بالعودة إلى نهايات الفصول التشريعية السابقة لمسيرة مجلس النواب التي بدأت قبل عقدين من الزمان، يمكن رصد مداخلات نيابية أخيرة تأتي بأسلوب «دعائي»، هدفه إما الحصول على «صك غفران» من المواطن على أداء قد يكون غالبه «مخيب» طوال أربعة أعوام، أو بهدف الحصول على «تجديد للبيعة» تمهيداً لخوض الانتخابات القادمة والوصول مجدداً للكرسي.
الجلسات الطويلة، والمناقشات العديدة، والصراخ بحرقة، والتزام الجميع بالحضور والكلام أمام الكاميرات، وغياب التسيب والاختفاء من القاعة بعد أداء الصلاة وغيرها من الوقفات، كلها مظاهر تشاهدها والفصل التشريعي الأخير «يلفظ أنفاسه»، وكأنك تمسك بالمايكرفون وتعلن: «يا جماعة من عنده كلمة أخيرة»؟! فتجد الجميع يتهافت للحديث دون أن يسكت.
فحوى الحديث هو المهم، ففي الجلسات الأخيرة لعمر البرلمان، وهي جلسات يعرف الأعضاء بأنها فرصة أخيرة لقول آخر الكلمات، أو استعراض آخر البطولات، أو المحاولة الأخيرة لتذكير المواطن بأنني كنائب فعلت لك وحققت لك فلا تنسى! هنا الفحوى هي التي تفصل في الأمر، وطبعاً من يفصل هو المواطن الذي يمعن النظر ويدقق في القول ويفند المضمون، والأهم يقارن ما يقال بما تحقق.
اليوم أمامنا أنواع مختلفة من النواب. نوع هو الساكت طوال ثلاث سنوات ونصف، وتراه يستعيد «حاسة النطق» في الجلسات الأخيرة. هذا النوع من النواب هو الذي كنتم ترونه في الخيام الانتخابية كما «الأسد الهصور» الذي يعلو «زئيره» واعداً الناخبين ومؤكداً لهم سعيهم لخدمتهم وقسمه بالوقوف أمام كل أمر لا يخدمهم، لكن مع وصوله للكرسي، رأى الناس كيف اختفى وانكمش هذا الأسد.
النوع الثاني من النواب، هو الذي تحول لسانه من الحديث باسم المواطن، إلى الحديث وكأنه مسؤول حكومي، فبدلاً من مناقشة الحكومة في أية قرارات أو توجهات قد لا تحظى بقبول الناس، يتحول النائب بنفسه من «نائب للشعب»، إلى «نائب للوزارة» أو المسؤول المعني. هذا النوع «الحكومي أكثر من الحكومة» تجدونه اليوم يستميت للتحول مجدداً إلى «نائب للشعب» أملاً طبعاً في أصوات الشعب.
نوع آخر وهو النائب «العاطفي» والذي كلما تحدث قال للناس بأنه «لن يترشح مجدداً»، لكنه في النهاية سيعيد الترشح مبرراً ذلك بـ«نزولاً عند رغبة الجماهير»، والشاطر من سيعرف ماذا قالت الجماهير، بل من هي هذه الجماهير؟!
سيقول البعض: يفهم من كلامك بأن كل ما نراه الآن مجرد «استعراض انتخابي»، وليس سعياً لتحقيق مزيد من الأمور للناس؟!
وأجيب بكل بساطة: هناك من بالفعل لن يترشح، لكنه يريد الآن «صك غفران» من الناس، لمعرفته بفشله عن تحقيق كثير من وعوده. لكن هناك غيرهم ممن يعرفون أن ما يقال الآن هو قول «في الوقت الضائع»، بالتالي الجلسة الأخيرة الطويلة هي آخر فرصة لـ«دعاية انتخابية» من داخل قاعة المجلس، علّ وعسى البعض يتأثر ويجدد البيعة لنائب لا يستحق الوصول مجدداً لتمثيل الناس.
الجلسات الطويلة، والمناقشات العديدة، والصراخ بحرقة، والتزام الجميع بالحضور والكلام أمام الكاميرات، وغياب التسيب والاختفاء من القاعة بعد أداء الصلاة وغيرها من الوقفات، كلها مظاهر تشاهدها والفصل التشريعي الأخير «يلفظ أنفاسه»، وكأنك تمسك بالمايكرفون وتعلن: «يا جماعة من عنده كلمة أخيرة»؟! فتجد الجميع يتهافت للحديث دون أن يسكت.
فحوى الحديث هو المهم، ففي الجلسات الأخيرة لعمر البرلمان، وهي جلسات يعرف الأعضاء بأنها فرصة أخيرة لقول آخر الكلمات، أو استعراض آخر البطولات، أو المحاولة الأخيرة لتذكير المواطن بأنني كنائب فعلت لك وحققت لك فلا تنسى! هنا الفحوى هي التي تفصل في الأمر، وطبعاً من يفصل هو المواطن الذي يمعن النظر ويدقق في القول ويفند المضمون، والأهم يقارن ما يقال بما تحقق.
اليوم أمامنا أنواع مختلفة من النواب. نوع هو الساكت طوال ثلاث سنوات ونصف، وتراه يستعيد «حاسة النطق» في الجلسات الأخيرة. هذا النوع من النواب هو الذي كنتم ترونه في الخيام الانتخابية كما «الأسد الهصور» الذي يعلو «زئيره» واعداً الناخبين ومؤكداً لهم سعيهم لخدمتهم وقسمه بالوقوف أمام كل أمر لا يخدمهم، لكن مع وصوله للكرسي، رأى الناس كيف اختفى وانكمش هذا الأسد.
النوع الثاني من النواب، هو الذي تحول لسانه من الحديث باسم المواطن، إلى الحديث وكأنه مسؤول حكومي، فبدلاً من مناقشة الحكومة في أية قرارات أو توجهات قد لا تحظى بقبول الناس، يتحول النائب بنفسه من «نائب للشعب»، إلى «نائب للوزارة» أو المسؤول المعني. هذا النوع «الحكومي أكثر من الحكومة» تجدونه اليوم يستميت للتحول مجدداً إلى «نائب للشعب» أملاً طبعاً في أصوات الشعب.
نوع آخر وهو النائب «العاطفي» والذي كلما تحدث قال للناس بأنه «لن يترشح مجدداً»، لكنه في النهاية سيعيد الترشح مبرراً ذلك بـ«نزولاً عند رغبة الجماهير»، والشاطر من سيعرف ماذا قالت الجماهير، بل من هي هذه الجماهير؟!
سيقول البعض: يفهم من كلامك بأن كل ما نراه الآن مجرد «استعراض انتخابي»، وليس سعياً لتحقيق مزيد من الأمور للناس؟!
وأجيب بكل بساطة: هناك من بالفعل لن يترشح، لكنه يريد الآن «صك غفران» من الناس، لمعرفته بفشله عن تحقيق كثير من وعوده. لكن هناك غيرهم ممن يعرفون أن ما يقال الآن هو قول «في الوقت الضائع»، بالتالي الجلسة الأخيرة الطويلة هي آخر فرصة لـ«دعاية انتخابية» من داخل قاعة المجلس، علّ وعسى البعض يتأثر ويجدد البيعة لنائب لا يستحق الوصول مجدداً لتمثيل الناس.