المتتبع للأحداث الدولية ينظر إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية دولة ضعيفة ورئيسها لا يمثل تلك القوة التي يتفاخر فيها، وهذا ما يؤكد رواية بعض المحللين بأن الهيمنة الأمريكية تعيش آخر أيامها، ولكن هل هذا الكلام صحيح؟

لنحلل الموضوع بشكل منفصل وبواقعية أكبر، من المستفيد الأول من الصراع الروسي الأوكراني؟ الإجابة وبكل بساطة هي أمريكا لأنها ضخت مبالغ كبيرة لمصانع الأسلحة إضافة إلى أنها وجدت سبباً تسوقه للشعب الأمريكي بأن سبب غلاء المعيشة والنفط هو الحرب التي تجري في أوكرانيا، وهذا خلاف الواقع، فالتضخم كان في تزايد قبل أن يكون هناك حرب من الأساس، أضف إلى ذلك فإن الحرب هي بعيدة عن الأراضي الأمريكية وبالتالي هي لا تمس الأمن القومي لها فهي تستفيد من هذه الحرب سياسياً واقتصادياً.

وعلى الصعيد نفسه، أشارت مقالات رأي وتحليل في الصحف الأمريكية ومنها «فايننشال تايمز» حول أن الحرب الأوكرانية تعتبر قارب النجاة لإخفاقات البيت الأبيض وبالتحديد لإدارة جو بايدن، غير أن هناك ملفاً أكبر وأخطر وهذا ما تسعى الولايات المتحدة الأمريكية الخوض فيه حتى لو وصل بها الحال لحرب عالمية ثالثة وهو الملف الصيني التايواني، فالأوضاع على حدود الدولتين أشبه بالبارود الذي ينتظر الشعلة التي ستسفر عن انفجار ضخم قد يجعل الوضع الدولي في موقف صعب أو بالأحرى خارج نطاق السيطرة.

ما أود إيصاله أن الولايات المتحدة الأمريكية توفر ذخيرتها وقوتها العسكرية للحرب ضد الصين وليست روسيا، فهي تنظر لبكين هي الدولة المنافسة لها بالقوة والنفوذ، وبالتالي فإن واشنطن الأسلوب التي اتخذته في الصراع الروسي الأوكراني سيكون مختلفاً وقد تدخل أمريكا بثقلها لاستنزاف الصين اقتصادياً وعسكرياً في الملف التايواني، والصورة التي وضعتها للعالم بأنها قوة ضعيفة قد تكون خدعة لكي تفاجأ بكين بما يخبأه أمريكا من خطط واستراتيجيات لإضعاف الصين.

خلاصة الموضوع، أمريكا هي دولة قائمة على صناعة الصورة النمطية، فهي مرة تبين بأنها أقوى دولة بالعالم ومرة أخرى تبين بأنها أضعف ما تكون، لكن الأرقام لا تكذب فهي تملك قوة عسكرية ضخمة وتكنولوجيات هي الأحدث في ِالعالم وهي من تملك الفضاء الإلكتروني فهل تصدق بأنها ستفقد هيمنتها على العالم بهذه السهولة، فهي تتلاعب على العقول فقط حتى تصل لنقطة يمكنها استرجاع صورتها السابقة بأنها دولة عظمى.