في حوار شامل أجراه رئيس التحرير حول واقع ومستقبل البنية التحتية
رئيس التحرير إيهاب أحمد
كشف نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس اللجنة الوزارية للمشاريع التنموية والبنية التحتية الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة، أن متوسط نسبة الصرف من الميزانية المعتمدة لمشاريع البنية التحتية والإسكان ضمن الميزانية العامة للدولة خلال السنوات الأربع الماضية، قد تجاوز 90%.
وأضاف في حوار أجراه رئيس التحرير، على هامش الزيارة التي أطْلع فيها رؤساء تحرير الصحف المحلية على آخر مستجدات سير العمل في مشروع منتجع جميرا خليج البحرين، أن بلوغ الصرف الفعلي إلى هذا الحد على مشاريع البنية التحتية والإسكان يعكس كفاءة الصرف في حد ذاته، وحسن إدارة تلك المشاريع.
وأكد الشيخ خالد بن عبدالله، أن خطة التعافي الاقتصادي التي تم إطلاقها مؤخراً وفقاً للتوجيهات الملكية السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، وأعلن عنها مجلس الوزراء في جلسته التي عقدت برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، قد حددت خمس أولويات للعمل في المرحلة الحالية من بينها تنفيذ المشاريع التنموية الكبرى عبر إطلاق مشاريع استراتيجية تفوق قيمتها 30 مليار دولار، ومن خلالها سيتم التركيز على إطلاق مناطق استثمارية وصناعية جديدة، ومواصلة العمل على متابعة تنفيذ المشاريع التنموية ذات الأولوية التي تم الإعلان عنها في 2015 بقيمة 32 مليار دولار.
ولفت إلى أن الطموح عالٍ لتنفيذ المشاريع ذات الأولوية في المرحلة المقبلة، بهدف تأمين بنية تحتية مستدامة لكافة مناطق مملكة البحرين، والتي سيكون تحديدها وفق ما تقتضيه الظروف المالية، والتوافقات على برنامج الحكومة القادم (2023-2026) بين السلطة التنفيذية ومجلس النواب مطلع الفصل التشريعي الجديد. وفيما يلي نص الحوار:
ما هي أهم المشاريع ذات الأولوية في المرحلة المقبلة؟
- أود بداية أن أعرب عن وافر الشكر وعظيم الامتنان إلى المقام السامي لسيدي حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، وسيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، على ما حظيت به أعمال البنية التحتية ومشاريعها من دفعة قوية وتطور ملحوظ كمَّاً ونوعاً وإنفاقاً على مدار الأعوام الماضية، مما أهلها لتواكب ما تشهده المملكة من تطور عمراني متسارع.
وبالعودة إلى سؤالكم، بالتأكيد أن سقف الطموح عالٍ جداً، ولا حد له من حيث الرغبة في تنفيذ المزيد من المشاريع ذات الأولوية، وذلك كله من أجل تأمين بنية تحتية مستدامة في كافة المناطق عبر تطوير شبكات الطرق والصرف الصحي والكهرباء والماء، وتنفيذ المشاريع الإسكانية لتلبية الطلبات على قوائم الانتظار، وتعزيز شبكة المواصلات البرية والجوية والبحرية، وغيرها من المشاريع التي تشكل منظومة البنية التحتية لمملكة البحرين، وقائمة المشاريع المستقبلية محددة وبعضها تم الانتهاء من دراسة جدوى تنفيذها، وستعلن بالتأكيد في حينها.
لكن ما يهمنا اليوم هو التركيز على ما تم إنجازه من خلال الحفاظ عليه، وكذلك على ما يجري تنفيذه من مشاريع مدرجة ضمن برنامج الحكومة الحالي الممتد لغاية العام 2022 عبر المتابعة الحثيثة لإكمالها في وقتها المحدد، وتوفير الميزانيات اللازمة لتشغيلها، فضلاً عن العمل على تحقيق كل ما يوفر للخدمات الحكومية ديمومتها واستمراريتها.
