بل يفترض بي وضع 40 علامة تعجب، إذ كل النواب أعطوا الناس وعوداً انتخابية بأنهم سيعملون لتحريك الملفات الأساسية وعلى رأسها المستوى المعيشي والرواتب، وعليه علامات التعجب تطال الجميع، طالما المواطن مازال منتظراً تحقيق الوعود.
وللتذكير بأنه مع مطلع رمضان تطرزت صحفنا بعناوين رنانة مفادها بأن «المجلس وافق على صرف راتب إضافي أو نصف راتب» للمواطنين في رمضان!
عنوان «خطير» يحرك المشاعر، وهذه لعبة الإعلام في إبراز المواضيع التي تمس جوانب يهتم بها الناس. وبغض النظر عن جدلية استخدام هذا الأسلوب، «المعنى» هو المهم. وفي شأن هذا الموضوع تمت الموافقة على «اقتراح برغبة» و«بصفة الاستعجال»، وهو أمر جعل الكثير يستبشرون خيراً، إلا العارفين بقواعد العمل التشريعي، وفي ذلك كتبنا بانتقاد مقالين، إذ كل الرفض للعب بمشاعر الناس وتأجيج عواطفهم. ولو كان الإصرار والعزم معقودَين على تحقيق هذا الطلب لقدم بصيغة اقتراح بقانون ولتمت مساجلة الحكومة بقوة لتمريره وإقراره.
لكن طبعاً كل هذا لم يحصل، وها هو رمضان ينتهي ولم نعرف مصير هذا المقترح، والناس تنتظر، بين غالبية مقتنعة بأن المقترح «تأدية واجب» ليس إلا، وأننا كنواب تكلمنا لكنها الحكومة! وبين أقلية مازالت تتوقع وجود شيء، وهي مستعدة لتقبله حتى بأسلوب برنامج «الصدمة» الرمضاني.
نكتب ونحن نراقب ما يحصل في جلسات المجلس. نرى ونسمع المداخلات، ونحلل المضامين، وبحكم الخبرة الإعلامية الطويلة ومتابعة العمل النيابي على امتداد عقدين، ندرك تماماً ماذا يقال، ولماذا يقال، وماذا يمكن تحقيقه، ومالا يمكن تحقيقه. وكأهل إعلام نعرف تماماً ما يطرح، إما لكسب تعاطف الناخبين، وما يطرح حتى لكسب رضا جهات في الحكومة. البحرين صغيرة وشعبها واعٍ وفاهم، وكل شيء محسوب ومفهوم.
كمواطنين، كناخبين، كمتابعين، نقول أقلها شكراً لكل نائب يتحدث بلسان الناس ويوصل همومهم. لكن الحقيقة المرة هنا، بأن الناس شبعت من الكلام، وللعلم كثيرون من قبلكم كان صوتهم أعلى، وكان صراخهم «يلجلج» المجلس، وفي النهاية لم يحققوا شيئاً، وعليه بات الناس لا يرون في الصراخ إلا «زعيقاً» يراد به كسب تصفيق الجمهور.
الناس تريد أفعالاً وتشريعات تطبق على أرض الواقع. تقولون راتباً إضافياً؟! طبقوه بقانون واحصلوا على موافقة الحكومة عليه. هذا إنجاز يحسب، وليس الاقتراح إنجازاً!
ولأي نائب يخرج الآن ويقول بأنه هذه حدود قدراتنا وهذه طاقتنا، نقول: أنت تعرف ذلك تماماً وقت الترشح، وغيرك طوال سنوات كان يتحدث بهذا الكلام، فلماذا لم تقلها حينها، أي وقت الترشح ووقت السعي والاستماتة لكسب أصوات الناس؟!
كمواطن أعطيت صوتي لأجل عمل ديمقراطي رصين له نتائج مؤثرة، لا يهم أبداً إن وقف نائب ليصرخ على مسؤول و«يضغطه» فقط حتى أصفق له وأقول «صج نائب بطل»، لأنني لن أصفق. ولا يهم إن قام نائب مستميتاً ليتحول إلى «موظف حكومي» بدل أن يكون «موظفاً للشعب» الذي صوت له، ويمارس عمله الرقابي والتشريعي. ولا يهم إن وقف مسؤول ليبرر للنواب دون كشف حساب واضح يحسم الجدل بشأن الأداء. كمواطن ما يهمني هو ما تحققونه من وعود أعلنتموها لنا، ما يهمني هي النتائج التي ترضيني. صراخكم وأي استعراض إعلامي بحسن نية أو خلافه لا يهمنا، لأننا نعرف تماماً كل ما يقال، فنحن معكم في الوطن لا تنسون ذلك، بل نحن أقرب لمعرفة حال الناس وهمومهم، أكثر ممن وعدهم بحلها، وظلت وعوده كلاماً فقط!
