العين الاخباريةكشفت دراسة جديدة أن الفطريات تخزن ثلث الكربون من انبعاثات الوقود الأحفوري وقد تكون ضرورية للوصول إلى صافي انبعاثات صفري.
والفطريات مسؤولة عن احتجاز ما يصل إلى 36% من انبعاثات الوقود الأحفوري العالمية السنوية، وهو أكثر من انبعاثات الصين في العام.تشكل الفطريات شبكة واسعة في جميع أنحاء الكوكب تحت الأراضي العشبية والغابات، بالإضافة إلى الطرق والحدائق والمنازل في كل قارة على وجه الأرض، ولا يقتصر الأمر على تخزين الكربون والحفاظ على برودة الكوكب فحسب، بل إنها ضرورية أيضًا للتنوع البيولوجي العالمي.
ويدعو الباحثون الآن إلى التركيز على دور الفطريات في سياسات الحفظ والتنوع البيولوجي، ويدرسون حاليا ما إذا كان بإمكاننا زيادة كمية الكربون التي يمكن أن تحتفظ بها التربة الموجودة تحتها.
الأكثر فاعلية في العالم
أشار اكتشاف جديد لفريق من العلماء، إلى أن الفطريات تخزن أكثر من ثلث الكربون الناتج عن انبعاثات الوقود الأحفوري كل عام بعد أن أجرى فريق دولي من العلماء، بما في ذلك خبراء من كلية العلوم البيولوجية بجامعة شيفيلد البريطانية، تحليلًا لمئات الدراسات التي تبحث في عمليات التربة النباتية لفهم كمية الكربون التي يتم تخزينها بواسطة الفطريات على نطاق عالمي.
كشفت النتائج التي توصلوا إليها في دراسة نُشرت في دورية "كارنت بيولوجي Current Biology" في 5 يونيو/حزيران الجاري، أن ما يقدر بنحو 13.12 غيغاطن من ثاني أكسيد الكربون يتم نقلها من النباتات إلى الفطريات سنويًا، أي ما يعادل تقريبًا 36% من انبعاثات الوقود الأحفوري العالمية السنوية، مما يؤدي إلى تحويل التربة الموجودة تحت أقدامنا إلى تجمع كربوني ضخم ووحدة تخزين الكربون الأكثر فاعلية في العالم.
وتعادل كمية الكربون المخزن ما يقرب من 36% من انبعاثات الوقود الأحفوري العالمية السنوية -أكثر مما تنبعث منه الصين كل عام. ويدعو الباحثون الآن إلى مراعاة الفطريات في سياسات التنوع البيولوجي والحفظ، نظرًا لدورها الحاسم في الحد من انبعاثات الكربون، ونظرا لأنه قد يكون أمرًا بالغ الأهمية حيث تسعى الدول إلى معالجة تغير المناخ والوصول إلى صافي انبعاثات صفري، ويجري العمل الآن لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا زيادة كمية الكربون التي يمكن أن تخزنها التربة الموجودة تحتها.
وبالمعدل الحالي، تحذر الأمم المتحدة من أن 90% من التربة يمكن أن تتدهور بحلول عام 2050، وهو ما قد يكون كارثيًا ليس فقط لكبح تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة، ولكن أيضًا لإنتاجية المحاصيل والنباتات.
قال البروفيسور كاتي فيلد، أستاذ عمليات التربة النباتية في جامعة شيفيلد والباحث المشارك في الدراسة: "يتم تدمير النظم البيئية للتربة بمعدل ينذر بالخطر من خلال الزراعة والتنمية وغيرها من الصناعات، ولكن الآثار الأوسع لاضطراب مجتمعات التربة غير مفهومة جيدًا. وعندما نعطل أنظمة دعم الحياة القديمة في التربة، فإننا ندمر جهودنا للحد من الاحتباس الحراري وتقويض النظم البيئية التي نعتمد عليها."
وأضاف: "هناك المزيد الذي يتعين القيام به لحماية هذه الشبكات تحت الأرض - لقد علمنا بالفعل أنها ضرورية للتنوع البيولوجي، ولدينا الآن المزيد من الأدلة على أنها ضرورية لصحة كوكبنا."
سحر الميكوريزا
يُعتقد على نطاق واسع أن الميكوريزا أو الفطريات الجذرية التكافلية (Mycorrhiza)، يمكن أن تخزن الكربون، وتنقل الكربون بعد تحوله إلى سكريات ودهون بواسطة النبات إلى التربة.
