من القصص الجميلة والتي تدل على الحضارة والتقدم الذي كانت تعيشه ومازالت سلطنة عمان منذ قرون قصة السفينة العمانية «سلطانة» والتي كانت أول اتصال بين أمريكا والعالم العربي والتي رست في موانئ نيويورك في 13 أبريل سنة 1840م بقيادة القبطان أحمد بن نعمان كأول سفير عربي يصل إلى أمريكا في عهد السلطان سعيد بن سلطان البوسعيدي 1807-1856م محمله بالهدايا إلى الرئيس الأمريكي وليام هنري هديسين. وقد تم بناء السفينة سلطانة في حوض ماراجون لبناء السفن بمدينة بومباي الهندية في عام 1833، وكانت حمولتها القصوى 312 طناً، وقد بنيت في الأصل على الطراز الأوروبي، وزودت بعدد 14 مدفعاً كما كانت أشرعتها مربعة الشكل تحملها 3 صوار. وقد أدخلت عليها في كل من بومباي ومطرح المنطقة الساحلية الواقعة على كورنيش مسقط جنوب العاصمة العمانية مسقط فيما بعد بعض التعديلات لتكون على الطابع العماني.
في الثالث عشر من شهر أبريل لعام 1840م وصلت إلى ميناء نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية أول سفينة عربية. آنذاك، كان سعيد العظيم، كما تشير إليه المصادر الغربية، أو السيد سعيد بن سلطان (1807-1856م) كما تعرفه الوثائق العربية، قد عمل منذ توليه حكم الإمبراطورية العمانية على مواصلة تنشيط التجارة مع العالم كله، ولذلك بنى أسطولاً بحرياً كبيراً امتد نفوذه في البحر والبر من مسندم في شمال أرض سلطنة عُمان «الآن» حتى ظفار في جنوب شبه الجزيرة العربية، وعلى طول الساحل الأفريقي الشرقي ما بين رأس غردافي في القرن الأفريقي إلى رأس دلجادو على الحدود الشمالية من موزمبيق التي كانت خاضعة للبرتغال.
كان وصول السفينة -التي حملت اسم «سلطانة»- ثمرة معاهدة صداقة وتجارة مع أمريكا، حاملة على متنها سفيره أحمد بن نعمان الكعبي. وقد شهدت هذه الحقبة التي امتدت بين عامي 1838 و1842م تفوق ملاحي عمان في الديبلوماسية والتجارة معاً. واستطاع السيد سعيد بن سلطان أن يقيم علاقات ديبلوماسية مع كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، مرسلاً السفراء العمانيين إلى لندن ونيويورك، مستكملاً مسيرة الرحلات العمانية من بحر الصين إلى الأطلنطي.
ولعل مما يدل على ذلك اهتمام السلطان قابوس بن سعيد رحمه الله بالتراث والفنون «بل وخصص عاماً للاحتفال به». فديوان البلاط السلطاني يرعى الجمعية العُمانية للفنون التشكيلية، كما أتاح جلالته للعمانيين وضيوفهم فرصة التعرف على مقتنياته من اللوحات النادرة في معرض مفتوح أَمَّتْه أطيافٌ من الزوار في سابقة فريدة، ثم تراه يكرم في قصره أحد الخطاطين وهو الشيخ هلال الرواحي بن الشيخ سالم بن محمد الرواحي، ويمنحه وسام السلطان قابوس من الدرجة الثالثة. أما الأمر الثاني فهو إدراك كل من حول السلطان لقيمة هذا البعد «الفني» في اهتماماته، مما انعكس على كل الخيارات بدءاً من احترام النسق المعمارية العربية في البناء، وصولاً إلى الجماليات التشكيلية في المطبوعات.
