أود أن أشكر اثنين ساهما في الكشف عن معاناة المعاقين في البحرين ونحن في العام 2023.
الشكر الأول يستحقه تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية في تتبعه احتياجات المعاقين، وكانت متابعة دقيقة بذلت فيها جهود لرصد الملاحظات.
والشكر الثاني للصحفي النشط في كتابة التقارير الاستقصائية «محمد الساعي» الذي نشر تحقيقاً يوم الأحد في صحيفة أخبار الخليج بذل فيه جهداً مميزاً، إذ أخذ ملاحظات التقرير وسأل عنها المؤسسات المدنية والناشطين المدنيين المعنيين بمساعدة المعاقين لتأتي الإجابة متطابقة مع ما جاء في التقرير المالي.
ولا نريد أن نثقل كثيراً على وزارة التنمية؛ فهي تبذل جهداً كذلك إنما الملاحظات التي ذكرت تستحق أن نقف عندها وأن نبحث لها عن بدائل وحلول غير تقليدية إن لم تكن من الدولة فلتكن من فاعلي الخير وهم كثر، وخاصة حين تكون الكلفة المادية هي العائق أمام راحة المعاق ويكون البديل متوافراً.
فحين تتأخر الأجهزة والمعدات سنوات ولا تصل إلى المعاق بسبب نقص في الميزانية، وحين تطول قوائم انتظار لنوع من الإعاقة حتى يجدوا لهم موقعاً في مراكز التأهيل بسبب شح المقاعد وقلة المراكز وتكون الكلفة المادية هي السبب، فكلها مسائل بالإمكان أن تجد لها طريقاً للحل إن نحن اتبعنا ما قامت به وزارة الداخلية مشكورة بتسهيل أمر التبرع لفئة الغارمين، حين جعلت الاحتياجات موجودة للعلن وسهلت أمر وصولها إلى من يريد أن يساهم في تفريج الكربة، فعملت تطبيقاً عرضت فيه احتياجات الغارمين وسبل الدفع لمن يريد.
بإمكان وزارة التنمية كذلك أن تقوم بالمثل فتكون هي الجهة المسؤولة عن الجمع بين الاحتياج وبين المتبرع، حتى يطمئن المتبرع وتكون جهة رسمية خاضعة للمتابعة والمراقبة والمحاسبة هي المسؤولة عن توفير تلك الاحتياجات.
فمن أراد التبرع بكلفة شراء كرسي متحرك على سبيل المثال فيمكنه اختيار هذا النوع من الاحتياجات والتبرع بقيمته، ومن أراد المساهمة في بناء مركز تأهيل متخصص وتكون دراسته معدة والكلفة التشغيلية معدة ويعرض كمشروع قائم بانتظار المتبرعين وخاصة من المؤسسات والبنوك بإمكانه أن يختار منها.
تلك صدقات جارية يحتسب فيها الأجر كلما استخدمها من هم محتاجون ولم يجدوا ما أو من يخفف عنهم احتياجاتهم، من خلال التحقيق المنشور في أخبار الخليج علمت للمرة الأولى أن بعض الكراسي المتحركة تصل قيمتها إلى 3 آلاف دينار وأن المعاق ينتظر أحياناً ثلاث سنوات إلى أن يحصل عليها وتكون في هذه الفترة قد جرت تغيرات على وزنه وحجمه فيحصل عليه ويوافق رغماً عنه وإلا فعليه أن ينتظر ثلاث سنوات أخرى، هل تتخيلون هذه المعاناة التي بالإمكان تخفيفها والتقليل من مدة الانتظار؟
هذا نوع واحد من الإعاقة وهناك احتياجات من نوع آخر لأجهزة أخرى ومعدات أخرى لتلبية الاحتياجات الفردية، وبإمكان الكثير منا أن يخفف هذه المعاناة لو أن هناك جهة اتصال موثوقة تجمع بين الاثنين.
بعمل تطبيق أو رابط يفتحه أي شخص من خلال هاتفه وتظهر له قائمة الاحتياجات التي يمكن أن يساهم بها عن طريق بنفت يدفعه ويرى في ذات اللحظة إسهامه أين وصل.
ثم تأتي المشاريع الكبيرة التي بإمكان البنوك والشركات تبنيها، مثل مراكز التأهيل؛ فالتوحديون على سبيل المثال ينتظرون ست سنوات حتى يجدوا مكاناً! رغم أن التدخل المبكر بإمكانه أن يحدث فارقاً كبيراً في حياة هذا الإنسان.
الإعاقات الذهنية ينتظرون أربع سنوات إلى أن يجدوا مكاناً في مراكز التأهيل وهكذا، وكلها مشاريع أو احتياجات فردية بإمكان المجتمع البحريني أن يساهم في توفيرها.
أليس أقربونا أولى بمعروفنا؟