هاجس الذات هو طبيعة إنسانية فطرية. قد تظهر بكل وضوح، وفجاجة أحياناً، عند الشخصيات النرجسية بتعدد مستوياتها. وقد تتوارى عند من ينكرون ذواتهم. وبالمناسبة، فإن نكران الذات في حد ذاته هو إدراك بالغ الحساسية للذات وتجلياتها. إنه في النهاية أحد الأساليب في التعامل معها من باب قمع وجودها، وليس انعدامها. لذلك يختلف البشر استناداً إلى ثقافاتهم وتنشئتهم وتجاربهم المتعددة في تعاملهم مع ذواتهم.
قد يتصور الكثيرون أن من الإيجابيات أن نقسو على أنفسنا وأن ننتقد أنفسنا قبل الآخرين، وأن نوجه جميع أصابعنا نحونا عوضاً عن توجيهها لأحد آخر. ربما يكون هذا تفكير نموذجي إلى حدود معينة لا تخرجه عن سلامة تأثيراته الصحية والسلبية على الشخص نفسه. فالتقدير المتدني للذات لا يقل سوءاً وخطورةً عن التقدير المبالغ فيه.
ثمة مصطلحات عديدة يتم تداولها في سيكيولوجيا التعامل مع الذات. ولجميعها وجهات نظر متعددة في جدواها ومنافعها العائدة على الشخص نفسه. فنقد الذات مطلوب دائماً. وتقييم الذات يساعد في تحسين مسار الحياة. ونحن جيل تربينا على الذات اللوامة، وضرورتها في التنبه إلى الأخطاء القديمة وعدم الوقوع في مغباتها. غير أن كل هذه الأفكار التي تتحول إلى معتقدات قد تقود إلى ممارسات هي أقرب إلى جلد الذات ومن ثم إيذاؤها. الأمر الذي يؤدي لا محالة إلى الدخول في حالات متفاوتة من الشعور بالدونية والنقص لمبررات واهية.
ما الذي يحدث لنا في رحلتنا مع الذات؟ نحن ننشأ في أسر ونتعلم في مدارس تحرص على تكريس صورة النموذج. إنهم هم من اختاروا النموذج لنا. لم يسألنا أحدهم من ستختارون نماذج لحياتهم ولماذا. ثم حاسبونا عن مدى قربنا واختلافنا مع ذلك النموذج. وعاقبونا كلما ابتعدنا عن نموذجهم، الذي صار نموذجنا بالإكراه. وفي الغالب نحن نتبنى تلك النماذج، ولا نقاومها. لأنها تمتاز فعلاً بأنها «نموذجية». فتنتقل عملية المراقبة والمحاسبة لنا بعد أن كانت بيد الآخرين. سنبدأ نحن بمقارنة أنفسنا بالنماذج التي تربينا على تقديرها. وسنحاسب أنفسنا كلما ابتعدنا عن تلك النماذج وكلما قذفت بنا أمواج الظروف في شواطئ مغايرة. مع الزمن والتقدم في العمر نصبح نحن في مواجهة مع ذواتنا، بدل أن نكون نحن وذواتنا شيئاً واحداً. ما قد يقودنا إلى الدخول في صراع مع الذات.
هذا الانفصام غير السوي بيننا وبين ذواتنا هو الذي يقودنا إلى خيارات متعالية لا تمثل أعماقنا، ولكنها تتقاطع مع ما يريده الآخرون، مع ما يقترب من النموذج، ويبتعد عنا. لذلك ونحن نسعى إلى تطوير ذاتنا نقسو عليها وأحياناً نجلدها وننسى أن نعتني بها، وأن نحبها. ماذا لو أحببنا ذواتنا، وعرفنا ألا أحد معصوماً من الخطأ حتى من نصبوا نماذج علينا؟ ماذا لو اقتنعنا بأن حتى آباءنا ومعلمينا كانوا على خطأ حين نشؤوا على النموذج ولم يعلمونا كيف نكون نحن.. «نحن»؟ حين نقتنع بأن الخطأ والصواب هي خيارات مبنية على اعتبارات معينة، وأنها لن تغير الماضي، وليست بالضرورة متحكمة بالمستقبل. عندها ستتلاشى المسافات التي تتسع بيننا وبين ذواتنا، وسنعود شخصاً واحداً، يقبل نفسه بكل عيوبها بالدرجة التي يفخر بميزاتها.
