نواصل في الجزء الثاني من المقال حديثنا عن دور المحميات الطبيعية في استدامة الموارد ورفع اقتصاد الدول.
لو تعمقنا أكثر في دور المحميات والمجتمع لوجدنا أن معظم ثقافات الشعوب ترتبط بالبيئة، فأهل البحر لهم أيام مرتبطة بالبحر مثل ما هو عندنا في الإمارات، موسم المالح مثلاً من العادات الموروثة تحمل ثقافة الشعب كالأغذية، والمحميات تحفظ هذه الموروثات الشعبية من الاندثار، أيضاً هي مصدر للدخل للأفراد الحرفيين، لذا هي ضمان معيشي.
هناك دور للمحميات في الاقتصاد ولاسيما اليوم المصطلح الذي تنادي به المحافل البيئية وهو الاقتصاد الأزرق، حيث يقوم الاقتصاد الأزرق بإدارة الموارد المائية بطرق مستدامة، ومن ضمنها وجود محميات بحرية أو مواقع مائية تضمن بقاء وتنمية الاقتصاد الأزرق والذي يستند على وجود مزارع أسماك أو مصانع حفظ الأسماك أو مزارع الأحياء المائية كالطحالب والمحاريات، هذه تعزز الأمن الغذائي وتخلق فرصاً وظيفية ودخلاً للفرد. أيضاً المحميات ذات الموارد المائية هي مصدر لمصائد أسماك مستدامة إذا تمت إدارتها بتوازن بيئي وإدارة تكاملية بين الاستهلاك والتنمية، من ناحية أخرى المحميات كذلك تلعب دوراً اقتصادياً في السياحة البيئية خلال جائحة كورونا (كوفيد 19). ارتفعت أهمية المناطق المحمية بشكل كبير لكونها نموذجاً صحياً خالياً من أي ملوثات، صارت متنفساً سياحياً خلال فترة الحجر. إن حماية الطبيعة واستعادتها والاستثمار فيها يمكن أن تقلل أيضاً من مخاطر تفشي الأمراض الحيوانية المنشأ الجديدة مثل كورونا (كوفيد 19)، وهو توفير في كلفة التعافي. أيضاً هناك أنشطة سياحية مختلفة ومنها مبتكرة تقوم على وجود المحميات مثل أنشطة رحلات استكشاف الطبيعة ورحلات مراقبة ورصد الحيوانات ورحلات الغوص ورحلات استزراع المرجان، هذه أنشطة تمتهنها اليوم مراكز السياحة، ومن ناحية أخرى هي ذات استثمار بيئي، فتحتوي المناطق المحمية على أجمل المناظر الطبيعية في العالم ومنها ما هي ذات مميزات ثقافية رائعة والتي تشكل عوامل جذب للسياحة والترفيه. هذا الدور الجديد الذي تلعبه المحميات بالإضافة إلى دورها الأساسي في الحفاظ على التنوع البيولوجي للأنواع، وتوفير موارد طبيعية لتلبية احتياجات المجتمع المختلفة. وأنا أرى من خلال خبرتنا العملية أن «قضية حماية البيئة تتماشى بالتوازي مع سياسة الاقتصاد»، فالمحميات الطبيعية لها مساهمة كبيرة في الاقتصاد وزيادة الثروة الوطنية والدخل القومي ومستويات الناتج الاقتصادي الوطني.
تحديات تواجه المحميات بشكل عام، الصيد الجائر غير المنظم من أقوى التحديات التي تستنزف المحميات والموارد البيئية. وحسب إحصائيات منظمة الأغذية والزراعة الدولية التابعة للأمم المتحدة أوضحت في تقرير لها ارتفاعاً في نسبة الصيد المفرط من 10% في عام 1974 إلى 31% في عام 2013، وقد بلغت نسبة الصيد غير القانوني وغير المنظم 11% في عام 2016.
والأسماك المفقودة بسبب الصيد غير المنظم تقدر كميتها من 11 إلى 26 مليون طن سنوياً.
أيضاً التلوث هو عدو للمحميات، ويمكن أن يضر بمدى فعالية هذه المواقع إذا استمر التلوث بها بشكل مستمر. وحسب إحصائيات الأمم المتحدة على الملوثات البيئية هناك 80% من التلوثات غير محددة المصدر.
اليوم تشكل أيضاً قضية التغير المناخي تحدياً على المحميات، فارتفاع درجات الحرارة يسبب جفاف الموارد المائية وبالتالي يدمر التنوع البيولوجي، كذلك ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى ابيضاض المرجان ومن ثم فقدانه. وفي إحصائية لمنظمة للأمم المتحدة توضح تدهور 30% من الشعاب المرجانية و20% من الأعشاب البحرية في جميع أنحاء العالم بسبب التغيّر المناخي.
لضمان فعالية المحميات في استدامة الموارد لابد من إدارة متكاملة بين الحكومة وأصحاب المصلحة والمحللين وتطبيق استراتيجيات فاعلة في المحمية البحرية. يجب أن تأخذ الجوانب القانونية تطبيقاً فعلياً يأخذ بعين الاعتبار مثل، حصص الصيادين ونوع التراخيص والتصاريح في التعامل مع الموارد البحرية في نظام مصايد الأسماك أو الصيد الترفيهي.
أخيراً، يمكن القول إن نجاح المحميات يعتمد إلى حد كبير على التكامل الإداري بين أصحاب المصلحة والحكومة.
