أكد الدكتور علي بن فضل البوعينين النائب العام، توجه النيابة العامة لتطبيق فعال لقانون العدالة الإصلاحية للأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة، الذي يعد تشريعاً نموذجياً ذا بُعد إنساني مستنير في معاملة الطفل جنائياً وفي تعزيز حمايته، لما تضمنه من أحكام إجرائية وموضوعيه تفرض عدم صدور أي حكم أو أمر أو اتخاذ أي إجراء تجاه الطفل إلا بناء على دراسة وافية للظروف الاجتماعية والنفسية، فضلاً عن جعله الأولوية دائماً للمصالح الفضلى للطفل.وأكد البوعينين أولوية الحفاظ على المصالح الفضلى للطفل، وقال إن الهدف من الورشة ليس الإلمام بمحاوره الموضوعية والإجرائية وحسب، وإنما التطبيق القائم على الاستهداء برُوحِ القانون وبُعدِهِ الإنساني المتحضر، تطبيقا لنهج حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، في تطوير التشريعات في مملكة البحرين بما يضمن المضي قدما في تحقيق المسيرة التنموية الشاملة.جاء ذلك في ورشة دولية (آفاق وتحديات التطبيق الفاعل لقانون العدالة الإصلاحية للأطفال)، التي أقيمت تحت رعاية الدكتور علي بن فضل البوعينين، بالتعاون مع معهد الدراسات القضائية والقانونية ومكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة، بمشاركة السفارتين البريطانية والفرنسية لدى مملكة البحرين.وحضر فعالية اليوم من الورشة، الشيخ خالد بن علي آل خليفة وزير العدل والشئون الإسلامية والاوقاف، وعدد من السفراء لدى مملكة البحرين، ولفيف من القضاة وأعضاء النيابة العامة والخبراء الدوليين، وأكثر من 200 شخصية من أصحاب الاختصاص من مختلف دول العالم.وفي تصريح خاص لوكالة أنباء البحرين "بنا"، قال البوعينين إن قانون العدالة الإصلاحية يعتبر قانونا جديدا على مستوى المنطقة، فهو قانون غير موجود في كثير من الدول، وتحقق مملكة البحرين السبق على كثير من الدول في الخليج العربي والمنطقة العربية أيضا، فقانون العدالة الإصلاحية قانون متقدم يطبق ويضمن المعاملة النموذجية للاطفال، ويجعل من المراجعة النفسية والاجتماعية أمرا واجب التطبيق في سير القضايا، موضحا أن الورشة الإقليمية المقامة اليوم تبرز تقدم مملكة البحرين في مجال حقوق الإنسان ومجال رعاية الطفل.ولفت البوعينين إلى أن هذا القانون يعتبر طفرة قوية جدا في مجال الرعاية الخاصة للأطفال وهو أمر يحسب لمملكة البحرين ويعزز من مكانتها الدولية، وأوضح أن الهدف هو تطبيق القانون بالطريقة الصحيحة وبشكل دقيق على أرض الواقع، متأملا انعكاس تجربة البحرين على تحفيز الدول الأخرى في مختلف دول العالم على تطبيقه، وتحفيزهم على تبني أفكار مملكة البحرين في هذا الشأن.وأكد البوعينين بدء العمل الفعلي على مراجعة القوانين الصادرة في جميع القضايا المختصة بالمرحلة العمرية بين 15 إلى 18 سنة، لوضع التدابير التي تراعي هذه الفئة بهدف الإصلاح وبما يحفظ حقوق الطفل الأمر الذي يتوافق مع أهداف الأمم المتحدة، وبين أهمية الشراكة المجتمعية العامة والخاصة المعنية بتطبيق القانون وأيضا رفع الوعي الاجتماعي والقانوني به، معتبرا أن وزارة التربية والتعليم ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية ووزارة الداخلية لهم الدور الكبير والمتكامل في هذا الشأن، إضافة إلى مؤسسات المجتمع المدني وتجارب السفارات، ومكتب الأمم المتحدة.وقال البوعينين في كلمته الافتتاحية: "إن هذه المشاركة بهذا المستوى القضائي والعلمي والتنفيذي الرفيع وهذا التعاون الدولي البناء الذي نلقاه دائماً من قبل أصحاب السعادة سفراء الدول الصديقة ومن مكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة لهو تأكيد على جدية ومصداقية الخطوات التي قطعتها المملكة في مسيرتها نحو منظومة قانونية وقضائية متكاملة التزاماً منها بمبادئ الدستور وما تضمنه من كفالة الحريات والحقوق العامة والخاصة".