يتوقع خبراء اقتصاديون ومحللون ماليون استمرار هبوط سعر صرف الدولار الأمريكي رغم كل المؤشرات التي يفترض أن تدعم سعره صعوداً وذلك لأسباب مختلفة، فيما تستمر العملات الرئيسة الأخرى في الارتفاع أمام الدولار بما يؤثر في الحياة اليومية لمليارات البشر حول العالم.
وبينما أنهى الدولار عام 2017 بتراجع في قيمته بنسبة 10%، في أول تراجع سنوي لسعر صرف العملة الأمريكية منذ خمس سنوات، يكاد يكون فقد نحو نصف تلك النسبة السنوية في الشهر الأول من 2018، وهبط مؤشر قوة الدولار إلى نحو 90 نقطة.
ومع أن تقديرات الأسواق أن يواصل الاحتياطي الفيدرالي "البنك المركزي" الأمريكي تشديد سياسته النقدية، أي رفع سعر الفائدة، والتحسن المعلن في الاقتصاد الأمريكي وغيره من المؤشرات الإيجابية إلا أن التوقعات هي أن يستمر هبوط سعر الدولار لفترة.
من العوامل الداخلية الأمريكية المهمة أن خطة الإصلاح الضريبي للرئيس دونالد ترامب لم تؤد إلى ارتفاع معدل التضخم بالشكل الذي يدفع الاحتياطي الفيدرالي لزيادة سريعة ومتتالية في أسعار الفائدة.
كما إن الأسهم الأمريكية، التي شهدت موجة صعود يكاد يقترب من الفوران، أصبحت تحت ضغوط التصحيح بما يجعلها أقل إغراءً للمستثمرين.
ثم إن سندات الخزينة الأمريكية، التي شهدت زيادة في العائدات عليها مطلع العام الجديد، لم تثر شهية المستثمرين بل على العكس تعرضت لموجات بيع مكثفة.
ومن أهم العوامل الخارجية لهبوط سعر الدولار أن البنوك المركزية في الاقتصادات الرئيسية بدأت خططا لتشديد سياستها النقدية وتخفيض أو وقف شراء السندات "فيما يسمى بالتيسير النقدي".
هكذا فعل البنك المركزي الأوروبي بخفض كمية ما يشتريه من السندات بمقدار النصف "من 60 إلى 30 مليار يورو" وكذلك يتوقع أن تفعل بنوك مركزية أخرى.
ويؤدي ذلك إلى انتقال رؤوس الأموال من الولايات المتحدة إلى أوروبا وآسيا سعياً وراء عائدات أفضل على الاستثمارات.
وربما يكون استمرار انخفاض سعر صرف الدولار مفيداً للاقتصاد الأمريكي، على عكس ما قد يخلص البعض، ليس فقط من قبيل تحسين الصادرات الأمريكية بجعلها أكثر تنافسية.
فالدين الخارجي الأمريكي المستحق لبقية دول العالم مقيم بالدولار، وبالتالي مع انخفاض سعر صرفه تتحمل أمريكا أقل في خدمة ذلك الدين.
في المقابل، يتأثر الناس خارج الولايات المتحدة بانخفاض سعر صرف الدولار بدرجات متفاوتة تعتمد على مدى ارتباط عملاتهم الوطنية بالدولار.
فالدول التي يتحرك سعر صرف عملاتها بشكل حر تماماً في السوق يمكن لمواطنيها شراء كل ما هو مقيم بالدولار بسعر أفضل.
أما الدول التي ترتبط عملاتها بالدولار فتعاني من ارتفاع كلفة تعاملاتها مع الاقتصادات الأخرى، باليورو أو الاسترليني مثلاً.
وتستفيد الدول المصدرة للمواد الخام من التناسب العكسي بين سعر صرف الدولار والسلع المقيمة به، فمثلاً إذا هبط سعر صرف الدولار ارتفاع سعر النفط وسعر الذهب وغيرهما.
أما المغتربين الذين يحولون أموالهم من دول ترتبط عملاتها بالدولار فتقل قيمة تلك التحويلات مقابل العملات الأخرى مع هبوط سعر الدولار، والعكس بالعكس طبعاً.