تواجه العقلانية النسوية تيارين من المخالفين، الأول هو التيار «الرجعي» الذي مازال يعتبر المرأة كائناً ناقصاً قليل النضج، والتيار الثاني هو التيار «المتحرر» الذي يدفع بالنساء إلى الانفلات من مجتمعاتهن وكسر كل عرف من أجل تحقيق حرية كاملة لا حدود لها. وإذا كان من الطبيعي أن تتزعم التيار «المتحرر» نسويات متعددات المقاصد والاتجاهات، إلا أن العجيب أن تقود التيار «الرجعي» نساء متحررات مقاصدهن واتجاهاتهن غير مفهومة. إنها الازدواجية بين واقع الحال والشعار الذي تتعامل به كثير من الناشطات النسويات.
وفي أحد المقاطع الفنية المروجة للمونديال ظهرت إحدى الفنانات في لوحة فنية تمثل العالم العربي في لوحة من وحي ألف ليلة وليلة. قدمت الفنانة الاستعراضية نفسها في هيئة راقصة شرقية ببدلة الرقص التقليدية التي تكشف أكثر معالم الجسد، وتحمل في يدها «الصاجات»، ويحيط بها رجال ملثمون، ونيران مشتعلة في ليل الصحراء. هذه إذن هي صورة المرأة العربية / الشرقية التي ترى الفنانة أنها تليق بعرضها على عالم ما بعد الحداثة الذي تسوده القيم الرقمية بكافة أبعادها ودلالاتها. هذه الفنانة المتحررة تعيد إنتاج «عالم الحريم» لتُعرِفنا من خلاله لكل شعوب الأرض.
ومع انطلاق الحملات الكولنيالية تحت شعار نشر الحضارة بين شعوب الأرض المتخلفة، لم يستغل الغرب مادة ثقافية للإساءة إلى الشرق وإلى المرأة الشرقية كما استغل حكايات ألف ليلة وليلة. تلك الحكايات المليئة بالجواري والراقصات وترف الخلفاء والتجار واستعراض قدرات الجان والسحرة. شكلت ألف ليلة وليلة دهشة العالم الغربي لاكتشاف الشرق من باب «الاستهلاك»، وخصوصاً استهلاك النساء. كان شهريار يقتل كل فجر عروساً بكراً، وكان للخلفاء مئات الجواري. والمدن تعج بأسواق النخاسة التي تعرض العبيد والغلمان والجواري. وكانت قصص الغواية ملأى بالمغنيات والراقصات ومجالس الخمر، وغيرها من القصص العجيبة التي استهلكها الغرب كثيراً في تشويهه لحالة الشرق، مبرراً دوره في انتشال هذا الشرق من تخلفه وخصوصاً المرأة.
وبالعودة إلى الموازنات فلا عجب أن يستغل طرف خارجي مادة ثقافية لتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية، ولكن العجب كل العجب أن نتبنى الصورة المشوهة ونعيد ترويجها بكل فخر ومتعة!!
غير أنه بدراسة حكايات ليالي ألف ليلة وليلة دراسة متعمقة، سنجد أن ثمة صوتاً ثائراً رافضاً للصور النمطية الاجتماعية الشرقية. وأغلب تلك الأصوات الثائرة في الحكايات هي أصوات نسائية مثل شهرزاد. فشهرزاد هي ابنة وزير نهلت من مكتبة والدها مختلف معارف الشعوب وعلومها. ثم إنها استطاعت أن تروض شهريار وتفك عقده الاجتماعية بالحكايات أي بالثقافة والعلم والقراءة. شهرزاد كانت قارئة ومثقفة وراوية ولم تكن راقصة تستهلك جسدها. وهذا ما لم يفهمه الكثيرون وما لم يتم تصحيحه عن مقاصد حكايات ألف ليلة وليلة.
{{ article.visit_count }}
وفي أحد المقاطع الفنية المروجة للمونديال ظهرت إحدى الفنانات في لوحة فنية تمثل العالم العربي في لوحة من وحي ألف ليلة وليلة. قدمت الفنانة الاستعراضية نفسها في هيئة راقصة شرقية ببدلة الرقص التقليدية التي تكشف أكثر معالم الجسد، وتحمل في يدها «الصاجات»، ويحيط بها رجال ملثمون، ونيران مشتعلة في ليل الصحراء. هذه إذن هي صورة المرأة العربية / الشرقية التي ترى الفنانة أنها تليق بعرضها على عالم ما بعد الحداثة الذي تسوده القيم الرقمية بكافة أبعادها ودلالاتها. هذه الفنانة المتحررة تعيد إنتاج «عالم الحريم» لتُعرِفنا من خلاله لكل شعوب الأرض.
ومع انطلاق الحملات الكولنيالية تحت شعار نشر الحضارة بين شعوب الأرض المتخلفة، لم يستغل الغرب مادة ثقافية للإساءة إلى الشرق وإلى المرأة الشرقية كما استغل حكايات ألف ليلة وليلة. تلك الحكايات المليئة بالجواري والراقصات وترف الخلفاء والتجار واستعراض قدرات الجان والسحرة. شكلت ألف ليلة وليلة دهشة العالم الغربي لاكتشاف الشرق من باب «الاستهلاك»، وخصوصاً استهلاك النساء. كان شهريار يقتل كل فجر عروساً بكراً، وكان للخلفاء مئات الجواري. والمدن تعج بأسواق النخاسة التي تعرض العبيد والغلمان والجواري. وكانت قصص الغواية ملأى بالمغنيات والراقصات ومجالس الخمر، وغيرها من القصص العجيبة التي استهلكها الغرب كثيراً في تشويهه لحالة الشرق، مبرراً دوره في انتشال هذا الشرق من تخلفه وخصوصاً المرأة.
وبالعودة إلى الموازنات فلا عجب أن يستغل طرف خارجي مادة ثقافية لتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية، ولكن العجب كل العجب أن نتبنى الصورة المشوهة ونعيد ترويجها بكل فخر ومتعة!!
غير أنه بدراسة حكايات ليالي ألف ليلة وليلة دراسة متعمقة، سنجد أن ثمة صوتاً ثائراً رافضاً للصور النمطية الاجتماعية الشرقية. وأغلب تلك الأصوات الثائرة في الحكايات هي أصوات نسائية مثل شهرزاد. فشهرزاد هي ابنة وزير نهلت من مكتبة والدها مختلف معارف الشعوب وعلومها. ثم إنها استطاعت أن تروض شهريار وتفك عقده الاجتماعية بالحكايات أي بالثقافة والعلم والقراءة. شهرزاد كانت قارئة ومثقفة وراوية ولم تكن راقصة تستهلك جسدها. وهذا ما لم يفهمه الكثيرون وما لم يتم تصحيحه عن مقاصد حكايات ألف ليلة وليلة.