الميكوريزا أو الفطريات الجذرية التكافلية هي عبارة عن اتحاد تكافلي بين فطر ونبات، ويحدث هذا التعايش في مستوى جذور النباتات، حيث تمتد الخيطان الفطرية من الفطر لتستعمر جذور النبات المضيف، وتؤدي إلى زيادة كبيرة في قابلية الجذور على امتصاص الماء والأملاح الضرورية للنبات، وكذلك تقوم الفطريات بامتصاص الأملاح المعدنية من التربة، وتبادلها مع الأغذية العضوية التي يصنعها النبات، وتستطيع بعض الفطريات التكافل مع كائنات أخرى مثل الطحالب الخضراء، أو البكتيريا الخضراء المزرقة لتكون ما يعرف باسم الاشنات.
تدعم الفطريات الفطرية الحياة على الأرض لما لا يقل عن 450 مليون سنة وتشكل شبكات تحت الأرض واسعة في كل مكان حولنا حتى تتشكل تحت الطرق والحدائق والمنازل، في كل قارة على وجه الأرض، ولكن المدى الحقيقي لمقدار الكربون الذي كانت الفطريات تخزن لم يكن معروفا من قبل.
مزيد من الاستكشاف
يدرس الباحثون الآن المدة التي يتم فيها تخزين الكربون بواسطة الفطريات في التربة، ويسعون إلى مزيد من استكشاف الدور الذي تلعبه الفطريات في النظم البيئية للأرض.
وقالت الدكتورة هايدي هوكينز، الباحث الرئيسي للدراسة من جامعة كيب تاون: "كنا نشك دائمًا في أننا ربما كنا نتغاضى عن تجمع كربوني كبير. من المفهوم أنه تم التركيز بشكل كبير على حماية الغابات واستعادتها كطريقة طبيعية للتخفيف من تغير المناخ، ولكن لم يتم إيلاء اهتمام كبير لمصير الكميات الهائلة من ثاني أكسيد الكربون التي يتم نقلها من الغلاف الجوي أثناء عملية التمثيل الضوئي بواسطة تلك النباتات وتخزينها تحت الأرض".
وأضافت: "هناك فجوة كبيرة في معرفتنا تتمثل في دوام الكربون داخل الهياكل الفطرية الجذرية. نحن نعلم أنه عبارة عن تدفق، حيث يتم الاحتفاظ ببعضها في الهياكل الفطرية أثناء وجود الفطريات، وحتى بعد موتها سوف يتحلل بعضها إلى جزيئات كربون صغيرة ومن هناك إما يرتبط بجزيئات في التربة، أو حتى يعاد استخدامه بواسطة النباتات".
وقال البروفيسور توبي كيرز، كبير الباحثين من جامعة فريجي بأمستردام والمؤسس المشارك لجمعية حماية الشبكات تحت الأرضية: "الدراسة جزء من دفعة عالمية لفهم الدور الذي تلعبه الفطريات في النظم البيئية للأرض. نحن نعلم أن الفطريات الجذرية تعتبر مهندسي نظام بيئي مهمين للغاية، لكنها غير مرئية لمعظم الناس."
أحد المشاريع التي تدرس الآن دور الفطريات الجذرية في دورة الكربون في التربة ودورات المغذيات الأخرى بمزيد من التفصيل تقودها كلية العلوم البيولوجية بجامعة شيفيلد. باستخدام مناخات مستقبلية محاكية في تجارب ميدانية متخصصة في الهواء الطلق، وتهدف الدراسة إلى تحسين فهمنا للدور الحاسم لفطريات التربة، جنبًا إلى جنب مع الميكروبات الأخرى، في نقل الكربون تحت الأرض وكيف سيتأثر ذلك على تغير المناخ في المستقبل.
ويدعو الباحثون الآن إلى النظر إلى الفطريات بشكل أكبر في سياسات الحفاظ على التنوع البيولوجي، وأنه يتعين علينا القيام بالمزيد لحماية هذه الشبكات الضخمة للفطريات تحت الأرض، وذلك نظرًا لأنها أساسية للحفاظ على التنوع الحيوي والحفاظ على صحة كوكبنا، وذلك من خلال الحفاظ على التربة والتخفيف من مشاكل التدهور الزراعي والصناعي والتنموي.