بدعوة من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، تمثل زيارة فخامة الرئيس جايير بولسونارو رئيس جمهورية البرازيل الاتحادية الصديقة إلى المنامة نقلة نوعية تاريخية في مسيرة العلاقات الوثيقة بين البلدين الصديقين، والقائمة على أسس راسخة من الود والاحترام المتبادل، والحرص المشترك على ترسيخ الأمن والاستقرار والسلام الإقليمي والعالمي، ودعم التنمية المستدامة.

وتفتح القمة البحرينية البرازيلية آفاقًا رحبة أمام تعزيز الشراكة السياسية والاقتصادية بين البلدين الصديقين، والتي تشهد تطورا ملحوظًا منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية في 23 فبراير 1976، وإنشاء بعثة دبلوماسية للمملكة في البرازيل في مايو 2014، وتوقيع مذكرة تفاهم للتشاور السياسي بين وزارتي خارجية البلدين في يوليو 2018، والتصديق على اتفاقية بشأن الخدمات الجوية في فبراير 2020، وخروجها بنتائج مثمرة بالتوقيع على خمس اتفاقيات ومذكرات للتفاهم تتعلق بالإعفاء المتبادل من متطلبات التأشيرة لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية والخاصة والرسمية، والتعاون بين أكاديمية محمد بن مبارك آل خليفة للدراسات الدبلوماسية ومعهد ريو برانكو التابع لوزارة الخارجية البرازيلية، والتعاون الرياضي والثقافي وبين مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي ووزارة المرأة والأسرة وحقوق الإنسان بالبرازيل.

وتعززت الروابط الدبلوماسية بالافتتاح الرسمي لمقر سفارة جمهورية البرازيل الاتحادية في المنامة، بعد تسلم جلالة الملك في 24 أغسطس 2021 أوراق اعتماد سعادة السيد فرانسيسكو ماورو برازيل دي أولاندا سفيرًا للبرازيل لدى المملكة، فيما قدم السفير بدر عباس الحليبي أوراق اعتماده سفيرًا للمملكة لدى البرازيل في 9 أكتوبر 2021.

وتكتسب هذه القمة أهمية كبيرة في ظل تمتع البلدين بثقل سياسي واقتصادي إقليمي وعالمي، ونجاح البحرين بقيادة جلالة الملك المفدى في تعزيز مكانتها كواحة للديمقراطية والتسامح والحرية الاقتصادية وكمركز مالي وسياحي واستثماري مميز، إلى جانب موقعها الاستراتيجي ورئاستها للدورة الحالية لمجلس التعاون الخليجي، وحرصها على توطيد العلاقات مع البرازيل الدولة الأكبر في أمريكا اللاتينية، وثامن أكبر قوة اقتصادية في العالم بناتج محلي إجمالي يتجاوز 3 تريليونات دولار، والسادسة عالميًا من حيث المساحة والسابعة بعدد سكان يتجاوز 213 مليون نسمة، ولها حضورها السياسي الفاعل كعضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي اعتبارًا من يناير المقبل ولمدة عامين.

وجاءت القمة البحرينية البرازيلية بعد اجتماع جلالة الملك المفدى مع فخامة الرئيس البرازيلي في مارس 2021 عبر تقنية الاتصال المرئي، وترحيب جلالته بعقد الدورة الرابعة من المشاورات السياسية في المنامة هذا العام، بعد نجاح الدورات السابقة، وأولها بالمنامة في يوليو 2018، وثانيها في سبتمبر 2019، وثالثها عبر تقنية الاتصال المرئي في سبتمبر 2020، في إطار التزام البلدين بترسيخ السلام والتعايش السلمي بين الشعوب من مختلف الأديان والثقافات والحضارات، ومحاربة التطرف والإرهاب، والتعاون في حماية البيئة ودعم التنمية المستدامة، وتوطيد العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية.

ودشّن مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي في 19 ديسمبر 2020 بالتعاون مع السفارة البحرينية في برازيليا "إعلان مملكة البحرين في أمريكا الجنوبية" انطلاقًا من البرازيل تقديرًا لمكانتها العالمية، وبما يبرز الرؤية الملكية السامية لتعزيز عرى السلام والتعايش بين شعوب ودول العالم، في احتفالية تاريخية بحضور فخامة الرئيس البرازيلي، وتم نقلها مباشرة، ولأول مرة تمت إضاءة تمثال كريستو ريدينتور "المسيح الفادي" الشهير في جبل كوركوفادو بألوان علم مملكة البحرين لتزامنها مع ذكرى تولي جلالة الملك المفدى مقاليد الحكم والعيد الوطني المجيد.

وتحرص البلدان على تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري، حيث تضاعف حجم التبادل التجاري غير النفطي أكثر من ستة مرات ليتجاوز 1.85 مليار دولار أمريكي خلال العام الجاري بنهاية أكتوبر 2021، أغلبها واردات بحرينية بقيمة 1.69 مليار دولار تتركز في المنتجات الكيميائية والمعادن والمواد الأولية الخام والحديد والصلب والمنتجات الزراعية والغذائية وأهمها اللحوم، لتصبح البرازيل أكبر مصدر في العالم إلى السوق البحرينية، في مقابل صادرات بحرينية غير نفطية إلى البرازيل بقيمة 160 مليون دولار، علمًا بأن حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين بلغ 896 مليون دولار عام 2020، ارتفاعًا من 289 مليون دولار عام 2009، وهناك العديد من الفرص الاستثمارية الواعدة في قطاعات الزراعة والصناعات الغذائية والتكنولوجيا الرقمية والنقل والخدمات اللوجستية والسياحة والخدمات المالية وريادة الأعمال والابتكار والطاقة المتجددة، وصناعة السيارات والصناعة الدفاعية، وغيرها.

إن القمة البحرينية البرازيلية، بما حققته من نتائج تاريخية ووسط ترحيب رسمي وشعبي، من شأنها توطيد علاقات الصداقة والشراكة الوثيقة بين البلدين في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية والبرلمانية والرياضية، والنهوض بها إلى أعلى المستويات، بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الصديقين، ويدعم جهودهما في ترسيخ الأمن والسلام والرخاء الاقتصادي في المنطقة والعالم.