ولا شك أن خطة التعافي الاقتصادي التي تم إطلاقها مؤخراً قد حددت 5 أولويات للعمل في المرحلة الحالية، من بينها تنفيذ المشاريع التنموية الكبرى عبر إطلاق مشاريع استراتيجية تفوق قيمتها 30 مليار دولار، ومن خلالها سيتم التركيز على إطلاق مناطق استثمارية وصناعية جديدة، ومواصلة العمل على متابعة تنفيذ المشاريع التنموية ذات الأولوية التي تم الإعلان عنها في عام 2015 بقيمة 32 مليار دولار.
كما أن تحديد الأولويات مرهون بمقتضيات الظروف المالية للمرحلة المقبلة التي أعني بها مرحلة الفصل التشريعي الجديد (2023-2026) على المدى القصير والمتوسط على أقل تقدير، والتي سيتم تحديد أولوياتها من خلال التوافق بين السلطة التنفيذية مع مجلس النواب على برنامج الحكومة في ذلك الحين، والذي ستتم ترجمة سياساته ومبادراته إلى مشاريع محددة في الميزانية العامة للدولة بناء على ما سترتئيه كلا السلطتين من أهمية لترتيب أولوية التنفيذ.
لكنني شخصياً أميل إلى التركيز في المرحلة المقبلة على مواصلة تنفيذ المزيد من المشاريع التطويرية التي من شأنها أن تعمل على ربط الطرق الداخلية بشبكة الطرق الرئيسة، وربط العقارات بشبكة الصرف الصحي الرئيسة، والاستغناء عن الحلول المؤقتة كالشوارع الترابية في حال الطرق، والخزانات الأرضية في حال الصرف الصحي.
وفي هذا الصدد، فإن اللجنة الوزارية للمشاريع التنموية والبنية التحتية خصصت جزءاً كبيراً من اجتماعاتها الرئيسة والجانبية للتباحث في الخيارات العملية والتفكير كما يُقال «خارج الصندوق» للتوصل إلى حلول مالية وقانونية وإدارية وغيرها لتوفير البنية التحتية داخل المناطق الجديدة والقديمة على حد سواء، والتي من بينها تمويل مشاريع تطوير المرافق العامة والطرق الداخلية وصيانتها من إيرادات صندوق الموارد البلدية المشتركة، إذ كان تنفيذ أولى تلك المشاريع في حزمة أطلقت في يوليو 2019، حيث بلغ عدد المشاريع 46 مشروعاً بميزانية تقدر بنحو 21.7 مليون دينار.
في حين أن إطلاق الحزمة الثانية كان في أبريل 2021 على إثر موافقة مجلس الوزراء برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، على تمويل تلك المشاريع التطويرية ذات الطابع البلدي، وعددها 73 مشروعاً بميزانية تقدر بنحو 42 مليون دينار.
ولعل الجميع يرصد ويتابع ما يُنشر عبر الصحافة ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي المختلفة بين الحين والآخر من ملاحظات حول عدم وجود طرق داخلية في هذا المجمع السكني، وافتقار المجمع ذاك إلى شبكة صرف صحي، وبخاصة المجمعات السكنية الحديثة. وفي رأيي أن هذه المشكلة لن تنتهي طالما أن المستثمرين والمطورين لا يوفرون البنية التحتية الثانوية لمشاريعهم التطويرية، وبالتالي عدم ربطها بالشبكات الرئيسة.
وإلى جانب ما تقدم، فإن أحد تلك الحلول العملية المستحدثة يتمثل في تحصيل كلفة إنشاء وتطوير البنية التحتية في مناطق التعمير القائمة والتي توجد فيها مرافق. والعمل جارٍ مع الجهات ذات العلاقة الآن من خلال اللجنة الوزارية للتباحث حول آلية احتساب كلفة إنشاء وتطوير البنية التحتية في مناطق التعمير القائمة التي تحتاج مرافق البنية التحتية فيها إلى تطوير وتحسين، وفي مناطق التعمير الجديدة التي لا توجد فيها مرافق أو لم يكتمل إنشاؤها، وهي مناطق كما هو معروف لا يتم منح رخص بناء فيها لافتقارها إلى البنية التحتية.
