يؤثر المشهد السيبراني على العديد من جوانب حياتنا إذ تتداخل التكنولوجيا والإنترنت في طريقة تواصلنا الاجتماعي وأسلوبنا في شراء السلع وكيفية حفاظنا على صحتنا.
ويتبلور هذا الواقع بشكل خاص في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهي منطقة تضم واحداً من أعلى المعدلات في العالم من حيث انتشار الإنترنت ونسبة الشباب في المجتمع.
لكن التوسّع المستمرّ في التكنولوجيا والأنظمة المترابطة يزيد من انتشار الهجمات السيبرانية. الحكومات والمؤسسات تواجه مهمّة الاستجابة للمخاطر السيبرانية من خلال قوى عاملة مهيأة لمنع الهجمات وتحديدها والرد عليها، فيما تواجه الآن مهنة الأمن السيبراني نفسها نقصاً يبلغ حجمه 2.9 مليون عامل في جميع أنحاء العالم.
وتتّسع هذه الفجوة بوضوح في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حيث تفتقر المؤسسات في بعض الأحيان إلى فهم متطلبات الأمن السيبراني، وتجد الشركات صعوبة في دعم الموظفين الجدد بالتدريب اللازم، فيما يصعب العثور على الكفاءات المؤهلة.
ولكن نظراً لكون المنطقة تضمّ واحداً من أكثر المجتمعات الشابة في العالم وأعلى معدلات بطالة الشباب فيها، تبرز فرصة هائلة لإشراك جيل الألفية بشكل أفضل في القوى العاملة في المجال السيبراني.
,تشير بيانات البنك الدولي إلى أن جيل الألفية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يشكّل حوالى ثلث إجمالي السكان وأكثر من 50 في المائة من القوى العاملة. وهؤلاء الشباب لديهم الإمكانات لسد النقص الكبير في الكفاءات السيبرانية في المنطقة إذا أدركت القطاعات إمكاناتهم وعززتها.
وباعتبارهم مواكبين للعالم الرقمي منذ صغرهم، فهم يتمتعون بذكاء تكنولوجي بدرجة كافية مما يؤهلهم للتأقلم بسرعة مع مهنة الأمن السيبراني والتطوّر فيها من خلال التدريب المناسب والمستمرّ أثناء فترة عملهم.
وتتماشى مهنة الأمن السيبراني كذلك مع الدوافع المهنية لجيل الألفية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بما في ذلك القدرة على التعلم المستمرّ وضمان حياة مهنية ناجحة، ولطالما عرفت هذه المهنة أيضاً بتركيزها بشكل رئيس على التطوير المهني المستمر مع تقديم شهادات قيّمة في القطاع، وتوفير عمل جذاب يتطور لمواكبة بيئة التهديد المتغيرة باستمرار، وفرص التقدّم الوظيفي، والرواتب العالية.
الفرص والمحفّزات الوظيفية موجودة، ومع ذلك فإن الإعداد والمشاركة بشكل أفضل سوف يقطعان شوطًا طويلاً في جذب جيل الألفية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للانضمام إلى القوى العاملة في مجال الأمن السيبراني في المستقبل.
هناك حاجة إلى تضافر الجهود لتصميم حملات توعية موجّهة عن العالم السيبراني لتحسين العروض التي من شأنها تعزيز قيمة الموظف في الأمن السيبراني وإشراك جيل الألفية من خلال التعاون بين الحكومات وأرباب العمل والأوساط الأكاديمية.
الحاجة مطلوبة لتطوير برنامج متكامل مع العديد من المعنيين ومن ضمنهم الحكومات وأرباب العمل والهيئات الأكاديمية لدعمه بنموذج مهني احترافي وتوظيف قائم على الدافع وبناء قدرات القوى العاملة. كما يمكن للحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بناء فريق الأمن السيبراني الحكومي القوي من المواطنين الذين يمكن الوثوق بهم وبقدراتهم للتعامل مع البيانات الحساسة.
إذا تم تعيين هذا الفريق في وقت مبكر خلال فترة الدراسة، سيتمكّن أفراده من الاطلاع بشكل صحيح على تلك الفرص في سن مبكرة، ومن ثم يتم تحفيزهم بمنح دراسية وفرص عمل مختارة في مجال الأمن السيبراني الحكومي عند بلوغهم سن الرشد. برامج المنح الحكومية هي أيضاً فعّالة جداً في جذب الكفاءات الماهرة لمجموعة واسعة من الأدوار في مجال الأمن السيبراني.
