إرم نيوز
هأثار إعلان الحكومة العراقية توقيع اتفاق جديد مع شركة "سيمنز" الألمانية، بشأن تحسين الكهرباء، تساؤلات حول جدية هذا التوجه، بسبب الاتفاقات السابقة التي عقدت قبل 15 عامًا.
وبدأت اللقاءات بين المسؤولين العراقيين ونظرائهم في شركة "سيمنز"، منذ عام 2008، عندما وقع رئيس الحكومة آنذاك نوري المالكي، عقدًا بين وزارة الكهرباء و"سيمنز" لبناء محطات جديدة لانتاج الطاقة الكهربائية بسعة 3300 ميغا واط.
وفي ذلك الوقت، قال المالكي: إن "هذا التوقيع هو فرصة أخرى تعزز آمالنا بتحسين قطاع الكهرباء".
وحتى خروجه من السلطة عام 2014، لم تدخل "سيمنز" بشكل فعلي في العراق، ولم تنفذ أيًا من مشاريعها المبرمة، بينما زادت مشاكل قطاع الطاقة، بسبب التوسع السكاني، وسيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي على مساحات واسعة من العراق.
عبدالمهدي يوقع "أكبر اتفاق"
وبعد مجيء رئيس الحكومة الأسبق حيدر العبادي، أعلن أيضًا عن اتفاق مع "سيمنز" لتطوير قطاع الطاقة.
وقال العبادي حينها، إن "إنتاج الكهرباء وصل إلى 16 ألف ميغا واط، واتفقنا مع شركة سيمنز، لتطوير قطاع الطاقة وصولا إلى مستوى تجهيز 24 ساعة".
وتناولت الصحافة الألمانية حينها جزءا من هذا الاتفاق الذي كان في طور التنضيج لتوقيع العقد الذي بلغت قيمته 13 مليار يورو في حينها، أي أكثر من 15 مليار دولار.
اتهمت "سيمنز" في الماضي، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بمحاولة عرقلة اتفاق الشركة الألمانية مع الحكومة العراقية
لكن العبادي، لم يوقع عقدًا مع الشركة حتى رحيله عن السلطة عام 2018، ليحمل رئيس الوزراء الجديد عادل عبدالمهدي، راية الشراكة مع سيمنز، وبقوة، ويبرم اتفاقًا في برلين عام 2019، بحضور المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
وحمل العقد التفاصيل نفسها التي تم الاتفاق عليها مع حكومة حيدر العبادي، إلا أن قيمة العقد ارتفعت إلى أكثر من 17.5 مليار دولار، حيث كان من المؤمل أن يضيف العقد 11 ألف ميغاواط من الطاقة الكهربائية، وعلى مدار 4 أعوام.
لكن الاحتجاجات الشعبية وما رافقها من أحداث دامية، وميول حكومة عبدالمهدي نحو الصين والترويج لمشروع الحزام والطريق، ولدت ردة فعل لدى الولايات المتحدة، التي واجهت مشاريع الدول الأخرى في العراق، بشكل عام، بنوع من البرود أو التخوف من ضعف نفوذها في البلاد.
وحينها، اتهم الرئيس التنفيذي لشركة "سيمنز" الألمانية، جو كايسر، في تصريح صحفي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بمحاولة عرقلة اتفاق الشركة الألمانية مع الحكومة العراقية والدفع في اتجاه منح الصفقة بالكامل لشركة جنرال إلكتريك، لتبقى الأمور على ما هي عليه.
وفي 2021، صدرت عدة مواقف من رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، تضمنت حث “سيمنز” على مواصلة العمل وتجاوز التلكؤ، ولكن لم يتحقق أي تقدم ملحوظ.
نص الاتفاق الجديد الذي وقعته حكومة السوداني مع الشركة الألمانية على وضع خطة متكاملة لمنظومة الكهرباء في العراق بشكل عام
السوداني يواصل "مسيرة الاتفاقيات" مع "سيمنز"
بعد مجيء حكومة السوداني، في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، برز ملف الطاقة والحلول المطروحة، لمعالجته، ليتجه رئيس الحكومة سريعا نحو شركة "سيمنز".
وأجرى السوداني الأسبوع الماضي زيارة إلى ألمانيا، التقى خلالها المستشار الألماني، أولاف شولتس، كما وقّع مذكرة تفاهم مع شركة "سيمنز".
ونص الاتفاق الجديد على "تطوير منظومة الكهرباء، ومنها أن تعمل شركة سيمنز بالتنسيق مع وزارة الكهرباء، على وضع خطة متكاملة لمنظومة الكهرباء بشكل عام، تتضمن حلولا للمشاكل، كما تقوم الشركة بإنشاء محطات توليد جديدة".
وقالت وزارة الكهرباء العراقية، إن "مذكرة التفاهم تضمنت تقديم شركة سيمنز دراسة متكاملة للعراق، عن الكيفية التي يتم فيها الاستفادة من الغاز المصاحب، في دعم وزيادة إنتاج الطاقة الكهربائية، كما تضمنت توقيع اتفاقية طويلة الأمد، لصيانة وتأهيل الوحدات العاملة في العراق التي أنشأتها شركة سيمنز".
