منذ فتح البحرين في العام 1783 على يد الشيخ الفاتح، أحمد بن محمد آل خليفة، وبعد استتباب الأمر، وضعت العائلة المالكة قواعد ومناهج واضحة لإدارة الدولة الفتية والعلاقة بين الحاكم والمحكوم، والتي كان على رأسها ضمان حماية وصون الكرامة الإنسانية لجميع أبناء الشعب، والسعي الدائم بما يُتاح من إمكانيات لتحقيق طموحاتهم وأحلامهم.

ومنذ تأسيس الدولة البحرينية الأولى في عهد الشيخ الفاتح، تعددت الظروف وتغيرت الأحول الاقتصادية، والقاعدة الأساسية للحكم لم تتغير، بل حرص حكام آل خليفة الكرام وعلى مدى العقود الماضية إلى دوام التأكيد على صون كرامة المواطن الإنسانية، وهو نهج توارثه الأبناء من الآباء والأجداد، ولايزال راسخاً في ثقافة الحكم البحريني.

هذا الاهتمام والعناية لم يقتصر على المواطنين الملتزمين بقوانين وأنظمة الدولة فحسب؛ بل شمل كل مواطن، حتى وإن تجاوز القانون، فهو في البداية والنهاية إنسان له كرامته وحقوقه، كما عليه واجباته تجاه وطنه ومجتمعه.

قاعدة حفظ الكرامة الإنسانية؛ هي ما يؤكد عليها جلالة الملك المعظم، حفظه الله ورعاه، في جميع خطاباته ولقاءاته، باعتبارها رؤية وطنية ثابتة في مؤسسة الحكم البحريني، وهي ذاتها ما أعاد التأكيد عليها معالي وزير الداخلية، الفريق أول الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، مؤخراً، خلال لقائه مع رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان ورئيس مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين والأمين العام للتظلمات، لمناقشة تقارير زيارتهم الأخيرة لمركز الإصلاح والتأهيل.

لقاء معالي وزير الداخلية اشتمل على العديد من النقاشات حول مختلف المواضيع، وخرج بالكثير من الرؤى الهادفة لتعزيز حقوق السجناء، وبما يتوافق مع إنسانية البحرين وقيمها الوطنية، أولاً، إلى جانب القوانين والتشريعات الوطنية والمعاهدات والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق السجناء.

اللقاء تضمن مناقشة الخدمات الصحية المقدمة للنزلاء، ومراجعة نظام الزيارات وزيادة توقيتها، إلى جانب النظر في تعديل الشروط الخاصة بقائمة الزوار، وزيادة وقت الاستراحة اليومية للنزلاء، مع التوجيه بالتنسيق مع شركة الاتصالات حول مراجعة كلفة الاتصالات.

ومن بين الأمور اللافتة التي خرج بها اجتماع معالي وزير الداخلية؛ الحرص على أن ينال الراغبون من النزلاء حقهم في التعليم، عبر تسهيل استكمالهم لدراساتهم في كافة المراحل التعليمية، والتنسيق مع الجهات المعنية لتسجيل 180 نزيلاً في برامج الدراسات العليا في مختلف التخصصات لهذا العام.

لفتات إنسانية تؤكد على ما بدأنا به مقالتنا هذه بقيم وثقافة هذا المجتمع، والتي تمت ترجمتها فكانت ثماراً يانعة في المسيرة التنموية الشاملة التي يقودها جلالة الملك المعظم، إلى جانب غيرها كثير من المبادرات الإنسانية التي تم طرحها وتنفيذها على السنوات الماضية، ما يسهم في تأهيل النزلاء لإدماجهم مع المجتمع بما يعود بالخير على الوطن والمجتمع وجميع أبنائه.