شن مسؤولو الحكومة الإيطالية، هجوماً حاداً على المفوضية الأوروبية ومسؤوليها، وطالبوا بالإطاحة بمن سمتهم "أعداء أوروبا"، والثورة ضد قيود الميزانية، مؤكدين إصرارهم على التمسك بالموازنة الإيطالية الصدامية، التي تقدمها روما وتعارضها بروكسل.
وأدى تجدد الخلاف الحاد إلى هبوط جديد للعملة الأوروبية الموحدة، وقفزة بنحو 30 نقطة أساس في تكاليف الاقتراض الإيطالية، ووصل عائد السندات ذات أجل 10 سنوات إلى أعلى مستوى منذ بداية 2014، مع هبوط البورصة إلى أدنى مستوياتها منذ أبريل 2017، وانخفاض أسهم البنوك الإيطالية بأكثر من 4%.
وتشاءمت الأسواق حيال مزيد من التعقيد بالأزمة بين إيطاليا والمفوضية الأوروبية، وسط قفزات عوائد السندات وتكاليف الاقتراض الحادة، والهبوط الكبير للأسهم الإيطالية تدل بحسب المراقبين على توقع "خطوة عنيفة" من قبل بروكسل تجاه روما.
ووصف ماتيو سالفيني نائب رئيس الوزراء الإيطالي رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر ومفوض الشؤون الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي بيير موسكوفيسي الإثنين بأنهما "أعداء لأوروبا".
وقال خلال مؤتمر صحافي مشترك مع زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبان: "نتشارك نفس الأفكار حول أوروبا، والزراعة والعمل والمعركة ضد الهجرة"، وأضاف: "نحن ضد أعداء أوروبا... أعداء أوروبا هم المختبئون في خندق بروكسل؛ يونكر وموسكوفيسي هما اللذان جلبا الخوف وانعدام الأمان الوظيفي لأوروبا".
وكان يونكر وموسكوفيسي قد حثا الحكومة الإيطالية على الالتزام بخطوط الميزانية التي وضعها الاتحاد الأوروبي، وهو ما رفضه سالفيني.
وناشد سالفيني الناخبين في الانتخابات البرلمانية الأوروبية المقررة العام المقبل، لإنقاذ الاتحاد الأوروبي من نظام القيود المفروضة على الميزانية والحدود المفتوحة، التي يقول إنها مسؤولة عن مشاكل القارة، بحسب ما ذكرته وكالة أنباء "بلومبيرغ".
من جانبها، قالت لوبان، بحسب وكالة "أنسا" الإيطالية: "في شهر مايو المقبل، سننجح في الوصول إلى اتحاد أوروبي بقيم جديدة ضد العولمة"، في إشارة منها إلى انتخابات الاتحاد الأوروبي المقررة في ذلك الشهر، متهمة الاتحاد الأوروبي بأنه قد «"داس على قيم التضامن الأوروبي".
من ناحية أخرى، وعد حليفه، لويجي دي مايو، نائب رئيس الوزراء الإيطالي وزير العمل والتنمية الاقتصادية، بأن تكون الانتخابات بمثابة "زلزال"، قبل أن يتوجه إلى برلين لإجراء محادثات مع مسؤولين هناك، من بينهم وزير الاقتصاد والطاقة الألماني، بيتر التماير.
وقلل لويجي من رفض المفوضية الأوروبية للخطط المالية الإيطالية، قائلاً :"إن حكومته ستظل متمسكة بأهدافها فيما يتعلق بعجز الموازنة قبل انتخابات البرلمان الأوروبي العام المقبل".
وقال دي مايو في مقابلة مع صحيفة "كورييري ديلا سيرا": "سيكون هناك زلزال في كل الدول ضد التقشف، وستتغير القواعد في اليوم الذي يلي الانتخابات"، حسبما نقلت وكالة "بلومبيرغ".
وفي الوقت الذي تفتح فيه الإدارة الإيطالية جبهة أخرى في إطار حملتها ضد المبادئ الأساسية للاتحاد الأوروبي، يزيد المستثمرون من ضغوطهم، ويحاول كل من سالفيني ودي مايو الحفاظ على زخم سيطرتهما على إيطاليا، وتضعهما خططهما لخفض الضرائب وزيادة الإنفاق على الاستحقاقات، على تصادم مع ميزانية الاتحاد الأوروبي والمستثمرين المعنيين بتمويل خططهما.
وكانت المفوضية الأوروبية رفضت، الأسبوع الماضي، خطط إيطاليا بشأن عجز أكبر في موازنة العام المقبل، مما ينذر بتصاعد خطر التصعيد في الوضع المتأزم مع روما الذي ألقى بظلاله بالفعل على أسواق السندات.
وفي رسالة إلى روما الجمعة، قالت المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذي للاتحاد الأوروبي، إن العجز المقترح في الميزانية الإيطالية يبدو أنه يمثل "انحرافاً كبيراً" عن المسار الاقتصادي المتفق عليه مع الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي.
وتأتي الرسالة بعد ساعات من كشف الحكومة الإيطالية الشعبوية عن خطط كاملة بشأن الدين العام والعجز للسنوات الثلاث المقبلة، واعترى الخوف بالفعل الأسواق بعدما صار واضحا أن إيطاليا تعتزم مخالفة قواعد الميزانية الأوروبية.