خلال دراستي لإحدى مواد الإعلام الحديث في مرحلة الدراسات العليا طُلب منا كتابة ورقة بحثية في مقارنة بين الإعلام الحديث والإعلام التقليدي ووسائله، فكانت معظم الأفكار التي ركز عليها الزملاء هي موضوع المساحة الكبيرة التي يتيحها الإعلام الحديث ووسائله وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي التي قلصت المساحات، وقربت الأفكار، وأصبح بإمكان كل فرد من العالم أن يدلي بدلوه في أي موضوع كان، ولو كان لا يفقه فيه شيئاً، فتجد أن طفلاً باسم مستعار يناقش ويناطح بروفيسوراً في أي موضوع كان معتمداً على جوجل وغيره من محركات البحث.
كذلك تطرق الزملاء لموضوع غياب الرقابة وارتفاع سقف الحرية بعيداً عن حارس البوابة، والرقيب ومقصه الحاد، الأمر الذي أتاح للمدونين من مختلف دول العالم التعبير عن أفكارهم في فضاء واسع لا يحده سقف، ولا تحده كلمات ولا سياسات مع غياب هذه الرقابة، وحسب النتائج التي لخصتها حينها في مجموع الأوراق البحثية هي أن الإعلام الحديث هو الطريق إلى الحرية الفكرية دون حواجز أو قيود مع غياب الأخلاقيات وهي من السلبيات التي اتفق عليها أغلب الباحثين.
منذ السابع من أكتوبر وبداية عملية طوفان الأقصى العسكرية، وتناقل وسائل الإعلام الحديث والتقليدي أخبار هذه العملية ونتائجها، ثم بدأ الانتقام الإسرائيلي من مدنيي غزة بات الإعلام الاجتماعي ووسائل التواصل الاجتماعي هي السلاح الأبرز لدى الفلسطينيين، فلمعت بعض الأسماء التي تواجدت على خط النار والانهيارات، بين جثث الجرحى ودماء المصابين، تشبعت عدساتهم بالأشلاء، وامتلأت أنفاسهم برائحة الموت، بات هؤلاء الصحفيون يحملون آلة بين أيديهم فاقت قوة الرشقات الصاروخية التي يطلقها الفلسطينيون، بل فاقت قوة التكتيكات العسكرية والخطط التي هزت أركان إسرائيل، حتى بدأت في استهداف المدنيين وقصف المستشفيات، وحتى كتابة هذا العمود وصل عدد الشهداء 7028 شهيداً، بينهم 2913 طفلاً، بينما وصل عدد المصابين إلى 18500 مصاب، إضافة لـ 1500 مفقود حسب إحصائيات وزارة الصحة في قطاع غزة.
وهذه الأرقام لم نكن لنصدقها وتنعصر قلوبنا معها لولا أن كان هناك أبطال يجولون الميدان يحملون عدساتهم وهواتفهم لينقلوا لنا الصورة الحقيقية لما يجري على أرض الواقع دون تزييف أو تخفيف، بل هي المشاهد كما يرونها كي يصحى ضمير الإنسانية، فشاهدنا جميعاً أشلاء متناثرة، وصحفي يودع عائلته، وأم تبحث عن «ابنها الابيضاني الحلو الي شعرو كيرلي» حتى تجده بين ضحايا قصف غاشم لتنهار فور رؤيته، وننهار نحن وتسبقنا دموعنا.
مع تفاعل العالم كله مع هذه الحسابات والتعاطف الدولي والشعبي مع القضية الفلسطينية والغزاويين على وجه الخصوص، إضافة لقيام الكثير من المؤثرين بالتفاعل مع القضية وخروجهم في لقاءات كمحمد حجاب والدكتور باسم يوسف وظهورهم الرائع بالإنجليزية مع الإعلامي المثير للجدل بيرس مورجان، أدى إلى قيام الغرب بمختلف شرائح الأعمار بالبحث عن السردية الحقيقية للقضية الفلسطينية لا التي ينشرها الغرب ويروج لها عن طريق القنوات العبرية، ومع هذا التفاعل والتعاطف الغربي الإنساني مع الإنسان الفلسطيني بدأت المؤسسات الرأسمالية المتوحشة بالكشف عن تضارب كبير في أخلاقياتها التي كانت تدعيها، فبدأت تطبيقات التواصل الاجتماعي بمختلفها بحجب المنشورات الخاصة بفلسطين وغزة، وعملت على إغلاق حسابات الناشطين الذين ينقلون أحداق القضية، مع إبقاء وجهة نظر واحدة وهي المنظور الإسرائيلي للأحداث، لتكشف لنا غزة عن هشاشة المنظومة الأخلاقية الإعلامية التي أزعجونا بها وتغنوا بها مدعين أن الشرق يقيد الحريات وأن الإعلام الغربي هو من يدعم حرية التعبير والرأي، ولكن القضية الفلسطينية الكاشفة كشفت لنا زيف هذه الأخلاقيات التي يتغنون بها دامها بعيدة عنهم، ولكن عندما يتعلق الأمر بمصالحهم يظهر لنا حارس بوابة بشكل متلاعب الخوارزميات، ويحمل الرقيب بيده رصاصاً حياً ليقتل به الحقيقة.
