أكد معالي الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة، وزير المالية والاقتصاد الوطني، أن النمو الاقتصادي عملية مستمرة تتطلب تعزيز التنافسية عبر تطوير السياسات والتشريعات الداعمة للانفتاح والنمو، والمبادرات المبتكرة التي تحفز نمو القطاعات المختلفة بما يتماشى مع المبادرات والخطط الاقتصادية لتحقيق الأهداف التنموية المنشودة للمنطقة والتطلعات المشتركة، مشيراً إلى أن مبادرة مستقبل الاستثمار تعكس الدور الريادي للمملكة العربية السعودية الشقيقة في تعزيز الدور التنموي للمنطقة وتنافسيتها بما يعزز من مكانتها كعامل استقرار للمنطقة والعالم، لما تمثله المبادرة من منصة شاملة لتبادل الخبرات والتجارب وزيادة أفق التعاون بما يسهم في جذب الاستثمارات للمنطقة ويزيد من وتيرة التنوع الاقتصادي ويسهم في تحقيق أهدافها المنشودة.
جاء ذلك لدى مشاركة معاليه ضمن الوفد رفيع المستوى، برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، في أعمال منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار بنسختها الخامسة والمنعقد في الرياض بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية الشقيقة، وبرئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع بالمملكة العربية السعودية.
وأشار معالي وزير المالية والاقتصاد الوطني خلال مشاركته في الجلسة النقاشية العامة التي أدارها وزير الخزانة الأمريكية السابق والمستثمر المصرفي، السيد ستيفن منوشين، إلى عددٍ من الموضوعات من بينها التعافي الاقتصادي لما بعد جائحة فيروس كورونا، وتعزيز الاستقرار المالي في مملكة البحرين، والتحديات والفرص في الاقتصاد الخليجي، والفرص الاستثمارية خلال السنوات الخمس المقبلة.
وقال معاليه إن المملكة العربية السعودية الشقيقة اليوم تواصل تحقيق النجاحات التي تسعدنا في مملكة البحرين كون نجاحها نجاح لنا جميعا، حيث تعمل من خلال اضطلاعها اليوم بقيادة المبادرات التنموية النوعية على تعزيز مساعي التنمية في المنطقة، مشيراً معاليه إلى أن مملكة البحرين تدعم المبادرات التي أطلقتها الشقيقة الكبرى خلال قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، وأهداف منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار في نسخته الخامسة بما يحقق مزيداً من الفرص الواعدة للمنطقة وينعكس أثرها الإيجابي على دول وشعوب المنطقة. منوهاً معاليه بما يجمع مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية من علاقات أخوية تاريخية وثوابت راسخة وأهداف مشتركة ومصير واحد إزاء مختلف التحديات، معرباً عن حرص مملكة البحرين على مواصلة تعزيز التعاون مع المملكة العربية السعودية في القطاعات المالية والاقتصادية، والدفع بعلاقات التعاون إلى أفق أوسع على مختلف الصعد.
وأوضح معاليه إلى أن كل ما تم اتخاذه في مملكة البحرين من قرارات وإجراءات خلال جائحة فيروس كورونا هدفها الأول الحفاظ على صحة وسلامة المواطنين والمقيمين في المملكة كونها أولوية دائمة، موضحاً أنه خلال مراحل الجائحة تم التركيز أولاً على الحد من الآثار الصحية للجائحة بما أسهم في حماية المواطنين والمقيمين والحفاظ على سلامتهم، وفي مرحلة ثانية سعت المملكة لدعم الاقتصاد الوطني والقطاع الخاص والحفاظ على مسار النمو الاقتصادي وخلق الفرص النوعية للمواطنين إلى جانب حماية الوظائف وضمان استقرار سوق العمل، واليوم نحن بصدد المرحلة الثالثة وهي الوصول للتعافي الاقتصادي وتعزيز الاستقرار المالي ،والتي نسعى من خلالها لتعزيز النمو الاقتصادي والعودة بمسارات النمو لوتيرتها قبل الجائحة.
وأشار معاليه أن مملكة البحرين غدت قصة نجاحٍ دولية ملهمة في تعاملها مع الظروف الصحية الاستثنائية التي فرضتها جائحة فيروس كورونا (COVID-19) على العالم، مرجعاً معاليه هذا النجاح للرؤية الثاقبة والتوجيهات السامية من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه ومتابعة وقيادة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله للجهود الوطنية للتصدي لفيروس كورونا، والقاعدة الصلبة التي يستند إليها النظام الصحي في المملكة، إلى جانب تحديد رؤية فاعلة لمسارات التعامل مع جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19)، بالإضافة إلى التعاون والعمل المشترك بين دول المنطقة والعالم.
