ماذا يجري حول العالم من تحولات اقتصادية سياسية عسكرية؟ الحرب الروسية الأوكرانية كشفت عن أسرار كبيرة جداً للمتنافسين على الهيمنة العالمية، والمراقب للمشهد الأمريكي الآن وأعني في إدارة الرئيس بايدن يشاهد أن أمريكا لم تعد سيدة العالم، فالعالم يسوده حالياً النظام الاقتصادي وبالذات عالم الطاقة حينما شنت روسيا الحرب على أوكرانيا كان من المفروض أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية طرفاً ثالثاً في الحرب، وذلك بموجب الاتفاقية التي وقعت بين الولايات المتحدة الأمريكية وأوكرانيا سنة 2004، والتي تنص على أن تلتزم أمريكا بالدفاع عن أوكرانيا في حال تعرضها لغزو خارجي أو شن حرب عليها مقابل أن تسلم أوكرانيا ما لديها من رؤوس نووية إلى روسيا بعد تفكك الاتحاد السوفيتي. والتزمت أوكرانيا بالاتفاق بينما تخلفت الولايات المتحدة عن الوفاء بالاتفاق، واقتصرت على إرسال مساعدات عسكرية عبارة عن أسلحة تقليدية أو أن أمريكا لم تعد تستخدمها، والسؤال، لماذا لم تدخل أمريكا الحرب؟ والجواب أن أمريكا تعلم جيداً أن دخولها الحرب يعني نهاية العالم، فالدولتان تمتلكان السلاح النووي، أمريكا تمتلك طائرة اسمها «القيامة»، تستطيع التحليق لمدة أسبوع كامل تتزود بالوقود في الجو، وبها رؤوس وصواريخ تحارب أي دولة في العالم، مهما بعدت مسافتها، أما روسيا فلديها غواصة اسمها أيضاً «القيامة»، وهي في قاع البحر، تستطيع أن تبيد نيويورك من على الأرض، لذلك لم تتمكن أمريكا من دخول الحرب وتكتفي بالمساعدات وشن حملات إعلامية ضد روسيا.من جهته، قال البروفيسور الفرنسي مارك لويكس في لقاء تلفزيوني إن العالم والإعلام العالمي لم يفصح عن أن هناك ومنذ خمس سنوات اتحاداً بين كل من الصين وروسيا والهند، هذا الاتفاق ينهي هيمنة الدولار ونزع الهيمنة الأمريكية والعالم على أعتاب منظومة مالية جديدة قد تؤدي إلى سقوط الدولار واليورو، فالمشهد الأمريكي في عهد الرئيس بايدن متخبط في كل الاتجاهات وبدأت الولايات المتحدة تفقد حلفاءها الاستراتيجيين، ومنذ أسبوع وفي أعقاب قرارات الأوبك بخفض الإنتاج شنت الولايات المتحدة حملة إعلامية ضد أكبر حليف استراتيجي لها وهي المملكة العربية السعودية، ويظهر الرئيس الأمريكي بنفسه ليوجه الاتهام إلى دولة حليفة أخرى بأنها أخطر دولة في العالم وهي باكستان. الرئيس بايدن تناسى موقف المملكة العربية السعودية في أغسطس 2018 حينما هوت أسعار النفط في أمريكا إلى دون الصفر، وكان المنقذ لهذه الكارثة هي المملكة العربية السعودية وروسيا وفي اليوم التالي ظهر الرئيس ترامب من على شرفة البيت الأبيض ومن خلفه مستشاري الرئيس وقدم الشكر للمملكة العربية السعودية على موقفها التاريخي النبيل وإنقاذ أمريكا من كارثة حقيقية. ما يترامى للمشهد السياسي الآن أن الانتخابات الأمريكية القادمة ستجعل الولايات المتحدة في مفترق طرق.. تكون أو لا تكون.* كاتب ومحلل سياسي