بمناسبة الحديث عن تحصيل كلفة إنشاء وتطوير البنية التحتية في مناطق التعمير..
هل هناك توجه لإعادة النظر في تحميل المواطن هذه الكلفة في المناطق الجديدة، أو على الأقل دراسة إمكانية خفض سعر المتر المحتسب حالياً والاستجابة لمناشدات المطورين؟
- أود التأكيد بداية، على مبدأ أن الأراضي والمساكن المملوكة للمواطنين والمخصصة لسكناهم في مناطق التعمير الجديدة والقائمة مستثناة من تطبيق أحكام المرسوم بقانون رقم (25) لسنة 2015 بشأن تحصيل كلفة إنشاء وتطوير البنية التحتية في مناطق التعمير.
ومن جهة أخرى، لا شك بأن مطالبات المطورين والمستثمرين هي محل اهتمام وتقدير من قبل الحكومة، والاستماع إلى مختلف وجهات النظر لما فيه تطوير العمل هو نهج لن نحيد عنه، وأتذكر بأننا في العام 2017 عقدنا اجتماعاً مع المطورين العقاريين لشرح آلية تنفيذ وتطبيق القرار الوزاري رقم (11) لسنة 2017 بشأن تحديد فئات وآلية تحصيل كلفة إنشاء وتطوير البنية التحتية في مناطق التعمير القائمة والتي توجد فيها مرافق، وشكرنا المطورين على الدور المهم الذي يضطلعون به من أجل الإسهام في تنمية وتعمير وطننا العزيز، كما دعوناهم إلى مواصلة تقديم ملاحظاتهم التي لم تنقطع، ويسرنا الاطلاع عليها على الدوام لما فيه من تحقيق للمصلحة العامة والإسهام في تطوير العمل وإزالة المعوقات إن وجدت.
أنا أكرر عبر صحيفتكم، دعوتي للمطورين العقاريين ولكافة المعنيين بهذا القطاع للتواصل معنا بشكل دائم، ورفدنا بمقترحاتهم القيمة، ويسعدنا دوماً لقاءهم والاستماع إليهم.
أنا مؤمن بأهمية وضع القطار على السكة، ليأتي التصحيح مع التقدم في الممارسة، كون تحصيل كلفة البنية التحتية تجربة مستجدة علينا، ولم نبدأ في تطبيقها إلا خلال العام 2017. وما يؤكد حرص الحكومة على الاستماع إلى مطالبات وملاحظات المطورين، هو التعديلات التي طرأت على القرار الوزاري المذكور، وأولها منح المطور تخفيضاً فورياً من إجمالي كلفة البنية التحتية، لتكون مبنية على أساس ضرب 10 دنانير في صافي مساحة البناء، بدلاً من 12 ديناراً، في حال رغب في سداد الكلفة دفعة واحدة قبل إصدار ترخيص البناء.
وثاني تلك التسهيلات هو السماح بسداد الكلفة من خلال خدمات التمويل المقدمة من أحد البنوك والمصارف التجارية المعتمدة عبر نظام «بنايات» والتي تم توقيع اتفاقية تفاهم بينها وبين وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني، لتقديم خدمات تمويل كلفة البنية التحتية. وخلال العام الجاري، صدر القرار الوزاري رقم (20) لسنة 2021 والذي يقضي بعدم تحصيل كلفة البنية التحتية الخاصة بالطرق والصرف الصحي إذا كانت غير متوفرة في مناطق التعمير القائمة لحين توافرها.