يقول عبدالعزيز الرواس، مستشار السلطان قابوس للشؤون الثقافية، والذي أكد أثناء عمله وزيراً للإعلام أن تطور الوطن والحرص على نهضة أبنائه باعتبارهما هدفاً راسخاً وأساسياً، وهذا ما جعل السلطان قابوس رحمه الله لا يغفل على التأكيد على أهمية الثراء المعرفي لماضي السلطنة، فوصول السفينة سلطانه إلى نيويورك قبل 163 عاماً أكد الاتصال الرسمي مع أبناء الغرب، فقد كان الأمر بمنزلة «مفاجأة مثيرة للأمريكيين» كما عبرت صحيفة الهيرالد الصادرة آنذاك. ويقول هرمان فريديك إيلتس واصفاً الرحلة في بحثه المهم «سلطانة في نيويورك» المنشور عام 1960 إن لهذه السفينة الفضل الأول في التعرف على الطبيعة العربية مما خلق نوعاً من الدهشة لكلا الطرفين، فقد كانت رحلة من المجهول نحو مكان مجهول آخر، من أدغال أفريقيا حيث زنجبار العمانية في ذلك الوقت، باتجاه مجهول آخر، بعمق رحلة قطعتها السفينة العمانية في 20 يوماً «لم تتوقف خلالها إلا في مرفأ واحد هو «سانت هيلانة» حيث قام أحمد بن نعمان بزيارة الحاكم زيارة رسمية» في محاولة للتواصل الحضاري مع الآخر. وكان طاقم السفينة يضم تحت شراع التسامح العربي العمانيين من طاقم السفينة ومعهم بعثة النعمان، وبريطانيتان، وفرنسيان، وبرتغالي، فضلاً عن بعض البحارة الهنود وسواهم من الأفارقة، وكأنها رسالة حوار متعدد الألسن والأديان، تسعى للتواصل وتكتب على صفحة الماء رسالة عربية أصيلة.
لقد وصلت سفينة «سلطانة» إلى نيويورك في أوائل العام 1853م، حيث أعيد تجهيز السفينة في بومباي ثم أبحرت في آخر ديسمبر إلى زنجبار. وفي فبراير من العام التالي، أقلعت مع الرياح الشمالية الشرقية إلى نيويورك عن طريق رأس الرجاء الصالح، بما جادت به من أغراض تجارية: تمر وسجاجيد وبن وعاج وصمغ وقرنفل وجلود، كما حملت -بالطبع- إلى جانب ذلك هدايا إلى الرئيس الأمريكي، حصانين ولآلئ وأحجاراً كريمة وسبيكة من الذهب وسجادة عجمية من حرير وعطراً وماء ورد وأكثر من شال كشميري وسيف مذهب. وبرع جونسون في توزيع ذلك كله، بما فيها الصناديق الخشبية التي تحويها على الرصيف حيث يتناوب العمال على نقلها من جوف السفينة.
ولقي أحمد بن نعمان ومساعداه محمد عبد الله ومحمد جمعة ترحيباً وتكريماً من أعيان نيويورك، كما تجولوا هناك راكبين القطارات البخارية، وزاروا أحد السجون ومحطة بناء سفن الأسطول وأقيمت لهم مآدب رسمية عديدة. وأدخلت السفينة «سلطانة» على أحد أحواض السفن التابعة للأسطول على نفقة الحكومة الأمريكية إلى أن انتهت الزيارة وجرى التصرف بحمولة المركب حيث وجدت السلع سوقاً رائجة، وتم شراء سلع رحلة العودة من قماش وخرز ومنسوجات ملونة وبنادق وبارود، وبنادق مزخرفة وأدوات منزلية، وكانت مهمة أحمد بن نعمان الديبلوماسية مقصورة على تسليم رسالة إلى الرئيس الأمريكي وتقديم الهدايا، وقد رد الرئيس على رسالة السيد سعيد برسالة تفيض ثناء، وأرسل هدايا إليه تضم زورقاً فخماً مع أربعة مسدسات متعددة الطلقات وبندقيتين متعددتي الطلقات ومرآتين كبيرتين وشمعداناً دقيق الصنعة، وقد نقش على قطع السلاح باللغة العربية «من رئيس الولايات المتحدة الأمريكية إلى إمام مسقط» ويضم المتحف العماني حالياً إحدى هاتين البندقيتين. وفي يوليو 1854م بدأ أحمد بن نعمان يتهيأ لرحلة العودة حيث تم شحن السلع، وإبحار «سلطانة» من ميناء نيويورك في التاسع من أغسطس 1840م. وبعد رحلة طويلة شاقة وصلت السفينة إلى زنجبار في 8 ديسمبر ولم تتوقف خلال الرحلة إلا مرة واحدة في مدينة كيب تاون.
