أكد رئيس مجلس إدارة جمعية مصارف البحرين، والرئيس السابق لمجلس إدارة اتحاد المصارف العربية عدنان يوسف، أن تطبيق التكنولوجيا المالية في المصارف يتطلب توفير بيئة مناسبة، تتضمن سد الفجوات في الأطر المعنية بالقواعد التنظيمية وحماية المستهلك والأمن المعلوماتي، وتحسين بيئة الأعمال.وقال يوسف في واحد من سلسلة مقالات يكتبها تحت عنوان "التكنولوجيا المالية وأبعادها المصرفية والاقتصادية" إنه على الرغم من أن المعايير التنظيمية القائمة تعالج المخاطر المصاحبة لابتكارات التكنولوجيا المالية، فإن الطبيعية المتطورة لهذه التكنولوجيا تقتضي المراقبة المستمرة لتحديد ما ينشأ من مخاطر على الاستقرار المالي ومعالجتها.وتابع: "مع تزايد استخدام التكنولوجيا المالية، ينبغي أن تعطي الجهات التنظيمية والبنوك المركزية الأولوية لرصد المخاطر المالية الكلية وضمان عدم تحول الوسائل التكنولوجية الحديثة إلى أدوات للاحتيال وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وأن تعطي الأولوية كذلك لتحديد ومعالجة مخاطر التشغيل التي قد تنشأ من تقديم طرف ثالث لهذه الخدمات".وأضاف: "باعتقادنا أن صناع السياسات في الدول العربية يدركون جيداً الإمكانات التي تتيحها التكنولوجيا المالية، ويقوم بعض من هذه الدول باتخاذ بعض الخطوات الاستباقية نحو توفير بيئة مواتية؛ ولكن لاتزال هناك حاجة إلى عمل المزيد".وأوضح يوسف أن الهجمات الإلكترونية تشكل خطراً نظامياً وينبغي أن يكون منع وقوعها على قمة أولويات الجهات التنظيمية. فقد أدى اتساع نطاق الربط من خلال الحلول الرقمية إلى زيادة منافذ دخول القراصنة الإلكترونيين مما يزيد من احتمالات نجاح الهجمات الإلكترونية.ويتعين وضع أطر للأمن المعلوماتي للعمل بصورة شاملة لتوفير خطط للوقاية من الهجمات ورصدها وتبادل المعلومات بشأنها ومتابعتها والتعافي من آثارها.وأكد أنه يتعين تحسين البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتمكين مؤسسات الأعمال من الاعتماد على تطبيقات التكنولوجيا المالية المبتكرة. ففي كثير من البلدان توجد حاجة لزيادة تغلغل الإنترنت ومرافق الاتصالات عبر الهواتف المحمولة، وزيادة سرعتها، وخفض تكاليفها وضمان إمكانية التواصل المتبادل بين نظم الدفع عن طريق الهواتف المحمولة.وشدد على أهمية زيادة التوعية المالية لكي يتم زيادة الاستفادة من الخدمات المالية الرقمية واستخدامها، داعياً إلى التركيز على برامج التوعية المالية على أطر حماية المستهلك وقد تقتضي وضع قواعد قانونية جديدة لبيان الحقوق والالتزامات داخل المشهد المالي العالمي الجديد كما شهدنا بالنسبة للائحة الأوروبية الجديدة لحماية البيانات الشخصية.واستعرض يوسف في مقاله، عدداً من تجارب بعض الدول المتقدمة في مجال التكنولوجيا المالية، والتي تؤكد جميعها أهمية تحقيق التوازن بين الإشراف التنظيمي من ناحية ومرونة الابتكار وضرورة إدارة المخاطر الإلكترونية من ناحية أخرى.وأشار إلى أن قائمة محفزات استخدام التكنولوجيا المالية تضمنت تشجيع قيام الحاضنات والمسرعات لرواد الأعمال والمشاركة الوثيقة في جهود الأطراف الفاعلة في هذا القطاع "الشركات الرائدة وشركات التكنولوجيا المالية على حد سواء"، ووضع توجيهات لوائح واضحة وتوفير رأس المال الأولي ورأسمال المخاطر "بما في ذلك الانفتاح أمام الاستثمار الأجنبي" وجودة البنية التحتية لخدمات الإنترنت والهواتف والأجهزة المحمولة، وتوافر المواهب المحلية، وهيكلة السوق، وتعزيز درجة التطور المالي.وقال: "على سبيل المثال، في الولايات المتحدة، تغطي شركات التكنولوجيا المالية كل شرائح الخدمات المالية ويرتكز نموها على البنية التحتية عالية الجودة، ووفرة المواهب ورؤوس الأموال، وتعتبر الأطراف الفاعلة في هذا القطاع أن أحد عوامل الضعف ترجع لعدم اليقين المحيط بالقواعد التنظيمية والتي تنشأ من تعدد الجهات التنظيمية على المستوى الفيدرالي ومستوى الولايات".ولفت يوسف، إلى أن المملكة المتحدة شهدت نمواً كبيراً في منصات المعاملات بين النظراء، والدفع عبر شبكة الإنترنت، ومنتجات البيانات والتحليل، والتداول في أسواق رأس المال، والتأمين. وارتكز هذا النمو على الدعم الملائم من الحكومة والهيئات التنظيمية.وفي 2014، أطلقت هيئة مراقبة السلوكيات المالية في المملكة المتحدة برنامج "مشروع الابتكار" الذي يتضمن مركزاً للابتكار ومختبراً تنظيمياً. كذلك طلب من البنوك أن توجه المؤسسات الصغيرة إلى جهات تقديم التمويل البديلة إذا لم تكن في حد ذاتها قادرة على تلبية احتياجات هذه المؤسسات من التمويل. ولايزال حجم الائتمان الذي تقدمه شركات التكنولوجيا المالية صغيراً.