انخفضت أسعار النفط أكثر من 30% في تعاملات الأسبوع الماضي وتحديداً يوم الاثنين، نتيجة عدم توصل "أوبك" لاتفاق مع حلفائها فيما يتعلق بخفض الإنتاج، وقرار المملكة العربية السعودية خفض أسعار النفط وعزمها زيادة الإنتاج، لكنها عادت لترتفع فوق 30 دولاراً مجدداً وسط تطمينات بانحسار الفيروس، لتتأرجح بع ذلك هبوطاً وارتفاعاً في حدود معينة.

وكانت السعودية، أعلنت في وقت سابق عن تخفيضات في أسعار نفطها لشهر أبريل، كما تحدثت تقارير إعلامية عن عزم المملكة زيادة إنتاجها من النفط الخام إلى أكثر من 10 ملايين برميل يومياً.

وتعود هذه التطورات في سوق النفط إلى عد توصل "أوبك +" الأسبوع الماضي إلى اتفاق لخفض إنتاج النفط، بعد تراجع الطلب بسبب تفشي فيروس كورونا (كوفيد19).

ولفهم آلية المقالة وما أرمي إليه من استشراف للوضع الحالي، فإن أفضل تبسيط لذلك هو العودة إلى العام 1973 في الحادثة الشهيرة المعروفة بحرب أكتوبر، بعد أن اتفق أعضاء أوبك على استخدام نفوذهم على آلية ضبط أسعار النفط في العالم من أجل رفع الأسعار، بعد إخفاق المفاوضات مع شركات النفط العظمى التي أطلق عليها "الأخوات السبع" في منتصف القرن العشرين، وهو أكبر تحالف لشركات النفط يتكون من 7 شركات، حيث وقفت السيارات بشكل حرفي في منتصف شوارع أمريكا خلال تلك الفترة بسبب سياسة حظر البيع والتي كانت نتائجها مذهلة بحيث تضاعف سعر البرميل 4 أضعاف خلال أشهر فقط وكان سعر برميل النفط قبل قرار الحظر يباع بمقدار 4 دولارات فقط.

الضربة الموجعة والتي تأثرت فيها أمريكا آنذاك أدت إلى التوجه لسياسة تخزين النفط بدءاً من العام 1975 بوضع خطة طوارئ كاحتياطي أمن قومي لكي لا يعاد السيناريو الماضي والتي ظلت دول الخليج العربي بقيادة السعودية المصدر الأول للنفط والراعي الذهبي لمنظمة أوبك هم المتحكمين في أسعار النفط. واستمر تحكم دول أوبك في أسعار النفط حتى العام 2011 بدليل فوائد البنك الأمريكي الفيدرالي كانت شبه معدومة وصولاً إلى "الصفر".

وبعد ذلك، أوجدت أمريكا والشركات الاستثمارية طرقاً جديدة حديثة لاستخراج النفط الصخري وهو أقدم أنواع النفط العضوي، حيث كانت أمريكا هي المصدر الأول الأول للنفط الصخري في القرن الـ19 قبل اكتشافه في دول الخليج العربي، والذي توقف استخراجه منذ القرن 21 بعد اكتشاف النفط في دول الخليج العربي والشرق الأوسط.

لكن خلال الفترة من 2011 إلى 2014 ارتفع سعر برميل النفط لأكثر من 100 دولار والذي أعاد حسابات الولايات المتحدة الأمريكية إلى مربع إعادة الاستثمار في النفط الصخري بسبب فك الحصار عليها كونها المستورد الرئيس للنفط من دول الخليج العربي والذي يكلف إنتاجه واستخراجه بين 50 إلى 60 دولاراً مع هامش ربح 40% وهو كافي جداً لدفع الشركات لأخذ قروض ضخمة جداً في الاستثمار في النفط الصخري، حيث تحولت من بعده أمريكا من أكبر مستورد للنفط إلى أكبر منتج في العالم بالإضافة إلى تصديره للخارج.

هذا الأمر، قاد إلى إغراق الأسواق بكميات كبيرة من النفط بين 3 دول وهي أمريكا والمملكة العربية السعودية كأكبر مصدر وروسيا بالإضافة إلى دول منظمة أوبك، ما دفع دول أوبك إلى أخذ سياسة عدم تخفيض الإنتاج بسبب الخوف من خسارة عملاء والحصص الإنتاجية للأسواق وعدم ترك المجال لأمريكا بتصدر المشهد الاقتصادي.

الخطة سارت جيداً مع منظمة أوبك وبالتحالف مع روسيا بما يعرف أوبيك بلس + منذ العام 2016 وحتى ظهور فيروس كورونا (كوفيد19) العام الحالي، ما تسبب في شل القدرة الصناعية للصين والتي تعد المستورد الأول للنفط، لكن أسعار الخام عاودت ارتفاعها يوم الثلاثاء بنسبة 8% أي بعد يوم واحد من إعلان هبوط أسعار النفط، لتتعافى من أكبر خسارة منذ نحو 30 عاماً ومن ثم هبطت مجدداً إلى مادون 30 دولاراً الأحد الماضي، في الوقت الذي يتطلع المستثمرون إلى تحفيز اقتصادي محتمل في ظل حرب أسعار النفط وتباطؤ الإصابات الجديد بفيروس كورونا في الصين.

بتول شبر - سيدة أعمال

[email protected]