وكل عام و«مقترح الراتب الإضافي في رمضان» بخير.
{{ article.visit_count }}
وللتذكير بأنه مع مطلع رمضان تطرزت صحفنا بعناوين رنانة مفادها بأن «المجلس وافق على صرف راتب إضافي أو نصف راتب» للمواطنين في رمضان!
عنوان «خطير» يحرك المشاعر، وهذه لعبة الإعلام في إبراز المواضيع التي تمس جوانب يهتم بها الناس. وبغض النظر عن جدلية استخدام هذا الأسلوب، «المعنى» هو المهم. وفي شأن هذا الموضوع تمت الموافقة على «اقتراح برغبة» و«بصفة الاستعجال»، وهو أمر جعل الكثير يستبشرون خيراً، إلا العارفين بقواعد العمل التشريعي، وفي ذلك كتبنا بانتقاد مقالين، إذ كل الرفض للعب بمشاعر الناس وتأجيج عواطفهم. ولو كان الإصرار والعزم معقودَين على تحقيق هذا الطلب لقدم بصيغة اقتراح بقانون ولتمت مساجلة الحكومة بقوة لتمريره وإقراره.
لكن طبعاً كل هذا لم يحصل، وها هو رمضان ينتهي ولم نعرف مصير هذا المقترح، والناس تنتظر، بين غالبية مقتنعة بأن المقترح «تأدية واجب» ليس إلا، وأننا كنواب تكلمنا لكنها الحكومة! وبين أقلية مازالت تتوقع وجود شيء، وهي مستعدة لتقبله حتى بأسلوب برنامج «الصدمة» الرمضاني.
نكتب ونحن نراقب ما يحصل في جلسات المجلس. نرى ونسمع المداخلات، ونحلل المضامين، وبحكم الخبرة الإعلامية الطويلة ومتابعة العمل النيابي على امتداد عقدين، ندرك تماماً ماذا يقال، ولماذا يقال، وماذا يمكن تحقيقه، ومالا يمكن تحقيقه. وكأهل إعلام نعرف تماماً ما يطرح، إما لكسب تعاطف الناخبين، وما يطرح حتى لكسب رضا جهات في الحكومة. البحرين صغيرة وشعبها واعٍ وفاهم، وكل شيء محسوب ومفهوم.
كمواطنين، كناخبين، كمتابعين، نقول أقلها شكراً لكل نائب يتحدث بلسان الناس ويوصل همومهم. لكن الحقيقة المرة هنا، بأن الناس شبعت من الكلام، وللعلم كثيرون من قبلكم كان صوتهم أعلى، وكان صراخهم «يلجلج» المجلس، وفي النهاية لم يحققوا شيئاً، وعليه بات الناس لا يرون في الصراخ إلا «زعيقاً» يراد به كسب تصفيق الجمهور.
الناس تريد أفعالاً وتشريعات تطبق على أرض الواقع. تقولون راتباً إضافياً؟! طبقوه بقانون واحصلوا على موافقة الحكومة عليه. هذا إنجاز يحسب، وليس الاقتراح إنجازاً!
ولأي نائب يخرج الآن ويقول بأنه هذه حدود قدراتنا وهذه طاقتنا، نقول: أنت تعرف ذلك تماماً وقت الترشح، وغيرك طوال سنوات كان يتحدث بهذا الكلام، فلماذا لم تقلها حينها، أي وقت الترشح ووقت السعي والاستماتة لكسب أصوات الناس؟!
كمواطن أعطيت صوتي لأجل عمل ديمقراطي رصين له نتائج مؤثرة، لا يهم أبداً إن وقف نائب ليصرخ على مسؤول و«يضغطه» فقط حتى أصفق له وأقول «صج نائب بطل»، لأنني لن أصفق. ولا يهم إن قام نائب مستميتاً ليتحول إلى «موظف حكومي» بدل أن يكون «موظفاً للشعب» الذي صوت له، ويمارس عمله الرقابي والتشريعي. ولا يهم إن وقف مسؤول ليبرر للنواب دون كشف حساب واضح يحسم الجدل بشأن الأداء. كمواطن ما يهمني هو ما تحققونه من وعود أعلنتموها لنا، ما يهمني هي النتائج التي ترضيني. صراخكم وأي استعراض إعلامي بحسن نية أو خلافه لا يهمنا، لأننا نعرف تماماً كل ما يقال، فنحن معكم في الوطن لا تنسون ذلك، بل نحن أقرب لمعرفة حال الناس وهمومهم، أكثر ممن وعدهم بحلها، وظلت وعوده كلاماً فقط!
وكل عام و«مقترح الراتب الإضافي في رمضان» بخير.