وفي الواقع، فإن القطاع العقاري يواصل إسهامه بشكل إيجابي في الناتج المحلي الإجمالي، إذ يشير التقرير الاقتصادي الفصلي الصادر عن وزارة المالية والاقتصاد الوطني عن فترة الربع الثاني من العام الجاري، إلى أن قطاع الأنشطة العقارية وخدمات الأعمال حقق نمواً إيجابياً اسمياً بنسبة 3% على أساس سنوي، فيما ساهم القطاع ذاته بنسبة 4.9% في الناتج المحلي الإجمالي الإسمي في الفترة نفسها، ما يعني أن القطاع العقاري يسير بثبات.
أما قطاع البناء والتشييد، فقد نما إسمياً بنسبة 7.2% مدعوماً بازدياد مساحات البناء للرخص الصادرة بنسبة 77.3%، وكذلك ارتفاع أعداد تراخيص البناء الصادرة بنسبة 38.5% على أساس سنوي.
عملياً، فإن تطبيق مبدأ تحصيل كلفة إنشاء وتطوير البنية التحتية ليس الهدف منه إضافة أعباء على المطورين وإثقالهم بالتزامات مالية، أو لتوفير دخل أو إيراد جديد، بل على العكس من ذلك تماماً، فما يتم تحصيله من المطورين والمستثمرين يتم إعادة ضخه لتوفير البنية التحتية للمشاريع الاستثمارية، وأرى بأن توفير الخدمات أهم من تخفيض كلفة البنية التحتية التي لا تشكل سوى أقل من 4% من الكلفة الإجمالية للمشروع، لأن عدم خدمة الأرض المطورة بالكهرباء والماء والطرق والصرف الصحي يعتبر ضياعاً للفرص والعوائد الاستثمارية التي يتوقع المطور جنيها خلال فترة محددة. كذلك أشدد على أن كلفة البنية التحتية وتحصيلها لم يتم على أساس ربحي، بل تم احتسابها على أساس مقدار الكلفة الحقيقية للخدمة الحكومية مقابل توفيرها.
وفي رأيي، فإن مبدأ تحصيل الكلفة لا يجب حصره فقط في توفير البنية التحتية، فأي خدمة حكومية لا يتوفر لها التمويل اللازم ستتوقف حتماً، ولا يكون تحقيق استدامتها على المدى البعيد إلا من خلال تحصيل كلفتها، وبذلك لن يكون بقاؤها مرهوناً أو مرتبطاً بمدى قدرة المالية العامة على استيعابها في الميزانيات المرصودة.
إذن، في ظل محدودية الموارد المالية كما أشرتم قبل قليل والكلفة العالية لمشاريع البنية التحتية، ماهي الخيارات المتاحة لتمويل المشاريع الاستراتيجية من خارج الإيرادات العامة للدولة؟
- لا شك أن السبل الأخرى لتمويل المشاريع من خارج الإيرادات العامة للدولة تتمثل في الحصول على تمويلات ميسرة من قبل صناديق التنمية العربية والبنك الإسلامي ووكالات ائتمان الصادرات، بالإضافة إلى بحث سبل الشراكة مع القطاع الخاص لتمويل المشاريع الكبرى، حيث إن هذا التوجه لا يمكن اعتباره هدفاً قصير المدى، بل هو توجه استراتيجي بعيد المدى.
فالحكومة وانطلاقاً من حرص واهتمام صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، مؤمنة تماماً بأهمية دفع القطاع الخاص ليتبوأ دوراً أكبر كمحرك رئيس في عملية التنمية لخلق فرص نوعية للمواطنين وللعمل والاستثمار، ويعد هذا التوجه أحد مستهدفات برنامج الحكومة الحالي، ونهجاً مستقبلياً سنواصل السير عليه وتعزيزه.
