قبل أكثر من 12 عاماً ارتبط مفهوم الشهرة بشخصيات محدودة المواصفات جداً، وقتها لم يكن مصطلح «مشهور» يطلع على من هم فعلاً مشاهير؛ لأنهم فعلاً يملكون مسمى آخر أكثر جاذبية وأكثر تعريفاً لشخصياتهم.
ففي السابق كان نطاق الشهرة ينحصر بين فئة الإعلاميين والمثقفين وأصحاب الفن من ممثلين ومغنيين، ليس فقط في منطقتنا بل على مستوى العالم، كما أن عدد ممن نسميهم بمشاهير في تلك الفترة كان محدوداً جداً، ليس لقلة من كان يستحق الشهرة، بل بسبب عدم وجود منصة أو وسيلة تظهر هؤلاء للعالم.
وهو ما وفرته منصات التواصل الاجتماعي، وبالتحديد في 2011 انتشر تطبيق «سناب تشات» على مستوى العالم كأحد أول المنصات التي عرضت محتوى مباشر للمتابعين، وكوسيلة تقدم فرصة لعرض أي محتوى دون رقابة ودون اشتراطات، فما كان يحكم وقتها من قانون وذوق عام ارتبط بالمقام الأول بمفهوم «الإعلام» وما ينشر على أي وسيلة إعلامية فقط.
وبعد كل تلك السنوات التي مرت سريعاً، أصبح مجال الشهرة واشتراطاتها على مستوى العالم مفتوحاً وغير مرتبط بأي متطلبات، فليس هناك ضرورة أن تكون مثقفاً أو إعلامياً يقدم برنامجاً على الشاشة أو سلسلة كتابات أو لديك مؤلفات من كتب وبحوث، فكل ما نسميه بالعلم والمعرفة والثقافة غير مهم الآن، المهم كيف تستطيع جذب أكبر عدد من المشاهدين والمتابعين؟
اليوم لتكون مشهوراً وتتسابق عليك شركات الدعاية والإعلان فقط امزج الحماقة مع بعض الفكاهة، عندها يمكن أن تصبح أو تصبحين مشهورة إذا «مسحت جبين خطيبك»، أو «فتحت علبة مشروب غازي بشكل بربري»، أو «قلت كلمة بالإنجليزية خطأ وأصبحت مضحكة»، أو فقط قضيت بعض الساعات في الغناء والرقص!
المضحك المبكي أن المجتمع الذي ينتقد مشاهير هذا الزمان هو نفسه الذي يتابعهم ويدعمهم، وهو نفسه الذي يبحث عن أي مشهور يظهر حديثاً وفي نفس الوقت يشتم من يتبع هؤلاء!
عجباً لمجتمعات كانت الحمقى مشاهيرهم، وعجباً لفعاليات ومؤتمرات وندوات كانت «الحمقى» ضيوف شرف فيها، وعجباً للمجتمعات التي تسمي المشاهير بـ«الحمقى» وتتبعه في نفس الوقت، فإذا كان هؤلاء حمقى فماذا نسمي من يتابعهم؟
عزيزي المثقف، عزيزي الإعلامي، عزيزي العالم، حاول أن تبحث لك عن سبب للشهرة فلا ثقافتك ولا علمك أو شخصيتك مصدر للجذب الآن، ابحث عن علبة بيبسي وافتحها بأسنانك فربما تصبح «ترند» وتصبح مشهوراً.