حينما يُعلن عن أي مشروع، وحينما توضع أي إستراتيجية، وحينما يكون هناك أي تحرك، من المهم جداً أن نحدد موقع المواطن «من الإعراب» في المعادلة.

ورغم أن موقع المواطن يفترض أن يكون في البداية، فإنه يجب لزاماً أن يكون المواطن محسوباً في أي حراك، والحسبة لا تكون إلا عبر تحديد خانة تملأ بكل وضوح وشفافية في وثيقة هذا المشروع أو تلك الإستراتيجية بشأن ماذا سيستفيد المواطن في نهاية المطاف.

المواطن حينما يسمع عن أي توجه أو مشروع مهم لديه عليه أن يعرف ماذا سيطاله من فائدة ومنفعة ومكاسب، وحينما تجدون نوعاً من الاستياء والتذمر فلا تلوموا الناس؛ إذ هم تابعوا عدداً كبيراً من التقارير المالية والإدارية طيلة السنوات الماضية والتي تتحدث عن هدر مالي وغيرها من تجاوزات، وأملوا تصحيح هذه الأمور وحفظ المال العام بما يحقق الصالح للوطن وأهله، ولكن قناعة المواطن تترسخ بأنه لا يحصل على شيء في المقابل، إذ حتى المطالبة بزيادة الرواتب على سبيل المثال تقابلها إجابات تبين صعوبة تحقيقها في ظل وضع الميزانية والعجز وغيرها من ظروف.

بالتالي الناس في مقابل تقبلهم هذا الوضع، من المزعج لهم أيضاً أن يفاجؤوا بقرارات وتوجهات -وإن كانت اختيارية- تأخد منهم ولا تعطيهم، لذلك نكرر القول أعلاه إن موقع المواطن من الإعراب مهم جداً، وأين تكون منفعته وفائدته ومكسبه من أي شيء يقر ويتم العمل به.

اليوم يمكن لأي مسؤول وصانع قرار أن يعرف ماذا يصدر عن الناس وبالتالي يمكنه استشراف ردود فعلهم بمجرد متابعة ما يعبرون عنه من آراء وأفكار عبر وسائل التواصل الاجتماعي. يمكنه بسهولة فهم كافة ما يدور في الشارع، وكيف يفكر الناس، وما هي همومهم وما هي آمالهم ومطالبهم، وبالمناسبة هي أمور يفترض أنها معروفة لأي مسؤول قياساً على مساحة البحرين وعدد سكانها وتوافق المزاج الشعبي في أمور بديهية ومتأصلة منذ عقود، وخاصة فيما يتعلق بأمور الوضع المعيشي والخدمات.

الذكاء أن نجعل هذا المواطن هو الداعم الأول لأي مشروع يراد به خدمة الوطن، لكن شريطة أن يكون مشروعاً في أساسه منفعة للمواطن ويحقق الرضا لديه، مشروعاً يزيد منه ويعلي من قدره ومكانته، لا أن يكون مشروعاً يثير الاستياء ويفرض عدم القبول الشعبي تجاهه.

ردة فعل المواطن محددة بموقعه من الإعراب في أي مشروع أو توجه كان. وهذا الكلام أساسه -كما يُفترض- القول الدائم إن المواطن هو ثروة الوطن، وإن العمل والحراك المؤسساتي هدفه تحقيق الحياة الكريمة وتوفير الخدمات الميسرة له بما يحقق رضاه ويلبي تطلعاته.