كذلك تطرق الزملاء لموضوع غياب الرقابة وارتفاع سقف الحرية بعيداً عن حارس البوابة، والرقيب ومقصه الحاد، الأمر الذي أتاح للمدونين من مختلف دول العالم التعبير عن أفكارهم في فضاء واسع لا يحده سقف، ولا تحده كلمات ولا سياسات مع غياب هذه الرقابة، وحسب النتائج التي لخصتها حينها في مجموع الأوراق البحثية هي أن الإعلام الحديث هو الطريق إلى الحرية الفكرية دون حواجز أو قيود مع غياب الأخلاقيات وهي من السلبيات التي اتفق عليها أغلب الباحثين.
منذ السابع من أكتوبر وبداية عملية طوفان الأقصى العسكرية، وتناقل وسائل الإعلام الحديث والتقليدي أخبار هذه العملية ونتائجها، ثم بدأ الانتقام الإسرائيلي من مدنيي غزة بات الإعلام الاجتماعي ووسائل التواصل الاجتماعي هي السلاح الأبرز لدى الفلسطينيين، فلمعت بعض الأسماء التي تواجدت على خط النار والانهيارات، بين جثث الجرحى ودماء المصابين، تشبعت عدساتهم بالأشلاء، وامتلأت أنفاسهم برائحة الموت، بات هؤلاء الصحفيون يحملون آلة بين أيديهم فاقت قوة الرشقات الصاروخية التي يطلقها الفلسطينيون، بل فاقت قوة التكتيكات العسكرية والخطط التي هزت أركان إسرائيل، حتى بدأت في استهداف المدنيين وقصف المستشفيات، وحتى كتابة هذا العمود وصل عدد الشهداء 7028 شهيداً، بينهم 2913 طفلاً، بينما وصل عدد المصابين إلى 18500 مصاب، إضافة لـ 1500 مفقود حسب إحصائيات وزارة الصحة في قطاع غزة.
وهذه الأرقام لم نكن لنصدقها وتنعصر قلوبنا معها لولا أن كان هناك أبطال يجولون الميدان يحملون عدساتهم وهواتفهم لينقلوا لنا الصورة الحقيقية لما يجري على أرض الواقع دون تزييف أو تخفيف، بل هي المشاهد كما يرونها كي يصحى ضمير الإنسانية، فشاهدنا جميعاً أشلاء متناثرة، وصحفي يودع عائلته، وأم تبحث عن «ابنها الابيضاني الحلو الي شعرو كيرلي» حتى تجده بين ضحايا قصف غاشم لتنهار فور رؤيته، وننهار نحن وتسبقنا دموعنا.
مع تفاعل العالم كله مع هذه الحسابات والتعاطف الدولي والشعبي مع القضية الفلسطينية والغزاويين على وجه الخصوص، إضافة لقيام الكثير من المؤثرين بالتفاعل مع القضية وخروجهم في لقاءات كمحمد حجاب والدكتور باسم يوسف وظهورهم الرائع بالإنجليزية مع الإعلامي المثير للجدل بيرس مورجان، أدى إلى قيام الغرب بمختلف شرائح الأعمار بالبحث عن السردية الحقيقية للقضية الفلسطينية لا التي ينشرها الغرب ويروج لها عن طريق القنوات العبرية، ومع هذا التفاعل والتعاطف الغربي الإنساني مع الإنسان الفلسطيني بدأت المؤسسات الرأسمالية المتوحشة بالكشف عن تضارب كبير في أخلاقياتها التي كانت تدعيها، فبدأت تطبيقات التواصل الاجتماعي بمختلفها بحجب المنشورات الخاصة بفلسطين وغزة، وعملت على إغلاق حسابات الناشطين الذين ينقلون أحداق القضية، مع إبقاء وجهة نظر واحدة وهي المنظور الإسرائيلي للأحداث، لتكشف لنا غزة عن هشاشة المنظومة الأخلاقية الإعلامية التي أزعجونا بها وتغنوا بها مدعين أن الشرق يقيد الحريات وأن الإعلام الغربي هو من يدعم حرية التعبير والرأي، ولكن القضية الفلسطينية الكاشفة كشفت لنا زيف هذه الأخلاقيات التي يتغنون بها دامها بعيدة عنهم، ولكن عندما يتعلق الأمر بمصالحهم يظهر لنا حارس بوابة بشكل متلاعب الخوارزميات، ويحمل الرقيب بيده رصاصاً حياً ليقتل به الحقيقة.