المواطن «علان» يقود سيارته في مساره، وفجأة يفاجأ بسيارة تدخل عليه من المسار الجانبي، سائقها «فلان» قطع الإشارة الحمراء وهو يقود بسرعة جنونية. ما هي إلا لحظات حتى يفارق «علان» الحياة بسبب حادث جنوني قطع سيارته نصفين.
«علان» توفي رغم أنه يسير في مساره بسرعة قانونية، توفي وترك وراءه زوجة «ربة بيت»، وثلاثة أولاد يدرسون في مدارس خاصة وفجأة وجدوا أنفسهم سيخرجون منها؛ لأن عائلهم توفي ولا أحد سيدفع مصاريف هذه المدارس، وأيضاً ترك وراءه منزلاً اشتراه لهم بقرض عقاري، لكنهم مهددون بالطرد منه؛ لأن لا أحد بمقدوره دفع القسط الشهري العالي، وها هي أرملته تعيش حالة مأساوية بحثاً عن عمل لتعيل نفسها وأبناءها وتؤمن السكن لهم.
أما «فلان» السائق المتهور الذي «قطع الإشارة الحمراء» وتسبب في قتل «علان» فقد حُكم عليه بالسجن سنتين أو بدفع غرامة قدرها 6 آلاف دينار «فقط» بموجب ما ينص عليه القانون، فاستعان بمحاميه ولم يسجن ودفع المبلغ، وعاد ليسوق بجنون وتهور في الشوارع.
هذه قصة من نسج الخيال، لكنها يمكن أن تتحول قصة واقعية بسهولة جداً، إذ تخيلوا حادثاً يحصل بنفس الشاكلة لأي شخص وقد تكون أنت لا قدر الله. سائق متهور يقطع إشارة حمراء ليصطدم بسيارة أخرى تسير في مسارها الصحيح، فيقلب حال عائلة بأسرها إلى حال آخر. فقط تخيلوا المشهد مثلما سردته أعلاه.
أكتب هذا بعد تمعني بـ«إنفوجرافيكس» نشرته صحيفة «الوطن» يوم أمس تحت مسمى «جريمة تجاوز الإشارة الضوئية الحمراء»، والمعلومات المتضمنة فيه منقولة عن قسم العلاقات العامة والإعلام بالأمانة العامة للمجلس الأعلى للقضاء، والتي حددت العقوبات كالآتي:
قطع الإشارة الحمراء دون وقوع حادث: الحبس ستة أشهر أو غرامة 500 دينار.
قطع الإشارة الحمراء ونتج عنه حادث أدى إلى إصابة بالأشخاص أو تلفيات بالممتلكات العامة أو الخاصة: الحبس سنة وغرامة 3 آلاف دينار.
قطع الإشارة الحمراء ونتج عنه حادث أدى إلى وفاة شخص: الحبس سنتين أو 6 آلاف دينار.
أولاً: أنا كنت من أشد المؤيدين ومازلت لقانون المرور الجديد حينما طرح حملته الترويجية النوعية آنذاك، وبعد تطبيقه، بل رددت على كل من استاء من رفع الغرامات على المخالفات، قلت حينها إن الشخص الملتزم بالقانون وبأخلاقيات القيادة لا يخاف من أي مخالفة مهما كان مبلغ غرامتها، لأنه ببساطة ملتزم ولن يقع في الخطأ.
ثانياً: بالنسبة للعقوبات أعلاه، أرجو التمعن في السيناريو الكارثي الذي يمكن أن يصاب به أي شخص وتتضرر منه عائلته لو لا قدر الله «توفي» بسبب تهور سائق مستهتر مجنون في قيادته، أو أقلها أصيب بعاهة مستديمة. هل الحبس سنتين أو الاستعاضة عنه بمبلغ 6 آلاف دينار ستعوض عائلته هذه الخسارة؟!
وللتوضيح هنا، لست أتحدث عن مبلغ تعويض أكبر، سواء أكان 60 ألفاً أو حتى 600 ألف جراء إزهاق روح بسبب استهتار وتهور وتجاوز وتطاول على القانون، بل أتحدث عن «تغليظ أشد وأكبر» في العقوبات الخاصة بقطع الإشارات الحمراء على وجه التحديد؛ إذ أي عقوبة بسيطة، ونعم هي بسيطة 6 آلاف دينار كبديل للسجن ونتيجة لقتل شخص، أي عقوبة يمكن أن يخرج منها السائق المستهتر بسهولة، هي إنما دعوة إلى مزيد من الاستهتار لمن يملك القدرة المالية ويظن بالتالي أنه «يملك الشارع» بمن فيه.
نعم تحصل حوادث وهذا قدر الله، لكننا نتحدث هنا عن حوادث سببها «عدم التزام» أشخاص بالوقوف عند «الإشارة الحمراء»، ما يعني جريمة مع سبق الإصرار والترصد، وإن أدت إلى حالة وفاة تقلب كيان أسر بأكملها، فمن غير المنصف أن تكون العقوبة سنتين سجن أو 6 آلاف دينار!
