الأسبوع المنصرم استفزني أمراً مكرراً على فترات زمنية متباعدة. وقررت الاستعانة ببرامج التواصل الاجتماعي، وطرح التغريدة التالية: «ما هو السبب إذا اتصلت على موظف / موظفة في القطاع الحكومي.. للاستفسار عن عمل ما يتجنب أن يشاركك اسمه؟!»، علّني من ردود المشاركين أعرف ما نحن عنه غافلون.وطبعاً الردود كانت متفاوتة ما بين مستنكر، مفسرٍ، ومعلل. وما أثار دهشتي، تلك الردود التي أجمعت بأنه عدة مرات يتم استخدام اسم الموظف وتأويله أشياء زائفة مما يعرضه إلى الحرج الكبير في عمله. والإساءة الكبرى تكمن، عندما يمتنع المسؤول عن تصديق الموظف والأخذ بكلامه، ويتم تصديق المراجع المفتري.ومن بين الردود استوقفتني إجابة إحدى الصديقات من دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، منبهة إلى أن كل مظاهر الخلل الذي يمكن أن يحصل ما بين المراجع والموظف والمسؤول، يكاد يندثر لسبب وجود ما يعرف «بالمتسوق السري». هذه الإجابة أثارت حفيظتي ودفعتني للتواصل معها ومعرفة الأمر عن كثب. وهنا جوابها:«إن سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي حفظه الله عندما أراد أن يصدر جائزة التميّز الحكومي. وضع مجموعة من المعايير لمعرفة من يستحق. ومن ضمن هذه المعايير الجودة في تقديم الخدمات والتعامل مع المراجعين والعملاء والسرعة في الإنجاز مع الدقة. لذا فقد جَنّد أشخاص مفتشين سريين ولكن بصفة عملاء عاديين بسيطين الشكل والمظهر قليلي الحيلة، وأيضاً منهم من كان يظهر وكأنه شرسٌ شرير لدراسة ردود أفعال وسلوك الموظفين والمسؤولين. وكما المتوقع فمنهم من كان يتعامل باحترام وذرابة، ومنهم من كان يتجاهل ويتعامل باستهزاء وغرابة، ومنهم من كان يفقد أعصابه ويخوض معارك لفظية أو تشابك بالأيادي. وبعد كل ما يحدث، يُرفع تقريراً صادقاً بالواقعة ليأخذ كل ذي حق حقّه دون نقصان أو إضافة». ومع انتشار مبدأ المتسوق السري يا ميّ أصبح كل من المراجع والموظف والمسؤول حقه محفوظ.والآن السؤال لكم يا سادة مطروح: «إلى أي مدى نحتاج إلى المتسوق السري في جهات العمل الحكومية والخاصة والأهلية والأكاديمية لنضمن حق الجميع أو نضمن من يرد على المكالمات وهو على مكتبه يسمع وموجود؟!».