وأوضح أنه على مدار سنين طوال لم تألُ مملكة البحرين جهداً من أجل تعزيز العدالة وتثبيت دعائم سيادة القانون، وقال: "لعلنا شهدنا خلال الحقبة الماضية على أقل تقدير هذه المراجعات التشريعية المؤثرة التي أفرزت تنظيماً قانونياً مترابطاً ومجموعة من المؤسسات القوية المعنية بحماية حقوق الإنسان المختلفة في جميع ممارساته الحياتية".ولفت البوعينين التوجه لتدارس جانب من ذلك التطور التشريعي وهو قانون العدالة الإصلاحية للأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة من أجل دعم وتعزيز قدرات السلطة القضائية والأجهزة التنفيذية ذات الصلة بهدف الوصول إلى تطبيق سديد وفعال يحقق مقاصد القانون.وأكد النائب العام أن هذا القانون أتى نموذجياً في معاملة الطفل وحمايته من سوء المعاملة، بما رسمه من قواعد الاختصاص القضائي، وبجعله الأولوية لمصالح الطفل الفضلى في جميع الأحكام والقرارات والإجراءات المتعلقة به، فضلاً عن توسيع دائرة اختصاص مركز حماية الطفل بما يكفل الحماية المثلى للطفل من سوء المعاملة، والتأكيد على حق الأطفال في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة في الاستماع إليهم وتفهم مطالبهم، ومعاملتهم بما يحفظ كرامتهم ويضمن سلامتهم البدنية والنفسية، وعلى حق الطفل في شموله بالحماية والمساعدة الصحية والاجتماعية والقانونية وإعادة التأهيل، على نحو يتفق والمبادئ والمعايير الدولية، وأوضح أن من أهم مظاهر هذا القانون أنه جعل للخبرة الاجتماعية والنفسية والصحية، دورا متلازما في كل مرحلة وفي كل إجراء، بحيث لا يصدر حكم أو أمر أو يتخذ إجراء ما إلا بناء على دراسة وافية للظروف الاجتماعية والنفسية والشخصية للطفل.وأوضح البوعينين أن النيابة العامة عملت فور صدور قانون العدالة الإصلاحية للأطفال على توفير المقومات اللازمة لتطبيق أحكامه ولتعزيز قدراتها الفنية والمادية، منها إعادة تنظيم اختصاصات نيابة الأسرة والطفل ودعم وسائلها في التحقيق والتصرف في قضايا الطفل، وإنشاء مكتب التنفيذ والرعاية اللاحقة، ليختص بتنفيذ ومتابعة تنفيذ الأحكام الصادرة عن محاكم العدالة الإصلاحية واللجنة القضائية للطفولة، ومتابعة شؤون الطفل وأحواله خلال هذه المرحلة، وليختص هذا المكتب أيضاً بموجب قرار النائب العام الصادر بإنشائه، بتوفير الرعاية والحماية للطفل، ليس فقط خلال مراحل الدعوى الجنائية، بل بالإسهام في شموله بالرعاية اللاحقة فيما بعد تنفيذ العقوبة أو التدبير، بالتنسيق مع الجهات المعنية، وبما يصدر عن النيابة العامة من توصيات بإزالة ما تقف عليه من عقبات أو مشكلات اجتماعية تحول دون تنشئته على نحو قويم، أو تهدد أو تنال من استقرار الأسرة التي تحتضنه، أو بتوفير الخدمات وتلبية الاحتياجات التي تضمن له ولمحيطه الأسري حياة سوية خالية من أسباب الإنحراف أو التعرض للخطر أو العنف.ويتناول المتحدثون من الخبراء الدوليين والأكاديميين وأعضاء السلطة القضائية خلال جلسات الورشة عدة محاور قانونية وتطبيقية تتصل بالمعاملة الجنائية وتوفير الحماية للأطفال، منها مناهج حماية الطفل وحقوقه في مرحلة التحقيق والمحاكمة، والتجارب الدولية في مجال العدالة الإصلاحية، والاعتبارات الأساسية لاختيار العقوبات والتدابير المناسبة للطفل، وآليات الكشف المبكر عن حالات العنف ضد الأطفال والإبلاغ عنها، والتنسيق في هذا الشأن بين الجهات المعنية، فضلاً عن ضمان المصالح الفضلى للطفل.وتعد هذه الورشة الدولية إحدى الفعاليات التي تنظمها النيابة العامة منذ صدور قانون العدالة الإصلاحية للأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة في مطلع العام الجاري لغرض تعزيز القدرات وتوحيد الجهود وصولاً إلى تطبيق فعال للقانون يحقق مقاصده في معاملة الطفل وحمايته.