سيقول لي أحدهم متفلسفاً -وما أكثرهم!-: «شتبي يسجنونه مؤبد؟!» وأجيب: ضع مكانك في مكان «علان» في القصة أعلاها، وتخيل عائلتك تضيع من بعدك، وأنت قرر الحكم.
«علان» توفي رغم أنه يسير في مساره بسرعة قانونية، توفي وترك وراءه زوجة «ربة بيت»، وثلاثة أولاد يدرسون في مدارس خاصة وفجأة وجدوا أنفسهم سيخرجون منها؛ لأن عائلهم توفي ولا أحد سيدفع مصاريف هذه المدارس، وأيضاً ترك وراءه منزلاً اشتراه لهم بقرض عقاري، لكنهم مهددون بالطرد منه؛ لأن لا أحد بمقدوره دفع القسط الشهري العالي، وها هي أرملته تعيش حالة مأساوية بحثاً عن عمل لتعيل نفسها وأبناءها وتؤمن السكن لهم.
أما «فلان» السائق المتهور الذي «قطع الإشارة الحمراء» وتسبب في قتل «علان» فقد حُكم عليه بالسجن سنتين أو بدفع غرامة قدرها 6 آلاف دينار «فقط» بموجب ما ينص عليه القانون، فاستعان بمحاميه ولم يسجن ودفع المبلغ، وعاد ليسوق بجنون وتهور في الشوارع.
هذه قصة من نسج الخيال، لكنها يمكن أن تتحول قصة واقعية بسهولة جداً، إذ تخيلوا حادثاً يحصل بنفس الشاكلة لأي شخص وقد تكون أنت لا قدر الله. سائق متهور يقطع إشارة حمراء ليصطدم بسيارة أخرى تسير في مسارها الصحيح، فيقلب حال عائلة بأسرها إلى حال آخر. فقط تخيلوا المشهد مثلما سردته أعلاه.
أكتب هذا بعد تمعني بـ«إنفوجرافيكس» نشرته صحيفة «الوطن» يوم أمس تحت مسمى «جريمة تجاوز الإشارة الضوئية الحمراء»، والمعلومات المتضمنة فيه منقولة عن قسم العلاقات العامة والإعلام بالأمانة العامة للمجلس الأعلى للقضاء، والتي حددت العقوبات كالآتي:
قطع الإشارة الحمراء دون وقوع حادث: الحبس ستة أشهر أو غرامة 500 دينار.
قطع الإشارة الحمراء ونتج عنه حادث أدى إلى إصابة بالأشخاص أو تلفيات بالممتلكات العامة أو الخاصة: الحبس سنة وغرامة 3 آلاف دينار.
قطع الإشارة الحمراء ونتج عنه حادث أدى إلى وفاة شخص: الحبس سنتين أو 6 آلاف دينار.
أولاً: أنا كنت من أشد المؤيدين ومازلت لقانون المرور الجديد حينما طرح حملته الترويجية النوعية آنذاك، وبعد تطبيقه، بل رددت على كل من استاء من رفع الغرامات على المخالفات، قلت حينها إن الشخص الملتزم بالقانون وبأخلاقيات القيادة لا يخاف من أي مخالفة مهما كان مبلغ غرامتها، لأنه ببساطة ملتزم ولن يقع في الخطأ.
ثانياً: بالنسبة للعقوبات أعلاه، أرجو التمعن في السيناريو الكارثي الذي يمكن أن يصاب به أي شخص وتتضرر منه عائلته لو لا قدر الله «توفي» بسبب تهور سائق مستهتر مجنون في قيادته، أو أقلها أصيب بعاهة مستديمة. هل الحبس سنتين أو الاستعاضة عنه بمبلغ 6 آلاف دينار ستعوض عائلته هذه الخسارة؟!
وللتوضيح هنا، لست أتحدث عن مبلغ تعويض أكبر، سواء أكان 60 ألفاً أو حتى 600 ألف جراء إزهاق روح بسبب استهتار وتهور وتجاوز وتطاول على القانون، بل أتحدث عن «تغليظ أشد وأكبر» في العقوبات الخاصة بقطع الإشارات الحمراء على وجه التحديد؛ إذ أي عقوبة بسيطة، ونعم هي بسيطة 6 آلاف دينار كبديل للسجن ونتيجة لقتل شخص، أي عقوبة يمكن أن يخرج منها السائق المستهتر بسهولة، هي إنما دعوة إلى مزيد من الاستهتار لمن يملك القدرة المالية ويظن بالتالي أنه «يملك الشارع» بمن فيه.
نعم تحصل حوادث وهذا قدر الله، لكننا نتحدث هنا عن حوادث سببها «عدم التزام» أشخاص بالوقوف عند «الإشارة الحمراء»، ما يعني جريمة مع سبق الإصرار والترصد، وإن أدت إلى حالة وفاة تقلب كيان أسر بأكملها، فمن غير المنصف أن تكون العقوبة سنتين سجن أو 6 آلاف دينار!
سيقول لي أحدهم متفلسفاً -وما أكثرهم!-: «شتبي يسجنونه مؤبد؟!» وأجيب: ضع مكانك في مكان «علان» في القصة أعلاها، وتخيل عائلتك تضيع من بعدك، وأنت قرر الحكم.