في الثالث عشر من شهر أبريل لعام 1840م وصلت إلى ميناء نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية أول سفينة عربية. آنذاك، كان سعيد العظيم، كما تشير إليه المصادر الغربية، أو السيد سعيد بن سلطان (1807-1856م) كما تعرفه الوثائق العربية، قد عمل منذ توليه حكم الإمبراطورية العمانية على مواصلة تنشيط التجارة مع العالم كله، ولذلك بنى أسطولاً بحرياً كبيراً امتد نفوذه في البحر والبر من مسندم في شمال أرض سلطنة عُمان «الآن» حتى ظفار في جنوب شبه الجزيرة العربية، وعلى طول الساحل الأفريقي الشرقي ما بين رأس غردافي في القرن الأفريقي إلى رأس دلجادو على الحدود الشمالية من موزمبيق التي كانت خاضعة للبرتغال.
كان وصول السفينة -التي حملت اسم «سلطانة»- ثمرة معاهدة صداقة وتجارة مع أمريكا، حاملة على متنها سفيره أحمد بن نعمان الكعبي. وقد شهدت هذه الحقبة التي امتدت بين عامي 1838 و1842م تفوق ملاحي عمان في الديبلوماسية والتجارة معاً. واستطاع السيد سعيد بن سلطان أن يقيم علاقات ديبلوماسية مع كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، مرسلاً السفراء العمانيين إلى لندن ونيويورك، مستكملاً مسيرة الرحلات العمانية من بحر الصين إلى الأطلنطي.
ولعل مما يدل على ذلك اهتمام السلطان قابوس بن سعيد رحمه الله بالتراث والفنون «بل وخصص عاماً للاحتفال به». فديوان البلاط السلطاني يرعى الجمعية العُمانية للفنون التشكيلية، كما أتاح جلالته للعمانيين وضيوفهم فرصة التعرف على مقتنياته من اللوحات النادرة في معرض مفتوح أَمَّتْه أطيافٌ من الزوار في سابقة فريدة، ثم تراه يكرم في قصره أحد الخطاطين وهو الشيخ هلال الرواحي بن الشيخ سالم بن محمد الرواحي، ويمنحه وسام السلطان قابوس من الدرجة الثالثة. أما الأمر الثاني فهو إدراك كل من حول السلطان لقيمة هذا البعد «الفني» في اهتماماته، مما انعكس على كل الخيارات بدءاً من احترام النسق المعمارية العربية في البناء، وصولاً إلى الجماليات التشكيلية في المطبوعات.
