من يساعد الناس ويقف معهم في أوقات المحن لا ينتظر الشكر والعرفان، وهذا وصف الصالحين والمتصدقين في القرآن الكريم.فقد اشتكى لي صديق بأنه لم يتردد يوماً في مساعدة أحد الأشخاص الذي كان يأتيه مدعياً أنه ناشط اجتماعي ومتطوع في مؤسسة خدمية ويحتاج لدعم بذريعة مساعدة الشباب والناشئة والفقراء وكبار السن من أهل المنطقة.ولكي تكون المساعدة خالصة لوجه الله تعالى، فقد طلب منه صديقي عدم الإعلان عن اسمه حتى لا تتسبب في جرح مشاعر الناس الذين يعرفهم وكان على يقين بأنهم في حاجة لتلك المساعدة، بل إن صديقي كان يحرص على الاستجابة في كل مرة لأي مناشدة تأتيه عبر هذا الشخص، لكن دون تعريف الناس بصاحب الصدقة، راجياً من ذلك فضل الله وثواب الآخرة.ويقول صديقي إن هذا الناشط جاء بعد سنوات من السحب دون أي عوائق، لينسب فضل تلك المساعدات لنفسه، ويتحدث مع أهل المنطقة دون أي خجل ويقول إنه لم يتلقَّ مساعدات من أحد وأن الأموال التي كان ينفقها عليهم من جيبه الخاص دون فضل من أحد. واستغل هذا الأمر ليلمع صورته في المنطقة.وعندما وصل الكلام إلى صديقي الذي -ورغم احتسابه الأجر عند الله- شعر بحزن عميق ونكران للجميل.. واستغرب جرأة هذا الشخص في الكذب على الناس بما لم يفعل، بينما هو وسيط وله من الأجر بالمثل، ولعب الشيطان بعقل صديقي محاولاً دفعه لفضح هذه الجريمة.. وهي بالفعل جريمة.قلت له يا صديقي لا تضيع أجرك عند الله في لحظة غضب، واتركه يكذب ويصدق كذبته ولن يصدقه الناس لأنهم سيكتشفونه غداً، لأنه لا يمكن أن يوفر لهم ما كنت تقدمه له ولهم من دعم ومال، ولتكن أنت مثل الجرّاح الذي يمر تحت مشرطه أجساد العديد من البشر، فمنهم الصالح ومنهم الطالح، إلا أن الجراح ومشرطه لا يفرقان بين أجساد المرضى، بل يمضي المشرط دون معرفة أي منهم قد أصاب وعالج وشفى.يا صديقي تمر على الإنسان سنين متوسماً الخير في أشخاص، وفي لحظة يكتشف حقيقة وواقعاً مغايراً، حتى يكاد الإنسان أن يشكك في قدراته العقلية أو يعتقد أنه كان ساذجاً، لكن العيب في تغير لون الحرباء مع البيئة التي تلمسها، ففي لحظة هي بيضاء وبعد أخرى تتحول لسوداء وهكذا هؤلاء البشر.* قبطان - رئيس تحرير جريدة ديلي تربيون الإنجليزية