ونص الاتفاق على "تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة، وهي الطاقة الشمسية وحركة الرياح، وإنشاء محطات تحويل في عموم مناطق العراق، إلى جانب تطوير وتأهيل كوادر وزارة الكهرباء ونقل الخبرات".
بيئة معقدة
يتساءل عراقيون عن جدية المسؤولين في إمضاء العقود مع الشركة الألمانية ومتابعتها، وتذليل العقبات التي تواجهها، خاصة أن ملف الطاقة في العراق معقد بشكل كبير، وتتداخل فيه عدة جوانب، فضلا عن تردي البنى التحتية، وخطوط التوزيع ومحطات الإنتاج.
"قطاع الطاقة في العراق بحاجة إلى تغيير الأساليب الحالية، بما يضمن بيئة سليمة للعمل، وجاذبة للشركات الأخرى"
عبد الحسن الشمري
الخبير في الشأن الاقتصادي عبد الحسن الشمري، رأى أن "العودة نحو سيمنز، وإن كانت تمثل بادرة جيدة، لكنها تبعث على التساؤل عن مدى قدرة وجدية الحكومة العراقية في إمضاء هذا الاتفاق وتهيئة الأجواء المناسبة للشركة للعمل في البيئة العراقية المعقدة، خاصة أن التجارب السابقة تؤشر إلى تجاهل بعض المسؤولين تلك الاتفاقيات، وعدم الاهتمام بها، وبالتالي عدم تحقيق تقدم في ملف الطاقة على مدار السنوات الماضية".
وأضاف الشمري في تصريح لـ"إرم نيوز" أن "تحقيق تقدم في ملف الطاقة قد يزعج بعض الدول المجاورة، التي تورد الغاز للعراق، ما يعني تضرر مصالحها، إذ تحصل على نحو 10 مليارات دولار سنويًا من التبادل التجاري مع العراق، نصفها جرّاء بيع الغاز".
ولفت إلى أن "قطاع الطاقة في العراق بحاجة إلى الكثير من الجهد والعمل، وتغيير الأساليب الحالية، بما يضمن بيئة سليمة للعمل، وجاذبة للشركات الأخرى".
ويعد ملف الطاقة الكهربائية في العراق من أعقد الملفات التي تواجهها الحكومات، دون إمكانية حل المسألة بشكل نهائي.
هأثار إعلان الحكومة العراقية توقيع اتفاق جديد مع شركة "سيمنز" الألمانية، بشأن تحسين الكهرباء، تساؤلات حول جدية هذا التوجه، بسبب الاتفاقات السابقة التي عقدت قبل 15 عامًا.
وبدأت اللقاءات بين المسؤولين العراقيين ونظرائهم في شركة "سيمنز"، منذ عام 2008، عندما وقع رئيس الحكومة آنذاك نوري المالكي، عقدًا بين وزارة الكهرباء و"سيمنز" لبناء محطات جديدة لانتاج الطاقة الكهربائية بسعة 3300 ميغا واط.
وفي ذلك الوقت، قال المالكي: إن "هذا التوقيع هو فرصة أخرى تعزز آمالنا بتحسين قطاع الكهرباء".
وحتى خروجه من السلطة عام 2014، لم تدخل "سيمنز" بشكل فعلي في العراق، ولم تنفذ أيًا من مشاريعها المبرمة، بينما زادت مشاكل قطاع الطاقة، بسبب التوسع السكاني، وسيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي على مساحات واسعة من العراق.
عبدالمهدي يوقع "أكبر اتفاق"
وبعد مجيء رئيس الحكومة الأسبق حيدر العبادي، أعلن أيضًا عن اتفاق مع "سيمنز" لتطوير قطاع الطاقة.
وقال العبادي حينها، إن "إنتاج الكهرباء وصل إلى 16 ألف ميغا واط، واتفقنا مع شركة سيمنز، لتطوير قطاع الطاقة وصولا إلى مستوى تجهيز 24 ساعة".
وتناولت الصحافة الألمانية حينها جزءا من هذا الاتفاق الذي كان في طور التنضيج لتوقيع العقد الذي بلغت قيمته 13 مليار يورو في حينها، أي أكثر من 15 مليار دولار.
اتهمت "سيمنز" في الماضي، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بمحاولة عرقلة اتفاق الشركة الألمانية مع الحكومة العراقية
لكن العبادي، لم يوقع عقدًا مع الشركة حتى رحيله عن السلطة عام 2018، ليحمل رئيس الوزراء الجديد عادل عبدالمهدي، راية الشراكة مع سيمنز، وبقوة، ويبرم اتفاقًا في برلين عام 2019، بحضور المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
وحمل العقد التفاصيل نفسها التي تم الاتفاق عليها مع حكومة حيدر العبادي، إلا أن قيمة العقد ارتفعت إلى أكثر من 17.5 مليار دولار، حيث كان من المؤمل أن يضيف العقد 11 ألف ميغاواط من الطاقة الكهربائية، وعلى مدار 4 أعوام.