ما آخر تطورات تطوير البنية التحتية في جزر حوار؟
- تتابع اللجنة الوزارية للمشاريع التنموية والبنية التحتية التقدم المحرز على صعيد تطوير البنية التحتية بجزر حوار، والمهم في هذه المرحلة هو تزويدها بما تحتاجه من الطاقة الكهربائية لتغذية التطور العمراني المستقبلي، وجميع منشآتها الحيوية عن طريق مد كابلات بحرية بطول 75 كيلومتراً، وكابلات أرضية بطول 6 كيلومترات، لربط حوار بمحطة درة البحرين، بالإضافة إلى إنشاء محطة نقل الكهرباء بسعة 48 ميجافولت أمبير كمرحلة أولى. وفي آخر متابعة للجنة الوزارية مع هيئة الكهرباء والماء حول سير العمل في سبتمبر الماضي، فقد بلغت نسبة الإنجاز في هذا المشروع المؤمل تدشينه خلال الربع الأول من العام القادم، حوالي 59%.
وبمناسبة الحديث عن جزر حوار، في إطار ترجمة رؤى وتوجيهات حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى، بتحويل جزر حوار إلى وجهة سياحية عالمية صديقة للبيئة تعزز من مكانة مملكة البحرين كوجهة إقليمية وعالمية للسياحة المستدامة، وضمن استراتيجية قطاع السياحة (2022-2026) المندرجة تحت خطة التعافي الاقتصادي، فقد عقدت شركة البحرين للاستثمار العقاري «إدامة»، الذراع العقارية لشركة ممتلكات البحرين القابضة، صندوق الثروة السيادي لمملكة البحرين، شراكة مع مجموعة «أكور» العالمية والمتميزة في عالم الضيافة، لإطلاق فندق جديد تابع لعلامة «مانتيس» على الساحل الغربي لجزيرة حوار، والذي ستحيط به محمية للحياة البرية، مما سيجعل هذا الفندق وجهة للسياحة البيئية في الشرق الأوسط. ومن المقرر افتتاح فندق ومنتجع «مانتيس جزيرة حوار» عام 2023، ويضم 72 فيلا وغرفة، والعديد من المرافق الرياضية والترفيهية.
ما حجم الإنفاق على مشاريع البنية التحتية العام الحالي من الميزانية العامة للدولة؟
- في الواقع، تبلغ الميزانية المخصصة لتمويل مشاريع البنية التحتية للعام الحالي، والتي تشمل الطرق والصرف الصحي والكهرباء والماء والصناعة، بالإضافة إلى مشاريع الإسكان، حوالي 520 مليون دينار، منها ما يقارب 209 ملايين دينار ضمن الميزانية العامة للدولة، و311 مليون دينار ضمن برنامج التنمية الخليجي.
ومن المهم الإشارة كذلك إلى أن متوسط نسبة الصرف من الميزانية المعتمدة لمشاريع البنية التحتية والإسكان ضمن الميزانية العامة للدولة خلال السنوات الأربع الماضية، قد تجاوز 90%، الأمر الذي يعكس كفاءة الصرف على المشاريع وحسن إدارتها.
وأود أن أغتنم هذه الفرصة من خلال صحيفتكم لأتوجه بالشكر والتقدير إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة، ودولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، ودولة الكويت الشقيقة، وصناديق التنمية فيها والقائمين عليها، على ما لمسناه من تعاون وتجاوب وحرص على الإسهام في تنمية وتطوير البنية التحتية في مملكة البحرين من خلال المشاريع الاستراتيجية المنفذة أو الجاري تنفيذها والتي شملت كافة مناطق البحرين من أقصاها إلى أقصاها.
ما الأهمية الاستراتيجية لمشروع الجسر الرابع الذي يربط بين المنامة والمحرق في تخفيف الازدحام في ظل التوسع العمراني في كلا المحافظتين؟
- يعتبر مشروع جسر المحرق الدائري «الجسر الرابع» الذي يربط بين المنامة وجزيرة المحرق، وتحديداً منطقة البسيتين بتقاطع جسر المنامة الشمالي وخليج البحرين، من أهم مشاريع الطرق الاستراتيجية التي تتابعها اللجنة الوزارية للمشاريع التنموية والبنية التحتية، وتنفذها وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني.