* رئيس قسم البيئة والمحميات الطبيعية - هيئة الفجيرة للبيئة
لو تعمقنا أكثر في دور المحميات والمجتمع لوجدنا أن معظم ثقافات الشعوب ترتبط بالبيئة، فأهل البحر لهم أيام مرتبطة بالبحر مثل ما هو عندنا في الإمارات، موسم المالح مثلاً من العادات الموروثة تحمل ثقافة الشعب كالأغذية، والمحميات تحفظ هذه الموروثات الشعبية من الاندثار، أيضاً هي مصدر للدخل للأفراد الحرفيين، لذا هي ضمان معيشي.
هناك دور للمحميات في الاقتصاد ولاسيما اليوم المصطلح الذي تنادي به المحافل البيئية وهو الاقتصاد الأزرق، حيث يقوم الاقتصاد الأزرق بإدارة الموارد المائية بطرق مستدامة، ومن ضمنها وجود محميات بحرية أو مواقع مائية تضمن بقاء وتنمية الاقتصاد الأزرق والذي يستند على وجود مزارع أسماك أو مصانع حفظ الأسماك أو مزارع الأحياء المائية كالطحالب والمحاريات، هذه تعزز الأمن الغذائي وتخلق فرصاً وظيفية ودخلاً للفرد. أيضاً المحميات ذات الموارد المائية هي مصدر لمصائد أسماك مستدامة إذا تمت إدارتها بتوازن بيئي وإدارة تكاملية بين الاستهلاك والتنمية، من ناحية أخرى المحميات كذلك تلعب دوراً اقتصادياً في السياحة البيئية خلال جائحة كورونا (كوفيد 19). ارتفعت أهمية المناطق المحمية بشكل كبير لكونها نموذجاً صحياً خالياً من أي ملوثات، صارت متنفساً سياحياً خلال فترة الحجر. إن حماية الطبيعة واستعادتها والاستثمار فيها يمكن أن تقلل أيضاً من مخاطر تفشي الأمراض الحيوانية المنشأ الجديدة مثل كورونا (كوفيد 19)، وهو توفير في كلفة التعافي. أيضاً هناك أنشطة سياحية مختلفة ومنها مبتكرة تقوم على وجود المحميات مثل أنشطة رحلات استكشاف الطبيعة ورحلات مراقبة ورصد الحيوانات ورحلات الغوص ورحلات استزراع المرجان، هذه أنشطة تمتهنها اليوم مراكز السياحة، ومن ناحية أخرى هي ذات استثمار بيئي، فتحتوي المناطق المحمية على أجمل المناظر الطبيعية في العالم ومنها ما هي ذات مميزات ثقافية رائعة والتي تشكل عوامل جذب للسياحة والترفيه. هذا الدور الجديد الذي تلعبه المحميات بالإضافة إلى دورها الأساسي في الحفاظ على التنوع البيولوجي للأنواع، وتوفير موارد طبيعية لتلبية احتياجات المجتمع المختلفة. وأنا أرى من خلال خبرتنا العملية أن «قضية حماية البيئة تتماشى بالتوازي مع سياسة الاقتصاد»، فالمحميات الطبيعية لها مساهمة كبيرة في الاقتصاد وزيادة الثروة الوطنية والدخل القومي ومستويات الناتج الاقتصادي الوطني.
تحديات تواجه المحميات بشكل عام، الصيد الجائر غير المنظم من أقوى التحديات التي تستنزف المحميات والموارد البيئية. وحسب إحصائيات منظمة الأغذية والزراعة الدولية التابعة للأمم المتحدة أوضحت في تقرير لها ارتفاعاً في نسبة الصيد المفرط من 10% في عام 1974 إلى 31% في عام 2013، وقد بلغت نسبة الصيد غير القانوني وغير المنظم 11% في عام 2016.
والأسماك المفقودة بسبب الصيد غير المنظم تقدر كميتها من 11 إلى 26 مليون طن سنوياً.
أيضاً التلوث هو عدو للمحميات، ويمكن أن يضر بمدى فعالية هذه المواقع إذا استمر التلوث بها بشكل مستمر. وحسب إحصائيات الأمم المتحدة على الملوثات البيئية هناك 80% من التلوثات غير محددة المصدر.
اليوم تشكل أيضاً قضية التغير المناخي تحدياً على المحميات، فارتفاع درجات الحرارة يسبب جفاف الموارد المائية وبالتالي يدمر التنوع البيولوجي، كذلك ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى ابيضاض المرجان ومن ثم فقدانه. وفي إحصائية لمنظمة للأمم المتحدة توضح تدهور 30% من الشعاب المرجانية و20% من الأعشاب البحرية في جميع أنحاء العالم بسبب التغيّر المناخي.
لضمان فعالية المحميات في استدامة الموارد لابد من إدارة متكاملة بين الحكومة وأصحاب المصلحة والمحللين وتطبيق استراتيجيات فاعلة في المحمية البحرية. يجب أن تأخذ الجوانب القانونية تطبيقاً فعلياً يأخذ بعين الاعتبار مثل، حصص الصيادين ونوع التراخيص والتصاريح في التعامل مع الموارد البحرية في نظام مصايد الأسماك أو الصيد الترفيهي.
أخيراً، يمكن القول إن نجاح المحميات يعتمد إلى حد كبير على التكامل الإداري بين أصحاب المصلحة والحكومة.
* رئيس قسم البيئة والمحميات الطبيعية - هيئة الفجيرة للبيئة