أيمن شكل

أوصى قانونيون، بإجراء تعديلات تشريعية وتفعيل الاتفاقيات الدولية، لضمان توفير إطار تنظيمي للمعاملات الاقتصادية المتعلقة بالعملات الرقمية، مع ضرورة التوعية المجتمعية والتعليم والتدريب بهدف بناء بيئة متكاملة ومستدامة للتعامل مع الابتكار المالي والتحول الرقمي، وتعزيز الحوكمة الفعّالة للأسواق الرقمية.

جاء ذلك، في ختام فعاليات المؤتمر الدولي الثامن لرواد الأعمال القانونية، الذي استضافته البحرين بعنوان "العملات الرقمية بين آفاق المستقبل وتحديات القانون" والذي نظمه المركز الدولي الخليجي - منظمة غير حكومية تتمتع بالصفة الاستشارية لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة "ECOSOC" - بحضور النائب الثاني لرئيس مجلس الشورى جهاد الفاضل، نيابة عن رئيس المجلس علي الصالح، وبمشاركة نخبة من الخبراء والمتخصصين من مختلف دول العالم، يمثلون قطاعات القانون والاقتصاد والتكنولوجيا.

وأكد المدير التنفيذي لمركز الخليج الدولي محمد الذوادي، أنه مع التحول الرقمي المتسارع، أصبحت التقنيات المالية الحديثة والعملات الرقمية جزءاً مؤثراً في الاقتصاد العالمي، ما يفرض على الجهات تشريعية والمؤسسات البحثية والقانونيين، مسؤولية كبرى في مواكبة التغيرات عبر السعي لإيجاد أطر قانونية مرنة ومتوازنة تجمع بين دعم الابتكار وحماية المستخدم وضمان استقرار الأنظمة المالية.

وأشار إلى أهمية وضع أطر شاملة لضمان تنظيم هذا القطاع الناشئ، وحماية المستثمرين، وتعزيز استقرار الأسواق المالية، بالإضافة إلى وضع تكامل متوازن بين التشريعات الوطنية، والمعايير الدولية، والقدرات التنظيمية، والوعي المجتمعي، بما يحقق الاستخدام الآمن والفعّال للعملات الرقمية.

وشهدت فعاليات الجلسة الأولى التي جاءت بعنوان: "الابتكار المالي والاقتصاد الرقمي" التغيرات العميقة التي يشهدها الاقتصاد العالمي في ظل تصاعد دور العملات الرقمية، وضرورة صياغة تشريعات متجددة تواكب هذه التحولات، وتوازن بين الابتكار والحماية القانونية.

وناقش المشاركون في الجلسة، الفرص الاستثمارية في مجال العملات الرقمية وأهمية بناء بيئة تنظيمية قادرة على احتضان هذه الاستثمارات ضمن أطر قانونية واضحة وفعالة، تضمن حماية المستثمرين، وتدعم النمو المستدام، وبورصات العملات الرقمية، ودورها في تشكيل المشهد المالي الحديث.

وطرحت الأستاذ المساعد في القانون التجاري من جمهورية مصر العربية د. مها السقا، ورقة بحثية بعنوان: "مستقبل العقود الذكية وتأثيرها على الاقتصاد"، استعرضت فيها التحولات الجوهرية التي أحدثتها العقود الذكية في البيئة القانونية والتجارية.

فيما ناقشت الجلسة الثانية، موضوع "الإطار القانوني لتنظيم العملات الرقمية" خاصة في ظل التحولات الجذرية التي يشهدها الاقتصاد الرقمي العالمي، وتناولت الجلسة تجارب دولية متنوعة في التعامل مع هذا النوع من الأصول الرقمية، وأوجه التباين في النظرة القانونية بين التشريعات المختلفة، والتحديات القانونية المرتبطة بالتعامل مع العملات الرقمية، وصعوبات تصنيفها والتعامل معها ضمن الأطر التقليدية للقانون، خاصة في ظل طبيعتها اللامركزية والعابرة للحدود، وطرق تعزيز الضمانات القانونية التي تحمي المستخدمين من المخاطر التقنية والاحتيال المالي في بيئة العملات الرقمية، ودور التشريعات في تنظيم الفضاء الرقمي وحماية المستخدمين.

واختتمت فعاليات المؤتمر بالجلسة الأخيرة تحت عنوان: "التحولات الرقمية والتحديات القانونية" وسلطت الضوء على أبرز التحديات القانونية التي تواكب التوسع المتسارع في البيئة الرقمية، ومجالات تطوير الأطر القانونية لمواكبة التحول الرقمي العالمي.

كما تناولت الأمن السيبراني وتأمين المعاملات الرقمية، بالإضافة إلى الجرائم المرتبطة بالعملات المشفرة، والتي تطلب استراتيجيات قانونية متقدمة وممارسات أمنية قادرة على مواجهة التهديدات المستحدثة في العالم الرقمي.

فيما استعرض عضو مجلس الشورى ورئيس مجلس أمناء غرفة البحرين لتسوية المنازعات علي العرادي، سبل ووسائل تسوية المنازعات الرقمية، مستعرضا أهمية تطوير أنظمة بديلة لحل النزاعات الإلكترونية بما يتماشى مع سرعة المعاملات الرقمية، ويضمن الوصول إلى العدالة بكفاءة وفاعلية في الفضاء الإلكتروني.

ودعا المشاركون، إلى أهمية سن قوانين خاصة بالعملات المشفرة، ووضع إطار تشريعي خليجي موحد لتنظيم الأصول الرقمية والأسواق وتنظيم الأصول الرقمية والعقود الذكية، وتحديد حقوق والتزامات جميع الأطراف، ومواءمة التشريعات الوطنية مع المعايير والاتفاقيات الدولية مثل FATF، ولجنة بازل، وصندوق النقد الدولي، وإنشاء سن قوانين خاصة بالعملات المشفرة.

وتم الاتفاق، على إطار تشريعي خليجي موحد لتنظيم الأصول الرقمية والأسواق الرقمية وتعزيز التعاون الدولي والإقليمي في حوكمة العملات الرقمية، والانضمام للاتفاقيات الدولية لمكافحة الجرائم السيبرانية، وحماية المستثمرين وضمان استقرار السوق الرقم.

وعلى المستوى التنظيمي، شدّدوا على أهمية تعزيز دور البنوك المركزية في الرقابة والإصدار، وأن تحتفظ البنوك المركزية بسلطة إصدار العملات الرقمية وتطوير البيئة التنظيمية وتعزيز الابتكار المالي والتحول الرقمي، واعتماد معايير مالية ورقابية مرنة للعملات الرقمية مع تعزيز الاستثمار الدولي والمحلي في البنية التحتية الرقمية والتأهيل الأكاديمي.

وفيما يتعلق بمستوى التوعية المجتمعية والتعليم والتدريب، أكدوا أهمية تطوير برامج توعية قانونية ومالية شاملة للمستثمرين والمستخدمين وتعزيز الدور المجتمعي والإعلامي في نشر الوعي الرقمي، ودعم البحث العلمي والتدريب في مجالات التكنولوجيا المالية والقانون الرقمي.