انطلقت مساء اليوم الإثنين الموافق 8 نوفمبر 2021م أعمال المؤتمر الدولي " إعادة الإعمار المتكاملة وتأثير ما بعد الصدمات على المجتمعات والجوانب الاجتماعية والاقتصادية للتعافي من الأزمات "، بتنظيم من المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي، وذلك عبر منصّة Zoom ، بمشاركة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة مجلس إدارة المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي، وحضور خبراء وأكاديميين من حول العالم وممثلين لمنظمات دولية على رأسها اليونيسكو، المجلس الدولي للآثار والمواقع (ICOMOS) ، المركز الدولي لدراسة وصون المملكات الثقافية وترميمها (ICCROM) ، البنك الدولي والصندوق الدولي للمعالم.
وخلال كلمتها الافتتاحية، أكدت معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة أهمية تعزيز الجهود المشتركة والتعاون من أجل الحفاظ على التراث الثقافي المواقع التاريخية لتبقى إرثاً تبني عليه الأجيال القادمة ومستقبلها، مضيفة أنه خلال السنوات الماضية تعرضت العديد من المدن العربية إلى أحداث مؤسفة وصراعات ساهمت في ضياع العديد من ملامحها الثقافية والتاريخية، وقالت: "لابد من وقفة جادة مع هذه المدن التي تحتفظ بتاريخنا الحضاري العريق وذاكرة حضارات تعود إلى آلاف السنين".
ووجهت معاليها دعوة إلى المجتمع العربي والدولي من أجل تعزيز الدعم والعمل المشترك لإعادة الإعمار والعمل على معالجة ما تعرضت له هذه المواقع وما خلفته من آثار سلبية على مختلف الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، موضحة أن المركز الإقليمي العربي للتراث يواصل العمل من خلال هذا المؤتمر وما سيتبعه من مشاريع متعلقة بدعم جهود إعادة الإعمار، ونكيّف استراتيجيته لتتلاءم مع التحديات التي تواجهها مواقع التراث العالمي العربية والمدن التاريخية في الوطن العربي.
وأكدت أن المركز يضع إعادة إعمار التراث الثقافي والمعالم الأثرية على رأس أولياته، منوّهة إلى أن حفظ التراث الثقافي في هذه المرحلة لا يساهم فقط في صون تاريخ وتراث الشعوب، بل يعزز مجالات الحقوق والقضايا الإنسانية، العدالة والتعافي المجتمعي والتنمية المستدامة، مع أهمية العمل المشترك مع المجتمعات المحلية، وتعزيز الشراكات مع المؤسسات المحلية والإقليمية والدولية العاملة في هذا المجال.
وتوجهت بالشكر إلى كافة المشاركين في هذا المؤتمر الدولي من خبراء وأكاديميين وممثلي المؤسسات العالمية الشريكة للمركز، وكافة الكوادر العاملة على تنظيم هذا الحدث الهام.
من جانبه أشار الدكتور منير بوشناقي المستشار لدى المركز الإقليمي إلى أهمية مناقشة موضوع إعادة الإعمار وتعافي المجتمعات من آثار ما بعد الصدمة، مقدّماً للحاضرين ملخص خبراته في هذا المجال والتي تفوق 35 عاماً، حيث عمل مع العديد من المنظمات الدولية كاليونيسكو الإيكروم من أجل تعزيز جهود التعافي من آثار الصراعات والحروب وإعادة إعمار وإحياء الموافق الثقافية والتراثية في بلدان عديدة حول العالم.
وأشار إلى أن المجتمع الدولي يعترف بدور التراث والثقافة في تعزيز السلام العالمي ويعمل، من خلال التعاون ما بين مؤسسات عديدة، من أجل إعادة إعمار التراث الثقافي كجزء من خطط تعافي المجتمعات من الصراعات والنزاعات، متطرقاً إلى عدد من القرارات الدولية التي أكدت على أهمية حماية التنوع الثقافي والمواقع التاريخية أثناء الصراعات وسعيها من أجل أن تكون الثقافة جزءاً لا يتجزأ من عمليات الإغاثة من بعد الصراعات.
يلقي هذا المؤتمر الضوء على العديد من تجارب و آليات إعادة الإعمار التي طالما نظر إليها المجتمع الدولي من البعد التقني و العملي المحض و التي تبين مع مرور الزمن و تعدد التجارب أنها لا تكون عمليات ناجحة تأدي إلى التعافي و إعادة استرجاع مقومات ثقافات الشعوب و المجتمعات المحلية من أصرحه و بنيان، و لكن كذلك من تراث غير مادي و إنساني إلا باتخاذ النهج المبني على العنصر الإنساني . يؤكد المركز الإقليمي العربي من خلال هذا اللقاء على أهمية مرحلة إعادة الإعمار كفرصة جوهرية و مرحلة هامة لإعادة النظر في دور الثقافة و التراث في التنمية المستدامة و تعزيز قدرت الشعوب و المجتمعات المحلية على الصمود و التماسك من خلال اعتبار النهج المبني على ثقافات الشعوب المتأثرة و وسطها كوسيلة لتحقيق هذه الأهداف. هذه الأهداف التي تندرج ضمن أبعاد التنمية المستدامة و الأجندة 2030 التي اقرتها منظمة الأمم المتحدة سنة 2015.
هذا ويستمر المؤتمر الدولي حتى يوم 10 نوفمبر الجاري، وسيقدّم خمس ندوات رئيسية تتحمور حول المواضيع التالية: سبل التصالح مع الصراعات الماضية والضرر الاجتماعي الاقتصادي من خلال إعادة بناء التراث الثقافي والتعافي من آثار ما بعد الصدمة، بناء القدرة على مقاومة الصدمات المتكررة، العمل على إيجاد مسار خاص بإعادة بناء التراث والتعافي الاجتماعي من آثار الصدمة، تأسيس عملية إعادة بناء للتراث الثقافي عبر آليات ترتكز على المجتمع، الجهود الدولية للاستجابة للتحديات التي تواجه العملية المشتركة للتعافي من آثار ما بعد الصدمة وإعادة إعمار التراث الثقافي.