ويأتي إنشاء هذا الجسر بعد الجسور الثلاثة الحالية، وهي جسر الشيخ حمد، وجسر الشيخ عيسى بن سلمان، وجسر الشيخ خليفة بن سلمان.
وتشير الدراسات المرورية إلى أنه من المتوقع أن تزيد حركة المرور على الجسور الثلاثة بنسبة 2%.
وبالتالي، بات من الضروري توفير جسر رابع يربط محافظة المحرق بالعاصمة ليخدم مناطق شمال المحرق كقلالي والدير وسماهيج والبسيتين، إضافة إلى ديار المحرق وجزر أمواج ودلمونيا والسايه والمشاريع الإسكانية والمبنى الجديد لمطار البحرين الدولي.
وتتمثل الأهمية الاستراتيجية لهذا الجسر، في أنه سيعمل على ربط المشاريع الاستثمارية بمحافظة المحرق بالمناطق التجارية في المنامة، مما سيساهم في التسريع من وتيرة الحركة الاقتصادية بالمملكة.
كما سيخدم الجسر المشاريع السكنية والتجارية شمال جزيرة المحرق، وسيعمل على تعزيز الحركة المرورية إلى مطار البحرين الدولي وميناء خليفة بن سلمان، إضافة إلى أنه بتنفيذ هذا المشروع سيستكمل الشارع الدائري حول مدينة المحرق وربط امتداده بشارع البحرين الدائري الشمالي. علاوة على مساهمته في تخفيف الازدحامات المرورية ورفع الطاقة الاستيعابية في ظل الكثافة المرورية.
وتبلغ التكلفة الإجمالية للمشروع 132.3 مليون دينار، منها 37.4 مليون دينار تكلفة الجرف وردم الرمال البحرية اللتين تشكلان أعمال المرحلتين الأولى والثانية، ومبلغ 94.9 مليون دينار للمرحلة الثالثة والرابعة من المشروع، واللتين من المتوقع البدء فيهما خلال الربع الثاني من عام 2022، على أن يكون الانتهاء الكلي للمشروع بحلول العام 2025.
الجسر الجديد بين البحرين والسعودية متى تتوقعون أن نرى خطوات في هذا المشروع على أرض الواقع؟
- سيربط مشروع جسر الملك حمد بين محطة الملك حمد الدولية في منطقة الرملي بمملكة البحرين، ومحطة الدمام بالمملكة العربية السعودية الرابطة بشبكة سكك حديد دول مجلس التعاون الخليجي.
ولا شك أن هذا المشروع سيساهم في ربط المملكة بدول المنطقة، وسيعزز من فرص النمو الاقتصادي، كما سيعمل على ربط الشبكات اللوجستية، وتوفير خدمات نقل بديلة ومستدامة للأفراد والبضائع. ولا يخفى عليكم أن الدراسات التي أعدت مسبقاً أثبتت جدوى تنفيذ المشروع بالشراكة مع القطاع الخاص، وتعمل الأمانة العامة لجسر الملك فهد في الوقت الحالي على المرحلة الانتقالية من المشروع بالتعاون مع وزارة المواصلات والاتصالات في مملكة البحرين، ووزارة النقل بالمملكة العربية السعودية الشقيقة.
وحتى اليوم، تم الانتهاء من مراجعة الدراسات السابقة، واعتماد دراسة الجدوى الاقتصادية والفنية، وجاري العمل على تحديد استراتيجية التنفيذ وإعداد وثائق مناقصة تأهيل المقاولين المنفذين، تمهيداً لطرح المناقصة الرئيسة لتعيين المطور الرئيس للمشروع على أرض الواقع.
