لعل ما سأقوله لن يعجب النسويات أو المدافعين عن حقوق المرأة وهم الذين أفنوا حياتهم في الدفاع عن هذا الكيان وإعطائه كل الحقوق المكفولة، فهل تساءلتم يوماً لماذا أصبحت المرأة قضية؟ ولماذا دائماً ما يتبع اسم المرأة بقضية.
ماذا يقول علماء اللغة في شرح معنى قضية جمعها قضايا وهي مسألة يتنازع فيها وتعرض على القاضي أو القضاة للبحث والفصل فهل المرأة بهذا التعريف اللغوي هي مسألة يتنازع فيها؟
دعونا نعود بذاكرة التأريخ إلى العام 1856 حيث قامت مجموعة من العاملات بصناعة الملابس في نيويورك بإضراب وخرجت آلاف النساء في احتجاج واسع بسبب الظروف غير الإنسانية التي كانت تمارس عليهن في العمل وقد تم تفريق هذه التظاهرة من قبل رجال الشرطة حتى جاء العام 1908 بتظاهرة الخبز والورد وتحديداً في 8 من آذار (مارس) وخرج الآلاف من عاملات النسيج حملن فيها الخبز الجاف والورود، رمزت الورود إلى الحب والتعاطف والمساواة أما الخبز فكان يرمز إلى حق العمل والمساواة فيه، ولعل تلك التظاهرة هي الانطلاقة الفعلية للحراك النسوي العالمي ليتم تدويل هذا اليوم في العام 1977 لدى الأمم المتحدة.
فالمرأة كيان منفصل، وإنسان له حقوق وعليه واجبات وبالتالي فإن تلك الحقوق التي كانت تطالب بها هي حقوق مشروعة لها، ولابد من الحصول عليها فهي كالرجل، فلماذا تُعامل كأنها قضية قابلة للمرافعة فيها والفصل فيها، ولماذا تسمح نون النسوة بأن تتبع المرأة بقضية.
في اعتقادي لا أرى أنها قضية، بل النسوية هي من جعلتها قضية وهي الإشكالية التي وقع فيها المدافعون عن حقوق المرأة، فالتيارات النسوية على اختلافها خلقت من المرأة قضية في زمن كان العالم كله يعيش تحت سطوة الطبقة البرجوازية وكانت البروليتاريا (الطبقة العاملة) تمارس عليها صنوف الهوان والتعذيب والظلم، وهو ما أسهم في صعود أحزاب سياسية شكلت المرأة لديهم قضية للدفاع عنها، ثم ما بدأت أن هبت رياح التغيير على المشرق العربي الذي تبنى تلك الأفكار الدخيلة وبدأ يصدح بها.
إن المعاملة القاسية التي تعرضت لها المرأة مهد لظهور القضية التي اجتاحت العالم العربي والسبب في ذلك أن العالم العربي ابتعد كل البعد عن الدين الإسلامي وبات يفرض عادات وتقاليد نتيجة انتشار ثقافات معينة كان لها بالغ الأثر في تعرض المرأة للظلم، إلى جانب النظام الاجتماعي الأبوي الذي فرض سيطرته على المرأة، وسلب منها حقوقها الأصيلة، الممنوحة لها، لا يجب سلبها واغتصابها عنوة، وهنا تشكلت القضية، كان على النسويات عدم الاعتراف بكلمة قضية لكنها كانت أجندات معينة فرضت تلك القضية وكانت النسويات إحداهن!
قبل أن نتكلم عن قضية تدبر في الخطاب القرآني ليثبت لك أن المرأة ليست قضية، إذا ما سلمنا بأن المرأة كما الرجل مساوية له في الحقوق والواجبات حينها لن نتبعها بقضية، حين يرفع الغُبن عن آلاف النساء وتتم معاملتهن بالعدل فلابد من إلغاء القضية، لكن متى ما أيقنا بأننا لسنا قضية فلن نكون يوماً قضية يُترافع بشأنها أو مسألة قابلة للحل والنقاش، متى نوقن بأننا كيان ٌ حُر فلن نقبل بأن نكون يوماً ما تابعين أو متبوعين بقضية، فهل لا زلتم تصرون على أن المرأة قضية!!