تعمل مصر حاليا على تنفيذ خطة لتحقيق أقصى استفادة من أزمة الغاز في أوروبا، ونجحت تلك الخطة في زيادة صادرات الغاز المصرية بشكل كبير خلال الشهرين الماضيين، بحسب ما أكده مسؤولون لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية".

وزير المالية المصري محمد معيط، كشف، الأربعاء، على هامش اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن، عن أن صادرات مصر من الغاز شهريا وصلت حاليا إلى 600 مليون دولار، مشيرا إلى أن الخطة تهدف لزيادتها إلى مليار دولار شهريا.

حسب المتاح من معلومات وفقا لمصادر تحدث إليها موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" فإن صادرات مصر من الغاز قبل بدء تنفيذ الخطة الجديدة كانت تقدر بـ 350 مليون دولار شهريا، وأن الارتفاع الذي تحقق جاء نتيجة الاستفادة من فروق الأسعار نظرا لزيادة أسعار الطاقة عالميا فضلا عن زيادة الكمية التي يتم تصديرها شهريا.

وزير البترول المصري، طارق الملا، صرح قبل 3 أيام خلال مؤتمر منتدى شرق المتوسط للغاز بقبرص، بأنه بسبب الحرب في أوكرانيا وانقطاع الغاز الروسي عن دول الاتحاد الأوروبي، أصبح المنتدى فرصة لتعزيز علاقات الطاقة مع أوروبا في تلك المرحلة، وأن البنية التحتية المصرية في مجال تجميع وإسالة الغاز تسمح بتصديره لأوروبا.

تفاصيل الخطة

المتحدث باسم وزارة الكهرباء المصرية، أيمن حمزة، قال في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن الخطة التي اعتمدتها مصر منذ أغسطس الماضي نجحت في تحقيق وفر كبير من كميات الغاز المستهلك محليا، وتمت الاستفادة به لتصديره للخارج لدعم موازنة الدولة من النقد الأجنبي.

وأوضح أن خطة الحكومة تعتمد على تقليل إنارة الشوارع والميادين وكذلك تقليل استهلاك الكهرباء في مرافق الدولة، فضلا عن أن وزارتي الكهرباء والبترول اعتمدتا خطة لتقليل اعتماد محطات الكهرباء في التشغيل على الغاز واستبداله بالمازوت، وكل ذلك نتج عنه توفير ما يوازي 150 مليون دولار شهريا يتم الاستفادة بها من خلال تصديرها للخارج.

في 11 أغسطس الماضي أعلنت الحكومة المصرية خطة تتضمن عدة تدابير تهدف لترشيد استهلاك الكهرباء تشمل إطفاء الأنوار الداخلية والخارجية في مقار المؤسسات العامة بمجرد انتهاء ساعات العمل اليومية، وتخفيض إنارة الشوارع والميادين.

رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي اعتمد الخطة في مشروع قرار مكون من 7 بنود، صرح وقتها بأن المستهدف الوصول بنسبة توفير الغاز إلى 15 بالمئة شهريا وتصدير تلك النسبة يعني توفير ما يقرب من 450 مليون دولار شهريا تدخل لخزينة الدولة.

رئيس جمعية مستثمري الغاز المسال في مصر، محمد سعد الدين، قال في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن الخطة المصرية اعتمدت على معادلة بسيطة وهي استهداف زيادة دخل البلاد من العملة الأجنبية، وبالتالي البحث عما يحقق هذا بشكل سريع وعاجل للمساعدة في حل مشاكل البلاد، ومن ثم وجدت أن أسعار الغاز في أوروبا مرتفعة جدا، ومصر من الدول المنتجة للغاز، بالتالي اعتمدت الخطة على تصدير أكبر كمية من الغاز للاستفادة من فروق الأسعار.

وتابع أنه لتصدير أكبر كمية من الغاز فهذا يحتاج إما لزيادة إنتاج الغاز، أو تقليل الاستهلاك المحلي منه، ولأنه من الصعب زيادة الإنتاج بشكل كبير حاليا وأن هذا سيستغرق وقتا، ومن ثم كان البديل الأفضل هو ترشيد الاستهلاك.

وقال إنه لذلك عملت الحكومة المصرية على رفع أسعار الغاز لمصانع الإسمنت والسماد لتقليل استهلاكها منها ولتعتمد على وسائل تشغيل أخرى كالمازوت والفحم، وكذلك تقليل استهلاك محطات الكهرباء للغاز وتعتمد على مصادر أخرى أيضا، والهدف كله توفير الغاز بأكبر كمية ممكنة لتصديره لأوروبا.

في 11 أكتوبر الجاري قررت الحكومة المصرية رفع سعر بيع الغاز الطبيعي لمصانع الإسمنت بنسبة 109 بالمئة، ليصبح 12 دولارا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، مقارنة بـ 5.75 دولار قبل تلك الزيادة.

في منتصف سبتمبر الماضي قررت الحكومة المصرية زيادة أسعار الغاز الطبيعي المورد لمصانع الأسمدة الأزوتية، عبر آلية تسعير جديدة شهرية، تحتسب السعر تبعا لسعر طن اليوريا المورد للحكومة أو المصدر للخارج في الشهر السابق، وألا يقل الحد الأدنى لسعر البيع عن 4.5 دولار أميركي لكل مليون وحدة حرارية بريطانية بينما يكون السعر لمصانع الأسمدة غير الأزوتية بواقع 5.75 دولار أميركي لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.

رئيس جمعية مستثمري الغاز المسال في مصر، أوضح أن الخطة المصرية راعت أن تكون أسعار الغاز للمصانع المنتجة لسلع مطلوبة في الخارج وخاصة في أوروبا، تحقق المنافسة لتلك المصانع، وأن تصدر منتجاتها للخارج وتحقق دخلا من العملة الأجنبية لمصر وبالتالي تكون الدولة استفادة مرتين الأول من زيادة أسعار الغاز للمصانع وكذلك من الدخل الذي تحققه هذه المصانع من التصدير لأن أزمة الغاز في أوروبا جعلت العديد من المصانع المماثلة تتوقف عن الإنتاج.

وأشار إلى أن مصر تنتج 7.2 مليار قدم من الغاز المسال يوميا، وتستهلك حوالي 6 مليارات قدم، وبالتالي لديها وفر 1.2 مليار قدم للتصدير.

وأكد أن مصر العام الماضي صدرت غاز بقيمة 4 مليارات دولار فقط، ولكن هذا العام تستهدف أن تتخطى الكمية المصدرة 15 مليار دولار، وستحقق ذلك عبر خطتها من زيادة الكمية المصدرة وكذلك الاستفادة من ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا.

وشدد على أن الخطة المصرية مرنة ومنفتحة على جميع البدائل التي تحقق أقصى استفادة، ونظرا لكون تصدير الغاز يحتاج مراكب نقل خاصة مؤمنة بشكل معين وإجراءات معقدة مما يجعل الزيادة في عمليات التصدير محدودة مهما حدث.

وختم بأنه تم التواصل مع الحكومات والمستثمرين الأوروبيين لفتح مصانعهم في مصر والاستفادة من وجود الغاز وبالتالي تستفيد مصر من بيع الغاز لتلك المصانع في مصر وكذلك من تشغيل الأيادي العاملة فضلا عن تصدير ما تنتجه تلك المصانع من بضائع لا تحتاج لنفس إجراءات وتعقيدات تصدير الغاز.