هل أغلق ملف المشاريع المتعثرة بعد إحالة مشروعين مؤخراً للجنة تسوية مشاريع التطوير العقارية المتعثرة؟
- في الواقع هذا ما نرجوه.. وكل ما نرجوه هو أن نصل إلى اللحظة التي نطوي فيها ملف مشاريع التطوير العقاري المتعثرة ليصبح شيئاً من الماضي، ودرساً عابراً تعلمنا منه وقادنا إلى إعداد قانون متطور وشامل لسد الفجوات والثغرات القانونية، وإنهاء حالة الفراغ التشريعي التي كان يعاني منه القطاع برمته، وذلك بما يحفظ لمملكة البحرين سمعتها ومكانتها التي طالما عُرفت عنها بوصفها ملاذاً آمناً للاستثمار العقاري في المنطقة منذ عقود طويلة، تلك السمعة التي تعززت اليوم بفضل الخطوات الجادة المتخذة لتنظيم القطاع وحوكمته وفق أفضل الممارسات العالمية المتبعة في هذا المجال.
وبالعودة إلى سؤالكم، فمن الناحية النظرية لا يمكن غلق هذا الملف على اعتبار أن المرسوم بقانون رقم (66) لسنة 2014 بشأن تسوية مشاريع التطوير العقارية المتعثرة لم تحدد أحكامه مدة سريانه، وظل المرسوم بقانون نافذاً من تاريخ صدوره لغاية هذا اليوم، تحسباً لمعالجة أي مشاريع قد تأتي لاحقاً، وذلك على غرار ما حدث مع المشاريع السبعة التي جاءت بعد مضي حوالي 7 سنوات على صدور القانون، والتي قررت اللجنة الوزارية للمشاريع التنموية والبنية التحتية إحالتها على دفعتين مؤخراً بين شهري مايو وأغسطس الماضيين إلى لجنة تسوية مشاريع التطوير العقارية المتعثرة، ذات الصفة القضائية.
لكن من الناحية العملية يبدو أنه لا توجد أي مؤشرات لتلقي مزيد من حالات الإبلاغ عن مشاريع متعثرة، وإن وجدت فستكون محدودة جداً مقارنة بمئات مشاريع التطوير العقاري التي سارت مثلما هو مخطط لها وكتب لها النجاح وتم تسليمها لملاكها في موعدها المتفق عليه في عقود البيع بين جميع الأطراف.
ولا يعني ما سبق التقليل من حجم المشكلة، بل العكس من ذلك تماماً، فعلى الرغم من أن عدد مشاريع التطوير العقاري المتعثرة، بلغ 14 مشروعاً فقط منذ إحالة أول حالة من مجلس الوزراء إلى اللجنة الوزارية في 2015 وصولاً لوقتنا الحاضر، والتي أنهت اللجنة الوزارية البت فيها عبر تسوية بعضها ودياً مع مطوريها أو إحالة الجزء الأكبر منها إلى اللجنة القضائية، إلا أن المقلق في هذا الشأن هو تعقد الحقوق وتشابك المصالح؛ نظراً لوجود عشرات أو مئات الوحدات العقارية في المشروع الواحد التي كانت من المقرر أن تؤول ملكيتها إلى عشرات ومئات الأفراد من المشترين والمستثمرين.
وفي هذا الصدد، فإنني أعول كثيراً على وعي المشترين والمستثمرين، وأهيب بهم المسارعة إلى إبلاغ الجهات الحكومية المختصة عن حالات مشاريع التطوير العقاري -إن وجدت- والمبيعة وحداتها على الخريطة قبل العام 2017، أي الفترة التي سبقت صدور قانون تنظيم القطاع العقاري وإنشاء مؤسسة التنظيم العقاري، ولم يلتزم مطوروها ببرنامج التنفيذ المتفق عليه، وإخطارها بتلك الحالات للبت فيها، واتخاذ ما يلزم حيالها من إجراءات قانونية لحفظ وحماية الحقوق والمصالح.