وتطرق معاليه إلى أهمية مواصلة العمل المشترك لإنجاح الخطط والمبادرات النوعية لمواصلة رفد الاقتصاد وتحقيق التعافي الاقتصادي المنشود وضمان استقرار سوق العمل من خلال خلق الفرص النوعية بعد الظروف الاستثنائية لجائحة فيروس كورونا وتداعياته التي واجهها العالم، لافتاً معاليه إلى أن التحول المهم القادم سيكون في كيفية إنتاج وتوزيع واستخدامات الطاقة، مشيراً إلى أن هناك مؤشرات تدفع للتفاؤل بتحقيق معدلات نمو عالية في قطاعات التكنولوجيا، والتكنولوجيا المالية، والرعاية الصحية، والخدمات اللوجستية.
وأشار معالي الوزير إلى أنه وفي إطار الاستجابة الفورية التي اتخذتها مملكة البحرين لمواجهة تداعيات فيروس كورونا ودعم القطاعات الاقتصادية، تم إطلاق حزمة مالية واقتصادية تجاوزت قيمتها 4.5 مليار دينار (حوالي 12 مليار دولار أمريكي) أي ما يعادل ثلث الناتج المحلي الإجماليّ لمملكة البحرين، تهدف إلى إسناد القطاعات الاقتصادية المتضررة جراء الجائحة، والقطاع الخاص والمواطنين ودعم الأجور وحماية الوظائف بما يسهم في تعزيز التوجه نحو التعافي الاقتصادي المنشود لمملكة البحرين، ومازالت هذه الحزم مستمرة.
ونوه معالي وزير المالية والاقتصاد الوطني بجهود مملكة البحرين المستمرة عبر عدة مبادرات للتعافي الاقتصادي وتعزيز الاستقرار المالي من خلال وضع برنامج التوازن المالي على مسار تحقيق أهدافه، موضحاً أن التوازن المالي ليس مرتبطاً فقط بزيادة الإيرادات أو خفض المصروفات، وإنما بالربط الإيجابي ما بين النمو الاقتصادي المتمثل في نمو الناتج المحلي غير النفطي مع زيادة الإيرادات غير النفطية، موضحاً معاليه أن برنامج التوازن المالي والذي أُطلق في العام 2018، بهدف تحقيق التوازن بين المصروفات والإيرادات، نجح في تحفيز القطاعات غير النفطية، مما أدى إلى زيادة الإيرادات غير النفطية بنسبة 66% وتقليل العجز في الميزانية بمقدار 39 مليون دينار بحريني في العام 2019.
وفي هذا الصدد، أكد معالي الوزير على أهمية دعم قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي باتت اليوم من أهم القطاعات التي ترتكز عليها اقتصاديات الدول في العالم، لما يحظى به من إمكانيات ونواحٍ إيجابية ساهمت في رفع الناتج المحلي، وخلق الفرص الوظيفية، موضحاً أن الابتكار والتنوع بهذا القطاع أدى إلى فتح آفاق جديدة أمام الاستثمار والتنوع في مصادر الدخل، وهذا ما تسعى له مملكة البحرين تماشياً مع أهداف رؤية البحرين 2030، لافتًا معاليه إلى أن مملكة البحرين تخصص حصة تبلغ نسبتها 20% من المشتريات والمناقصات الحكومية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وإعطائها أفضلية بنسبة 10% من مناقصات ومزايدات المرافق الخدمية داخل منشآت الجهات الحكومية، مشيراً إلى أهمية هذا القطاع في دعم التنوع الاقتصادي، وتوفير فرص العمل.
واستعرض معاليه تجربة مملكة البحرين في التكنولوجيا المالية والاقتصاد الرقمي والمعرفي وإسهاماتها في تحفيز القطاعات الأخرى، وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لدعم ريادة الأعمال وتنمية المؤسسات الناشئة والصغيرة والمتوسطة والتغلب على التحديات التي تواجهها، إلى جانب دعم تقدم المرأة في كافة المجالات مما يجعل البحرين تحتل أعلى نسبة نساء في مؤسسي الشركات الناشئة في العالم.
وجرى خلال الجلسة ضمن المنتدى مناقشة عددٍ من المواضيع ذات الأولوية تمثلت في الاستثمار المستدام، والنمو الاقتصادي العالمي، والتحول الرقمي، إضافة إلى إسناد المشاريع الصغيرة والمتوسطة.