لكن الاحتجاجات الشعبية وما رافقها من أحداث دامية، وميول حكومة عبدالمهدي نحو الصين والترويج لمشروع الحزام والطريق، ولدت ردة فعل لدى الولايات المتحدة، التي واجهت مشاريع الدول الأخرى في العراق، بشكل عام، بنوع من البرود أو التخوف من ضعف نفوذها في البلاد.
وحينها، اتهم الرئيس التنفيذي لشركة "سيمنز" الألمانية، جو كايسر، في تصريح صحفي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بمحاولة عرقلة اتفاق الشركة الألمانية مع الحكومة العراقية والدفع في اتجاه منح الصفقة بالكامل لشركة جنرال إلكتريك، لتبقى الأمور على ما هي عليه.
وفي 2021، صدرت عدة مواقف من رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، تضمنت حث “سيمنز” على مواصلة العمل وتجاوز التلكؤ، ولكن لم يتحقق أي تقدم ملحوظ.
نص الاتفاق الجديد الذي وقعته حكومة السوداني مع الشركة الألمانية على وضع خطة متكاملة لمنظومة الكهرباء في العراق بشكل عام
السوداني يواصل "مسيرة الاتفاقيات" مع "سيمنز"
بعد مجيء حكومة السوداني، في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، برز ملف الطاقة والحلول المطروحة، لمعالجته، ليتجه رئيس الحكومة سريعا نحو شركة "سيمنز".
وأجرى السوداني الأسبوع الماضي زيارة إلى ألمانيا، التقى خلالها المستشار الألماني، أولاف شولتس، كما وقّع مذكرة تفاهم مع شركة "سيمنز".
ونص الاتفاق الجديد على "تطوير منظومة الكهرباء، ومنها أن تعمل شركة سيمنز بالتنسيق مع وزارة الكهرباء، على وضع خطة متكاملة لمنظومة الكهرباء بشكل عام، تتضمن حلولا للمشاكل، كما تقوم الشركة بإنشاء محطات توليد جديدة".
وقالت وزارة الكهرباء العراقية، إن "مذكرة التفاهم تضمنت تقديم شركة سيمنز دراسة متكاملة للعراق، عن الكيفية التي يتم فيها الاستفادة من الغاز المصاحب، في دعم وزيادة إنتاج الطاقة الكهربائية، كما تضمنت توقيع اتفاقية طويلة الأمد، لصيانة وتأهيل الوحدات العاملة في العراق التي أنشأتها شركة سيمنز".
ونص الاتفاق على "تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة، وهي الطاقة الشمسية وحركة الرياح، وإنشاء محطات تحويل في عموم مناطق العراق، إلى جانب تطوير وتأهيل كوادر وزارة الكهرباء ونقل الخبرات".
بيئة معقدة
يتساءل عراقيون عن جدية المسؤولين في إمضاء العقود مع الشركة الألمانية ومتابعتها، وتذليل العقبات التي تواجهها، خاصة أن ملف الطاقة في العراق معقد بشكل كبير، وتتداخل فيه عدة جوانب، فضلا عن تردي البنى التحتية، وخطوط التوزيع ومحطات الإنتاج.
"قطاع الطاقة في العراق بحاجة إلى تغيير الأساليب الحالية، بما يضمن بيئة سليمة للعمل، وجاذبة للشركات الأخرى"
عبد الحسن الشمري
الخبير في الشأن الاقتصادي عبد الحسن الشمري، رأى أن "العودة نحو سيمنز، وإن كانت تمثل بادرة جيدة، لكنها تبعث على التساؤل عن مدى قدرة وجدية الحكومة العراقية في إمضاء هذا الاتفاق وتهيئة الأجواء المناسبة للشركة للعمل في البيئة العراقية المعقدة، خاصة أن التجارب السابقة تؤشر إلى تجاهل بعض المسؤولين تلك الاتفاقيات، وعدم الاهتمام بها، وبالتالي عدم تحقيق تقدم في ملف الطاقة على مدار السنوات الماضية".
وأضاف الشمري في تصريح لـ"إرم نيوز" أن "تحقيق تقدم في ملف الطاقة قد يزعج بعض الدول المجاورة، التي تورد الغاز للعراق، ما يعني تضرر مصالحها، إذ تحصل على نحو 10 مليارات دولار سنويًا من التبادل التجاري مع العراق، نصفها جرّاء بيع الغاز".
ولفت إلى أن "قطاع الطاقة في العراق بحاجة إلى الكثير من الجهد والعمل، وتغيير الأساليب الحالية، بما يضمن بيئة سليمة للعمل، وجاذبة للشركات الأخرى".
ويعد ملف الطاقة الكهربائية في العراق من أعقد الملفات التي تواجهها الحكومات، دون إمكانية حل المسألة بشكل نهائي.