وفيما يعتبر جيل الألفية متمرّساً في عالم التكنولوجيا، يفيد عدد قليل منهم أنه يتلقى مهارات تقنية كافية أو معرفة بالأمن السيبراني (مثل الهندسة الأمنية وتصنيف الحوادث) في برامج التعليم الرسمي. وبالتالي، ينبغي على المؤسسات اعتماد استراتيجية "التوظيف ثم التدريب". يجب أن تقوم المؤسسات بتقديم مزايا للموظفين للحصول على شهادات فنية متقدّمة بعد تعيينهم.
وينبغي أن تعكس هذه البرامج التدريبية أيضا الحاجة إلى تفعيل وظائف الأمن السيبراني من قبل فرق متعددة المهارات، وأن تقترن بالجهود المبذولة لتنمية الموظفين المبتدئين من خلال التدريب المهني، والعمل كموظفي ظل رسميين، والأداء المراقب بحيث يتيح إفادة في الوقت الفعلي أثناء قيامهم بواجباتهم الوظيفية.
يجب ألا تكتفي المدارس بتضمين موضوع الأمن السيبراني في الفصل الدراسي فحسب، بل ينبغي عليها أيضا تزويد الطلاب ببرامج تعليمية اختبارية حول الأمن السيبراني، ويمكن تنفيذ ذلك من خلال المحاكاة المخبرية أو مسابقات الأمن السيبراني. كما يجب أن تكون هناك فرص لممارسة تطبيق المهارات مع أرباب العمل في مجال الأمن السيبراني.
هذا البرنامج يحتاج الى دمج برامج التدريب التعاوني في مناهج الأمن السيبراني في المدارس حيث يقوم الطلاب بتبديل فصول الدراسة الأكاديمية بفصول عمل مع صاحب عمل في مجال الأمن السيبراني، وبالتالي الحصول على إرشادات وتوجيهات من المستشار الأكاديمي في المدرسة ومن المدرّب أو المدير في مكان العمل.
وفي نظرة مستقبلية يتبين أن جذب آلاف شباب جيل الألفية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للانضمام إلى القوى العاملة في مجال الأمن السيبراني في المستقبل، يمكن تعزيزه من خلال مشاركة وإعداد إفضل لهذا الجيل. إذا ساهم جميع المعنيين في الجهود المبذولة لإشراك جيل الألفية في مهنة الأمن السيبراني، سيكون من الممكن سد الثغرات الحرجة فيما يخص القوى العاملة.
سهيل مقدم
نائب الرئيس التنفيذي، بوز ألن هاملتون
ويتبلور هذا الواقع بشكل خاص في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهي منطقة تضم واحداً من أعلى المعدلات في العالم من حيث انتشار الإنترنت ونسبة الشباب في المجتمع.
لكن التوسّع المستمرّ في التكنولوجيا والأنظمة المترابطة يزيد من انتشار الهجمات السيبرانية. الحكومات والمؤسسات تواجه مهمّة الاستجابة للمخاطر السيبرانية من خلال قوى عاملة مهيأة لمنع الهجمات وتحديدها والرد عليها، فيما تواجه الآن مهنة الأمن السيبراني نفسها نقصاً يبلغ حجمه 2.9 مليون عامل في جميع أنحاء العالم.
وتتّسع هذه الفجوة بوضوح في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حيث تفتقر المؤسسات في بعض الأحيان إلى فهم متطلبات الأمن السيبراني، وتجد الشركات صعوبة في دعم الموظفين الجدد بالتدريب اللازم، فيما يصعب العثور على الكفاءات المؤهلة.
ولكن نظراً لكون المنطقة تضمّ واحداً من أكثر المجتمعات الشابة في العالم وأعلى معدلات بطالة الشباب فيها، تبرز فرصة هائلة لإشراك جيل الألفية بشكل أفضل في القوى العاملة في المجال السيبراني.
,تشير بيانات البنك الدولي إلى أن جيل الألفية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يشكّل حوالى ثلث إجمالي السكان وأكثر من 50 في المائة من القوى العاملة. وهؤلاء الشباب لديهم الإمكانات لسد النقص الكبير في الكفاءات السيبرانية في المنطقة إذا أدركت القطاعات إمكاناتهم وعززتها.
وباعتبارهم مواكبين للعالم الرقمي منذ صغرهم، فهم يتمتعون بذكاء تكنولوجي بدرجة كافية مما يؤهلهم للتأقلم بسرعة مع مهنة الأمن السيبراني والتطوّر فيها من خلال التدريب المناسب والمستمرّ أثناء فترة عملهم.
