في خضم أزمة صحية طاحنة تضرب الصين مع تفشي فيروس كورونا ووفاة عشرات الأشخاص، انتابت حالة من الهلع الأسواق العالمية، مع مخاوف تتعلق بالأخطار المحدقة بثاني أكبر اقتصاد بالعالم بعد الولايات المتحدة جراء انتشار الفيروس المميت.
ومنذ الإعلان عن اكتشاف الفيروس الأسبوع الماضي، لم تتراجع أسواق الأسهم والسلع بالصين فقط بل امتد أثرها إلى الأسواق الأسيوية والأمريكية على حد سواء.
ويوم الخميس الفائت، تراجع مؤشر شنغهاي بنحو 3%، فيما هبطت أسعار النفط بنحو 2% وسط مخاوف تتعلق بالطلب في أحد كبار المستهلكين للخام بالعالم.
وعلى مدار الأسبوع هبطت أسعار النفط بنحو 4%.
ويقول تقرير نشرته محطة CNBC إن المخاوف المتعلقة بانتشار الفيروس لا يمتد أثرها على الأسواق فقط ولكن إلى معنويات المستثمرين من الأساس وهو ما قد يؤدي إلي توجههم نحو الأصول الآمنة علي غرار الذهب التي ينظر إليها كملاذ آمن للتحوط في أوقات الأزمات.
ويشير التقرير إلى هبوط حاد في الأسواق في أوقات تفشي الأوبئة على غرار ما حدث في العام 2003 حينما تفشى فيروس سارس القاتل والذى أودى بحياة نحو 800 شخص في الصين، وأدى إلي انكماش الناتج المحلي للبلاد بنحو 5%.
وقال كلاوديو غاليمبيرتي، المحلل لدى ستاندرد آند بوز، إن الأثر الفوري لانتشار الفيروس في الصين ظهر في صورة تراجع في الطلب على وقود الطائرات بنحو 200 ألف برميل مع تراجع الطلب على السفر في أحد أهم المواسم السياحية في الصين وهو رأس السنة الصينية.
ولأثر الأوبئة علي الاقتصاد العالمي جذور ممتدة عبر التاريخ.
تشير دراسة حديثة أعدها صندوق النقد الدولي إلى أن المخاطر المتعلقة بانتشار الأوبئة لطالما ألقت بظلالها على الاقتصاد العالمي، حيث تقدر التكلفة السنوية لانتشار الإنفلونزا بنحو 500 مليار دولار أو ما يوازي نحو 0.6% من حجم الناتج المحلي الإجمالي العالمي مع العواقب المتعلقة بتراجع حجم إنتاجية العمل وحالات الوفيات المرتفعة.
ويقول الصندوق في الدراسة: "إن المخاوف المتعلقة بانتشار الأوبئة واحتوائها من الممكن أن تؤدي إلى تراجع حركة التجارة. وعلى سبيل المثال فإن الحظر الذي فرض من الاتحاد الأوروبي على واردات اللحوم البريطانية مع تفشي مرض جنون البقر استمر لنحو 10 أعوام".
وتابع، أن "حركة السياحة أيضا في المناطق المصابة تتأثر بشدة.. وفي بعض حالات تفشي الأوبئة طويلة الأمد على غرار فيروس نقص المناعة والملاريا فإن هذا يؤثر على تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى تلك البلدان".
وحتى مع انحسار حالات الوفاة قد تكون الخسائر الاقتصادية فادحة، إذ تشير الدراسة إلى أن العواقب الناجمة عن انتشار فيروس إيبولا في ليبريا ورغم قلة حالات الوفاة إلا انها تسببت في انكماش الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنحو 8% في عامي 2013-2014.
وإلى دراسة أخرى أعدها البنك الدولي، فإن انتشار الأوبئة والإمراض يكلف الاقتصاد العالمي نحو 570 مليار دولار سنويا أو ما يوازي نحو 0.7% من حجم الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
ويسلط المنتدى الاقتصادي العالمي الضوء أيضا على مخاطر الأوبئة من خلال تقرير على موقعه الإلكتروني.
وذكر التقرير أن انتشار فيروس سارس بالعام 2003 قد تسبب في خسائر للاقتصاد العالمي تقدر بنحو 50 مليار دولار، فيما تسبب فيروس "ميرس" الذي انتشر في كوريا الجنوبية بالعام 2015 في تراجع حركة السياحة إلى البلاد بنحو 41%، واتجه البنك المركزي الكوري حينها لخفض الفائدة بشدة مع تأثر الاقتصاد الكلي جراء انتشار الفيروس.