يقول عبدالعزيز الرواس، مستشار السلطان قابوس للشؤون الثقافية، والذي أكد أثناء عمله وزيراً للإعلام أن تطور الوطن والحرص على نهضة أبنائه باعتبارهما هدفاً راسخاً وأساسياً، وهذا ما جعل السلطان قابوس رحمه الله لا يغفل على التأكيد على أهمية الثراء المعرفي لماضي السلطنة، فوصول السفينة سلطانه إلى نيويورك قبل 163 عاماً أكد الاتصال الرسمي مع أبناء الغرب، فقد كان الأمر بمنزلة «مفاجأة مثيرة للأمريكيين» كما عبرت صحيفة الهيرالد الصادرة آنذاك. ويقول هرمان فريديك إيلتس واصفاً الرحلة في بحثه المهم «سلطانة في نيويورك» المنشور عام 1960 إن لهذه السفينة الفضل الأول في التعرف على الطبيعة العربية مما خلق نوعاً من الدهشة لكلا الطرفين، فقد كانت رحلة من المجهول نحو مكان مجهول آخر، من أدغال أفريقيا حيث زنجبار العمانية في ذلك الوقت، باتجاه مجهول آخر، بعمق رحلة قطعتها السفينة العمانية في 20 يوماً «لم تتوقف خلالها إلا في مرفأ واحد هو «سانت هيلانة» حيث قام أحمد بن نعمان بزيارة الحاكم زيارة رسمية» في محاولة للتواصل الحضاري مع الآخر. وكان طاقم السفينة يضم تحت شراع التسامح العربي العمانيين من طاقم السفينة ومعهم بعثة النعمان، وبريطانيتان، وفرنسيان، وبرتغالي، فضلاً عن بعض البحارة الهنود وسواهم من الأفارقة، وكأنها رسالة حوار متعدد الألسن والأديان، تسعى للتواصل وتكتب على صفحة الماء رسالة عربية أصيلة.
لقد وصلت سفينة «سلطانة» إلى نيويورك في أوائل العام 1853م، حيث أعيد تجهيز السفينة في بومباي ثم أبحرت في آخر ديسمبر إلى زنجبار. وفي فبراير من العام التالي، أقلعت مع الرياح الشمالية الشرقية إلى نيويورك عن طريق رأس الرجاء الصالح، بما جادت به من أغراض تجارية: تمر وسجاجيد وبن وعاج وصمغ وقرنفل وجلود، كما حملت -بالطبع- إلى جانب ذلك هدايا إلى الرئيس الأمريكي، حصانين ولآلئ وأحجاراً كريمة وسبيكة من الذهب وسجادة عجمية من حرير وعطراً وماء ورد وأكثر من شال كشميري وسيف مذهب. وبرع جونسون في توزيع ذلك كله، بما فيها الصناديق الخشبية التي تحويها على الرصيف حيث يتناوب العمال على نقلها من جوف السفينة.
ولقي أحمد بن نعمان ومساعداه محمد عبد الله ومحمد جمعة ترحيباً وتكريماً من أعيان نيويورك، كما تجولوا هناك راكبين القطارات البخارية، وزاروا أحد السجون ومحطة بناء سفن الأسطول وأقيمت لهم مآدب رسمية عديدة. وأدخلت السفينة «سلطانة» على أحد أحواض السفن التابعة للأسطول على نفقة الحكومة الأمريكية إلى أن انتهت الزيارة وجرى التصرف بحمولة المركب حيث وجدت السلع سوقاً رائجة، وتم شراء سلع رحلة العودة من قماش وخرز ومنسوجات ملونة وبنادق وبارود، وبنادق مزخرفة وأدوات منزلية، وكانت مهمة أحمد بن نعمان الديبلوماسية مقصورة على تسليم رسالة إلى الرئيس الأمريكي وتقديم الهدايا، وقد رد الرئيس على رسالة السيد سعيد برسالة تفيض ثناء، وأرسل هدايا إليه تضم زورقاً فخماً مع أربعة مسدسات متعددة الطلقات وبندقيتين متعددتي الطلقات ومرآتين كبيرتين وشمعداناً دقيق الصنعة، وقد نقش على قطع السلاح باللغة العربية «من رئيس الولايات المتحدة الأمريكية إلى إمام مسقط» ويضم المتحف العماني حالياً إحدى هاتين البندقيتين. وفي يوليو 1854م بدأ أحمد بن نعمان يتهيأ لرحلة العودة حيث تم شحن السلع، وإبحار «سلطانة» من ميناء نيويورك في التاسع من أغسطس 1840م. وبعد رحلة طويلة شاقة وصلت السفينة إلى زنجبار في 8 ديسمبر ولم تتوقف خلال الرحلة إلا مرة واحدة في مدينة كيب تاون.