لقد بدأ مصطلح المدن الذكية بالتشكل في نهاية ستينات القرن الماضي، ويعرفها المختصون على أنها مدن مبتكرة تستخدم فيها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحسين نوعية الحياة، وتهتم بتلبية احتياجات الأجيال الحالية والقادمة. وأطلق الاتحاد الدولي للاتصالات في عام 2016 مبادرة تحت مسمى متحدون من أجل مدن ذكية مستدامة، وهي واحدة من مبادرات الأمم المتحدة لتحقيق الهدف 11 من أهداف التنمية المستدامة، والذي يُعنى بجعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة للجميع وآمنة وقادرة على الصمود والاستدامة.
ورغم أن مفاهيم المدن الذكية أصبحت مرتبطة بالاستدامة، إلا أن الارتباط بين التقدم التقني التكنولوجي المصاحب لمشاريع المدن الذكية يتوقع أن يكون فيه معدلات استهلاك للطاقة بشكل أكبر من المعدلات الطبيعة؛ وذلك كونها تعتمد على شبكات مواصلات واتصالات وجمع للمعلومات بشكل أكبر من المعدل المعتاد في المدن. ولذلك فإن إدخال مشاريع الطاقة النظيفة، والاستخدام الأمثل للمصادر الطبيعية، وصولاً إلى مفاهيم الاقتصاد الدائري أصبحت قضايا أساسية في تطوير هذه المدن. ولهذا أيضاً فإن التخطيط لبناء هذه المدن أصبح متداخلاً مع العديد من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية.
وتجدر الإشارة في هذا المقام إلى أعمال جاين جاكوبز، وبالأخص كتابها الرائد «موت وحياة المدن الأمريكية الكبرى»، والتي تناولت فيها العديد من القضايا الأساسية في بناء المدن، وانتقدت التخطيط العمراني الذي لا يراعي إدماج أفراد المجتمع بشكل مباشر في عملية التخطيط، حيث تقول: «تتمتع المدن بالقدرة على توفير شيء ما للجميع، وذلك فقط عندما يتم إنشاؤها من قبل الجميع». ومن هنا فإن كانت المدن الذكية قادرة على بناء بنية تحتية متطورة ومواكبة للعصر، فهل أيضاً بإمكانها أن تجعل حياة الساكنين فيها أفضل في كل جوانب الاستدامة، وبالأخص في جانب العلاقات الاجتماعية؟
فما الفائدة إذا كانت هذه المدن قادرة على خلق بنية تحتية متقدمة، ومشجعة للاستثمار، وكانت عاجزة عن جعل ساكنيها أكثر ترابطاً وسعادة. إنما تُبنى المدن لأجل البشر، ولذا ينبغي أن تُبنى هذه المدن لحفظ ثقافتهم، وتنمية علاقاتهم ببعضهم البعض. إن هذا الأمر ليس بالأمر البسيط، وكما تقول جاكوبز أيضاً: «إن وجود الإنسان أمر صعب في حد ذاته، وبالتالي فإن جميع أنواع المدن «باستثناء مدن الأحلام» تعاني من مشاكل». ولذلك فإننا بحاجة إلى التعمّق في فهم المجتمعات إذا أردنا أن نخطط لبناء مدن ذكية لهم، فالذكاء الذي نبحث عنه في المدن هو الذكاء الذي يضمن ازدهار المجتمعات في كل الجوانب المختلفة، وبشكل مدروس ومتوازن.
* مدير برنامج الطاقة والبيئة - مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة «دراسات»
ورغم أن مفاهيم المدن الذكية أصبحت مرتبطة بالاستدامة، إلا أن الارتباط بين التقدم التقني التكنولوجي المصاحب لمشاريع المدن الذكية يتوقع أن يكون فيه معدلات استهلاك للطاقة بشكل أكبر من المعدلات الطبيعة؛ وذلك كونها تعتمد على شبكات مواصلات واتصالات وجمع للمعلومات بشكل أكبر من المعدل المعتاد في المدن. ولذلك فإن إدخال مشاريع الطاقة النظيفة، والاستخدام الأمثل للمصادر الطبيعية، وصولاً إلى مفاهيم الاقتصاد الدائري أصبحت قضايا أساسية في تطوير هذه المدن. ولهذا أيضاً فإن التخطيط لبناء هذه المدن أصبح متداخلاً مع العديد من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية.
وتجدر الإشارة في هذا المقام إلى أعمال جاين جاكوبز، وبالأخص كتابها الرائد «موت وحياة المدن الأمريكية الكبرى»، والتي تناولت فيها العديد من القضايا الأساسية في بناء المدن، وانتقدت التخطيط العمراني الذي لا يراعي إدماج أفراد المجتمع بشكل مباشر في عملية التخطيط، حيث تقول: «تتمتع المدن بالقدرة على توفير شيء ما للجميع، وذلك فقط عندما يتم إنشاؤها من قبل الجميع». ومن هنا فإن كانت المدن الذكية قادرة على بناء بنية تحتية متطورة ومواكبة للعصر، فهل أيضاً بإمكانها أن تجعل حياة الساكنين فيها أفضل في كل جوانب الاستدامة، وبالأخص في جانب العلاقات الاجتماعية؟
فما الفائدة إذا كانت هذه المدن قادرة على خلق بنية تحتية متقدمة، ومشجعة للاستثمار، وكانت عاجزة عن جعل ساكنيها أكثر ترابطاً وسعادة. إنما تُبنى المدن لأجل البشر، ولذا ينبغي أن تُبنى هذه المدن لحفظ ثقافتهم، وتنمية علاقاتهم ببعضهم البعض. إن هذا الأمر ليس بالأمر البسيط، وكما تقول جاكوبز أيضاً: «إن وجود الإنسان أمر صعب في حد ذاته، وبالتالي فإن جميع أنواع المدن «باستثناء مدن الأحلام» تعاني من مشاكل». ولذلك فإننا بحاجة إلى التعمّق في فهم المجتمعات إذا أردنا أن نخطط لبناء مدن ذكية لهم، فالذكاء الذي نبحث عنه في المدن هو الذكاء الذي يضمن ازدهار المجتمعات في كل الجوانب المختلفة، وبشكل مدروس ومتوازن.
* مدير برنامج الطاقة والبيئة - مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة «دراسات»