ارتفعت مؤخراً وتيرة التحذيرات الدولية من مخاطر أزمة اقتصادية طاحنة ربما يتعرض لها العالم خلال فترة قريبة، حيث حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من انعدام للأمن الغذائي وسوء التغذية والجوع الجماعي والمجاعة لعشرات الملايين حول العالم. ولربما يعتقد البعض أن كلام غوتيريش مقتصر على الدول الفقيرة، إلا أن الأوضاع في أوروبا كذلك لا تبشر بخير حيث تظهر النتائج المالية التي يحققها الاقتصاد الأوروبي، أرقاماً تؤكد دخوله في أزمة اقتصادية طاحنة بسبب ارتفاع أسعار السلع، وأزمة الطاقة الروسية التي يصعب إيجاد حلول نهائية لها، حتى لو استطاعت أوروبا استبدال الغاز الروسي بنظيره من دول أخرى.

ومن المؤكد أن الحرب الروسية الأوكرانية ستخلق نظاماً عالمياً جديداً، لكنه لن يحمل تغيرات كبيرة في موازين القوى على المدى القريب، إلا أن التغيير قادم لا محالة في وقت لاحق، خاصة عندما تبدأ الصين إضافة الخلطة السياسية للقوة الاقتصادية التي رسختها في العقدين الماضيين، وذلك باستعادة تايوان وتغيير الخريطة الدولية، واحتمال الاشتباك مع الولايات المتحدة في نزاع لا يُعرف مداه.

وبالرغم من ارتفاع الأسعار في منطقتنا إلا أنها تبقى في متناول أصحاب الدخول المتوسطة، وأثرها لا يمثل كارثة أو مجاعة -ولله الحمد- كما يحدث في دول ومناطق أخرى، لكننا بحاجة لإعادة تعزيز مفاهيم المصروفات والمدخرات لدى الشباب.

ولا يختلف معي رب أسرة في أن أبناءه اليوم قد لا يشعرون بما يجري في العالم ويمارسون حياتهم الطبيعية دون التفكير في المستقبل، وأكاد أجزم بأنه لا توجد أسرة في البحرين تجلس مع أبنائها لتناقش معهم الأوضاع العالمية والأزمة الروسية الأوكرانية والتضخم وارتفاع أسعار الشحن وأزمة الطاقة الأوروبية، وغيرها من القضايا المصيرية.

وعادة ما نفتقد في حياتنا العائلية ملكة التخطيط، وتقع هذه المسؤولية دائماً على عاتق رب الأسرة فقط، إلا أن هذا النهج لا ينتج قيادات تتحمّل مستقبل العائلة أو الوطن، ويجب على كل رب أسرة أن يشرك أبناءه في تخطيط مصروفات البيت لكي تكون لديهم نزعة المسؤولية من البداية، فنحن اليوم في أشد الحاجة لتغيير نمط حياة أبنائنا واستغلال مساحة المعلومات الضخمة المتاحة في وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت، لربطهم بالواقع وإشراكهم في المشكلات ومنحهم الفرصة لطرح أفكار تسهم في تخفيض المصروفات لأن المستقبل أيامه ليست دائماً وردية.