بلادنا الغالية اليوم أحوج إلى من يكون عنصراً إيجابياً فيها. تحتاج إلى من يعمل ويبني وينجز وعينه على «مصلحة الوطن وأهله». تحتاج إلى من يبذل جهده لترسيخ دعائم وأسس الدولة المدنية التي تحفظ الحقوق، والتي تفعل القوانين، والتي تدافع عن ثوابتنا النابعة من ديننا الحنيف وعاداتنا وتقاليدنا وأخلاقياتنا.

باختصار، البحرين في حاجة إلى كل جهد يصب في اتجاه الإيجابية والبناء والتطوير والعمل من أجل الإنجاز.

حالنا كحال العالم من حولنا، هناك ظروف دولية تتغير، هناك تقلبات اقتصادية تطرأ بشكل فجائي فتؤثر في كل شيء. هناك تحديات تواجه الدولة في المجالات كافة، وكل هذه الأمور تواجه بطريقة لا بد من أن تضمن في النهاية «الديمومة والاستقرار».

هاتان الكلمات بحد ذاتهما لهما تفسيرات وإيضاحات طويلة قد لا يدركها كثيرون، إذ عملية التوفيق بين المسؤوليات والالتزامات وما يجب أن يقدم للمجتمع، عملية شائكة وصعبة، والوفاء بها يحتاج إلى جهود لا تتوقف وعقول لا تهدأ. وهكذا تعمل أي دولة تريد ضمان استقرارها والعمل من أجل مصلحة شعوبها وسط التحديات والضغوطات.

هذا حجم المسؤولية التي يقدر ملامحها من يفكر بعقلانية وإمعان، وفي جانب آخر يدرك حجم التطلعات والآمال التي ترتبط بالمجتمع والناس، بما يعني في الخلاصة أن البلد الذي يسعى لتحقيق كل ذلك، يحتاج بالضرورة إلى وضع مستقر وهادئ حتى يعمل ويطور وينجز ويتفوق.

كل هذه المعادلة تختل حينما يسعى لتعطيل الاستقرار من يهمه إشاعة الفوضى وإقحام الوطن في أمور تأخذ من وقته وجهده، بل تؤثر على المجتمع وتشغل الناس، والأهم تسعى لحرفهم عن الهدف الأسمى الذي يجب أن يفكروا دائما به فيما يعني الوطن.

لذلك نقول دائما إننا كمجتمع لدينا هواجسنا وأمورنا وقضايانا، وهناك آمال وتطلعات، وهناك مطالب واحتياجات، وفي المقابل هناك حكومة تعمل وتسعى لتحقيق الأفضل رغم الظروف والتحديات. بالتالي من يخرج علينا اليوم ليشغلنا بالفوضى وتفريق الصفوف وإيغار الصدور وإشعال النيران، هو الذي يثبت أن قلبه ليس إطلاقا على الوطن، بل سعيه لتحقيق مآربه الخاصة أو ما يخدم الفئات التي يجيشها.

ليس كل منتمٍ للوطن قلبه على الوطن، وهذه حقيقة مؤلمة. ورأينا شواهد مزعجة على ذلك، كيف كان الكيد والنوايا السيئة مبيتة لبلادنا، وكيف تم اللعب على هدف تمزيق لحمة هذا المجتمع، وحتى حينما انتصرت البحرين بإخلاص أبنائها والتفافهم حول قيادتهم واندحر أصحاب النوايا السيئة ومن خلفهم بالخارج، مازال هناك من يخرج بين الفينة والأخرى مستغلا وضعا اجتماعيا ما، أو دينيا ما ليحرض الناس ويزرع فيهم الكراهية تجاه وطنهم.

القانون هو المفترض أن يكون في مواجهة مثل هذه السلوكيات التي تعادي الوطن. لكن مسؤولية الفرد مهمة أيضا، إذ ما نعلمه لأبنائنا وما تعلمناه من آبائنا وأجدادنا بأن الوطن لا يمكن أن نرخص بذرة من ترابه، مهما كانت الأسباب ومهما كانت الظروف. الوطن لا شيء أغلى منه، ومن يرخص به ثق بأن قلبه ليس على الوطن ولا يكترث لأمره.