 40 تخصصا في المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين دون الحاجة إلى مواعيد مسبقة، إلى جانب توافر خدمة الاستشارات الفورية مع أطباء عامين مناوبين على مدار الساعة في جميع الأيام لتقديم إجابات سريعة لشكوى المرضى ولمساعدة العملاء.
وتعد منصة "دكتوري" أول خدمة مرخصة من قبل الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية "نهرا" وذلك لتقديم خدمات التطبيب عن بعد، إذ يمكن للمريض من خلال منصة "دكتوري" أن يقوم باستشارة طبيب عبر الفيديو والحصول على تقرير الاستشارة إلى جانب الوصفة الطبية، في حين تركز شركة Saaya Health الناشئة في مجال الصحة النفسية على تقديم الخدمات الموجهة للأفراد والشركات لتعزيز الوقاية من الانهيار النفسي والإرهاق، وتنظيم الاستطلاعات حول الصحة النفسية وفحص الإجهاد والصحة العقلية، إلى جانب إتاحة المجال لمشاركة المعالج النفسي مع الخبراء العالميين لتحسين السلوكيات والإنتاجية في بيئة العمل كما وتسعى إلى توفير خدمات العلاج عبر الإنترنت وتسعى إلى ابتكار أدوات تقنية جديدة لتعزيز الصحة النفسية بدءًا من جلسات المعالج النفسي وحتى تطبيقات النوم.
ومع ازدياد الطلب والتوجه نحو خدمات التطبيب عن بعد فإنه من المرجح أن يتوسع هذا المجال ليستقبل المزيد من المستثمرين ومقدمي هذه الخدمات مستقبلاً التي تسعى لأن تتكيف مع مختلف الظروف لمتلقي الخدمة.