وتتماشى مهنة الأمن السيبراني كذلك مع الدوافع المهنية لجيل الألفية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بما في ذلك القدرة على التعلم المستمرّ وضمان حياة مهنية ناجحة، ولطالما عرفت هذه المهنة أيضاً بتركيزها بشكل رئيس على التطوير المهني المستمر مع تقديم شهادات قيّمة في القطاع، وتوفير عمل جذاب يتطور لمواكبة بيئة التهديد المتغيرة باستمرار، وفرص التقدّم الوظيفي، والرواتب العالية.
الفرص والمحفّزات الوظيفية موجودة، ومع ذلك فإن الإعداد والمشاركة بشكل أفضل سوف يقطعان شوطًا طويلاً في جذب جيل الألفية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للانضمام إلى القوى العاملة في مجال الأمن السيبراني في المستقبل.
هناك حاجة إلى تضافر الجهود لتصميم حملات توعية موجّهة عن العالم السيبراني لتحسين العروض التي من شأنها تعزيز قيمة الموظف في الأمن السيبراني وإشراك جيل الألفية من خلال التعاون بين الحكومات وأرباب العمل والأوساط الأكاديمية.
الحاجة مطلوبة لتطوير برنامج متكامل مع العديد من المعنيين ومن ضمنهم الحكومات وأرباب العمل والهيئات الأكاديمية لدعمه بنموذج مهني احترافي وتوظيف قائم على الدافع وبناء قدرات القوى العاملة. كما يمكن للحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بناء فريق الأمن السيبراني الحكومي القوي من المواطنين الذين يمكن الوثوق بهم وبقدراتهم للتعامل مع البيانات الحساسة.
إذا تم تعيين هذا الفريق في وقت مبكر خلال فترة الدراسة، سيتمكّن أفراده من الاطلاع بشكل صحيح على تلك الفرص في سن مبكرة، ومن ثم يتم تحفيزهم بمنح دراسية وفرص عمل مختارة في مجال الأمن السيبراني الحكومي عند بلوغهم سن الرشد. برامج المنح الحكومية هي أيضاً فعّالة جداً في جذب الكفاءات الماهرة لمجموعة واسعة من الأدوار في مجال الأمن السيبراني.
وفيما يعتبر جيل الألفية متمرّساً في عالم التكنولوجيا، يفيد عدد قليل منهم أنه يتلقى مهارات تقنية كافية أو معرفة بالأمن السيبراني (مثل الهندسة الأمنية وتصنيف الحوادث) في برامج التعليم الرسمي. وبالتالي، ينبغي على المؤسسات اعتماد استراتيجية "التوظيف ثم التدريب". يجب أن تقوم المؤسسات بتقديم مزايا للموظفين للحصول على شهادات فنية متقدّمة بعد تعيينهم.
وينبغي أن تعكس هذه البرامج التدريبية أيضا الحاجة إلى تفعيل وظائف الأمن السيبراني من قبل فرق متعددة المهارات، وأن تقترن بالجهود المبذولة لتنمية الموظفين المبتدئين من خلال التدريب المهني، والعمل كموظفي ظل رسميين، والأداء المراقب بحيث يتيح إفادة في الوقت الفعلي أثناء قيامهم بواجباتهم الوظيفية.
يجب ألا تكتفي المدارس بتضمين موضوع الأمن السيبراني في الفصل الدراسي فحسب، بل ينبغي عليها أيضا تزويد الطلاب ببرامج تعليمية اختبارية حول الأمن السيبراني، ويمكن تنفيذ ذلك من خلال المحاكاة المخبرية أو مسابقات الأمن السيبراني. كما يجب أن تكون هناك فرص لممارسة تطبيق المهارات مع أرباب العمل في مجال الأمن السيبراني.
هذا البرنامج يحتاج الى دمج برامج التدريب التعاوني في مناهج الأمن السيبراني في المدارس حيث يقوم الطلاب بتبديل فصول الدراسة الأكاديمية بفصول عمل مع صاحب عمل في مجال الأمن السيبراني، وبالتالي الحصول على إرشادات وتوجيهات من المستشار الأكاديمي في المدرسة ومن المدرّب أو المدير في مكان العمل.
وفي نظرة مستقبلية يتبين أن جذب آلاف شباب جيل الألفية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للانضمام إلى القوى العاملة في مجال الأمن السيبراني في المستقبل، يمكن تعزيزه من خلال مشاركة وإعداد إفضل لهذا الجيل. إذا ساهم جميع المعنيين في الجهود المبذولة لإشراك جيل الألفية في مهنة الأمن السيبراني، سيكون من الممكن سد الثغرات الحرجة فيما يخص القوى العاملة.
سهيل مقدم
نائب الرئيس التنفيذي، بوز ألن هاملتون