تولي الدول حماية حدودها وأراضيها من أي اعتداءات اهتماماً كبيراً، ويتضاعف هذا الاهتمام من قبل الدول الصغيرة التي تبقى إمكاناتها البشرية والعسكرية والتكنولوجية محدودة، لذلك تكثف هذه الدول من تحالفاتها مع القوى الكبرى؛ لضمان تعاونها في صد أي خطر يهددها. سنغافورة البلد الصغير جغرافياً على سبيل المثال وقع اتفاقية خماسية الأطراف مع كل من بريطانيا وأستراليا ونيوزيلندا وماليزيا تؤكد التشاور الفوري واتخاذ ما يلزم في حال حدوث أي خطر أو اعتداء عسكري عليها أو على طرف من الأطراف الخمسة منذ عام 1971. ولم يكتف بذلك فهو حليف وشريك إستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية في منطقة جنوب شرق آسيا، ويتعاون معها في كافة القضايا الأمنية. وقد وصلت فاتورة المبيعات العسكرية الأمريكية لسنغافورة إلى أكثر من 8 مليارات دولار، بحسب وزارة الدفاع الأمريكية. كما أن سنغافورة تحتضن مركزاً لوحدة بحرية أمريكية لوجستية تستوعب سفناً حربية وحاملات طائرات. هذا بالإضافة إلى وجود اتفاقيات تدريب للطيارين العسكريين السنغافوريين مع أمريكا منذ 27 عاماً.
وتأتي الاتفاقية التي وقعها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله ورعاه وأنتوني بلينكن وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية قبل أيام في نفس الإطار، وتسعى لضمان التعاون الأمني الشامل مع أكثر القوى الكبرى تقدماً على الإطلاق. حيث تعتبر الاتفاقية أي اعتداء خارجي أو تهديد باعتداء خارجي ضد سيادة واستقلال وسلامة أراضي أي من الأطراف تكون مسألة قلق شديد للأطراف الأخرى، ما يستوجب تحديد الاحتياجات الدفاعية الإضافية، وتطوير وتنفيذ الردود الدفاعية والرادعة المناسبة كما هو متفق عليه من قبل الأطراف، بما في ذلك في المجالات الاقتصادية والعسكرية والسياسية.
ليس ذلك فحسب، فتسعى البحرين من خلال الاتفاقية الأخيرة للاستفادة من التقدم التكنولوجي الأمريكي وتسهيل الحصول على كل ما هو جديد في هذا الجانب شديد الأهمية، ويظهر ذلك في المادة الرابعة التي تحمل عنوان «العلوم والتكنولوجيا وأمن المعلومات» وتحديداً في البندين واحد «ب» وواحد «ج». فلم تعد التهديدات عسكرية فقط بل أصبحت تشمل التهديدات السيبرانية التي قد تشكل خطراً على النظام المصرفي وأجهزة الدولة المرتبطة بالتكنولوجيا بشكل وطيد.
إذن، كما فعلت البحرين في سنوات ماضية لضمان أمنها تجتهد اليوم لتعزيز وتوسعة شراكاتها الأمنية والعسكرية والاقتصادية مع الدول ذات الثقل العسكري والاقتصادي ولتُبقيَ هذا الشراكات متجددة ومتطورة بحسب الظروف والمتغيرات.