قد يتصور الكثيرون أن من الإيجابيات أن نقسو على أنفسنا وأن ننتقد أنفسنا قبل الآخرين، وأن نوجه جميع أصابعنا نحونا عوضاً عن توجيهها لأحد آخر. ربما يكون هذا تفكير نموذجي إلى حدود معينة لا تخرجه عن سلامة تأثيراته الصحية والسلبية على الشخص نفسه. فالتقدير المتدني للذات لا يقل سوءاً وخطورةً عن التقدير المبالغ فيه.
ثمة مصطلحات عديدة يتم تداولها في سيكيولوجيا التعامل مع الذات. ولجميعها وجهات نظر متعددة في جدواها ومنافعها العائدة على الشخص نفسه. فنقد الذات مطلوب دائماً. وتقييم الذات يساعد في تحسين مسار الحياة. ونحن جيل تربينا على الذات اللوامة، وضرورتها في التنبه إلى الأخطاء القديمة وعدم الوقوع في مغباتها. غير أن كل هذه الأفكار التي تتحول إلى معتقدات قد تقود إلى ممارسات هي أقرب إلى جلد الذات ومن ثم إيذاؤها. الأمر الذي يؤدي لا محالة إلى الدخول في حالات متفاوتة من الشعور بالدونية والنقص لمبررات واهية.
ما الذي يحدث لنا في رحلتنا مع الذات؟ نحن ننشأ في أسر ونتعلم في مدارس تحرص على تكريس صورة النموذج. إنهم هم من اختاروا النموذج لنا. لم يسألنا أحدهم من ستختارون نماذج لحياتهم ولماذا. ثم حاسبونا عن مدى قربنا واختلافنا مع ذلك النموذج. وعاقبونا كلما ابتعدنا عن نموذجهم، الذي صار نموذجنا بالإكراه. وفي الغالب نحن نتبنى تلك النماذج، ولا نقاومها. لأنها تمتاز فعلاً بأنها «نموذجية». فتنتقل عملية المراقبة والمحاسبة لنا بعد أن كانت بيد الآخرين. سنبدأ نحن بمقارنة أنفسنا بالنماذج التي تربينا على تقديرها. وسنحاسب أنفسنا كلما ابتعدنا عن تلك النماذج وكلما قذفت بنا أمواج الظروف في شواطئ مغايرة. مع الزمن والتقدم في العمر نصبح نحن في مواجهة مع ذواتنا، بدل أن نكون نحن وذواتنا شيئاً واحداً. ما قد يقودنا إلى الدخول في صراع مع الذات.
هذا الانفصام غير السوي بيننا وبين ذواتنا هو الذي يقودنا إلى خيارات متعالية لا تمثل أعماقنا، ولكنها تتقاطع مع ما يريده الآخرون، مع ما يقترب من النموذج، ويبتعد عنا. لذلك ونحن نسعى إلى تطوير ذاتنا نقسو عليها وأحياناً نجلدها وننسى أن نعتني بها، وأن نحبها. ماذا لو أحببنا ذواتنا، وعرفنا ألا أحد معصوماً من الخطأ حتى من نصبوا نماذج علينا؟ ماذا لو اقتنعنا بأن حتى آباءنا ومعلمينا كانوا على خطأ حين نشؤوا على النموذج ولم يعلمونا كيف نكون نحن.. «نحن»؟ حين نقتنع بأن الخطأ والصواب هي خيارات مبنية على اعتبارات معينة، وأنها لن تغير الماضي، وليست بالضرورة متحكمة بالمستقبل. عندها ستتلاشى المسافات التي تتسع بيننا وبين ذواتنا، وسنعود شخصاً واحداً، يقبل نفسه بكل عيوبها بالدرجة التي يفخر بميزاتها.