بات المواطنين الروس يتلمسون أثر عقوبات الدول الغربية ضد موسكو ردا على غزو الرئيس فلادمير بوتين لأوكرانيا، وفق تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال".
وتشكلت طوابير طويلة في بعض البنوك حيث يستمر الروبل في الانخفاض ويسارع المواطنون لاستبدال العملة المحلية بالعملات الصعبة. اضطرت دور السينما إلى إلغاء عرض الأفلام الأميركية، بعد أن أوقفت استوديوهات "ديزني ووارنر" و"سوني" عرض الأفلام في روسيا.
وأوقف بعض الروس خطط شراء منزل جديد بعد أن زادت أسعار الفائدة على الرهن العقاري بأكثر من الضعف لتصل إلى 20 بالمئة. في غضون ذلك، بدأ الروس في تخزين الأدوية المستوردة خوفا من نفادها خلال الأسابيع والأشهر المقبلة.
وبحسب بيانات عام 2021 لمجموعة "دي إس أم"، وهي وكالة تسويق متخصصة في أبحاث سوق الأدوية ومقرها موسكو، يتم استيراد حوالي 55 بالمئة من احتياجات روسيا للدواء من خارج البلاد.
كما لم يتمكن عملاء "نتفلكس" في روسيا من دفع اشتراكاتهم ببطاقات الائتمان الصادرة عن بعض البنوك المحلية، بما في ذلك "Sberbank"، أكبر مصرف في روسيا.
وألغى كثير من الروس خططهم بالسفر خارج البلاد لقضاء عطلة أو للعمل بعد حظر دول عدة تحليق شركات الطيران الروسية فوق أجوائها ورد السلطات الروسية بحظر الرحلات الجوية لشركات الطيران من 36 دولة.
ومنذ غزو موسكو لأوكرانيا قبل أسبوع، أطلقت الولايات المتحدة وأوروبا العنان لمجموعة من العقوبات المفروضة على الاقتصاد الروسي، بما في ذلك القيود المفروضة على المصرف المركزي وقطع وصول كبرى البنوك الروسية الأخرى إلى الدولار والعملات الاحتياطية الأخرى.
كما يجري العمل على خطط لفصل بعض المقرضين الروس عن نظام سويفت المخصص لتحويل الأموال حول العالم.
كانت الوسيطة العقارية، تاتيانا جونسون، تخطط للسفر إلى صربيا في 26 فبراير بعد يومين من فرض المجموعة الأولى من العقوبات. لكن حظر الطيران أفسد مخططاتها.
وأثناء استرداد ثمن تذكرة السفر، لم تستطع جونسون استرداد الدفعة الأولى لقيمة الفندق الذي حجزته.
وقالت: "لم تكن العقوبات مبررة" لأنها تضر بالناس العاديين.
من جانبه، قال ستيبان غونشاروف، المحلل المستقل في مركز "ليفادا" الروسي، إن "الوضع الحالي صعب للغاية".
وأضاف أن العقوبات "سوف تؤدي إلى عواقب طويلة المدى. وسيكون لها تأثير على الطبقة الدنيا الأكبر الذين سيشعرون بهذا التغيير في حياتهم الطبيعية".
"انخفاض في مستوى المعيشة"
كان الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد قال في خطابه عن "حالة الاتحاد" بأن "الاقتصاد الروسي يعاني من العقوبات".
في المقابل، أقر المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، في حديثه للصحافيين، الأربعاء، بأن "الاقتصاد الروسي تعرض لضربة قوية"، لكنه أصر على "أننا ما زلنا صامدين".
وتظاهر آلاف الروس احتجاجا على غزو بلادهم لأوكرانيا في مدن مختلفة خلال الأيام الماضية.
والأربعاء، اعتُقل العشرات خلال تجمعات في موسكو وسان بطرسبرغ رافضة لغزو أوكرانيا، نظمت تلبية لدعوة المعارض المسجون أليكسي نافالني، وفق مراسلي فرانس برس.
وفي العاصمة الروسية، اعتقل سبعة أشخاص على الأقل قرب ساحة مجاورة للكرملين حيث أعلن تنظيمٌ، تظاهرة ضد الحرب في الساعة 16,00 بتوقيت غرينيتش، وسُجّل انتشار كثيف للشرطة قبل موعد التحرك.
وشجع المعارض أليكسي نافالني، الأربعاء، جميع مواطنيه وسكان بيلاروس على التظاهر يوميا ضد غزو أوكرانيا.
ويحاول الكرملين إسكات جميع الأصوات المناوئة للسلطة، من خلال قمع المظاهرات وإغلاق القنوات التي ترفض الترويج لفكرة الغزو.
وتابع غونشاروف: "أعتقد سيكون هناك انخفاض في مستوى المعيشة وستُلقى المسؤولية على عاتق الحكومة وعلى الرئيس أيضا".
وقال إن هذه العقوبات يمكن أن يكون لها عواقب محلية بعيدة المدى؛ لأن الروس ذوي الدخل المنخفض الذين سيتحملون وطأة العقوبات يشكلون القاعدة السياسية الأساسية للرئيس، فلاديمير بوتين.